رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» يوم الخميس الماضي نجاح هبوط مركبتها «برسيفيرنس» على سطح كوكب المريخ بعد رحلة استغرقت سبعة أشهر، بهدف استكشاف الكوكب والبحث عن حياة سابقة عليه.
ورغم أن نوع الحياة التي تسعى هذه الرحلة للبحث عن آثارها بحسب «ناسا» هي حياة ميكروبية قديمة ربما وجدت قبل سنوات طويلة، الا ان المخيلة البشرية لطالما كانت مفتونة بمسألة البحث عن وجود حياة عاقلة و»واعية» خارج كوكبنا الأزرق، ولطالما راودها سؤال ملح حول وجود حياة عاقلة وحضارات ذكية في المجرات البعيدة.
وعلى كُلٍ، لا يقتصر هذا الهاجس على المخيلة الشعبية وأفلام الخيال العلمي والفانتازيا الأدبية وحسب، بل ان قضية وجود حيوات عاقلة خارج كوكبنا الصغير تعد قضية جوهرية مطروحة على طاولة البحث العلمي، وتشغل حيزا مهما في علوم الفضاء ومساعي البحث العلمي، ومع الاقرار بعدم وجود دليل يسندها حتى الآن، فإن الحال كذلك بالنسبة لنقضها، حيث لا يوجد دليل يفند أو يدحض فرضية وجود حياة في مجرات الكون الفسيح، وهو ما يترك الباب مفتوحاً امام مساعي البحث عنها.
تمثل المعرفة البشرية المعضلة الكبرى التي تواجه العقل الإنساني، حيث ان تقدم تلك المعرفة وتطورها وتشعبها، أوهم الانسان انه بلغ مبلغاً من العلم تكشفت معه كافة أسرار الكون الذي يحيطه، وأصبح معها ملماً بخوافيه ولم يعد بحاجة لزيادة رصيده من المعرفة والبحث، وللدقة هنا، فإن هذه المعضلة تواجه الانسان من غير العلماء والباحثين الذين يدركون جلياً انهم رغم التقدم الذي يحققونه فهم ما زالوا في بداية الطريق، وان كل كشف علمي مبين يبرز لهم ضآلة معرفتهم ويكشف لهم ان ما يخفيه عنهم العالم أكبر واكثر تعقيداً.
من أبرز المسائل وأكثرها أهمية وحساسية في حقل البحث العلمي، المسألة المتعلقة بحدود المعرفة او ما يعرف بـ «نظرية المعرفة» وهي النظرية التي تطرح سؤالاً جوهريا مؤرقاً وهو «كيف نعلم أننا نعلم؟»، وهل المعرفة ممكنة أم لا؟ فالعقل الانساني ومع الاعتراف بمحدوديته وضآلته أمام تعقيد الكون، فإنه يبقى وسيلتنا الوحيدة نحو سبر أغوار المعرفة، والتحدي الأكبر الذي يواجه العقل الانساني في عصرنا الراهن يتمثل في أن المعرفة لم تعد حكراً على الراسخين في العلم وحسب، بل انها أصبحت بفضل التقدم الذي نعيشه حقاً ينهل منه الجميع ويشكل توجهاتهم ويبلور تصوراتهم دون شرط او قيد ودون إلزام بامتلاك منهجية علمية لتحقيق تلك المعرفة، وهو ما اوقع انسان العصر الحديث في معضلة كبيرة تتعلق بتوهم المعرفة.
تترتب على تلك المعضلة عدة سلبيات ليس اقلها اساءة استخدام المعرفة والتطور والتسلح النووي، وصولاً الى تمويل الابحاث العلمية ودعمها، وعدم وضع بعض الحقول المعرفية موضع الأهمية الذي تستحقها، وبالنظر الى تاريخنا المعرفي والتراكم المتسارع للمعارف خلال السنوات الأخيرة وبمقارنة تلك المسيرة مع ما وصلنا اليه اليوم من التقدم سندرك حتماً مدى تواضع معارفنا في السابق ومدى زهو اسلافنا بما حققوه في حينها من تقدم، ظناً منهم انهم بلغوا من العلم والمعرفة ما لا يحتاجون معه لزيادة رصيدهم منه، والسؤال هنا هو ما الذي يجعلنا نظن اننا تجاوزنا هذه المرحلة من البدائية من المعرفة، خصوصا واننا لم نتمكن بعد من كشف اصغر اسرار العالم ولم نتمكن حتى الآن من ادراك ابرز ما يميزنا؟!.
