رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد ما تأكد الجميع عربيا ودوليا من نجاعة النقل المباشر لمجازر غزة والدور المتميز الذي لعبته تكنولوجيا الاتصال لدى قناة الجزيرة بفروعها الخمسة وبلغاتها العديدة أدرك العرب والمسلمون أن تمكن قطر من الرقميات وطرق استعمالها تستدعي تسريع انخراط أمتنا في الثورة الرقمية العالمية وتسخيرها لخدمة مصالحنا.
وتعلمون أن تمكن دولة قطر من هذه التكنولوجيات عريق ويعود الى ثلث قرن حين شرعت الدولة بوعي في إنشاء ما سمي حينئذ ب (الإي غوفرنمنت). وهنا أستحضر للقراء الكرام بعض محطات تاريخنا العربي الحديث حيث تقول نكتة مصرية ظهرت بعد سنوات من انقلاب بعض ضباط الجيش على الملك فاروق ثم على مهندس الانقلاب محمد نجيب.. تقول النكتة بأن الرئيس عبد الناصر توفي سنة 1970 ربما بقهوة مسمومة وأن الرئيس السادات توفي برصاص قاتليه سنة 1981 وهو يستعرض وحدات من الجيش إحياء لذكرى العبور أما محمد حسني مبارك فراح ضحية الفيسبوك!
وهذه النكتة تؤشر على استفحال ظاهرة الإعلام الإلكتروني ومواقع الاتصال الاجتماعي لا في نقل الأحداث فحسب بل في صناعتها وتوجيه الرأي العام وبالتالي في التأسيس لمجتمعات مدنية جديدة مختلفة تماما عما عرفناه عبر التاريخ.
فقد ظهرت على سطح الأحداث الوطنية والعالمية حقيقة جديدة وهي العلاقة الجدلية بين المعلومة والحرية أي في الواقع بين الإعلام والسياسة وبين الأداة والهدف وبين السلطة والمجتمع المدني. كما توضحت معالم الفرق بين الشعوب المتقدمة الغنية والشعوب المتخلفة الفقيرة فيما أصبح يسمى بالفجوة الرقمية التي هي في الحقيقة فجوة حضارية تشير الى فوارق اقتصادية واجتماعية وتعليمية بيننا وبين شعوب تمكنت من السيطرة الثقافية على شعوبنا التي سموها (العالم الثالث) أو من باب الشفقة علينا أطلقوا علينا نعتا لطيفا هو (في طريق النمو).
وقد قيل الكثير على أعمدة الصحف وفي القنوات الفضائية حول هذا الموضوع وملابساته وخلفياته بما لا يدع للمحلل والمفكر أمرا جديدا يستحق التقييم والتعليق إلا أن ارتباط المعلومة بالحرية ظل ملتبسا لدى بعض النخب العربية التي لم تفهم إلى اليوم عمق التحولات الكبرى التي غيرت خارطة العالم وألغت المسافات ولقحت الأفكار ونقلت الثقافات وربطت بين الناس من أقاصي الأرض إلى أدانيها ووضعت أيدي البشر على الحقائق بواسطة سرعة سفر المعلومة والخبر والصورة والإنتاج العلمي والأشخاص.
وعندما صدر تقرير التنمية البشرية المستدامة في العالم العربي عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية وكشف عن أزمة عالمنا العربي وبؤسه في مجال تخزين وتناقل وتوظيف المعلومة أصبح من البديهي الحديث عن تخلف عربي تكنولوجي وإلكتروني ليس لدى البلدان العربية الأقل نموا والأكثر فقرا فحسب بل وأيضا لدى البلدان العربية الغنية مما يشير إلى أن الأزمة الرقمية أزمة ذات أبعاد سياسية وثقافية لا شك فيها وأن الأمر يتعلق بتعطل الانخراط في منظومة العولمة لا بنقص الإمكانات ولا بشح التمويل ولا بندرة الكفاءات فالسبب الأهم هو ضمور وضعف الإرادة السياسية في تغيير ما بالنفس حتى يغير الله ما بنا.
قال الله تعالى في سورة الرعد: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالمدرسة العربية بقيت عموما خارج ثورة التربية والتعليم التي تجتاح أوروبا والولايات المتحدة والصين والهند واليابان والبرازيل وماليزيا وكوريا
ولو استثنينا محاولات موفقة لتطوير قطاع التعليم كما هو جار بجهود صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر ضمن مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لوجدنا أن مصنع الأجيال العربية لا يزال يعاني من التلقين ونقل التراث غثه أكثر من سمينه واستمرار تخريج الموظفين والرعايا أكثر من إعداد المبادرين والمواطنين وتحولت المدرسة إلى تكديس العاطلين لأنها أصيبت بنفس عقم المجتمع العربي التقليدي المتخبط في تراكمات الماضي والخائف من رياح العصر ولقاح المستقبل والمنطوي على الذات يجتر المجد الغابر.
