رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من الأرجح أن المواطن العربي العادي لا يعرف أن فلاديمير بوتين يُمولُ حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني المتطرف، لكننا نرجو أن يكون صانع القرار العربي مُدركاً لهذه الحقيقة.
الخبر ليس إشاعةً، فقد أقرت به رئيسة الحزب مارين لوبان. لا يقتصر الأمر على الحزب المذكور فقط، وإنما يمثل حلقةً من عمليةٍ إستراتيجية تقوم بها روسيا لإقامة علاقات وثيقة مع أكبر عدد ممكن من الأحزاب المتطرفة، يميناً ويساراً، دون تفريق. يتضمن هذا زيارات متبادلة وتنسيقاً ولقاءات على مختلف المستويات، وبطبيعة الحال، تمويلا متنوع الوسائل.
وقد أصبح الأمر ظاهرةً بدأت التقارير الإعلامية والاستخبارية الغربية تتحدث عنها، مع تفاصيل خطيرة عن تلك النشاطات والمشاركين فيها من مختلف الدول الأوروبية، خاصةً مع وصول تلك الأحزاب للسيطرة على أكثر من خُمس مقاعد البرلمان الأوروبي الحالي.
لسنا هنا في معرض توظيف الحقيقة المذكورة، والمقال بأسره، للحديث العاطفي الذي يندرج في التعليقات السائدة عن أحداث فرنسا بأسبابها وطبيعتها ومستتبعاتها. ولا لنفي مأزق العرب والمسلمين فيما يتعلق بفهم الإسلام المشوه السائد، وعلاقة هذا الفهم بالتطرف والإرهاب. وإنما يتمثل الهدف في الإشارة من خلالها إلى الصورة الإستراتيجية الكبيرة لما يجري في هذا العالم، خاصةً من حيث مستتبعاته الخطيرة المتوقعة على منطقتنا، شعوباً وحكومات.
قد يكون مُبرﱠراً للمواطن العربي العادي، خاصةً في الظروف الاستثنائية التي تمر بها حياتهُ ومجتمعاته، أن يفهم ما يجري من حوله بمحدودية رؤيته لشكل "قمة جبل الجليد" الذي يراه. لكن من المخيف، كي لا نقول أمراً آخر، أن ينطبق هذا على صانع القرار العربي.
لماذا نقول هذا ونحن نُدرك أن الأخير يرى بالتأكيد أكثرَ بكثير من تلك القمة الصغيرة؟ ببساطة، لأن كثيراً من القرارات والممارسات والسياسات تبدو، في نهاية المطاف، وكأنها تنبع من التركيز على تلك القمة التي تُخفي تحتها كماً هائلاً من التعقيد، وتتطلب سياقاً مختلفاً تماماً عما هو سائد، إن لجهة الرصد والمتابعة والتحليل والفهم، أو لجهة ابتكار سياسات تستوعب المعطيات الناتجة عن الرصد والتحليل، وتُحقق الحد الأدنى لمصلحة، وبقاء، الدول وللشعوب.
ثمة مثالٌ واحدٌ على التعقيد الذي ينبغي الانتباه إليه، تضرب روسيا عدة عصافير بحجرٍ واحد من ممارستها المذكور أعلاه، فتستقطبُ أطرافاً أوروبية في صراعها الإستراتيجي مع أوروبا، ثم تُشجع هذه الأطراف على تصعيد تَطرﱡفها تجاه المسلمين في أوروبا، بما يُعمق مأزق الأوروبيين والمسلمين سوياً. هل يمكن عزل هذا السيناريو بأسره عن موقف روسيا من دول الخليج تحديداً، وتحالفها مع إيران، فيما يتعلق بالقضايا الإستراتيجية في المنطقة من النفط إلى قضايا سوريا والعراق ولبنان واليمن؟ أسئلةٌ متداخلة الخيوط نحسبُ أنها تستحق التفكير.
ثمة صراعٌ سياسيٌ إستراتيجي عنيف يجري تحت قمة جبل الجليد اليوم في العالم. وهو صراعٌ متعدد الأطراف والمواضيع والساحات. وفي حين تُوجَّهُ الأنظار، بحشدٍ سياسي وإعلامي غير مسبوق، إلى "الإرهاب" اليوم، بوصفه "أمﱠ المشاكل"، وبلسان حالٍ يوحي أن حل أزمته ستُحيلُ العالم إلى واحة أمنٍ وتعايشٍ وأمنٍ وسلام، يفتحُ هذا الأمر المجال لاستمرار الصراع المذكور أعلاه بدرجةٍ من "الهدوء" و"التفرغ"، بعيداً عن الصخب والضجيج، وبما يكفل الانشغال بها في مساراتٍ مختلفة تضمن "السيطرة" على توازناتها في نهاية المطاف.
