رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في الفحص الدوري بمركز خليفة الصحي لمتابعة مدى استقرار مرض السكري تفاجأت من الطبيب بتحويلي إلى متخصصي الكلى بمستشفى حمد العام. ومنذ تلك الزيارة للمركز الصحي وأنا أشهد تدهوراً في عمل الكليتين. وبعد العديد من المواعيد وجدت طبيب الكلى ينصحني بعمل فتحة شريانية وريدية تسمى فيتسولا «fistula» وذلك لتسهيل جريان الدم من الشريان إلى الوريد وهو مطلب أساسي لتوصيل أجهزة غسيل الكلى في أجسام مرضى الكلى والتي عن طريقها يتدفق الدم من الجسم إلى ماكينة الغسيل الكلوي ليتم تنقيته، ومن ثم يعود إلى الجسم مرة أخرى نظيفاً خالياً من السموم. وبعد مرور أكثر من سنة على عمل الفيتسولا توقفت الكلى تماماً عن العمل. وفي يوم السبت بتاريخ 23/5/2020 بدأت في مرحلة الغسيل الكلوي. وكان المستشار الخاص لي في مرحلة الغسيل زوجتي أم حمد التي سبقتني بالغسيل بحوالي خمس وعشرين سنة. وكان من أهم نصائحها هو أن «لا تتركهم يشفطون كل السوائل الزائدة في جسمك حتى تحافظ على قوتك بعد الغسيل». وسمعت النصيحة وتراكمت السوائل في جسمي حتى وصلت إلى الرئة وأصبحت لا أستطيع التنفس بشكل طبيعي وهنا اضطررت ولأول مرة لطلب سيارة الإسعاف (العنبلوس). وقام متلقي الاتصال بأخذ المعلومات الأساسية التي أشتكي منها ولم تمض سوى لحظات إلا والعنبلوس أمام البيت. والصراحة لم أتوقع هذه السرعة من خدمات سيارة العنبلوس ونزل منها رجلان محملان بالأجهزة والمعدات وبعد قياس العلامات الحيوية جلبا سرير العربة ووضعوني عليه ومن ثم أخذوني إلى سيارة العنبلوس وأوصلوني بأجهزة السيارة ومن أهمها أنبوب الأكسجين الذي عوضني عن نقص الهواء الضروري للحياة. والحمد لله لم نأخذ الكثير حتى وصلنا إلى قسم الطوارئ بمستشفى حمد العام. وبمجرد دخولنا قام طبيب الطوارئ بفحصي وقال إني كدت أن أغرق بالماء المتجمع في الرئة. وبعد لحظات جلبوا ماكينة الغسيل وبدأوا في سحب السوائل الزائدة بالجسم. ومن هنا بدأت مشكلة أخرى وهي سحب كل السوائل من الجسم مما أثر على عمل المخ وجعلني أتكلم بكلام غير مفهوم لا لي ولا للذي أتكلم معه وكانت المؤشرات تبين كأنني أصبت بجلطة والعياذ بالله وقام ابني حمد بطلب العنبلوس الذي ما إن وصل للبيت حتى قام الفريق بعمل تخطيط للقلب وقاموا بعمل الفحوصات البسيطة التي تدل على وجود جلطة من عدمها، مثل شكل الابتسامة، ورفع اليدين متوازيين، وغيرها من الفحوصات. وبعدها طمنني رجل العنبلوس أنه لم تصبني، والحمد لله، أي جلطة. وبعد دقائق معدودة وجدت نفسي في الطوارئ وما إن وصلت حتى أعطيت بعض الأدوية لتمييع الدم، ومن ثم أخذت إلى موقع التصوير المقطعي لتصوير الرأس، والحمد لله طلعت كل الفحوصات سليمة. وتكررت عملية الشك بالجلطات ثلاث مرات أخرى وكأن سيارات العنبلوس جاهزة جنب البيت وأطباء وجهاز التمريض بالطوارئ على أهبة الاستعداد. والمشكلة أنهم مع تكرار وقوع مثل تلك الحالات إلا أنهم لم يعرفوا ما هي أسباب المشكلة. وجاء اليوم الذي ذهبت مع زوجتي إلى تايلاند للعلاج وقمت بالغسيل هناك وصادفتني الحالة وأدخلت في الطوارئ وقاموا بعمل ما قامت به طوارئ حمد وحدثت مرة أخرى. ولكن هذه المرة كان استشاري الكلى التايلاندي متواجداً وقام شخصياً بمتابعة الحالة وعرف أن السبب هو زيادة سحب السوائل من جسمي. وأعطى تعليماته لمركز الغسيل ألا يتم سحب إلا مقدار معين من السوائل من الجسم. ومرت الفترة الباقية من الغسيل بسلام ورجعت إلى الدوحة وتقيدوا بما قاله الاستشاري التايلاندي وحتى اليوم لم أعانِ مما كان يحدث سابقاً. ومع حلول 2024 حدث أمر غريب وهو عدم الاستطاعة، في أماكن معينة، على التنفس بسهولة ويسر فتم تحويلي إلى استشاري الرئة والذي بعد العديد من الفحوصات، والعديد من الأشعة المختلفة، تم نصحي بتجنب التجمعات البشرية وخاصة تلك المفروشة بالزل، مثل أماكن الأفراح، ومقار الأتراح، والمساجد. وهذا الأمر جعلني حبيس المنزل ومنقطعا عن الناس إلا من خلال الواتساب. والحمد لله أن الأمور حالياً تبشر بالخير ومن آخر زيارة تم رفع الحظر الصحي جزئياً، وبدأت بزيارة الناس، ولكن بحذر. وفي الختام وأقولها بصراحة إنني لم أتوقع هذا المستوى العالي من التجهيز والحرفية لكل من خدمات الإسعاف وقسم الطوارئ بمستشفى حمد والذي كما أرى فاق بمستواه الكثير من الدول المتقدمة. وفي هذه المناسبة أتقدم بالشكر والامتنان لسمو أمير البلاد المفدى على ما قام به سموه من توفير أعلى الخدمات لكل من يسكن قطر من مواطنين ومقيمين. والشكر يمتد لسمو نائب الأمير الذي كان يتابع حالتي الصحية قبل الغسيل وحتى اليوم الحاضر. والله من وراء القصد،،
3873
| 24 أغسطس 2025
عندما ناقش أعضاء لجنة إعداد الدستور الدائم لقطر موضوع مجلس الشورى اتفق جميع الأعضاء على صلاحياته، ولكنهم انقسموا إلى ثلاثة أقسام؛ قسم يرى أن مجلس الشورى يجب أن يكون بالتعيين، وقسم آخر يرى أن يكون بالانتخاب، وقسم آخر يرى أن يكون الأعضاء بين منتخب ومعين. وتم الاتفاق على أن يتألف مجلس الشورى من خمسة وأربعين عضوا. يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين سمو الأمير الأعضاء الخمسة عشر الآخرين من الوزراء أو غيرهم وتم الاتفاق على أن تحدد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة ومناطق كل منها بمرسوم. ونص الدستور في المادة (78) على أن «يصدر نظام الانتخاب بقانون. تحدد فيه شروط وإجراءات الترشيح والانتخاب». وبعد 17 سنة من اصدار الدستور صدر قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى، وهذا القانون هو من أدخل أول صدع في بنية المجتمع القطري الذي عرف عنه شدة تلاحم أفراده مع بعضهم البعض ومع قيادتهم الرشيدة. وشهد القانون، منذ صدوره، جدلا على بند من يحق لهم الترشح والانتخاب والذي يصنف القطريين لفئتين: أصلي ومتجنس. ولحب غالبية الشعب القطري لسمو الأمير المفدى وتوجهاته تقاطر 63.5 % ممن يحق لهم التصويت إلى صناديق الانتخابات وهنا برزت مشكلة أخرى وهي الصراع بين أفراد القبيلة والعائلة الواحدة للحصول على كرسي بمجلس الشورى لدرجة أن وصلت إلى القطيعة بين أفراد القبيلة. وكان سمو الأمير واعيا بكل ما يدور بين أفراد المجتمع، فلهذا قال في خطابه الافتتاحي للمجلس المنتخب «ومن منطلق حرصنا على تعزيز المواطنة القطرية المتساوية، وترجمتها عملياً بوصفها علاقة مباشرة بين المواطن والدولة تقوم على الحقوق والواجبات، فقد أصدرت تعليماتي لمجلس الوزراء للعمل على إعداد التعديلات القانونية اللازمة». وأضاف سموه «وهذا لا يتطلب عملاً تشريعياً فحسب، بل أيضاً اجتماعياً وتربوياً مكثفاً، ولا سيما في مكافحة تغليب العصبيات على الصالح العام أو على الولاء للوطن والوحدة الوطنية. ومن هنا علينا دائماً عند التفكير ومراجعة التجارب التي نخوضها أن نرفع تماسكنا كقطريين فوق أي اعتبار وتجنب كل ما من شأنه أن يشكل تهديداً له». ومن خطاب سموه في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى تتضح الخطوط الأساسية للتغيير بالآتي: 1. المواطنة المتساوية: وهي تلك التي تعزز قيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع القطري. 2. أعضاء مجلس الشورى: وهو الانتقال من الانتخاب عن طريق الاقتراع العام السري المباشر إلى التعيين عن طريق سمو الأمير المفدى. 3. صلاحيات مجلس الشورى: لن تتأثر مكانة وصلاحيات المجلس سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أم التعيين. 4. الاستفتاء الشعبي: وذلك بهدف تعزيز المشاركة الشعبية في الشأن العام. وفي الختام نقول إنني كنت من المنادين، من خلال المقالات ومن خلال تويتر، بمساواة كل من يحمل الجنسية القطرية، وكنت أتلقى الكثير من الانتقاد على تلك الأفكار ولكن حسم الأمر سمو الأمير المفدى. يا له من أمير حكيم فقد قضى على الفتنة قبل أن تستفحل بين الشعب القطري وتفرق بين أفراده. والله من وراء القصد،،
7785
| 20 أكتوبر 2024