ففي فنلندا اليوم لا يحمل الطلاب شنطة ثقيلة من الكتب والأوراق بل مجرد لوحة الكترونية! فهل ينفع اليوم أن يكتفي العرب وهم في ذيل قائمة الثورة المعلوماتية بتمثيل دور المتباكين على الفجوة الرقمية والحال أن قضية العرب ليست في الفجوة الرقمية بل في الفجوة الديمقراطية.
صحيح أن من حق الاتحاد الأوروبي أن يدعو لتخلي الولايات المتحدة عن احتكار (مايكروسوفت) لأنه على حق أما العالم العربي فما دخله في معركة داخلية بين غرب وغرب؟ ولا ناقة له ولا جمل في الفجوة الرقمية ما عدا توظيف هذه العبارة للاستهلاك الداخلي واستمرار الغش في التعامل مع حرية المواطن وحقه في الإعلام من خلال الوسائط الجديدة للاتصال التي هي وسائط جديدة لممارسة الحريات والحقوق ضمن ما يحدده قانون عادل.
ولا أتردد في الإشادة بإرادة قادة دولة قطر التي لم تحد من وسائل الاتصال الجماهيري ولم تحجب أي موقع ما عدا ما يضر منها بالأخلاق وما يخدش الحياء. لا شك في أن بعض الدول العربية حققت تقدما نوعيا في التأسيس لمجتمع المعرفة حسب تقرير المنظمة الأممية الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولكن هذه الجهود المشكورة يجب أن تسعى لتشكيل شبكة رقمية تؤثر تأثيرا فاعلا في تطوير مناهج الحكم الصالح بفضل تحاور الأفكار وتلاقح البرامج وضمان المشاركة الشعبية في سن الخيارات وتنفيذ السياسات لأن النهضة الرقمية ليست غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق المجتمع الحر والمتمتع بكرامة بني آدم والمساهم في بناء الحضارة العالمية بقسطه وتراثه وإبداعه.
ولذلك رأينا في ندوات دولية مختصة مؤشرات سوء تفاهم ساطع بين بعض الأطراف العربية وبين أطراف أوروبية من حكومات ومنظمات غير حكومية في شأن مفاهيم التنمية الرقمية وحرية تبادل المعلومات واستعمال أدوات الاتصال الإلكتروني والدخول إلى عصر العولمة التي لا تعترف بالحدود الضيقة ولا بهيمنة الفكر الواحد ولا بقمع الفكر الحر.
إن الثورة الرقمية المرجوة من الأمة العربية ونحن نتوغل في القرن الحادي والعشرين هي بالضبط عكس الثورات المزيفة التي أنجزها العرب في القرن العشرين باسم شعارات براقة ومخادعة كالقوميات والماركسيات والهويات والبعثيات والجمهوريات والجماهيريات والتي انهارت على رؤوسنا جميعا مع ميلاد الوعي العربي بتحكيم العقل وما أدراك ما العقل ووعيه بكرامة بني آدم وما أدراك ما الكرامة التي أكدها الله سبحانه في محكم تنزيله فرأينا تلك الثورات تهوى كأوراق الخريف أمام واقع دولي متغير طرأ علينا ونحن غافلون!
العقل التبريري - قراءة أخلاقية بمنظور إسلامي
العقل التبريري آفة من آفات القلوب قبل أن يكون خللا في التفكير؛ لأنه يعطل فريضة المحاسبة، ويصادم مقصد... اقرأ المزيد
33
| 21 ديسمبر 2025
الموضوع القديم الجديد
لقد أيقنت بعض الدول المتقدمة والسريعة النمو ضرورة المحافظة على نسبة وتناسب القوى البشرية والمتمثلة بالأخص بعدد مواطنيها... اقرأ المزيد
39
| 21 ديسمبر 2025
قطر والوسطاء متمسكون بوقف حرب غزة.... وإسرائيل تصعّد وتهدد بانهيار الهدنة!!
حذر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن في منتدى الدوحة مطلع شهر ديسمبر، وبعد اجتماعه... اقرأ المزيد
45
| 21 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
945
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
906
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
690
| 15 ديسمبر 2025