رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تخيل لو أن الشيطان يخطط لمستقبلك. كيف سيكون شكله؟ النار والدمار وخراب الديار.. أليس كذلك؟ للأسف، هذا ليس خيالا. إنه الواقع. فما يزال الشيطان يعد الناس الفقر عن طريق أوليائه من أعداء الإنسانية وهم يصنعونه للبشر، بأساليب كلية وأخرى جزئية. تحدثنا سابقا عن العائلات المعدودة التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، وعدد شركاتها التي تسيطر على التجارة العالمية. واليوم نتناول عددا من الأساليب الكلية في تنفيذ مخططات أعداء الإنسانية لتقنين الفقر وفرضه على الشعوب. تبلور ذلك مع تأسيس البنوك، وتشمل المؤسسات المالية الدولية، وهناك مقولة مشهورة مفادها «إنه ليس أسوأ من جريمة سرقة بنك إلا جريمة تأسيسه». فمع تأسيس البنوك وترسُخ عملها فُتح الباب لأعداء الإنسانية للتحكم في ثروات البشر وتوجيهها في الاتجاه الذي يريدون حتى ولو لم يمتلكوها ملكية مباشرة. وهناك دراسات كثيرة حول خدعة البنوك وأثرها الشيطاني في صناعة الفقر وتكبيل وإخضاع الحكومات والشعوب بالديون، ومنها سلسلة وثائقيات بالغة الأهمية من إنتاج «مركز دراسات الواقع والتاريخ». ومما يذكر في هذا الصدد ما كشفه لي د. ريتشارد سطبظ (R.Stubbs) مؤسس مدرسة الاقتصاد السياسي البريطانية، من أن الأمريكيين، (ومن يتخفون وراءهم)، استخدموا أموال بعض دول الخليج، المتراكمة في بنوكهم، من أرباح النفط، في السبعينات والثمانينات، للقيام بأعمال تخريبية في أرجاء العالم وخاصة أمريكا اللاتينية مثل التحريض على الانقلابات وإزالة الحكومات وشراء الاحتكارات. وفي كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» لجون بيركنز، في طبعتيه الأولى والثانية (2005، 2016)، تفاصيل حقيقية لمثل تلك العمليات، كونه كان أحد منفذيها. وهو ما واصل كشفه في كتاب آخر بعنوان «التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية، 2007».
أسلوب آخر ساهم في وصول عبدة الشيطان إلى التحكم في كل شيء في الأرض تقريبا هو ما سموه الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، والخصخصة، أي إلغاء دور الحكومات والاعتماد على «القطاع الخاص» الذي تتخفى وراءه شركاتهم ووكلاؤهم. وقد بدأوا يزيحون «قناع ماركس» عن وجوههم تدريجيا حينما شعروا بأن قبضتهم على العالم قد اقتربت من الإحكام وفق اعتراف الحاخام روبنشتاين الذي سنحتاج للتذكير بخطابه الخطير كثيرا. ومن بين الشعارات التي روجوها لتنفيذ ذلك ما سموه (do more with less) أي «حقق الأكثر بالأقل»، أي تقليل الدور الحكومي لصالحهم. وقد تمكنوا من ترسيخ ذلك وترويجه من خلال العلوم السياسية التي باتت حقا عقيدتهم الأسمى ودينهم الجديد. ولأنهم سيطروا على معظم مناطق العالم من قبل فقد غزوا تلك المناطق جميعا، ومنها دول الشرق الأوسط، بتلك الأفكار التي استباحت ولاتزال المؤسسات العامة في معظم الدول، عن طريق شرائها بأسعار بَخْسة لا تساوي فُتات قيمتها الحقيقية، وبشروط تجعل كل الخسائر على الشعوب وكل المكاسب لهم.
وبالطبع كان لذلك تداعياته الخطيرة ومنها استئثارهم بالثروات الحقيقية حيث باتت معظم الأرباح تعود إليهم هم وليس للشعوب والحكومات التي باتت كلها مدينة لهم بما فيها الحكومة الأمريكية! كما سبب ذلك استئثارهم بما هو أهم وأخطر كثيرا وهو التخطيط لمستقبل الشعوب وكل ما يتعلق بحياتها، عمرانيا وتعليميا وصحيا وغذائيا واجتماعيا وعقائديا، إلخ. وماذا ينتظر الإنسان السوي من الشيطان وعبدته عندما يصبحون هم المخططين لمستقبل البشرية سوى التخطيط بعيدا عن الرخاء والتقدم، وبعيدا عن السكينة والإيمان من جانب، وأيضا التخطيط للهلاك والدمار من جانب آخر، من خلال توجيه العلوم والتكنولوجيا لنشر الفساد والأمراض وعدم انتاج الأدوية الناجعة ولكن التي تُبقي المرض، وإفساد التعليم والغذاء والماء والهواء، في وقت يحاربون فيه كل اكتشاف علمي مفيد ونافع بحق. ولعل مكيدة كورونا تقدم مثالا واضحا على ذلك.
أسلوب آخر سموه الاستحواذ والاندماج، Mergers and acquisitions. فبعد أن يشتروا مجموعة كبيرة من الشركات يعلنون الاندماج بينها لتكوين شركة واحدة كبيرة، ثم تستحوذ تلك الشركة على شركات أخرى كبيرة مثلها أو أصغر حجما، وهكذا. وبهذا يحدث الاحتكار، المنهي عنه في أسس النظام الديمقراطي المفترض، أمام الجميع وبتشريع ومباركة «كنائسهم ومعابدهم» المستحدثة وهي الجامعات ومراكز البحوث كما أشرنا من قبل. ومع الاحتكار يأتي كل الخراب، فيأتي رفع الأسعار بلا منطق، كما يأتي خفض الأجور بإجحاف، لأن من يحتكر الانتاج يحتكر التشغيل في آن معا. كما تتلاشى الديمقراطية والعدالة لأنه مع الخصخصة والاحتكار تتلاشى المحاسبة، فالشركات لا تتحمل أي مسؤولية مباشرة أمام الشعوب. ومما كُتب في التحذير من هذه الخدعة مقال لإدوارد هيرمان وريتشارد دو بوف، بعنوان «الاندماج والاستحواذ وتآكل الديمقراطية»، ذكرا فيه أنه في العام 1999، أي قبل ربع قرن، كانت نسبة استحواذ الشركات الكبرى تصل إلى ثلث قيمة الاقتصاد الأمريكي. ومنذ سادت عمليات الاستحواذ تلك وتعاظم الاحتكار زادت عمليات الغلاء وانهيار الخدمات وإغلاق المدارس وتقليل عدد المشافي والأطباء، وتقليل الإنفاق على البنى التحتية.
ويرتبط مباشرة بمسألة الاندماج والاستحواذ خدعة أخرى هي من الأسباب المهمة في إدامة الفقر على الفقراء والغنى على الأغنياء، سموها نظام «الفرانشايز» (Franshising) أو حق منح الامتياز، أي امتلاك غير كامل من الباطن، بمعنى أنهم ينشئون الشركات، التي تسيطر على كل القطاعات، ثم يعطون من يريد الاستثمار حق استخدام اسم تلك الشركات وإدارتها وليس ملكيتها، مقابل أن يدفع لهم نسبا كبيرة من الأرباح وأشياء أخرى من أهمها أنه لا يستطيع اتخاذ أي قرار مستقل في إدارة الامتياز الممنوح له، وهكذا. وقد سيطروا بذلك على أغلب قطاعات سوق الخدمات والتصنيع وكل شيء. وكما ذكرت سابقا مكنهم ذلك من السيطرة على الأرباح الكبرى ورأس المال والأهم على التخطيط والتوجيه لمستقبلنا!.
Bien hecho España
مع احترامنا لجميع الدول التي ساندت أهل غزة والحكومات التي كانت تدين وتندد دائماً بسياسات إسرائيل الوحشية والإبادة... اقرأ المزيد
258
| 27 أكتوبر 2025
التوظيف السياسي للتصوف
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح فارقا مهما بين شيئين: الأول هو «التصوف» الذي تختلف الناس... اقرأ المزيد
123
| 27 أكتوبر 2025
عن خيبة اللغة!
يحدث أحيانًا أن يجلس الكاتب أمام بياض الورق أو فراغ الشاشة كمن يقف في مفترق لا يعرف أي... اقرأ المزيد
276
| 27 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6372
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025