فوق هذا، يمكن، مع وضع "الإرهاب" في خانةٍ وحدهُ على قمة اهتمام العالم كمشكلةٍ كونية، تصريفُ طاقة الحقوقيين والإعلاميين والمثقفين والنشطاء، في الغرب تحديداً، في ذلك الإطار، وشَغلهم عن مشكلات الانهيار الاقتصادي والبطالة وسوء توزيع الثروة، إلى غير ذلك من قضايا بات لزاماً أن تأخذ أولويةً ثانية وثالثة في سلم الاهتمامات.
ولا بأس أن يمتد هذا لزمنٍ طويل ما دام الساسة يبشرون الشعوب، بوتيرةٍ متكررة ومُعبرة، أن الصراع مع "الإرهاب" سيكون طويلاً، وطويلاً جداً.
لهذا، ستكون مظاهرة باريس السابقة واجتماع أمريكا القادم مناسبةً لإظهار عملية "تضامن قادة العالم"، وهي عمليةٌ لابد من تأكيد وترسيخ "الصورة الذهنية" لها بين الآونة والأخرى في ذاكرة الناس. لكن، ما لم يُطرح، ولن يُطرح، في أمثال هذه المناسبة يتمثل في الصراعات الأخرى، مثل حقيقة أن الحرب في أوكرانيا، وهي ساحةُ صراع إستراتيجي بين روسيا والغرب بمكونيه على جانبي الأطلسي، تصاعدت بشكلٍ غير مسبوق وتحديداً منذ أيام، وخلال تضامن بوتين مع فرنسا. كما لن يُطرح مثلاً موضوع ومُستتبعات الرفض الكاسح، الذي أعلن نتيجة استطلاع منذ أيام في أوروبا، لمشروع عملاق بعنوان (الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار)، وبين طرفي الأطلسي تحديداً، وهي ساحة أخرى لصراعٍ إستراتيجي بينهما بخلفياتٍ اقتصادية وثقافية.
الأمثلة، رغم خطورتها ودلالاتها، أكثر من أن يستوعبها مقالٌ صحفي. وهذا يعيدنا إلى النقطة الرئيسية في الموضوع.
من الطبيعي والمطلوب، ألا يتجاهل صانع القرار العربي نصيب ثقافته من الأزمة العالمية المتعلقة بالإرهاب، وأن يشارك في حلها عملياً، وأن يكون جزءاً من (البروفايل) العالمي المتعلق بها إعلامياً..
رغم هذا، ثمة توازنات إستراتيجية دقيقة وحساسة يجدر الانتباه إليها حين يتعلق الأمر بالسياسات والقرارات.. وهو ما يقتضي كثيراً من التأني وعدم الاستعجال في (تنزيل) الأولويات التي يضعها النظام الدولي على الواقع والمجتمع العربيين بشكلٍ انفعالي، وبعيداً عن دراسة خصوصيات هذا المجتمع وذلك الواقع.
فبقراءة دقيقة لهما بعد أحداث فرنسا، يبدو هذا المجتمع، لأول مرة بهذه الدرجة، غارقاً في عمليات فرزٍ وتصنيفٍ حدية تزيد درجات الاحتقان والانقسام، وبشكلٍ قد يؤدي إلى انفجارات قد تبدو معها الأحداث الراهنة، على هَولها، لَعِبَ أطفال.. وستطال الجميع دون تمييز.
ما يزيد المشكلة اتساعاً أن يوجد في واقعنا العربي "مثقفون" و"إعلاميون"، بل و"مستشارون" يساهمون في دفع الجميع للهاوية. وبين الجهل الإستراتيجي والتمحور حول المصالح الفردية الخاصة، لن يأبه هؤلاء في النهاية بما يحصل، وستجدهم أول القافزين من أي سفينةٍ غارقة.
بعد أحداث باريس، يُرجح المراقبون فوز ماري لوبان برئاسة فرنسا. والذي يتوقع أن تجعلها (السلطة) عاقلةً فيما يتعلق بموقفها من المسلمين، شعوباً وحكومات، وأن تنسى (معروف) صديقها بوتين ودَينه، لا يعرف تلك المرأة، ولا يعرف مَنطق التطرف، ويبدو أنه لا يعرف السياسة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025