يعد الوعي «Consciousness» ودرجته عند الانسان هو ما يميزه عن باقي المخلوقات التي تشاركه هذا العالم، الا ان هذا الوعي يعد السر الاكبر واللغز الأعظم، فالعلم لم يتمكن حتى الآن من فك شيفرة هذا اللغز المحير، من حيث ماهيته؟ واين يتمركز وكيف يعمل، وما هي الحدود التي تفصل الوعي الانساني عن الوعي الذي تمتلكه باقي المخلوقات، فالوعي عند الحيوانات يواجه صعوبة في توصيفه لا تقل عن الصعوبة التي تواجهنا عند توصيف الوعي الانساني، فالحيوان يفتقر للغة الانسانية التي تمكنه من إخبارنا عن تجاربه واحاسيسه، الا انه بلا شك يمتلك درجة من الوعي تمكنه من ان يكون ما هو عليه.
ولكشف تواضعنا المعرفي يمكننا تأمل الحواجز التي تفصل الوعي الانساني عن الوعي لدى الحيوانات، فالملاحظ على الحيوانات وخصوصا الأليفة منها قدرتها على التعلم والتفاعل مع الانسان، فالقط الذي يجول في ارجاء المنزل يمكنه تعلم كثير من الامور ومعرفة افراد الاسرة ومواعيد طعامه، كما انه يظهر الكثير من ردود الافعال الذكية، ومع ذلك فحدود وعيه تصطدم بحاجز سميك يستحيل اجتيازه، فالقط في هذا المثال ومهما طال مكوثه مع الانسان فإنه يقف عاجزا امام فهم العلاقات الاسرية والمعتقدات التي يحملها الاشخاص وهو على كل حال لن يكون قلقاً حيال مستقبله.
لقد قام كثير من العلماء بإجراء التجارب على الحيوانات بهدف تعليمها واكسابها المهارات، وقد اثبتت تلك التجارب ان بعض انواع الحيوانات قادرة على تعلم بعض المهارات البسيطة ويمكنها حل بعض المشكلات، الا ان تلك القدرة تبقى ضمن حاجز لا يمكن تخطيه مهما بلغ ذكاء ذلك الحيوان، ربما يبدو هذا امرا بديهيا ومن السذاجة ايراد مثال كهذا، الا ان ذلك ينبئنا بمحدودية وعينا وادراكنا نحن ايضا، ويطرح سؤالا مهما عن حدود معرفتنا، وعن اشكال الوعي من حولنا، وعوداً على ما بدأنا به المقال حول جهود البحث عن حياة خارج كوكبنا أو مجرتنا سواء أكانت حياة ذكية ام بدائية، يتبادر الى الذهن سؤال ملح يتعلق بتصوراتنا وافتراضاتنا المبنية على معطياتنا العقلية والحسية، وجدوى البحث عن حياة قائمة على الكربون حصراً، والافتراض بأن وعينا المحدود قادر على ادراك جميع ما يحيط به.
وأمام ذلك، يتحتم علينا أن نعي موقعنا من الاعراب في هذا الكون الفسيح، وان نقر أن كل قفزة معرفية نحققها او كشف علمي ننجزه يعظم من مساحة الجهل الذي يواجه الانسان، ويزيد الغموض الذي يحيط ادراكه، وعليه، فلا خيار امامنا من ان نتواضع معرفياً وان نقر بأن جميع معارفنا وعلومنا على ازدهارها، هي في واقع الامر ليست سوى رأس الجبل الجليدي الذي يخفي المحيط جزأه الاكبر، وان ما نبحث عنه في الكواكب البعيدة ربما يعيش بقربنا ولكنه في بعد آخر قد نتأخر في اختراق حواجزه او كشف استاره.
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة... اقرأ المزيد
39
| 24 ديسمبر 2025
القيادة التحويلية في سيرة ذي القرنين
تقدّم سورة الكهف سيرة ذي القرنين في سياق تتحرّك فيه القيادة مع حركة الواقع، فتتبدّل أدوارها بتبدّل الأمكنة... اقرأ المزيد
45
| 24 ديسمبر 2025
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى... اقرأ المزيد
66
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
993
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
684
| 18 ديسمبر 2025