في البداية نؤكد أنه ليس لدينا اعتراض للتفريق بين المدني والعسكري، ولكن وللأسف فإن عملية التفريق قد نسفت عدة مواد من الدستور القطري، فالمادة (19) تؤكد أن تصون الدولة دعامات المجتمع، وتكفل الأمن والاستقرار، وتكافؤ الفرص للمواطنين. أما المادة (20) فهي تنص على أن تعمل الدولة على توطيد روح الوحدة الوطنية، والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة، في حين أن المادة (34) تؤكد أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات العامة، وغيرها من المواد وهذا يعني الالتفاف على الدستور وتفريغه من محتواه، وعليه فإنه ليس من العدل أو الإنصاف التمييز بين المتقاعدين المواطنين في استحقاقاتهم، مما يعني أن ظلماً كبيراً سيصيب فئة من الفئات. إن العدالة من جهة، وتعليمات الدستور من جهة أخرى، هي أن يكون هناك نظام واحد للمتقاعدين، لا عدة أنظمة، إن تقسيم المتقاعدين القطريين بهذا الأسلوب عمل غير دستوري، وإن ما يخالف الدستور من قوانين، ومراسيم، وقرارات، يعتبر في حكم الباطل. ومع كل ذلك صدر قانون رقم (13) لسنة 2006 بشأن تقاعد ومعاشات العسكريين، والقانون في مجمله يحمي حقوق العسكري من لحظة التحاقه بالعسكرية حتى خروجه منها، فالقانون حدد سنوات خصم الاشتراكات بعشرين سنة، ولا يستمر بالدفع للهيئة طيلة عمره الوظيفي، كما هو الحال بالموظف المدني. والقانون لم يحرم العسكري من مكافأة نهاية الخدمة، فهو يستلمها كاملة غير منقوصة وهي تحسب كما يلي: 1- راتب شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس الأولى، 2- راتب شهر ونصف عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس التالية. 3- راتب شهرين عن كل سنة مما زاد على ذلك. ويعتبر آخر راتب تقاضاه الموظف أساساً لحساب هذه المكافأة، والميزة الأخرى لهذا القانون أن لجنة التقاعد العسكري كما ذكر بالمادة (10) لها الحق في اقتراح منح معاشات استثنائية، أو زيادة المعاشات المستحقة، ولكن تم ظلم العسكريين بشكل كامل عندما تم خصم الاشتراكات السابقة المستحقة على العسكري الموجود في الخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون (ومن ضمنهم من كان على قوة الاحتياط حسب المادة (32))، بما لا يجاوز عشرين سنة، وذلك من المكافأة المستحقة له، أو الباقي منها بعد خصم القروض التي منحت بضمانها، ويؤدي إليه ما تبقى منها، وعليه سداد الفرق إن وجد. وبناءً عليه فقد واجه العسكريين مشكلة في تطبيق هذا الأمر، فالبعض منهم دخل في دوامة القروض لتسديد ما عليه حتى لا يحرم من المعاش التقاعدي، والبعض الآخر أصبح مهموماً لا يعرف كيف يدبر القيمة المطلوبة، والبعض الذي كان يعتقد أنه محظوظ تم خصم المبلغ بشكل أقساط من الراتب الذي يستلمه شهرياً، والذي هو أصلاً لا يكفي متطلباته الشهرية آنذاك. المهم أن الحكومة خلقت على المواطنين ضغوطاً مالية وأخرى نفسية بدون داع، وبعد أن شفط القانون تلك الحقوق والأموال وجدناه يفرق بين العسكري المتقاعد قبل القانون وبعده، فقد نصت المادة (20) على أن "تستمر جهة العمل في صرف راتب المحال إلى الاحتياط قبل تاريخ العمل بهذا القانون، وفي حالة وفاته يصرف المعاش للمستحقين عنه من الصندوق"، وهذه المادة تنقسم إلى قسمين، القسم الأول "تستمر جهة العمل في صرف راتب المحال إلى الاحتياط قبل تاريخ العمل بهذا القانون". فقد وجدت هيئة التقاعد أن الأموال التي وردت لها لا تكفي لتوفير معاش تقاعدي لهم فطلبت من جهات عملهم الاستمرار بصرف الراتب لهم حتى وفاتهم، وهنا صارت إشكالية في تفسير هذا الجزء من المادة، فجهات العمل فسرتها بصرف الراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية، كما يصرف للمتقاعدين، والهيئة ترى غير ذلك فتمت مخاطبة إدارة الفتوى والتشريع، عندما كانت تابعة لوزارة العدل، بالموضوع، فجاء الرد صادماً لجهات العمل، حيث أفتت اللجنة بصرف الرواتب لهؤلاء الاحتياط كأنهم على رأس عملهم، وهذا يعني صرف الراتب الأساسي وجميع العلاوات والبدلات التي تصرف للعسكريين، ولكن تم التكتم على هذه الفتوى، ولم يستفد منها العسكري، وظل يستلم الأساسي والعلاوة الاجتماعية فقط، أما الشق الثاني فهو "وفي حالة وفاته يصرف المعاش للمستحقين عنه من الصندوق"، وكما هو معروف من الدراسات الدولية أن متوسط عمر القطريين، في 2020، هو 7ر80 سنة (متوسط عمر الذكور القطريين 8ر79 سنة أما الإناث القطريات فهو 5ر82 سنة)، وهنا تأتي كلمة "المستحقين"، وهي الكلمة المرادفة للإعالة، فمن هم الذين يقعون تحت إعالة من في هذه السن حتى يستفيد من معاشه التقاعدي، وبعبارة أخرى لن يستفيد أي أحد من معاش المتوفى سوى أرملته، إذا كانت لا تزال على قيد الحياة، أو هيئة التقاعد الملاذ الأخير لأموال المتقاعدين، النقطة الأخرى التي يعاني منها من حول للاحتياط قبل القانون أنه يعتبر على رأس عمله، ولا يحق له العمل في أي جهة إلا بعد الموافقة من الجهة العسكرية، وهنا تحدث المشكلة، فالعسكري الذي عمل في الجهات المدنية عندما يحول للتقاعد فهو لن يستلم سوى راتب الاحتياط فقط مما سيقلب حياتهم، ومستوى معيشتهم (أعرف أشخاصاً رواتبهم الحالية فوق 100 الف ريال شهرياً، ولكنهم عند التقاعد لن يستلموا سوى راتب الاحتياط الذي يقل كثيراً عن ذلك). وفي الختام نقول إن المتقاعد العسكري يشاطر أخاه المدني في تقلص قيمة المعاش الشرائية بسبب التضخم، وغلاء الأسعار، ويشاطره أيضاً في عدم القدرة على استبدال أي جزء من معاشه كسلفة، كما حددتها المادة (25)، مع العلم أن لائحتهم التنفيذية، التي يحتجون بها، قد صدرت وتم تطبيقها. إن العتب الأكبر، كما أراه، يقع على مجلس الشورى الذي يمثل جميع المواطنين في قطر، فجميع القوانين تمر من تحت سقف هذا المجلس، فلماذا لم يقم أعضاؤه الكرام بتدارس الجوانب السلبية من تلك القوانين، وأثرها على المواطن مستقبلاً؟ والعجيب أن هذا المجلس لا يزال صامتاً، ولم يتحرك أي خطوة فعالة، في نصرة هؤلاء المتقاعدين الذين يعانون من الظلم والقهر، وعليه فإنه ليس بغريب أن يعاني القطري المتقاعد، سواء كان مدنياً أو عسكرياً، من الهم والجزع والخوف، زيادة على هم ارتفاع الرسوم والأسعار، وهم المعاناة اليومية. والله من وراء القصد،، m.kubaisi@gmail.com
22772
| 13 سبتمبر 2020
البيت يتطلب صيانة مستعجلة، وهذا يتطلب مبلغاً نقدياً، والمعاش التقاعدي وللأسف لا يتبقى منه شيء، وحلاً لهذه المشكلة ذهب صاحبنا للبنك لطلب سلفة على أن يقتطع أقساطها من معاشه التقاعدي الذي يصل إلى نفس البنك شهرياً، البنك وبعد أن عرف أن الشخص من المتقاعدين اعتذر، وبطريقة مهذبة أنه لا يستطيع منح أي نوع من السلف، لأنه وببساطة لا تقبل شركات التأمين القيام بتأمين تلك السلفة، لأن صاحبها من المتقاعدين. فكيف السبيل أمام المتقاعد لحل هذه الأزمة المالية التي تواجهه؟. بالرجوع لقانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات وجدنا الحل الأمثل لهذا المتقاعد، ففي المادة (24) ذكر أنه "يجوز للموظف أو العامل المستحق للمعاش، أو صاحب المعاش طلب استبدال مبلغ نقدي بجزء لا يزيد على نصف المعاش، وذلك وفقاً للجدول رقم (2) المرفق بهذا القانون، ويوقف خصم الجزء المستبدل عند وفاة الموظف أو العامل أو صاحب المعاش، ويؤدى في هذه الحالة نصيب المستحقين كاملاً، ولا يجوز للمستحقين استبدال أنصبتهم"، وقام صاحبنا بحساب ما يريد وفقاً للجدول المذكور فطلع أنه يستطيع الاستغناء عن 1000 ريال من معاشه التقاعدي ليتمكن من الحصول على 200 ألف ريال كاستبدال، فذهب للهيئة وطلب إتمام عملية الاستبدال، إلا أن موظفي الهيئة ردوا عليه بأنه لا يمكنهم استبدال أي جزء من المعاش إلا بعد صدور اللائحة التنفيذية للقانون، علماً أن هذه المادة وكما هو ملاحظ من سياق النص، لم تربط الاستبدال باللائحة التنفيذية، خرج المتقاعد من مبنى الهيئة مكسور الخاطر لأنه لا يستطيع صيانة منزله في بلد عم خيره على سائر بلاد العالم. إنه لمن العجيب أن اللائحة التنفيذية لم تصدر لقانون تم تطبيقه لأكثر من 18 سنة، فمن هو المسؤول عن هذا؟ وفي بحثي عن هذا الموضوع وجدت أن سمو الأمير الوالد قد أصدر قراره الأميري رقم (31) لسنة 2002، بتشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات من سبعة أعضاء، وتمت إضافة عضوين آخرين في وقت لاحق، وكانت مهمة المجلس منحصرة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات لمباشرة الاختصاصات المقررة لها في قانون إنشائها. ومن اختصاصات المجلس ما يلي: 1. وضع نظام استثمار أموال الصندوق، 2. اقتراح زيادة المعاشات، 3. اقتراح التشريعات المتعلقة بالمعاشات، ولكن هذا المجلس وبدلاً من أن يقوم بممارسة صلاحياته، قام بطلب تعديل العديد من مواد قانون التقاعد، وفي هذا نجد أن أعضاء مجلس الإدارة قد انقسموا فيما بينهم إلى قسمين: قسم أيد التعديلات وهم الأغلبية، وقسم آخر عارض التعديلات وهم الأقلية، وكانت التعديلات على مواد القانون تقر بعد التصويت عليها من قبل المجتمعين، وطبعاً كانت نتيجة التصويت تسجل بالأغلبية، ومن ثم ترفع لمجلس الوزراء الذي يعتمدها، غير مدرك لما يدور في مجلس الإدارة من صراع، ولخطورة التعديلات على القانون قبل تطبيقه، والتي شملت الاستبدال، ومكافأة نهاية الخدمة، وحساب مدة الخدمة، وغيرها من الأمور، احتدم النقاش في المجلس لدرجة أن نائب رئيس المجلس، وعضوا آخر، من المعارضين لإجراء أي تعديل على مواد القانون، قاما بتقديم استقالتهما من المجلس، ومن الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات بشكل كامل. ولقد حذر الخبير الاكتواري مجلس الإدارة، كاتباً في تقريره الأخير، إنه بهذه التعديلات لن يستطيع المجلس وضع لائحة تنفيذية لقانون التقاعد، وفعلاً صدق هذا الخبير، الذي نجده هو أيضاً طلب من المجلس إعفاءه من المشاركة معهم كخبير، وبدأ القانون الذي صدر لضمان حياة كريمة للمواطن في سنواته الأخيرة يفقد هدفه الأساسي. وفي سنة 2009 صدر المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 2009، بإلغاء بعض القوانين، وبه تم إلغاء وجود ما يسمى بمجلس إدارة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات، حاول بعض الخبراء عدة مرات تمرير قانون التقاعد في حلته الجديدة، بمواد أخطر في ضررها من القانون القديم، والحمد لله أن الرسالة بخصوص خطورة الوضع كانت تصل دائماً إلى المسؤولين عن موضوع قانون التقاعد الجديد، والذين هم بدورهم يأمرون بإعادة الدراسة (انظر الشرق 27/3/2011، والشرق 22/1/2012، والشرق 29/4/2012، والشرق 22/9/2013). إنه لمن المؤسف أن يقوم الخبراء والمستشارون باقتراح ما فيه ضرر على المواطنين، إنه من حق الشعب أن يقوم هؤلاء، الذين يستلمون رواتبهم وامتيازاتهم من أموال الشعب، بمراعاة مصلحة هذا الشعب بتبني المشاريع والقوانين التي لا تنقص من حقوقهم. وفي الختام نقول: إن عدم وجود لائحة تنفيذية، مع عدم تفعيل المحكمة الدستورية، وبخاصة في ظل وجود تضارب بين قانون الموارد البشرية وقانون التقاعد، فإن ذلك قد أدى إلى فراغ تشريعي وقانوني، وهو الذي قاد لتعطيل القانون، وحال بين المتقاعدين وحصولهم على حقوقهم، وهذا يفسر الأسباب التي على أساسها تم تعطيل تنفيذ الأحكام التي صدرت لصالح المتقاعدين، ومع معرفتي اليقينية بأن اللائحة التنفيذية ما هي إلا أداة لتفسير القانون، وبهذا فالقانون هو الأصل وهو أقوى ومن الواجب إتباعه سواء صدرت اللائحة التنفيذية أو لم تصدر، ولكن إذا كان ذلك سيستمر لهضم حقوق المواطنين، وأن إصدار قانون التقاعد الجديد سوف يتأخر، فإنه لزاماً على الجهات التشريعية العمل على إصدار لائحة تنفيذية للقانون القديم، على الأقل بشكل مؤقت، حتى لا يدخل المتقاعد في أزمات عديدة، وبخاصة المادية منها، بسبب عدم وجود صيغة تفسر مواد القانون المختلفة.. والله من وراء القصد. m.kubaisi@gmail.com
16094
| 23 أغسطس 2020
تكلمنا في المقالات الثلاث الأخيرة عن حقوق المتقاعد، وذكرنا في المقالة الأولى "المتقاعدون" (انظر الشرق 7/6/2020)، وركزنا فيها على انخفاض القيمة الشرائية للعملة، وذكرنا أن الريال القطري فقد جزءاً من قيمته الشرائية بسبب التضخم من جهة، وارتفاع الأسعار التي تفوق نسبة التضخم من جهة أخرى، وذكرنا أن الحكومة قامت بحماية موظفيها عن طريق العلاوة الدورية التي تضاف سنوياً على الراتب، في حين أنها لم تجبر الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية على حماية المتقاعدين، حيث وجدنا أن راتب المتقاعد يتآكل سنوياً بحيث أصبح لا يعادل الثلثين من المبلغ الأصلي كقيمة شرائية، وأثبتنا أن انخفاض القيمة الشرائية للريال القطري مع ثبات المعاش لن يؤثر على المتقاعد فقط بل يؤثر على مجمل الاقتصاد القطري، لأن الزيادة السنوية ستعزز القوة الشرائية للمواطنين، مما سينعش الاقتصاد ككل، وذكرنا أن الخطوة الصحيحة لتصحيح الأوضاع هي زيادة المعاشات التقاعدية بنسبة تكاد تتساوى مع نسبة التضخم أو أعلى بقليل. وفي المقالة الثانية "المتقاعدون ومكافأة نهاية الخدمة" (انظر الشرق 28/6/2020)، فرقنا بين دور الحكومة ودور الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية ذات الشخصية المعنوية، وذكرنا أن ما يُدفع كاشتراكات في صندوق التقاعد هو ملك الموظف يستفيد منه بعد تقاعده، في حين أن مدة الخدمة، وما يقابلها من مكافآت هي التزام حكومي طبقاً للمادة (169) من قانون رقم (8) لسنة 2009 بشأن إدارة الموارد البشرية، وتدفعه الحكومة للشخص عند تقاعده، ولكننا وجدنا عند تعديل القوانين وبخاصة إدخال المادة (23) مكرر على قانون التقاعد، أن الحكومة قامت بوضع يدها على العشرين سنة الأولى من عمل المواطن، وحرمته من الحصول على حقوقه المثبتة بالقوانين، وما عملته الحكومة من تعديل في القوانين يخالف روح الدستور القطري، وبخاصة ما ذكر بأن أي تعديلات "يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن"، وذكرنا أنه ليس من الإنصاف ولا من العدالة أن تتم مصادرة مكافأة نهاية الخدمة، والقضاء القطري أيد هذه الحقوق للمواطن وأصدر أحكاماً تؤيد أن حقوق المواطن قد انتهكت، وأن الحكومة ملزمة بدفع مكافأة نهاية الخدمة. وفي المقالة الثالثة "المتقاعدون وبدل السكن" (انظر الشرق 12/7/2020)، ذكرنا أن إلغاء بدل السكن هو من الأمور الصعبة التي تواجه المتقاعد، فهو يخسر من جهة البدل النقدي لمواجهة مصروفات البيت المتعاظمة بسبب الغلاء الفاحش، ومن جهة أخرى يستمر في دفع أقساط قرض البيت بفوائدها، من معاشه التقاعدي "المنتف"، وذكرنا أن الطامة الكبرى تقع على الموظف المستفيد من نظام الإسكان الحكومي، فإنه تطلب منه المغادرة من مسكنه ليبحث له عن مسكن بالإيجار، وبه سيضطر إلى دفع الإيجار من معاشه المتواضع الذي يستلمه بعد التقاعد، والذي يقدر بأكثر من 50 % من المعاش، وذكرنا أنه من حق المواطن على الحكومة، وليس على صندوق المعاشات، أن تكرمه بعد تلك السنوات الطوال من العطاء، وأن تقول له "هذا تكريم لك بعد أن تقدمت في السن". بالرجوع لموقع الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية في الإنترنت وجدنا أن هدفها هو "تأمين الحياة الكريمة لأصحاب المعاش والمستحقين عنهم"، ولكنها لا تملك القدرة، ولا القوة القانونية، لتحقيق ذلك الهدف النبيل، فكل المواد القانونية التي كانت تعطيها القوة تم إلغاؤها بالمرسوم بقانون رقم (18) لسنة 2009 بشأن إلغاء بعض القوانين، فالهيئة قد تم تجريدها حتى من اقتراح زيادة المعاشات، وأيضاً جُردت من إمكانية منح معاشات استثنائية، أو زيادة كل أو بعض المعاشات المستحقة، وبه أصبحت الهيئة فقط مشرفاً على صندوق تلقي الاشتراكات، ومشرفاً على دفع المعاشات الشهرية، يعني بعبارة أخرى لا تنتظروا يا متقاعدون أي خير يأتيكم من الهيئة بصفتها الحالية. وهنا يبرز السؤال الاستفساري الموجه للحكومة: لماذا قامت الدولة بضخ المليارات لمساعدة القطاع المصرفي (مثلما حدث في 2008) وفرض تأجيل الأقساط وفوائدها للشركات القطرية (مثلما حدث في فترة كورونا)؟ طبعاً سيكون الجواب هو أنه تم الدفع كمحفزات مالية واقتصادية، ولتوفير كافة سبل الدعم الممكنة للقطاع الخاص، ولإنعاش الاقتصاد المحلي، وحمايته من تبعات الأزمة المالية، وفيروس كورونا. يعني كل الدعم كان موجهاً للشركات لتوفير المواد التي يرغب فيها جمهور المستهلكين، وهذا شيء طيب، لكن هذا الجمهور الاستهلاكي، ولنقص السيولة النقدية لديه، قام باتجاه معاكس لما تريده الدولة، فأصبح لا ينفق إلا على المواد الضرورية، مما أدى لحالة من الانكماش والكساد الذي لم يسلم منه أي قطاع من القطاعات المختلفة، لأن الشخص وببساطة لا يجد النقود التي يشتري بها السلع، أما لو تم الدفع للمواطنين، بأي شكل من الأشكال، عندها يستطيع هذا المواطن القيام بالشراء، يعني أن المواطن سيسلم هذه المبالغ للشركات مقابل السلع والخدمات، وهذه بدورها ستذهب للبنك من خلال الشركات، وبه تتحقق دورة كاملة لرأس المال، وسوف يستفيد الجميع من مواطنين وتجار وبنوك. الدول الغربية، وأمريكا، وكندا، وحتى دول آسيوية، فهموا هذه الحقيقة، لهذا نجدهم في فترة أزمة كورونا، وحتى يحافظوا على اقتصادهم من الانكماش، كانوا يرسلون أموال الدعم للأفراد، لكل شخص، أو لكل أسرة. وفي الختام نقول إن المتقاعد الذي تآكل معاشه بالزمن، أو بغلاء المعيشة، لن يساهم في الاقتصاد لأنه لا يجد شيئاً من أرزاق يستطيع الإنفاق منها، وسيعاني الاقتصاد من الكساد الذي سيؤثر سلباً على كل الأنشطة، وحتى تكتمل الدورة الاقتصادية، وتكتمل معها دورة رأس المال، فمن المهم أن تمد الحكومة يدها للمتقاعد حتى يستطيع هذا المتقاعد أن يمد يده لرفع شأن الاقتصاد المحلي، وكلكم تعلمون أن المواطن لن يرسل أمواله للخارج بل سينفقها محلياً، يعني ما فيه شيء ضائع. والله من وراء القصد،، m.kubaisi@gmail.com
10072
| 26 يوليو 2020
عندما تدخل أي مجلس من مجالس أهل قطر ستسمع شكاوي المتقاعدين عما يكابدونه من مشقات المعيشة، ويتصدر شكاويهم بدل السكن الذي أخذ ممن أفنوا حياتهم في خدمة الوطن والمواطن. إن بدل طبيعة السكن هو أمر جوهري لا يمكن للمتقاعدين التجاوز عنه لأنه من الأمور المهمة التي يستفيد منها الموظف حيث تغطي جزءاً كبيراً من أقساط قرض الإسكان، وبعض مصروفات البيت، ولكن ما أن يحال الموظف للتقاعد يسقط عنه بدل السكن، وبه تصبح المصيبة مصيبتين، فهو يخسر من جهة البدل النقدي لمواجهة مصروفات البيت المتعاظمة بسبب الغلاء الفاحش، ومن جهة أخرى يستمر في دفع أقساط قرض البيت بفوائدها. أما المشكلة الكبرى فهي إذا كان الموظف من المستفيدين بنظام الإسكان الحكومي، فإنه يطلب منه المغادرة من مسكنه ليبحث له عن مسكن بالإيجار، وبه سيضطر إلى دفع الإيجار من معاشه الذي يستلمه بعد التقاعد. وهذا، بعبارة أخرى، عليه أن يدفع، في أحسن الحالات، ما لا يقل عن نصف الراتب. إنه ليس من المنطق أن تنزع من الموظف حقوقه التي هي حق مكتسب لما بذله من جهد متواصل طيلة فترة عمله بمجرد إحالته للتقاعد، صحيح أن قانون رقم (24) لسنة 2002م بشأن التقاعد والمعاشات عرف في المادة (1) أن الراتب الأساسي: بأنه الراتب الذي كان يتقاضاه الموظف أو العامل عند إحالته للتقاعد، المحدد بجدول الرواتب الخاضع له، ولا يشمل البدلات والمخصصات والتعويضات أيا كان نوعها، ونحن بدورنا لا نختلف مع القانون عندما حدد أن لا يشتمل الراتب الأساسي على بدل طبيعة العمل، لأن هذا البدل مرتبط بأداء العمل، ويجب أن يكون الموظف على رأس عمله حتى يستحقه، أما أن يشمل التعريف على إلغاء بدل السكن، فإني أرى أن هذا يجر نوعا من أنواع الظلم على المواطن. من حق المواطن أن تكرمه الدولة بعد السنوات الطوال من العطاء، ومن حق المواطن كما نصت عليه المادة (34) من الدستور أن تساويه مع الآخرين في الحقوق والواجبات العامة. إن هذا المتقاعد كان يسكن في منزل يضم العائلة، وهذا السكن، كما هو معروف، يتطلب مصاريف كبيرة، وكانت علاوة السكن تغطي الشيء الكبير من هذه المصاريف في ظل الغلاء التي تمر به الأسواق المحلية، وليس من المنطقي إلغاء بدل السكن بمجرد إحالة المواطن إلى التقاعد. إن علاوة السكن هي من حق المواطن الذي بذل الكثير هو وغيره لإيصال البلاد على ما هي عليه من التقدم والرقي. إنه ليس من العدل والإنصاف أن يتوقف بدل السكن مع خروج الموظف من وظيفته بالتقاعد، علماً بأن نفس المواطن يستمر في دفع قرض الإسكان الحكومي الذي لا يسقط عنه بعد التقاعد. إن تقاعد المواطن عن وظيفته لا يعني أن الالتزامات الأسرية والحياتية المختلفة قد انتهت بل زادت، لأن الموظف يخسر جزءاً ليس بيسير من راتبه، بالإضافة إلى خسرانه بدل السكن. ولهذا نجد أن هناك فجوة بين الراتب ومستحقات ما بعد التقاعد وبه تنقلب حياة المتقاعد رأساً على عقب. ولكن، ومع ذلك، نجد المتقاعد مجبرا على قبول المعاش الذي يصرف له من صندوق التقاعد، مع أنه بحاجة إلى الكثير ليقابل المصاريف المحتملة. إننا لا نطالب هيئة المعاشات والتقاعد بصرف بدل السكن للمتقاعد حتى لا ندخل في مسألة الاشتراكات المتأخرة المتعلقة ببدل السكن، وطرق تسديدها، والتي يعجز المتقاعد على الوفاء بها لقلة ذات اليد، ولكننا أرى أن تكرم الدولة هذا المواطن المتقاعد الذي عمل لديها في سنين شبابه حتى بلغ من الكبر عتياً وأحيل للتقاعد. إن كثيرا من الدول مثل السويد وفنلندا ألمانيا وغيرها، تمنح المتقاعد، وبالأخص أصحاب المعاشات المنخفضة، بدل سكن من الدولة لتعويض المواطن المتقاعد عما يكابده من غلاء المعيشة. وفي الختام نقول: إن منح الدولة بدل السكن للمتقاعدين يمثل بالنسبة لهم تكريماً معنوياً ومادياً، وفي الوقت نفسه، سيدعمهم لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تتفاقم يوماً بعد يوم. والله من وراء القصد،، m.kubaisi@gmail.com
17703
| 12 يوليو 2020
في البداية يجب التفريق بين الحكومة والهيئة العامة للتقاعد والمعاشات. لقد حددت المادة (2) بالقرار الأميري رقم (38) لسنة 2014 بشأن الهيئة بأنها لها شخصية معنوية. والشخصية المعنوية هي التي يريد المشرع أن يعترف بها، ويعطيها الحق في ممارسة كافة أنواع التصرفات القانونية في التعامل، وفي اكتساب الحقوق، وتحمل الالتزامات، وطبعاً، بهذا الوضع، يكون لها ذمة مالية مستقلة، أما الحكومة فهي المسئولة عن "تنفيذ" السياسات والقواعد التي تصدر من السلطة التشريعية، ويحدد عملها ما ورد في الدستور من مواد. لقد ذكرت مادة (5) من قانون (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات ما يلي: "تستقطع نسبة (5 %) خمسة في المائة من راتب الموظف أو العامل، وتتحمل جهة العمل ضعف هذه النسبة". وواضح من هذه المادة أن تلك النسب تخرج من الموظف والحكومة إلى صندوق التقاعد لصالح الموظف عند تقاعده، وبهذا فلا تملك الحكومة أن تضع يدها على تلك الأموال بشكل مباشر، أو غير مباشر، لأن تلك الأموال أصبح لها خصوصية. ولهذا نجد أن المادة (23) وتعديلاتها من نفس القانون ذكرت "إذا لم تتوافر في الموظف أو العامل شروط استحقاق المعاش، ترد إليه اشتراكاته التي سددها عن مدة خدمته وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون، بالإضافة إلى تحمل جهة العمل مكافأة نهاية الخدمة المقررة له". وهذه المادة تثبت بأن المبالغ المودعة هي ملك للموظف وليس للحكومة، ولهذا وردت كلمة "اشتراكاته" بصفة الخصوص وليس الاشتراكات بصفة العموم، وفي نفس الوقت أضافت المادة إلى تحمل جهة العمل مكافأة نهاية الخدمة. أي أن مكافأة نهاية الخدمة لا تصرف من هيئة التقاعد والمعاشات ولكن من جهة عمله، وفي هذا فصل كامل لمكافأة نهاية الخدمة عن هيئة التقاعد. وبالرجوع إلى المادة (169) من قانون رقم (8) لسنة 2009 بشأن إدارة الموارد البشرية نجد أن المشرع حدد "استحقاق الموظف القطري الذي أمضى في خدمة الجهة الحكومية سنة على الأقل، مكافأة نهاية خدمة، تحسب كما يلي: 1. راتب شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس الأولى. 2. راتب شهر ونصف عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس التالية. 3. راتب شهرين عن كل سنة مما زاد على ذلك. ويعتبر آخر راتب تقاضاه الموظف أساساً لحساب هذه المكافأة. ولكن لا نعلم لماذا أضاف المشرع في هذه المادة النص التالي "ويشترط لاستحقاق الموظف لهذه المكافأة ألا يكون مستحقاً لمعاش وفقاً لأحكام قانون التقاعد والمعاشات". هذه المادة أدخلها المشرع لتكون للحكومة اليد العليا على المعاشات، والتي هي تختلف عن المكافأة، مع أن المعاش قد تم اقتطاعه من راتب الموظف في فترة عمله. وحتى يكون لنا إلمام كامل بالموضوع فلا بد من الرجوع إلى قانون التقاعد قبل التعديل. بعد البحث في مواد القانون (انظر قانون رقم (24) لسنة 2002 قبل التعديل) لم نجد أي نص يحرم المتقاعد من حساب مكافأة نهاية الخدمة، وهذا هو الوضع الطبيعي لأن المعاش والمكافأة هما صنفان غير متشابهين وغير مرتبطين مع بعضهما البعض، لأن الأول هو حق للموظف المتقاعد لأنه استحقه من استقطاع راتبه طيلة فترة خدمته، والثاني هو حق للموظف من جراء عمله في جهة العمل. ولأن ذلك نتيجته ستكون خروج أموال كثيرة من خزينة الحكومة لصالح المواطنين، فقررت الحكومة تعديل قانون التقاعد وقامت بإدراج مادة مكررة على قانون 2002 (على حسب ما جاء بقانون رقم (33) لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات) والتي جاءت كالتالي: مادة (23) مكرر "لا يجوز للموظف أو العامل الجمع بين المعاش المستحق طبقاً لهذا القانون ومكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها في القوانين" ولم تكتف المادة بذلك بل أضافت "ويستحق الموظف أو العامل الذي تزيد مدة خدمته الفعلية على عشرين سنة مكافأة نهاية خدمة تتحمله جهة عمله". وبالنظر إلى هذه المادة نجد أنه تم ابتكار مادة مكررة لحجب حقوق المتقاعد، وفي نفس الوقت، فإن المشرع لم ينكر هذا الحق. ففي الشطر الثاني لم ينص صراحة على خصم مكافأة نهاية الخدمة بفترة العشرين سنة الأولى من فترة عمل المواطن، بل وضع العشرين سنة كفترة لاستحقاق الموظف للمكافأة. هذه النقطة استفاد منها المواطنون في رفع قضايا على جهات العمل مطالبين بالمكافأة، وفعلاً أنصفهم القضاء، وصدرت أحكام لصالح المواطنين بإجبار جهات العمل على صرف كامل المستحقات. ولكن استطاعت جهات العمل، عن طريق إدارة قضايا الدولة بوزارة العدل، إيقاف تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح المواطنين. الملاحظة الأخرى في مثل هذه القوانين أنها خالفت روح الدستور القطري فالدستور في المادة (143) منعت الحكومة من تغيير القوانين واللوائح الصادرة قبل العمل بالدستور ما لم يجر تعديلها وفقاً لأحكامه. ومن أحكام الدستور ما ورد بالمادة (146) التي تنص على أن "الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات العامة لا يجوز طلب تعديلها إلا في الحدود التي يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن". صحيح أن النص يركز على الحقوق والحريات الواردة بالدستور، ولكن الذي يهمنا هو ما ورد في الشق الثاني من المادة وهو أن التعديلات "يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن". وهذا النص أحرى أن يطبق على جميع القوانين التي ستعدل لاحقاً. نقطة أخرى قبل الختام نريد إيضاح لماذا بعض المواطنين العاملين في القطاع الخاص ليس لهم الحق في مكافأة نهاية الخدمة بينما غير المواطنين يتمتعون بها؟ وفي الختام نقول إن الدستور في المادة (30) يقول بأن العلاقة بين العمال وأرباب العمل أساسها العدالة الاجتماعية. وينظمها القانون. ونحن نقول أين هي العلاقة التي أساسها العدالة الاجتماعية؟ إنه ليس من الإنصاف ولا من العدالة أن تتم مصادرة مكافأة نهاية الخدمة. أتمنى من الجهات المختصة ألا تنسوا الرجال الذين خدموا البلاد، ولا يزالون يقفون صفاً واحداً مع قطر في كل قرار تتخذه. والله من وراء القصد،، m.kubaisi@gmail.com
25903
| 28 يونيو 2020
ذهبت مع أم العيال لجمعية الميرة، التي تقع في الفريج، وقمنا باختيار بعض الأغراض من الرفوف العديدة، وعند خروجنا رأينا الطوابير ما شاء الله طويلة جداً ورأينا كاونتر به عدد قليل من البشر فتوجهنا صوبه فطلع الكاونتر أنه مخصص للذين لديهم أصناف لا تتعدى العشرة، نظرت إلى العربة وفعلاً كان بها عدد أقل من عشرة أصناف. وبعد انتهاء المحاسب من جرد ما تحتويه العربة قال الحساب 370 ريالاً، قلت له يا أخي الرجاء مراجعة الفاتورة فربما إصبعك أخطأ في تسجيل أسعار البضاعة وسجل مبلغاً أكثر مما هو مطلوب، فأعاد المحاسب عملية الحساب وطلع نفس المبلغ، دفعت المبلغ من غير نفس وغادرت جمعية الميرة للمنزل وجلست أتساءل: إذا الريال القطري يرتبط بالدولار الأمريكي بسعر ثابت منذ عام 1980 فكيف تنخفض قيمته؟ وما الآثار المترتبة على ذلك؟. غالباً ما تفقد العملة المحلية قيمتها، كما يحدث في جميع دول العالم، بسبب التضخم الذي يؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار عما كانت عليه في فترة سابقة، والتضخم في دولة قطر يأتي من عدة أسباب، إما تضخم بسبب زيادة الطلب الكلي أو تضخم مستورد عن طريق ارتفاع أسعار الواردات ولا ننسى التذبذب في أسعار الدولار في الأسواق العالمية. ويقاس معدل التضخم السنوي بمعدل التغير السنوي لمؤشر أسعار المستهلك، والتضخم هو الذي يؤدي إلى أن العملة تشتري كمية أقل من السلع والخدمات، فعلى سبيل المثال إنه إذا قام شخص بأخذ وحدة العملة إلى متجر في الخمسينيات، فمن المحتمل أنه سيتمكن من شراء عدد أكبر من العناصر عما هو عليه الحال اليوم، والحكومة ولمعرفتها الكاملة بالتضخم وارتفاع الأسعار فقد قامت بحماية موظفيها عن طريق العلاوة الدورية أو ما يسمى بالزيادة السنوية وحتى هذه الزيادة السنوية هي أقل من نسبة التضخم السنوية، يعني حتى الموظف يخسر في القيمة الشرائية لراتبه الشهري، لكن وللأسف أن الحكومة لم تقم حتى الآن بتصليح أوضاع المتقاعدين، فالمتقاعد يستلم معاشاً أو راتباً ثابتاً منذ لحظة توديعه للوظيفة الحكومية فلا زيادة ولا أي تقدير أياً كان شكله، وهذا المعاش يتعرض للتآكل بسبب التضخم المستمر وما ينتج عنه من زيادة الأسعار، ولن أعطي أمثلة عن زيادة الأسعار ولكن قارنوا بين أسعار المواد الاستهلاكية المختلفة الآن وأسعارها من سنة مضت، إن وجود ثبات في المعاش ويقابله ارتفاع مستوى المعيشة فإن هذا الأمر سيؤثر على مجمل الاقتصاد القطري، لأنه سيؤدي إلى انخفاض في القدرة الشرائية لهذا المعاش والحمد لله أن دولة قطر قد أرجأت تطبيق ضريبة القيمة المضافة المقررة بنسبة 5 % من السعر الأساسي فلو كانت الضريبة معمولا بها ومعدل التضخم السنوي الإجمالي البالغ 3 % وزيادة الأسعار التي يفرضها التجار لأصبح الكثير من المتقاعدين يعيشون عيشة الكفاف لعدم كفاية رواتبهم لتوفير الحد الأدنى من متطلبات المعيشة. وبما أننا نتكلم عن المتقاعدين قبل وبعد قانون التقاعد فإن من تقاعد قبل القانون فهو في وضع أصعب بكثير من إخوانه الذين تقاعدوا في ظل القانون. ولقد أحسنت الأردن عندما وجهت مؤسسة الضمان الاجتماعي لربط رواتب المتقاعدين بالتضخم، إن هذا القرار يعتبر منصفاً لأنه كفل للمتقاعدين زيادة سنوية على المعاش تغطي ما قد يطرأ من زيادة على أسعار السلع والخدمات. وفي الختام نقول إن معاشات المتقاعدين قد تآكلت بسبب التضخم وزيادة الأسعار بما يعادل نسبته أكثر من 30 % وإن الخطوة الصحيحة لتصحيح الأوضاع هو زيادة المعاشات التقاعدية بنسبة التضخم، إنه ليس من العدل والإنصاف أن يخسر المتقاعد الذي استحق التقاعد بموجب الأنظمة والقوانين المعمول بها جزءاً كبيراً من معاشه التقاعدي، ويجب ألا يخضع تبني مثل هذا القرار لبعض الآراء والأمزجة وبحجج عدم توافر ذلك في الميزانيات أو عدم وجود مصادر تمويل لها، فالبلاد في خير كثير، إن الزيادة السنوية في معاشات المتقاعدين هو حق مكتسب لمن خدم البلاد سنين عديدة وطلب منه الترجل ليحل غيره في خدمة البلاد ويجب ألا ننسى في كل الأحوال أن الزيادة السنوية ستعزز القوة الشرائية للمواطنين مما سينعش الاقتصاد ككل. والله من وراء القصد. m.kubaisi@gmail.com
16129
| 07 يونيو 2020
نشرت جريدة الشرق، بتاريخ 6/2/2020، جزءاً من تقرير صندوق النقد الدولي عن مستقبل النفط والاستدامة المالية يشيد فيه الصندوق بالإجراءات التي تنفذها دول مجلس التعاون الخليجي لتنويع اقتصاداتها لتقليل اعتمادها على النفط. وفي تاريخ 7/2/2020 نشرت جريدة الشرق تحذير الصندوق لدول الخليج العربي من أنها سترى ثرواتها تتلاشى خلال 15 عاماً، مع تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار، وذلك إذا لم تقم بإجراءات أكثر صرامة لإصلاح اقتصاداتها. ويقصد الصندوق بالإجراءات الأكثر صرامة، هو قيام الدول الخليجية "بتكثيف جهودها لزيادة الإيرادات المالية غير النفطية (يعني زيادة الرسوم والضرائب)، والحد من الإنفاق الحكومي، وإعطاء الأولوية للادخار المالي عندما تكون العائدات الاقتصادية على الاستثمارات العامة الإضافية منخفضة" (يعني أكثر تقشفا). وحذر الصندوق من أن تسريع تنويع الاقتصاد لن يكون كافيا، مؤكدا أن العملية يجب أن يرافقها خفض في الإنفاق الحكومي، وفرض ضرائب بشكل موسع. عجيب أمر هذا الصندوق، فهو يدعي أن من أهم أهدافه هو مساعدة الدول النامية والفقيرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وإعطائها القروض التي تعينها على تخطي أزماتها المالية، ومشكلاتها الاقتصادية، ولكنه في الحقيقة يجر تلك الدول حتى تقترض منه، ومن ثم يجعلها تحت هيمنته الكاملة، والقيام على ابتزازها، والعمل على مص ثرواتها. ولقد صدق الشعب الأرجنتيني عندما أطلق مسمى "صندوق الشيطان" على صندوق النقد الدولي، لأن هذه التسمية فعلاً لم تأت من فراغ. ألا يعلم القائمون على الصندوق أن تخفيض الرواتب، وفرض الرسوم والضرائب، بشكل موسع سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما سيرفع نسبة التضخم. ومن المعروف أنه متى ما ارتفعت نسبة التضخم فإن القيمة الشرائية للعملة المحلية ستقل، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى مشاكل لا حصر لها، وبخاصة أمام محدودي الدخل. ففرض الضرائب وزيادة الرسوم ستؤدي إلى رفع الأسعار، ومن ثم إلى تقليل الدخل الشخصي المتاح لدى الأفراد، وهذا يعني انخفاض قدرة الشخص على الاستهلاك، أو تآكل مدخراته، مما سيقلل الطلب الكلي على السلع والخدمات. وللأسف نجد أن دول الخليج الأخرى، مع أنها ليست في حاجة للاقتراض من صندوق الشيطان، إلا أنها انساقت لتعليماته، فقامت برفع الدعم عن بعض السلع الأساسية. فعندما قامت دولة قطر برفع سعر النفط الخام المغذي لمصفاة النفط، قامت مؤسسة قطر للبترول برفع المشتقات على شركة وقود، وبدورها قامت وقود برفع المشتقات البترولية على المستهلكين، وعلى إثر ذلك زادت أسعار السلع والخدمات. وهناك فئة من الناس الله يعلم بحالهم، بحيث إنه في نهاية الشهر ينفد راتبه، ولا يبقى لديه شيء. وعليه، وتبعاً لهذه السياسة، فالغني (التاجر) سيزداد غنىً والفقير (المستهلك) سيزداد فقراً. هذا نوع واحد من "الإصلاحات" التي يلزم بها الصندوق دول الخليج، فما بالك بأنواع الضرائب الأخرى والعديدة التي يطالب بتطبيقها. بل والأصعب من ذلك، فإن الصندوق يطالب الدول الخليجية بتخفيض قيمة الرواتب العامة، التي يرى أنها مرتفعة بالمقارنة مع المعايير الدولية. ومع أن دولة قطر استجابت لمطالب الصندوق بإصدار قانون ضريبة القيمة المضافة، ولكنها فعلت خيراً كبيراً بأنها أرجأت العمل به، في حين أن دول الخليج الأخرى أصدرته وطبقته، مما جعلت شعوبها تعاني الأمرين وخلت أسواقها من المرتادين، وأصبح إعلان الإفلاس للعديد من شركاتها أمراً طبيعياً، وأصبحت البيئة الاستثمارية لديها بيئة طاردة للمستثمر المحلي أو الأجنبي. وخيراً فعل مهاتير محمد عندما رفض مساعدة صندوق النقد الدولي لتخطي الأزمة المالية التي عرفت بأزمة النمور الآسيوية. لقد حاول الصندوق، بكل الطرق، إقناع ماليزيا للاستجابة لتوصياته، ولكن ماليزيا رفضت رفضاً قاطعاً الاستجابة لما يملونه عليها. ولهذا وجدنا، بهذه السياسة، أن ماليزيا خرجت بأقل الخسائر مقارنة بدول أخرى مثل الفلبين، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا. وكنت، في نهاية التسعينات، قد دعوت المبجل مهاتير محمد للاجتماع مع بعض رجال الأعمال القطريين، وفي فندق إنتركونتيننتال، وقبل الاجتماع، كنت أرتب معه بعض الموضوعات التي سيناقشها، فسألته: لماذا لم تقبل مساعدة صندوق النقد الدولي؟ فرد قائلاً "إن الصندوق ليس مؤسسة عالمية بمعنى الكلمة لأنه يخضع لسيطرة وهيمنة دول معينة، ومن ثم فإن توجهه يخدم، في المقام الأول، مصلحة تلك الدول. وكما هو معروف أن المقترض يخضع للمقرض". لقد تتبعت العديد من أعمال الصندوق، ووجدته قد تسبب بإفلاس الكثير من الدول، مما ضاعف، وبشكل كبير، أعداد الفقراء فيها، عن طريق إجبارها برفع الدعم عن السلع الأساسية، كالخبز مثلاً، بل نال من حجم الإنفاق الحكومي على التعليم والصحة، وفرض الضرائب، وقام بتحويل مؤسسات وشركات القطاع العام إلى القطاع الخاص، وأصبح هم المواطن في تلك الدول هو الحصول على الغذاء والتعليم، وأن يكون بصحة حتى لا يدفع تكاليف العلاج. وفي الختام نرى أن الدول التي لجأت إلى صندوق النقد الدولي، أو استمعت لنصائحه، لم يحدث فيها لا نمو ولا ازدهار، بل على العكس قد زادت مديونيتها، "وغرقت في مستنقع الفقر أكثر وأكثر". والأكثر خطورة أننا نجد الصندوق أصبح له اليد الطولى في إدارة اقتصاد أي بلد دخل فيه، بما فيها موارده المالية. لقد نجح مهاتير محمد في إدارة أزمة الاقتصاد الماليزي بعيداً عن الصندوق، ونجح بتحويل ماليزيا إلى عملاق اقتصادي دون الحاجة إلى سماع توصيات الصندوق المدمرة. ونحن بدورنا نقول اتقوا الله في عباد الله، ولا تحملوهم ما لا يطاق ولا يحتمل، فالمعيشة صعبة، والأسعار نار، والموارد قد جفت منابعها، وما لنا سوى هذا الراتب المحسودين عليه، والذي يناله القطع والتفتيت من اليمين والشمال. إننا نناجي رب العالمين أن يزيح هذا الكابوس الجاثم فوق صدور، وقلوب المواطنين والمقيمين. والله من وراء القصد ،، m.kubaisi@gmail.com
6375
| 23 فبراير 2020
وافق مجلس الوزراء في اجتماعه العادي، المنعقد في 1/9/2010، على قانون توطين الوظائف في القطاعين العام والخاص. وكالعادة، انفردت جريدة الشرق بنشر ملامح مشروع هذا القانون، والذي تسري أحكامه على الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، والهيئات والمؤسسات العامة، والقطاعين الخاص والمشترك. وتضمن مشروع القانون تشكيل لجنتين، إحداهما تسمى لجنة التظلمات، والأخرى تسمى اللجنة الدائمة لتوطين الوظائف، وهي التي سيناط بها وضع الاستراتيجيات. وركز مشروع القانون على تلبية احتياجات سوق العمل في وظائف مختارة من المواطنين والمواطنات. وحدد القانون نسبة التوطين في تلك الجهات بأنها لا تقل (بل قد تزيد) على 20 % من مجموع العمالة (باستثناء العمالة غير الماهرة). وأكد مشروع القانون على مساهمة القطاعين الحكومي والخاص في تبني ابتعاث القطريين وفق التخصصات التي يحتاجها خلال عدة سنوات قادمة. واقترح مشروع القانون الزام الجهات المختلفة بابتعاث القطريين للدراسات العليا والتخصصات الفنية حتى يكونوا مؤهلين لشغل الوظائف المتاحة بتلك الجهات. أما الذين لم يستكملوا دراستهم فيشجع القانون على ضرورة استكمال دراستهم، وتشغيلهم بوظائف مناسبة لهم. ويقترح المشروع تدريب وتأهيل الفائضين عن حاجة العمل في أية جهة حكومية، أو من انتهت صلتهم بالعمل لأي سبب من الأسباب. وأبرز القانون أن نسبة التوطين المطلوبة ستكون إلزامية على جميع القطاعات من خلال استراتيجية واضحة ومقننة. وستطبق على الجهات التي لا تلتزم بتطبيق النسب التي يحددها مجلس الوزراء لتقطير الوظائف عقوبات وغرامات مالية قد تصل في حدها الأعلى إلى 100 ألف ريال قطري، وتضاعف العقوبة في حال التكرار. ولضمان ذلك فقد منح القانون بعض الموظفين صفة الضبط القضائي لضبط وإثبات ما يقع من مخالفات لأحكام القانون فيما يتعلق بتوطين الوظائف، وتأمين فرص العمل للمواطنين. وخول القانون هؤلاء الموظفين دخول المنشآت الخاصة، وتفتيشها، والاطلاع على مستنداتها وسجلاتها الوظيفية، والوقوف على إجراءات التشغيل والاستقدام قبل إعداد تقارير نهائية توضح على وجه الدقة جهود هذه المؤسسات في توطين الوظائف. والمشروع يهدف بشكل أساسي إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة المواطنين عبر توظيفهم والاستفادة منهم في مختلف الجهات. المهم في الموضوع، أنه بعد الموافقة على مشروع القانون من مجلس الوزراء، تم تكليف كل وزير بقراءته، وابداء الملاحظات عليه، لإجراء أي تعديلات يحتاجها المشروع. وما أن علم بعض المنتفعين بمشروع قانون توطين الوظائف حتى عملوا جهدهم على اختفائه من على أجندة الوزراء وطمس معالمه. يعني أن المشروع قتل وتم دفنه قبل أن يتشكل ويولد. ومن هنا بدأت بعض المصطلحات تخرج على السطح مثل بأن المواطنين غير مؤهلين، وأن القطري غير ملتزم، وأنه لا يملك من الخبرة أي شيء. والخطر الذي علمه المستشارون من المشروع، بأنه يهدف إلى توطين الوظائف التخصصية، وغير التخصصية بالدولة، والعمل على إنهاء خدمات بعض الموظفين غير القطريين الذين يشغلون الوظائف الحساسة مثل المستشارين والقانونيين وإدارة الأعمال والحاسب الآلي والوظائف غير التخصصية (الكتابية والإدارية) وهذا يعني الاستغناء عن خدماتهم، وخدمات أقربائهم. والسؤال المهم: هل نحن بحاجة لقانون توطين الوظائف؟ الصراحة نحن في حاجة إلى رجال مخلصين لديهم الحس الوطني أكثر مما نحن في حاجة لقانون. فمثلاً عندما استلم سعادة السيد علي شريف العمادي منصب الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني وجد أن الفئة الغالبة من موظفي البنك هم من الجنسية الشرق أوسطية والآسيوية. فقام بفتح عملية التعيين للمواطنين وأصبح على بعض الوظائف اثنان احدهما قطري، والآخر غير قطري. وطلب من غير القطري تدريب القطري، وأعطيت مهلة زمنية للقيام بذلك، مع اشعار غير القطري بانتهاء عقده بعد مدة زمنية محددة. وأمر البنك بتطبيق نظام الجودة الوظيفية التي تعالج سلبيات عدم الانضباط، والاستهتار. وفي نفس الوقت، قام بالاهتمام بالورش العملية والتدريب الميداني لتحسين مستوى أداء الجميع، وشملت هذه حتى المديرين أنفسهم. ولم يكتف بذلك، فقد أدخل نظام التدريب المستمر لتنمية قدرات الموظفين. وبعد أن تمكن من رفع قدرة الشباب، وتمكينهم من ممارسة أعمالهم بشكل أكثر سلاسة، قام بعملية إنهاء عقود الكثير من الموظفين غير القطريين. إن ما قام به سعادة علي شريف العمادي وغيره من المخلصين لهو المطلوب على مستوى الدولة، وفي جميع القطاعات، العام منها والخاص. وفي الختام نقول إن وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية حاولت تطبيق فكرة توطين الوظائف بمجهود ذاتي، ولكنها فشلت حتى الآن، وسبب الفشل يعود إلى أن توصيف الوظائف لم ينجز بعد، وأن الوزارة ليست لها أمر على بعض الجهات التوظيفية المهمة، وأن جهات أخرى قامت بالتحايل على إجراءات الوزارة بالتعاقد مع غير المواطنين بنظام العمل الجزئي، او الراتب المقطوع. إننا نعلم أن مشروع قانون توطين الوظائف لم يناقش في مجلس الوزراء إلا بعد قناعة من قيادة الدولة بأن القطري لديه القدرة الفعالة والإمكانية لتولي أية وظيفة، وان المشروع كان يهدف للقضاء على البطالة، ومن ثم تشجيع الشباب على الزواج، وتكوين أسرة، وهذا كله يعمل على النهوض بالاقتصاد الوطني وبمرافق الدولة ككل. إنه ليس عيباً أن نأخذ الخبرة بالاستعانة من أشخاص وافدين لفترة معينة بهدف اقتباس الخبرة، بشرط أن يكتب في عقد الوافد بند ينص على تدريب القطري، ولكن العيب أن تمر العشرات من السنين والبلد لا يزال يدار بأيدي عمالة وافدة. إن العمالة الوافدة في قطر، حسب الاحصائيات الدولية، تقدر بحوالي 94 % ألا نستطيع بجهود المواطنين المخلصين أن نجعلها 80 % ونترك فرصة للعاطلين من المواطنين أن يزاولوا الأعمال في بلادهم؟ والله من وراء القصد. m.kubaisi@gmail.com
8625
| 05 يناير 2020
قامت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، في 2/11/2019، بالإعلان أنها قد طرحت 4500 وظيفة جديدة في القطاعين الحكومي والخاص للمواطنين، وتمّ توظيف 1400 باحث عن العمل، وتبقت 3100 وظيفة شاغرة حتى انتهاء السنة المالية الحالية. وأعلنت، في 21/11/2019، أنها تعكف قبل نهاية العام الجاري على استكمال تعيين الباحثين عن عمل في الوظائف المتاحة على نظام التوظيف وعددها 3273 وظيفة (انظر جريدة الشرق). وعند البحث عن عدد العاطلين نجد أنهم وصلوا في 2018، حوالي 7520 منهم 1870 من الذكور و5650 من الإناث (كانت أعداد العاطلين، في 2017، حوالي 2480). أي أن نسبة البطالة وصلت في قطر إلى 2.6 % من مجموع السكان القطريين. بجانب ذلك فإن هنالك حوالي 15 ألفا من المواطنين من فئة المتقاعدين. ويجب ألا ننسى أن جامعة قطر قد قامت في أكتوبر 2019 بتخريج 3220 خريجا منهم 752 من الذكور و2468 من الإناث، وهذا يعني أن هناك أعداداً أكبر ستضاف إلى العاطلين عن العمل. أما ما يتعلق بالقوى العاملة في قطر، فقد وصلت أعدادها، في 2019، إلى أكثر من 2.15 مليون، منهم 108 آلاف فقط من القطريين (69 ألفا من الذكور و39 ألفا من الإناث). أي أن نسبة العمالة القطرية لا تتجاوز 5 % من المجموع العام. ولو نضيف العمالة الوافدة التي وصلت حديثاً ولم يتم تسجيلها حتى الآن في السجلات الرسمية (تقدر بحوالي 670 ألفا) لأصبحت النسبة المئوية للعمالة القطرية أقل من ذلك بكثير. وكنت أتوقع أن تقوم الوزارة، بعد معرفة الواقع، بشحذ الهمم لزيادة مشاركة العمالة القطرية في المجموع العام، ولكني صدمت بأنها اكتفت بالتصريح في الجرائد بأن المتاح من الوظائف للمواطنين يقترب فقط من 3000 وظيفة، تاركة آلاف المواطنين عاطلين عن العمل، يصارعون من أجل البقاء. وأحب أن أذكر المسؤولين بالوزارة بأن قانون الموارد البشرية قد نص في المادة (13) بالتالي «يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف: 1- أن يكون قطري الجنسية، فإن لم يوجد فتكون الأولوية لأبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، ثم الزوج غير القطري المتزوج من قطرية، ثم مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم مواطني الدول العربية، ثم الجنسيات الأخرى». إننا نعترف بأن عدد المواطنين القطريين قليل، ولا يمكن أن تغطي أعدادهم كافة متطلبات العمل، وبالتالي فإن الحاجة إلى الخبرات الوافدة أمر لا مفر منه في المستقبل القريب والبعيد، ولكن يجب أن توجه الموارد لصالح المواطن في المقام الأول والأخير. وعليه فإنه لا يجوز، بأي حال من الأحوال، إعطاء الأولوية في التعيين للجنسيات الأخرى. إن من أمر بتعيين الوزير وكبار المسؤولين بالوزارة هو رأس هرم الدولة، وصاحب السمو أمير البلاد المفدى يؤكد في كل خطاب على الاهتمام بالمواطن القطري في تعليمه وتدريبه وتوظيفه وإعادة تأهيله. وفي خطاب سموه الأخير في افتتاح الدورة الثامنة والأربعين لمجلس الشورى قال «لا يمكننا إنجاز النهضة وإيصال وطننا إلى مصاف الدول المتقدمة إذا لم نولِ الإنسان جل اهتمامنا، فهو عماد أية نهضة». ولكن مع كل هذا الاهتمام الكبير بالمواطن فإننا لا نرى أي أفعال من الوزارة تحقق الهدف المنشود، بل حتى أن الخطة الوطنية لتوطين الوظائف يمنع النظر إليها حتى لا يتم قياس مدى الفشل في تحقيقها. إن الوزارة تدعي، حسب تصريحات مسؤوليها، أنها تتبنى عملية التقطير، وبناء كوادر وطنية في عدد من التخصّصات التي يحتاج إليها سوق العمل في الدولة، وزيادة فرص مشاركة القطريين في عملية التنمية الاقتصادية في الدولة، ولكن المتتبع لعمل الوزارة يجد أنها لم تحرز أي تقدم في هذا الشأن، بل نجدها حتى الآن لم تستطع إنجاز وصف وتصنيف الوظائف العامة، وبالتالي لن تستطيع قياس جودة اداء الجهاز الحكومي. والمضحك المبكي أن الوزارة في خطتها التشغيلية لعام 2019 تذكر بالنص تحت البند (6) «الاحتفاظ والاستفادة من العمالة الوافدة». أما مخططهم لعام 2020 فقد نص تحت البند (3) «تطوير آليات استقدام العمالة». وفي نفس الوقت تركز غالبية بنود الخطة التشغيلية على العمالة الوافدة وطرق حمايتها. فهل هذا هو أسلوب من يريد توطين الوظائف؟ إن الوزارة يجب عليها، إذا أرادت العمل الصحيح، أن تتبنى خطة قابلة للتطبيق لتوطين الوظائف، وفق مسار زمني وعملي مدروس، ولابد من تحديد الأسس والمحاور الرئيسية التي يمكن أن تسير عليها، ولابد من أن تحدث هذه الأسس والمحاور تغييراً جذرياً في نظم العمل الحالية. وفي رأيي أن تضاف فقرة في عقود العمل للعمالة الوافدة تنص على ألا يجدد العقد إلا عند إثبات أن العامل الوافد قد قام بتدريب، وتأهيل عدد من المواطنين، وأن تقتصر الوظائف الإدارية والإشرافية والكتابية على المواطنين فقط. وفي الختام نقول للوزارة كفى إلصاق التهم بالمواطنين بأنهم لا يرغبون بالعمل، وبأنه ليس لديهم الكفاءة المطلوبة، وكفى تسميتهم بالباحثين عن العمل، فالدولة أعطتكم الصلاحية الكاملة في توطين الوظائف، وتشغيل المواطنين، وتدريبهم، بل وإعادة تأهيل من يحتاج إلى ذلك كما ورد في القرار الأميري (4) لسنة 2016 عندما حدد اختصاصات وزارتكم وذكر منها «الإشراف على تنفيذ القانون المنظم للموارد البشرية الحكومية، وقانون العمل، ووضع السياسات العامة للموارد البشرية بما في ذلك سياسات توطين الوظائف، ومتابعة تنفيذها، ووضع سياسات الابتعاث للجهات الحكومية في ضوء الخطة الوطنية لتوطين الوظائف، وتدريب الموظفين القطريين، وإعادة تأهيل الذين يشغلون وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية». إن الاهتمام بالمواطن وتعليمه ومن ثم تدريبه سوف يؤدي إلى إنتاجية أكبر وبالتالي إلى توسع في حجم الاقتصاد القطري، وهذا لا يعني بالضرورة الاستغناء عن كل ما هو غير قطري. ولكن من المؤكد أن عدم إلحاق المواطن بالعمل هو الحكم بالإعدام على كل شاب أو شابة من أهل قطر. وكلمة نهائية نقولها لكل مسؤول إذا كنت لا تستطيع ترجمة معاني المواطنة، وترجمة حب اهتمام رأس الدولة، بواقع حقيقي بعيداً عن الأوهام والأحلام والتصريحات، فالرجاء التنحي وترك المكان لمن يستطيع. والله من وراء القصد،، m.kubaisi@gmail.com
13401
| 08 ديسمبر 2019
معالي وزير الداخلية حقق الكثير في حين أن هناك من الوزراء مَن لا يعرف من الوزارة سوى مكتبه من واقع متابعتي لما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن واقع اختلاطي بالناس، ما بين مواطن ومقيم، أجد الجميع يمدح تنفيذ الأعمال بوزارة الداخلية، وكيف تطورت عملية تقديم الخدمات للجمهور. فإصدار الجواز، على سبيل المثال لا الحصر، كان يتطلب، في السابق، عدة أيام، وأما الآن فإن إصدار الجواز لا يتطلب سوى بضع دقائق فقط. فكيف حدث ذلك؟ قمت بالبحث الدقيق في خطط وزارة الداخلية ومنهجها في تطوير الأعمال ومع قلة البيانات وتوجه العديد من مدراء الإدارات بعدم الرغبة في التحدث عن إنجازاتهم خرجت بهذا المقال الذي يسطر الإبداع في العمل. وليكن معلوماً أن هذا المقال ليس القصد منه مدح معالي الوزير، مع أنه فعلاً يستحق ذلك على ما أنجزه، ولكن القصد منه أن يكون مؤشراً على ما يستطيع أي وزير أن يقوم به إذا آمن بالعمل المكلف به. عندما استلم معالي وزير الداخلية مهام عمله، في فبراير 2005، بدأ يقيم مستوى أداء كل إدارة من الإدارات، وبخاصة تلك الإدارات المرتبطة بتقديم خدمات مباشرة للمواطنين والمقيمين والزوار. وفي البداية ركز معاليه على معرفة مستويات القوى العاملة في الوزارة لأنهم ببساطة هم الركيزة الأساسية لتنفيذ ما قد يطرأ من إستراتيجيات وخطط قادمة. فقام، كما أعتقد، بتصنيف القوى العاملة إلى ثلاثة أصناف: 1. المبدع وهو الذي يسعى إلى الابتكار والتغيير وهؤلاء أوكل إليهم قيادة التغيير من وضع الخطط ومتابعتها وجعل من بعضهم مدراء إدارات والبعض الآخر رؤساء أقسام. 2. المثالي وهو الذي لم يصل إلى مرحلة الإبداع ولكنه يسعى إلى المعرفة والإتقان ويحتاج إلى المزيد من التدريب والتطوير وجعل من هؤلاء منفذين للخطط. 3. العادي وهو الموظف الذي يطبق اللوائح بكل دقة وإخلاص ويقوم بتنفيذ جميع التعليمات كما صدرت له. ولأن المرحلة القادمة حساسة فقام بدعم الوزارة بقوى عاملة نوعية تستطيع التأقلم مع ما قد يطرأ من تطوير وتحسين. وبحسه الأمني عرف أن توفر المعلومة الصحيحة، وانتقالها السريع بين الإدارات المختلفة بالوزارة ستخدم الأهداف التي يسعى لها، فقام بالاهتمام بإدارة تكنولوجيا المعلومات، وزودها بالأجهزة الحديثة، وعمل على دعمها بالفريق الفني المناسب. وبعد المرحلة الأولى من تحليل الوضع وتحديد نقاط القوة، ونقاط الضعف، انتقل إلى المرحلة الثانية وهي تحديد أولويات الوزارة. فقام بالاجتماع مع قيادات الوزارة وبعض منتسبيها لمعرفة التوجهات المستقبلية، وأهم التحديات التي يمكن أن تواجههم، وكيفية التعامل معها. وبعد عصف فكري عميق امتد لبضعة أشهر، أتت المرحلة الثالثة وهي صياغة الإطار العام للإستراتيجية القابلة للتنفيذ، والتي تبلور عنها عدة أهداف تخص كل إدارة على حدة. وفي المرحلة الرابعة طلب من كل إدارة وضع المخططات اللازمة للوصول إلى الهدف المطلوب، مع تقديم عروض دورية (على الأقل مرتين في السنة) تبين ما تم إنجازه، والمعوقات لما لم يتم إنجازه والخطوات القادمة. فكان يعزز ما تم إنجازه، ويقوم بحل أي مشكلة تعيق تقدم العمل. وكما يقولون في علم الإدارة "ما لا يمكن وصفه لا يمكن قياسه، وما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، وما لا يمكن إدارته لا يمكن تطويره"، فلهذا قام في المرحلة الخامسة بالمتابعة والتقييم بإنشاء وحدات إدارية ولجان خاصة تعنى بجمع وتحليل البيانات والإحصاءات، ومتابعة الخطط التنفيذية، وطلب منهم تزويده بتقارير ربع سنوية عن تقدم أنشطة كل إدارة. ولم يكتف معاليه بذلك بل قام بزيارات مفاجئة لكل الإدارات للتأكد من أن التقارير التي تصله صحيحة وتعكس الوضع القائم. ولضمان التفوق في الأداء قام بإدخال ما يعرف "بالمراجع السري"، وهو تكليف أحد الأفراد ليقوم بإنهاء معاملة حقيقية بصفته الشخصية. وكان هذا المراجع السري يقوم بتسجيل كل خطوة في إنهاء معاملته، من تقديم المعاملة حتى استلامها. ويشمل التقرير الوقت، وطريقة تعامل الموظف مع المراجع، ومن ثم يرفع تقريره إلى الجهة المختصة بإدارة التخطيط والجودة. والحمد لله استطاعت وزارة الداخلية، في وقت قصير جداً، الحصول على مراكز متقدمة جداً في المؤشرات العالمية التي تهتم بالاستقرار الأمني والسلامة. كل هذا التقدم في الأداء نتج عنه سرعة الاستجابة مع الأحداث والحوادث، مما أدى إلى خفض معدلات الجريمة، وخفض معدل وفيات الحوادث المرورية. والآن أصبحت وزارة الداخلية هي الوزارة الوحيدة التي تقدم أكثر من 400 خدمة إلكترونية مباشرة، أو عن طريق مراكز الخدمات التي وصلت لحوالي 20 مركزاً في جميع مناطق قطر. طبعاً فإن تطور هذه الخدمات جعلت مؤشر رضا الناس عن خدمات الوزارة يقترب من 90 % من المتعاملين معها. إن معالي وزير الداخلية نجح في مسعاه في تطوير وزارته لأنه بنى توجهاته على خطط من الممكن تحقيقها، واعتمد، بعد الله، على القوة البشرية الذاتية المتوفرة في الوزارة، وبالأخص القطرية منها. وكان يؤمن بالعمل الجماعي فحفز كل إدارة بإنشاء فرق عمل. وكان يدعم هذه الفرق، ويحثهم على التعاون والتنسيق لتحقيق الأهداف. وكان حازماً مع الموظفين في تنفيذ العمل فتارة يستخدم الدعم المعنوي، وأخرى الدعم المادي، أما الأشخاص المتهاونون في العمل فكان يبعدهم عن مسار العمل التطويري حتى يضمن السير السلس في التنفيذ. وكان أهم شيء في نظر معاليه هو الرقابة الشخصية على مجريات الأمور، تارة بالزيارات الميدانية المخطط لها، أو تلك المفاجئة منها، وتارة أخرى عن طريق المراجع السري، حتى التقارير التي تصله من مدراء الإدارات يقوم بفحصها ويسأل عن كل حرف كتب فيها. وفي الختام نقول إنه في قدرة أي شخص التميز في الأداء، ولكن هذا لا يتحقق دون توفر الرغبة الصادقة للتطوير والتحسين. إن على الجهات الحكومية أن تبادر بوضع إستراتيجياتها، القابلة للتنفيذ، وبذل المزيد من الجهد في عمل تلاحم بين الإدارة والموظفين بدلاً من خلق الكثير من المشاكل الإدارية المتنوعة بسبب عدم اتصال الرأس بالجسد. إنه من المهم توحيد جهود جميع الإدارات والعاملين نحو هدف كبير موحد. ونقول للبعض من المسؤولين بأن تحسين أداء أي جهة لم يعد أمراً اختيارياً بل أصبح شرطاً أساسياً لإحداث تغيرات كبيرة في طرق وأساليب ونتائج العمل. وفي ختام الختام نقول لمعاليه شكراً جزيلاً على ما قدمته من جهد كبير في سبيل تطوير العمل لصالح البلاد والعباد. والله من وراء القصد m.kubaisi@gmail.com
3876
| 14 أبريل 2019
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4854
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3591
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2874
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2736
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2649
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
1725
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1482
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1041
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
966
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
837
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
810
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية