رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عصام بيومي

إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية

مساحة إعلانية

مقالات

843

عصام بيومي

ترويض الهيمنة.. لن أعيش في جلباب الغرب!

16 أكتوبر 2024 , 02:00ص

إذا كان الجسم الإسلامي العربي قد فقد عقله الجمعي رسميا بسقوط الخلافة، والخضوع للاحتلال، بعدما كان فقده عمليا قبل ذلك بكثير، كما أشرت سابقا، فإنه آن الأوان لاستعادة هذا العقل ولو على المستوى الشعبي، ولا يكون ذلك إلا بالقطع والانفصال عن كل ما هو احتلال أو من تبعات الاحتلال، وخلع جلبابه تماما. قد تبدو هذه الفكرة بعيدة عن حديثنا في عملية صناعة الكفر، لكن قليلا من التدقيق سيوضح أن أساس التغلب على تلك الصناعة الشيطانية هو خلع جلباب التبعية وترويضها.

فالأوطان لا تسقط ضحية للاحتلال عندما يقهرها المعتدي الغاصب بل عندما ينجح في احتلال شعوبها، أي احتلال عقولها وقلوبها وإقناعها بأنه ليس فقط أقوى ولكن أفضل. وهنا تبدأ تلك الشعوب في تقليده (الغالب) كما يقول ابن خلدون في مقولته التي يسيئ كثيرون استخدامها، والتي لا يمكن تعميمها لأنها لا تنطبق إلا عندما يتحقق احتلال الشعب وليس الأرض. والذي نعاني منه الآن ليس هو احتلال الأوطان ولكن هو أن الجزء الأكبر من شعوبنا بات محتلا فكريا، وخاصة الجزء المترف منه، ذاك الذي يتماهى تماهيا كاملا مع المحتل ويقلده بولع، أما الجزء الآخر المستضعف فقد تم احتلاله بزرع اليأس في نفوس أفراده مع تطاول أمد المحنة لعقود طويلة حتى ساءت أخلاق معظمهم وباتوا يعيشون كالهوام كما تنبأ ابن خلدون أيضا.

على أن لجمال الدين الأفغاني، تنبؤا أكثر أهمية هنا لاتصاله مباشرة بواقعنا الحالي، إذ قال، ضمن نظريته للتغيير الاجتماعي والسياسي، أواخر القرن 19: الوضع الذي ترونه الآن وتحسبونه تقدما هو عين التخلف. لأننا نتقدم وفق مثال عدونا،»، منتقدا الفهم الخاطئ للقدر، والانبهار الزائد بالغرب لدى المسلمين، ومتنبئا أيضا بسيادة الهيمنة الأجنبية على كامل الجسم الإسلامي.

لذا، ونحن نقارب فكرة خلع جلباب الغرب، علينا أن نفهم، وهو ما سيسهل علينا الاقتناع والتنفيذ، أن ذلك الجلباب لم يكن إلا من تفصيل العقل الصهيوماسوني الذي سيطر على أوروبا قبلنا بقرون. وهنا نشير إلى أهم ما جادت به قريحة المفكر العربي الراحل مالك بن نبي، (وربما هو القول الأهم بين أقوال كل الباحثين في عوامل الانهيار وشروط النهضة)، وهو أن العقل الأوروبي في مجمله منذ قرون، كان هو العقل اليهودي. بمعنى أن الأخير كان هو القائد لأوروبا ومن ثم الغرب. وهنا سأذهب بعيدا أبعد مما ذهب بن نبي لأقول إن العقل اليهودي كان هو المحرك للعالم قبل ذلك بكثير، وخاصة عندما قويت شوكتهم باندساسهم في المسيحية ليسيطروا من خلالها على العالم كما ذكرت سابقا. وما ذاك إلا انطلاقا من فكرتهم الشيطانية بأنهم خير من بقية الأمم ويجب أن يسودوهم.

 وهذا يوضح ويؤكد ما ذهبت إليه سابقا من أن الغرب أيضا ليس عنده عقل جمعي وأن ما كان يحكمه في أغلب مراحل التاريخ الوسيط والحديث والمعاصر هو عقلية القطيع، التي أفرزها تحكم العقل اليهودي فيه. فأي عقل جمعي ذاك الذي يجمع الغرب؟ الأمريكي أم الفرنسي أم الألماني أم..؟ وقد علمنا ربنا قوله القاطع الحاسم البين المبين، «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ(14) الحشر.»

لذلك أقول إن العقل الوحيد الذي سيطر على ما يسمى الغرب، وبشمول شبه تام، منذ معاهدة ويستفاليا (1648) وتدشين أسس النظام العالمي الحالي، هو عقل ابن سبأ وقبيله، الذين ورثهم الآن الصهيوماسون، الذين يريدون هدم الدين كله.

فمسيرة «الفكر الغربي» منذ ذلك الحين واحدة وهي مسيرة ما سمي العولمة التي أفرزت صورة العالم الذي نراه الآن، وفق «نظرية المعرفة الشيطانية»، ومصطلحاتها ومسمياتها. فعندما سيطر العقل اليهودي أو بالأحرى الصهيوماسوني على الغرب سيطر بالتالي على العالم أو أغلبه، وشكله على هواه، وكان من ذلك السيطرة على كل شيء من البنوك إلى التعليم إلى إنتاج النفط إلى الصناعات الكبرى وخاصة السلاح إلى السينما والفن، إلخ. وتلك العقلية هي التي فرضت على الغرب وعلينا بالتبعية كل ما يحيط بنا من أفكار ومنتجات وثقافات ومسميات، إلخ، وألْبستنا جلبابا ليس لنا، وليس بقياسنا.

والآن، ونحن نحاول إفاقة الشعوب من غيبوبتها، يتحتم علينا أن نرى الأمور من منظورنا نحن وبعيوننا نحن، وبقياسنا نحن.

اقرأ المزيد

alsharq Bien hecho España

مع احترامنا لجميع الدول التي ساندت أهل غزة والحكومات التي كانت تدين وتندد دائماً بسياسات إسرائيل الوحشية والإبادة... اقرأ المزيد

258

| 27 أكتوبر 2025

alsharq التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح فارقا مهما بين شيئين: الأول هو «التصوف» الذي تختلف الناس... اقرأ المزيد

123

| 27 أكتوبر 2025

alsharq عن خيبة اللغة!

يحدث أحيانًا أن يجلس الكاتب أمام بياض الورق أو فراغ الشاشة كمن يقف في مفترق لا يعرف أي... اقرأ المزيد

276

| 27 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية