رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم أفكر في يوم من الأيام أن أكتب عن هذه الجريمة مطلقاً، لا لعجز في الكتابة ولكن لأني وجدت أن هناك من قد لا يفهم ما أكتبه. لقد بدأت الجامعة في ارتكاب الجريمة عندما قرر كبار المسئولين إلغاء قسم الجغرافيا ككيان منفصل ودمجه مع قسمي التاريخ والفلسفة وأطلق عليه "قسم العلوم الإنسانية"، وقلنا ربما هم يرون ما لا نرى. وعندما بدأت الجامعة تعد الخطط الدراسية عرضنا على بعض المسئولين أهمية علم الجغرافيا بالنسبة للعلوم الأخرى وأنه يجب أن تكون هناك مقررات جغرافية تدرس كمتطلبات جامعية. وذكرنا ثلاثة مقررات رئيسية هي: 1. الجغرافيا العامة التي تعتبر مهمة وأساسية لكل التخصصات العلمية مثل الهندسة والعلوم والإدارة والقانون والشريعة والصيدلة. 2. جغرافية قطر ومن المعروف أن كل جامعات العالم تدرس جغرافية المنطقة التي يعيش ويتعايش السكان والطلبة فيها. 3. التنمية الصناعية في قطر والخليج وهذا المقرر مهم لأنه لا يوجد أمام قطر ودول الخليج الأخرى إلا الصناعة والتصنيع وذلك لشح الموارد الطبيعية غير النفط والغاز. ولكن الجامعة، من خلال اللجان المعنية، رفضت الاقتراح بحجة أن الخطط جاهزة ومنتهية. لكن لم نعرف حينها أن النية مبيتة لقتل أهم التخصصات في العالم الذي لم تلغه أعرق الجامعات في العالم قاطبة.
وبجرة قلم أحد كبار المسئولين بالجامعة بدأت المرحلة الثانية من جريمة القتل وذلك بتحويل تخصص التخطيط العمراني من الجغرافيا إلى كلية الهندسة. إنه من المعروف أن دولة قطر تمر بمرحلة حضارية انتقالية خطيرة فيها تتغير البيئة المجتمعية لصالح الحياة في المدن وما ينشأ عن ذلك من توترات ومشكلات التحول. وهنا يتعاظم دور العلوم الإنسانية وعلى رأسها الجغرافيا في تحليل المتغيرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والتشريعية واقتراح العلاج المناسب لحلها أو للتخفيف من آثارها. بخلاف ما تعمله العلوم البحتة، مثل الهندسة أو الرياضيات أو الفيزياء أو الكيمياء التي تعيش في أبراج عالية معزولة عن حل المشكلات المجتمعية.
وفي النهاية اكتملت جريمة القتل وذلك عن طريق إبلاغ كل من له صلة بالجغرافيا بأن الجامعة ستوقف القبول في تخصص الجغرافيا تمهيداً لإغلاق القسم وتسريح كل من فيه من أعضاء هيئة تدريس وموظفين. إن اتخاذ قرار إلغاء التخصص، للأسف الشديد، يعتبر جريمة في حق المجتمع القطري، مع العلم أن جميع خريجي القسم لم يجدوا صعوبة في الحصول على عمل، مما يؤكد أن سياسة الجامعة في اتخاذ قرار إلغاء التخصص لم تكن بدواعي سوق العمل كما قيل. إن الجامعات والمراكز والمؤسسات التعليمية في كل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا، التي تجاوز عمر بعضها مئات من السنين، تتآخى فيها العلوم الإنسانية والعلوم البحتة في تناغم كبير ضمن معادلة العرض والطلب دون أن يكون هناك محاولة لإلغاء تخصص على حساب تخصص آخر.
إن علم الجغرافيا، يا سادة يا كرام، لم يعد مجرد تخصص يهتم بأسماء البلدان وعواصمها وأنهارها وجبالها، بل أصبح علماً حديثاً وفاعلاً في تخطيط البيئة الطبيعية واستخدامات الأرض والتخطيط الإقليمي والدراسات السكانية وفي تحليل العديد من قضايا العصر الحالي مثل التلوث والكوارث الطبيعية والتكنولوجية ومشكلات المياه وطائفة لا حصر لها، بحيث نشأت فروع متخصصة للغاية مثل جغرافية الأمراض والجريمة والانتخابات والسياحة والزلازل.. الخ. ولا يتسع المجال لحصر اهتمامات الجغرافيا الحديثة وأدواتها الجديدة المتمثلة في نظم المعلومات الجغرافية التي لا تستغني عنها أية مؤسسة أو صانع قرار. ولا يمكن أن نتخيل صرحاً للمعرفة يرتكز على الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، ويتحدث لغة الرياضيات ويغفل دراسة الإنسان والمكان وتفاعلهما مع بعضهما البعض. إن العلوم النظرية، وفي مقدمتها علم الجغرافيا، من العلوم التي لا غنى للفرد والمجتمع عنها، فهي تعمل جميعها على بناء مجتمعات متكاملة في حضارتها المعنوية والمادية، وكل علم من هذه العلوم يؤدي دوره المنوط به، ففي الجامعات والمؤسسات التعليمية الغربية نجد أنهم يوظفون علم الجغرافيا ويدرسونه من جميع جوانبه كي يصلوا إلى أي هدف يسعون إليه. وما كتاب "دليل الخليج" الذي ترجم وطبع على حساب دولة قطر إلا برهان حي على ما نقول.
إن مجالس الجامعة المتخصصة ومسئوليها لم يكتفوا بقتل علم الجغرافيا فقط، بل قاموا عن سبق إصرار وترصد، بقتل عدة أقسام من أهمها وليس كلها: 1. قسم الجيولوجيا المرتكز الأساسي للبحث والتنقيب عن الثروات الطبيعية في قطر. 2. قسم علوم البحار والذي يعتبر مهما جداً لدولة يحيط بها البحر من ثلاث جهات ويبلغ طول سواحلها 680 كيلو متراً. 3. قسم التربية الفنية وهو القسم الذي يزيح العنف ويستثمر طاقات الطفل ويجعله غير معاد للجمال، مما يساهم مساهمة حقيقية في النمو الجسدي والعقلي للفرد، مع العلم أن دولة قطر تخطط لإنشاء خمسة متاحف يتقدمها متحفا الفن الإسلامي ومتحف الفن العربي الحديث..
والسؤال البريء: ما هي فائدة كلية الصيدلة لسوق العمل بدولة قطر؟
وفي الختام نقول انه لو أعيد العمل بتلك الأقسام فإن المطبلين والمزمرين، الذين أشادوا بعملية قتل تلك الأقسام، سوف يعودون مرة أخرى، مشيدين بحكمة قرار الإعادة ومدافعين عنه..
***
في الأسبوع الماضي مرض سائقي الخاص وذهبت به إلى مركز مدينة (..) الشمالية الصحي وبعد أن فحصه الطبيب المناوب قرر صرف بعض الأدوية له فذهبنا إلى موظفة الاستقبال لختم الوصفة ودفع الرسوم تمهيداً لاستلام الأدوية ولكن الموظفة قالت: تعال بكرة لصرف الأدوية لأن آلة سحب النقود تعطلت.. فنظرت من حولي وإذا بي أجد عدة مرضى من غير القطريين قد قيل لهم نفس ما قيل لنا. فقلت لها: وهل يجوز من ناحية إسلامية ومن ناحية إنسانية أن نترك المرضى بدون علاج حتى الغد لأن الآلة تعطلت؟!. وأصرت على موقفها ثم حاولت مع موظف الصيدلية ووصلني منه نفس الرد: تعال بكرة!!.
فهل يجوز يا إدارة مركز مدينة (..) الشمالية الصحي ويا إدارة المراكز الصحية بالمجلس الأعلى للصحة ويا وزير الصحة العامة أن يطلب من المريض الصبر على مرضه ومضاعفاته حتى اليوم الثاني ليتم تصليح آلة سحب النقود لتصرف له أدويته؟!. بارك الله فيكم وفي قراراتكم الخارجة عن المنطق.. عش رجباً تلقى عجباً!!
والله من وراء القصد..
التزام ثابت بدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات الإنسانية
جاءت إشادة منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، الذي أجرى جولة في أحد مراكز توزيع المساعدات... اقرأ المزيد
75
| 01 ديسمبر 2025
المنطق والتفكير المنهجي وبناء الوعي المعاصر
من العلوم المهمة التي يتراجع الاهتمام بها مع وجود حاجة ماسة في ميدان التعليم بشكل خاص، ومفيدة في... اقرأ المزيد
120
| 01 ديسمبر 2025
زيارة البابا إلى الشرق الأوسط والعلاقات الكاثوليكية ـــ الإسلامية
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر، بعد تولّيه قيادة الفاتيكان ورئاسة العالم الكاثوليكي، بأول زيارة خارجية... اقرأ المزيد
102
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1734
| 25 نوفمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
1692
| 30 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1584
| 25 نوفمبر 2025