رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الذكاء الاصطناعي.. مستقبله وتأثيره

يشير الذكاء الاصطناعي إلى قدرة الآلات وأنظمة الكمبيوتر على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشريًا. يتضمن ذلك أنشطة مثل حل المشكلات والتعرف على الأنماط وترجمة اللغة. نما مجال الذكاء الاصطناعي بسرعة في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالتطورات في خوارزميات التعلم الآلي، وأجهزة الكمبيوتر، وتخزين البيانات. مستقبل الذكاء الاصطناعي يصعب التنبؤ بمستقبل الذكاء الاصطناعي، حيث يتطور المجال باستمرار. ومع ذلك، يعتقد العديد من الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في لعب دور متزايد الأهمية في المجتمع. على وجه الخصوص، من المتوقع أن يغير الذكاء الاصطناعي العديد من الصناعات، مثل الرعاية الصحية والتمويل والنقل. على سبيل المثال، يمكن استخدام الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض وإدارة المحافظ المالية والسيطرة على المركبات المستقلة. تأثير الذكاء الاصطناعي على الوعي الجماعي يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانية أن يكون له تأثير كبير على الوعي الجماعي. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر خوارزميات الوسائط الاجتماعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على آراء الناس ومعتقداتهم من خلال تنسيق المعلومات التي يرونها. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام المساعدين الظاهريين وروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل متزايد للتفاعل مع الأشخاص، مما قد يشكل توقعاتهم وتصوراتهم عن التكنولوجيا. تأثير الذكاء الاصطناعي على الإنسانية يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون له تأثيرات إيجابية وسلبية على البشرية. من ناحية أخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين حياة الناس من خلال أتمتة المهام المتكررة والخطيرة، ومن خلال تقديم خدمات أكثر دقة وشخصية. من ناحية أخرى، قد يشكل الذكاء الاصطناعي أيضًا تهديدًا للوظائف والخصوصية، حيث تصبح الآلات قادرة على أداء المهام التي كان يقوم بها البشر سابقًا. تراجع في الذاكرة قد يساهم الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي والأجهزة التكنولوجية الأخرى في تراجع الذاكرة، نظرًا لأن الأشخاص يصبحون أكثر اعتمادًا على هذه الأجهزة لتخزين المعلومات، فقد تقل احتمالية قيامهم بتخزين المعلومات في الذاكرة. قد يكون لهذا عواقب طويلة المدى على تنمية القدرات المعرفية، مثل الذاكرة والانتباه. في الختام، الذكاء الاصطناعي هو مجال سريع التطور وله إمكانات كبيرة لتحسين حياة الناس وتحويل الصناعات. ومع ذلك، من المهم النظر بعناية في الآثار المحتملة للذكاء الاصطناعي على المجتمع وتطوير مناهج مسؤولة لاستخدامه. لم أكتب مما سبق حرفًا واحدًا!! بل إن الذكاء الاصطناعي هو من تكفل بتلك المهمة، بعد أن طلبت منه أن يكتب لي مقالاً عن "الذكاء الاصطناعي ومستقبله وتأثيره على الوعي الجماعي وتأثيره على البشرية وتراجع الذاكرة" وترجمت المدخلات إلى اللغة الإنجليزية ومن ثم قمت بترجمة المخرجات إلى اللغة العربية، عبر الذكاء الاصطناعي أيضًا. من التقنيات الثورية التي أُعلن عنها مؤخرًا روبوت الدردشة " ChatGPT"، المطوّر من قبل شركة OpenAI الأمريكية، وهو من كتب المقال السابق، وقد أثارت تلك التقنية تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وإلى أي مدى من الممكن أن تبلغ قدراته وامكانياته. يقوم روبوت الدردشة بكثير من الأمور اعتمادا على خوارزميات وقواعد بيانات ضخمة ومعقدة، من كتابة المقالات والبحوث، وكتابة الأكواد البرمجية وحل المسائل المعقدة، والإجابة على تساؤلات المستخدم، وعلى الرغم من أن الشركة المطورة أكدت أنها عملت على منع التقنية من الإجابة الأسئلة الضارة، إلى أن البعض تمكّن من التحايل عليها والحصول معلومات محظورة. أثار الذكاء الصناعي ولا يزال، أسئلة كبيرة حول المسلك الذي سيسلكه في المستقبل، وهل سيقضي على الوظائف ويقلل من أهمية تدخل البشر، أم سيتحقق السيناريو الأسوأ عبر سيطرة الآلات على الإنسان وتطويعه كما تصور أفلام الخيال العلمي. ومهما كان الأمر، لابد لنا من الإشارة إلى أن توقعاتنا عن المستقبل مبنية على حاضرنا وواقعنا المعاش، وأذكر هنا مقابلة مع بيل غيتس في مطلع الثمانينات عندما سأله المذيع حول الحاسوب الشخصي: هل سيكون هناك جهاز كمبيوتر على مكتب كل شخص! ولماذا؟، ويعكس هذا السؤال كيفية تعاملنا مع التقنيات وتوقعاتنا حيال مستقبلها، في الوقت الذي لا نستطيع فيه اليوم الاستغناء عن استخدام الكمبيوتر ولو للحظة. وبالمثل ربما يكون تعاملنا مستقبلاً مع التقنيات الثورية في وقتنا، مغاير لتصوراتنا، قد تتبدل أدوارنا ومفهومنا عن الوظائف ومهامنا اليومية، بحيث يحتل الذكاء الاصطناعي موقعًا مهمًا في حياتنا، ويرعى الإنسان شأنًا آخر بينما يتولى الذكاء الاصطناعي تولي أمور رتيبة ومتكررة. والمهم هنا ما أثاره مقال صاحبنا، حول تأثير الذكاء الاصطناعي على ذاكرة الإنسان ووعيه وطريقة تفكيره وتعاطيه مع الواقع، وهل سنسلم له الراية ونقر بتغيّر العالم من حولنا، وأشير هنا الى معلومة لا أتذكر أين اطلعت عليها تفيد بأن المحاضرات التي يلقيها أساتذة الجامعات على طلابهم، كانت في أصلها ممارسة شائعة قديمًا بأن يقوم شخص بقراءة كتاب في مسرح مليء بالجمهور في وقت لم يكن اقتناء الكتاب أمراً هينًا، واليوم مع قدرة الجميع تقريبًا على اقتناء الكتب بل وتحميلها على هواتفهم الذكية، أصبح التساؤل مشروعًا عن جدوى تمسكنا بممارسات يمكن للتقنيات والذكاء الاصطناعي القيام بها، والسؤال الأهم هو، هل تخلينا وتنازلنا عن بعض أو كل أدوارنا سيسهم في تقليل التوتر والضغط النفسي الذي يعيشه إنسان عصرنا، أم أن القلق والمعاناة من الأمور المقدرة علينا؟ وهل تفرغنا واتساع مساحة الوقت المتاح لنا سيسهم في رقي الإنسانية؟ أم سيعمل ذلك على زيادة العنف والدمار، بمساعدة الذكاء الاصطناعي طبعًا!! المستقبل كفيل بالإجابة.

10122

| 09 فبراير 2023

كأس العالم والفرصة التاريخية

في البداية ننتهز الفرصة لنبارك للمغرب الشقيق فوزه المستحق على غريمه التاريخي، وتمنياتنا له بالتوفيق في مبارياته القادمة، ولا يسعنا الا أن نعبر عن فرحتنا بتلك الانتصارات "الكروية على الأقل" على أوروبا. وبالحديث عن أوروبا، فقد أثبتت لنا "لعبة" كأس العالم مدى تقارب الشعوب العربية، واستعدادها لنسيان أو تناسي الخلافات والاختلافات، من جانب آخر أثبتت لنا أيضاً مدى الحقد الذي يحمله بعض متوهمي التفوق علينا، وأنه لن ترضى عنك "أوروبا" حتى تتبع ملة الشذوذ والانحلال. لا أظن أنه بات يخفى على أحد مدى الفوقية التي تمارسها أوروبا ودول الغرب على دول العالم العربي والإسلامي، عبر اختلاق قضايا ومواضيع هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، وممارسة الابتزاز السياسي والاقتصادي، ومن ذلك ما حدث مؤخراً مع إحدى الدول الأوروبية، والذي وصف سفيرها في الدوحة، بلاده بأنها "أضاعت الثقة مع القطريين" خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن حازت عليها، داعياً إياها في رسالة مسربة إلى "تغيير الأسلوب المتّبع مع قطر". وهو ما يدل على أن الذين هاجموا قطر راهنوا على الحصان الخاسر حتى وفق "نظرتهم البراغماتية"، كما أثبت لنا أيضاً أن ملفات وقضايا قد نراها بعيدة عنا قد تصبح خنجراً في خاصرتنا كالمثلية التي تضخمت وأخذت أبعادا لم نكن لنتصورها قبل سنوات قليلة. ولنحقق الاستفادة من هذه البطولة ليس على المدى القريب وحسب، بل على المدى البعيد أيضاً، ينبغي علينا أن نعتبرها فرصة تاريخية لتصحيح كثير من الأمور، فالأمر ليس كأس عالم وحسب، وقضية الشذوذ لا تتعلق بالشذوذ وكفى، الأمر أكبر من ذلك، أنه يتعلق بالنظرة الفوقية والابتزاز، وهنا يجب ألا نكون حسني النية دائماً، وأذكّر هنا بما شاهدناه جميعاً من ارتداء بعض الجماهير للباس "الحروب الصليبية" ومحاولة دخولهم للملاعب بذلك اللباس، ناهيك عن الشارات الملونة التي أصبحت في وعينا الجمعي "قبيحة"، من قبل مسؤولين ومدربين وصحفيين! في رسالة واضحة أن الأمور ليست كما نظنها دائماً!. لقد أثبتت قطر للعالم خلال أحداث السنوات الماضية بأن الغرب يحتضر، وأن قضاياه الهشة التي يريد فرضها علينا بالقوة تمثل "دابة الأرض التي تأكل منسأته"، وحتى مع شراسة الهجوم والتشويه، برزت أصوات منصفة من الغرب أنفسهم وعلى مستويات مختلفة أيدت قطر فيما ذهبت إليه وأكدت أن البطولة استثنائية تسودها أجواء المودة، وأصبحت الملاعب "صديقة للعوائل" بعد أن كانت حكراً "تقريباً" على "مثيري الشغب والفوضى" ولسان حالهم يقول "شارب الخمر يصحو بعد سكرته.. وشارب الحب طول العمر سكرانا". كان التحدي كبيراً وصمود قطر آتى أُكله، وقدم دليلاً لدول المنطقة بالقدرة على رفض الابتزاز بطرق ذكية، وهو ما يمثل فرصة سانحة للدول العربية والإسلامية لاغتنامها، ورفض ملفات الابتزاز كالمثلية وغيرها وإعداد العدة والتعاون لفرض ما نراه نحن دون أن نسمح للآخر بفرض قيمه علينا، وأن نرغمه على احترام مبادئنا، فبجانب الدرس القطري هناك دروس متفرقة هنا وهناك أثبتت قدرتنا على ذلك ليس آخرها استجابة موقع "يوتيوب" الشهير، لمطالب السعودية بحذف الإعلانات التي تتعارض مع "القيم والمبادئ الإسلامية"، بجانب التحذيرات الخليجية لمنصة "نتفليكس" حول المواد المتعلقة بالسلوك الجنسي الشاذ وتهديدها باتخاذ إجراءات قانونية ضدها. كل ما سبق يمثل نقطة انطلاق لبلورة تحالف واضح المعالم تجاه ما يعتري واقعنا من هجوم لا يخفى على أحد "حتى أكثر الرافضين لنظرية المؤامرة"، بأنه ممنهج ومدعوم بشكل يفوق التصور، ومدروس بدقة، وامام ذلك لا ينبغي لنا الوقوف كمتفرجين مكتوفي الأيدي، لابد لدولنا أن تخلق قنوات تواصل وحوار لبلورة تحالف "ولو بحذر" ضد أهداف "بافوميت" وأتباعه، وليكن أولها الانسحاب بشكل جماعي من اتفاقية "السيداو" الجاثمة على صدورنا وعدم الاكتفاء بالتحفظ، كما فعلت تركيا بانسحابها من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحتهما، والتي وصفت الاتفاقية على لسان مسئولين أتراك بأنها "اضرت بالنسيج الاجتماعي التركي"، ودون أن يكون لنا موقف، ودون أن يمثل لنا ما حصل مع قطر عبرة، ستتكرر المساومات ومحاولات الابتزاز، وستكشف القارة العجوز عن وجهها الحقيقي بعيداً عن التحضر متبعة سياسة أطفال الحارة "لعبوني معاكم ولا بخرب". خارج السياق تغيير الصورة الرمزية جاء بسبب انتقادات وجهها أحد الزملاء الأفاضل متهماً إياي بالـ"غش" وذلك بعد أن مر قطار الزمن سريعاً دون أن ألحظ واشتعل الرأس شيباً وخلف وراءه آثار الدهر التي لا يصلحها العطّار.

1146

| 08 ديسمبر 2022

سيرى العالم قدرة قطر على استضافة أحداث عالمية بنجاح استثنائي

في عام 1993، انتهى "شكلياً على الأقل" نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، أو ما يسمى بالـ(الأبارتايد)، والقائم على هيمنة وسيطرة وحكم الأقلية البيضاء لجنوب إفريقيا القابعة في قلب القارة السمراء، وفي عام 2010 استضافت جنوب أفريقيا التي عانت ويلات الفصل العنصري والصراع، بطولة كأس العالم، متصدية لهجوم لم يرحم تاريخها المثقل بالإرث الأوروبي الاستعماري، إلا أنه لم يصل إلى الدرجة التي وصل لها الهجوم الممنهج والبغيض الذي تعرضت وتتعرض له دولة قطر. يعكس الهجوم الإعلامي المسعور والمتصاعد مع قرب البطولة، العنصرية التي لاتزال متأصلة في عقلية متوهمي التفوق، ولكنها تتمثل في صور ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وتنم عن فوقية واستعلاء لم يتجسد في الهجمات التي تتعرض لها قطر وحسب، بل تجسدت في مواقف عديدة ليس آخرها ما تكرر في عدة وسائل إعلامية عالمية وبعدة لغات تعليقاً على الحرب الأوكرانية "نحن لا نتحدث هنا عن سوريين أو عراقيين أو غيرهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتحدث عن أوروبيين يشبهوننا". بعض الدول الأوروبية ووسائل إعلامها "المحايدة" التي تقود تلك الحملات المشبوهة ضد استضافة قطر تناست قضايا عديدة وجوهرية، أو أنها لم تولها الأهمية ذاتها التي أولتها لملف استضافة قطر للبطولة، وهو ما يدل على أن تلك الأصوات التي تعالت وبُحت مدعية أنها تدافع عن حقوق الإنسان، استخدمت الحجة الأخيرة كغطاء يخفي الأحقاد المفضوحة، وإلّا أين هي حقوق الإنسان من جثث أطفال المهاجرين التي تقذفها أمواج البحر الأبيض المتوسط على سواحل أوروبا الإنسانية الغناء، أو من جياع إفريقيا التي تستبيح أوروبا ثرواتها، أم أن تلك الحقوق لا تنتهك "بحسب زعمهم" سوى في بلادنا، وكما قال وزير الخارجية القطري "ليست لدى الحكومة (الألمانية) مشكلة معنا عندما يتعلق الأمر بشراكات أو استثمارات في مجال الطاقة"، إذا فالمشكلة في استضافة قطر للبطولة وليس دفاعاً عن حقوق الانسان إنه النفاق يا سادة. لقد اقتربت صافرة البداية بعد 12 عاماً من العمل الدؤوب الذي غير وجه البلاد وحقق نقلة نوعية ستبقى إرثاً للمستقبل، ومع قرب انطلاق صافرة البداية تتعالى الحملة المسعورة و"الفاشلة" شيئاً فشيئاً، حتى كادت تفلس، فتركيز تلك الحملة على قضية الشذوذ أمر مستغرب ومثير للاشمئزاز، ليس لكونها مثار اشمئزاز لذاتها وحسب، بل لأن صحفيين عالميين أصحاب مهنية أخذوا في التركيز بشكل مبالغ فيه على قضية أن يمسك شخصان بأيدي بعضهما البعض ويسيران في شوارع الدوحة، وماذا سيحدث لهم إن هم قاموا بهذا الفعل!! هل هذه قضية تستحق كل هذه الضجة، وما دخل هذه "السفاهة" في بطولة يفترض بها أن تكون أداة للتقريب بين الشعوب، لا بين الشواذ! إن قضية الشذوذ أو المثلية تجاوزاً قضية ممنهجة لها أهداف مشبوهة، وأصبحت من القضايا التي تهدد واقعنا ليس في كونها ظاهرة اجتماعية، بل لما يحيط بها من أمور مريبة، فالتركيز العالمي عليها يفوق التركيز على قضايا أخرى أكثر أهمية وإلحاحاً، وانتقادها أو التعبير عن رفضها والصدح بالرأي ضدها أصبح خطراً يهدد صاحبه، وإن لم نتنبه لها ستكون كالشوكة في خاصرتنا وكالسلاح المشهر في وجوهنا. وأخيراً يحضرني ما قاله حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، "في هذه البطولة، التي تقام لأول مرة في دولة عربية ومسلمة، ولأول مرة في الشرق الأوسط عموماً، سيرى العالم أن إحدى الدول الصغيرة والمتوسطة قادرة على استضافة أحداث عالمية بنجاح استثنائي". نعم سيرى العالم أن الدول لا تقاس بمساحاتها، وأننا بوحدتنا أقوى، وأن البطولة ستحقق نجاحاً استثنائياً، وسنستخلص من هذه البطولة الدروس والعبر لنعلم بشكل أفضل من هو الصديق ومن العدو، وستكون سبباً في تقارب دولنا وتوحيد كلمتها لمواجهة ما يحيط بها من أخطار تهدد كياننا ووجودنا.

4119

| 10 نوفمبر 2022

المجلس المنتخب بين الواقع... والمأمول

خلال الفترة الماضية، تصدرت مستجدات مجلس الشورى عناوين الأخبار، وما زالت، إلا أنها لم تعد كالسابق، فقد انتقلت بسرعة من التطلع والترقب، إلى الحكم النهائي لدى البعض، وإصدار أحكام باتَّة غير قابلة "للاستئناف". ربما يعود ذلك إلى الصورة المنطبعة في المخيلة عن المجلس المنتخب، دون النظر بموضوعية إلى الأدوات الدستورية التي يستطيع المجلس من خلالها أن يمارس صلاحياته. من ناحية أخرى، يرى البعض أن وجود مجلس أسهم هو شخصياً في "تشكيله"، يمثل له متنفساً يستطيع من خلاله التعبير عن نظرته السلبية ورفضه للواقع، حتى مع المبالغة في الحكم والتخوين والانتقاص. لست بصدد الدفاع عن المجلس، فالمجلس يمتلك من الأدوات والإمكانات ما تسمح له بالدفاع عن كيانه، إلا أنني أعتقد أن النظر بموضوعية لهذا الأمر يجنبنا الوقوع في سوء الظن والتعجل، ومن الطبيعي أن رفع سقف التوقعات بشكل مبالغ فيه يولد إحباطاً وصورة مغايرة للواقع. في الجلسة الأخيرة، أحال المجلس قانوني التأمينات الاجتماعية والتقاعد العسكري "اللذين طال انتظارهما"، إلى لجنة مختصة لدراستهما وإعطاء الرأي بشأنهما، إلا أن ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي كانت متباينة بشكل كبير، فمن مطالب بسرعة إقرار القانون "دون اطلاعه على مواده وحيثياته" إلى الجزم بأن القانونين لن يحظيا بالفرصة الكافية للتثبت من تغطيتهما لكافة الجوانب الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية للمستفيدين منهما. في واقع الأمر فإن تباين الآراء أمر طبيعي وغير مستنكر، إلا أننا نتحدث هنا عن القفز على النتائج وحرق المراحل قبل أن يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود حول أي موضوع، فحتى مع صدور بيان مجلس الوزراء الموقر الذي تناول أهم ملامح المشروعين، إلا أن هناك التباسا لدى الشارع حول ما تعنيه بعض المصطلحات، وهذا أمر طبيعي كون البيان لم يشر سوى إلى ملامح عامة، إذاً كيف لنا أن نتأكد من كافة جوانب وحيثيات الموضوع، وكيف استطعنا أن نحكم بأن أعضاء مجلس الشورى لن يكونوا حريصين على استيضاح كافة جوانب المشروعين قبل إقرارهما. أعتقد أنه من الضرورة بمكان، أن تكون نظرتنا للواقع أكثر موضوعية، ومع الإقرار والتأكيد على أن الانتقاد أمر لابد منه ويعد مؤشراً صحياً ومقوماً للسلوك الخاطئ في المجتمع، إلا أنه لا يمكن اعتباره غاية نهائية، بل وسيلة لإيصال الرسالة والفكرة وتقويم الخطأ، مع ضرورة أن يكون ذلك الانتقاد مبنياً على أسس موضوعية بعيدة عن الشخصنة. أيضاً ينبغي أن نكون أكثر واقعية فيما يتعلق بإمكانات وصلاحيات المجلس، لا يمكن للمجلس سواءً كان منتخباً أم معيناً أن يمطر علينا السماء ذهباً! أو أن يحل مشاكلنا ويلبي تطلعاتنا من خلال عقد جلسة، أو اجتماع، إن المجلس شئنا أم أبينا هو انعكاس لواقعنا، ولتحسين ذلك الواقع لابد من تحسين ممارساتنا وأن تكون المطالبات مبنية على أسس يمكن تطبيقها من خلال الأدوات الموجودة، والابتعاد عن لغة التخوين دون أن يكون لدينا مستمسك واضح، وأن نعطي الفرصة والثقة ولو جزئياً للكفاءات الوطنية المشهود لها في المجلس دون أن يتجاوز سقف توقعاتنا الممكن والقابل للتطبيق.

2233

| 16 ديسمبر 2021

هكذا تكلم أبو تريكة

اعرف ابو تريكة بالاسم، ولكنني لو شاهدته قبل اليوم لما عرفته، ليس لكونه مجهولاً بل لجهلي أنا الكبير والعميق بكرة القدم وبكل ما يرتبط بها، وعدم متابعتي للشأن الكروي لا من قريب ولا من بعيد. ولكن، ما اثاره ابو تريكة خلال الايام القليلة الماضية من تصريحات اشعلت العالم، جعلتني اتابع الوضع، وبالرغم من ان ردود الافعال المؤيدة لتلك التصريحات تثلج الصدر، الا ان الهجمة الشرسة في المقابل تنبئ بأن نشر الشذوذ والعمل على ان يتقبله العالم كأمر واقع "وطبيعي" عملية ممنهجة ومدروسة. سبق وان اشرت في مقال سابق الى الجهود التي تقوم بها إحدى شركات الترفيه والأفلام وغيرها من الوسائل والمنظمات للعمل على غرس تلك القيم في الوعي الجمعي للمجتمعات، والدفع لتقبلها عبر دس السم بالعسل، وعندما نتصور ان لدينا دفاعات ذاتية ضد الظواهر السلبية، يجب ان ندرك ان الأمر قد لا يكون كذلك، فالنار تختبئ تحت الرماد احيانا، وسنصطدم بواقع مغاير اذا لم نتنبه لهذا الامر. وبالعودة إلى قضية الشذوذ، او المثلية تجاوزا، يمكننا ملاحظة ان التسمية الأخيرة في ذاتها تحمل معنى يدل على الميول، وحرية الاختيار، فهي ليست شذوذاً او امراً غريباً بل خيار وحرية، فإن لم تكن مؤيدا للمثلية، فلا بأس، هناك خيار آخر وهو ما يسمى "بالمغايرة". يمكننا تتبع "المسيرة التاريخية" لهذا الأمر، فمن كون الشذوذ شذوذاً الى كونه مثلية، ومن كون تلك المثلية امرا مرفوضاً ومستهجناً الى ان اصبحت خياراً، ومن كونها أمرا يدينه المجتمع حتى مع التسليم بوجوده، الى المطالبة بالاعتراف به وتكييفه قانونياً والمطالبة بما يرتبط به من "حقوق" مزعومة، ولكن الخطير في الأمر هنا أن ذلك الخيار اصبح خياراً ديكتاتورياً مفروضاً بالقوة على المجتمعات، وما ردود الافعال المناهضة لتصريحات ابو تريكة الا دليل على ذلك. لقد تحولت القضية من ثنائية الرفض والتقبل، الى منع ورفض والتنديد بمهاجمتها او استنكارها، وما يدق ناقوس الخطر هنا ان ذلك المنع يتم عبر ادوات ضغط تمارسه المنظمات الدولية المشبوهة، والاتفاقيات الملزمة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، اين الحرية الانسانية في التعبير عن الرفض والتنديد، لماذا اصبح الانسان يخشى من الجهر برفض المثلية خوفا من الهجوم عليه واغتياله نفسياً. وهل اصبحنا امام هذا الغول المتوحش نخشى التصريح بآرائنا وافكارنا خوفاً من الاتهام بمناهضة المثلية وانكار المحرقة؟. بالنظر الى هذه القضية والمنهجية المتبعة في ترسيخها عبر ادوات قوية ومتمكنة، يمكننا كشف الاهداف التي تختبئ وراءها، فهل تجاوزت المجتمعات الانسانية كافة المعوقات التي تحول بينها وبين حصولها على حقوقها، وهل تجاوزت تلك المجتمعات مسببات الفقر والقهر والجهل، ليتبقى امامنا المطالبة بحقوق "المخنثين"؟ واي عالم ذاك الذي سيحكمه أولئك المخنثون. ان الاهداف الكامنة وراء هذه الجهود واضحة وجلية، فهي تعمل على هدم الثوابت، وخلخلة والحط من دور الاسرة، وانتاج انسان هش لا يزعج اصحاب النفوذ ولا يحمل هماً الا رفع شعار المثليين في المحافل الدولية، ويتم تصوير هذا الامر وكأنه انجاز ما بعده انجاز، حيث يتم توظيفه كأداة ضغط على الدول، فماذا بعد رفع الشعار؟ وكشف السوءات والتراقص والتمايل على النغمات؟. لابد للمجتمعات ان تكون متأهبة لهذه الهجمة الشرسة، وان تدرك حجمها وحجم تبعاتها، فبعد تطبيع المثلية والدق على وتر "الجندرية" هل سيتوقف الامر عند هذا الحد وحسب؟ أم ان الامر سيتجاوز ذلك الى ما هو أبعد واكبر، وهل نتوقع ان بلورة الاسرة وفق تصورات مثلية تتقبل انتكاسة الفطرة ستنتج لنا انساناً قادرا على بناء المجتمع والاسهام في تنميته؟ او انساناً يستطيع رفض الظلم والقهر، ويسعى الى تنوير مجتمعه والنهوض به، ام انها ستنتج لنا انسانا اقصى ما يحمله من هم هو رفع شعار المثلية في محفل دولي ويكون بذلك قد حقق انجازا ثوريا يضع الانسانية في مراتب متقدمة فيحق له الفخر والتباهي بهذا الانجاز المخزي.

3301

| 09 ديسمبر 2021

الاجتهاد والنصيب.. والمسافة بينهما

"لكل مجتهد نصيب"، تثير هذه الجملة امتعاض البعض، على اعتبار أنها تنتمي للأقوال الرومانسية غير الواقعية، انطلاقا من أن التجربة خير برهان، وقد لا يحالف كل مجتهد الحظ لينال نصيبه، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى أن يتمكن منه الإحباط واليأس فيمتعض من سماع هذا القول المأثور؛ ناهيك عن أن الشروط الواجب تحققها لينال المجتهد نصيبه قد تكون كثيرة ومعقدة وصعبة المنال وتواجه طوفاناً جارفاً من مسببات الإحباط واليأس. ربما تتحقق هذه الفرضية في أحيان وفق شروط محددة كما أسلفنا بجانب عوامل الحظ والصدفة، ولكن هل يمكن الركون إلى تحقق الشروط ومصادفة الأقدار لينال كل مجتهد نصيبه، خصوصا إذا ما تناولنا هذا الأمر في سياق المجال الوظيفي، وما يترتب عليه وفق منظور تنموي وبعد إستراتيجي، وهل نيل الحقوق الوظيفية أو الشعور بالرضى الوظيفي نتيجة حتمية للاجتهاد؟ يواجه الواقع الوظيفي في كثير من القطاعات، وفي أحيان كثيرة، إشكالية تتمثل في أن للاجتهاد والمثابرة وإنجاز ما يوكل إلى الموظف من مهام بكل "أمانة وصدق"، نتائج قد تكون عكسية ومحبطة منها أن من يثبت كفاءته، قد توكل إليه مهام أكبر وأكثر، وهو في كل الأوقات يُتوقع منه الأكثر والمزيد، وبما أن لكل جواد كبوة! فإن موظفنا المجتهد قد يتعرض للوقوع في الخطأ أو السهو، أو ينعم بنعمة النسيان، وبالنظر إلى أن مبدأ الثواب والعقاب يعد من مقومات العمل المؤسسي والحوكمة، فقد يواجه هذا الموظف تأنيباً وتأديباً، وقد يُنذر ليكون أكثر حيطةً وحذراً في المسقبل، ذلك المستقبل الوظيفي الذي يبذل جهدا جهيدا لتحقيقه؛ هذا إن لم يتمكن منه الإحباط ويأخذ منه كل مأخذ، ليسعى جاهدا لتحسين واقعه الوظيفي بالهرب إلى حتفه نحو مكان آخر ليواجه نفس المصير، أو قد يبتسم له الحظ ببساطة فيجد نفسه في "الأرض الموعودة". في مقابل ذلك نجد المتقاعسين من الموظفين ممن لا يعيرون العمل أي اهتمام غير الآبهين بتطوير مهاراتهم وإثبات قدراتهم على إنجاز الأعمال بكفاءة ينعمون في الغالب بالراحة والاستقرار والأمان الوظيفي غير مهتمين بما يدور حولهم. وبما أن مهمتهم تتمركز حول الحضور والانصراف في أوقات محددة، فإنهم غير معرضين لارتكاب الأخطاء، وبما أنه "لا عقوبة إلا بنص"، فإنهم في حِلٍّ من القرارات التأديبية والإنذارات المكتوبه منها والشفهية، ولكن السؤال المهم هنا هو: ماهي الرسالة الضمنية التي نريد إيصالها للموظف أو يفترض بها أن تصل؟، هل هي " التقاعس هو الحل" أم " لكل مجتهد نصيب ولو بعد حين". تؤثر تلك السلبية التي تطال قطاعات كثيرة، كما أسلفنا، في بيئة العمل وتجعل منها بيئة طاردة، كما أنها تؤثر على الإنتاجية المرتبطة بالتنمية والتطور، و إذا ما سعى الموظف لتحسين ظروفه الشخصية بالانتقال إلى بيئة عمل تقدر أصحاب الكفاءات "أو هكذا يتوقع" وترك البيئة المحبطة خلف ظهره، فإنه لا يمكننا بأي حال من الأحوال اعتبار هذه الخطوة الجريئة، والتي قد يترتب عليها حل على المستوى الشخصي، بمثابة حل للمشكلة بصورتها الأشمل بتلك البساطة، حيث إن إهمالها في بعدها الإستراتيجي لن يحقق تقدما فيما يتعلق بتحسين بيئة العمل، والذي يؤدي بدوره إلى تحسين الإنتاجية وتحقيق التنمية على المستوى الوطني. ومما يثير الامتعاض حقاً هو أن المتقاعسين والقواعد من الموظفين قد يشاركون الموظف المجتهد في الامتيازات والدورات والعلاوات والمكافآت والارتحال عن أرض الوطن في المهمات والزيارات، ولأن المتقاعس يسهل الاستغناء عنه، فإن طلباته بالابتعاد عن بيئة العمل تحت أي مسوغ مقبولة في غالبها؛ في حين أن صاحبنا المكافح الذي لا يمكن الاستغناء عنه يواجه مصيره في بحر متلاطم من الأمواج، فهو شعلة النشاط، وهو المهم الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وهو الشمعة التي تحترق لتنير دروب الآخرين، وفي نهاية المطاف قد يحصل على رسالة طبع في أوسطها "نشكركم على جهودكم التي بذلتموها" ليفاجأ أن زميله حصل على واحدة مثلها هو الآخر. أستذكر هنا قول الشاعر (وإذا تكون كريهة أُدعى لها *** وإذا يحاس الحيس يُدعى جندبُ)، ولذلك فإن الحالة "الجندبية" -إذا صح التعبير- آخذة في الانتشار بكل أسف، ودون وضع تصور واضح لتصحيح المسار، فإن الرسالة التي سننقلها إلى الأجيال سيكون مفادها أن العمل والجد والمثابرة ذات مردود سلبي، في حين أن التقاعس إذا ما ارتبط ببعض المهارات الاجتماعية والمجاملات والمعارف وحسن إدارة العلاقات، فإن ذلك سيكون مفتاحا للنجاح المرتبط بالراحة والسكينة، ومن منا لا ينشد الراحة والنجاح.. و"السكينة"!. عندما نتطرق للنجاحات التي حققتها كبرى الشركات وعمالقة التكنولوجيا ونحاول أن نحلل أسباب نجاحها، ونبحث عن العامل المهم الذي أدى إلى نجاحها لاستلهام التجربة منها، يتبادر إلى الأذهان سؤال: ما الذي يميز تلك الشركات وما هو العامل الذي أدى إلى نموها، هل هي الموارد ورؤوس الأموال؟ فذلك موجود لدى غيرهم، أم هي العقليات الفذة التي تديرها؟ فتلك أيضا تتغير مع مرور الزمن، إذاً ما الذي يميزها؟ أو ما الذي أدى إلى نجاحها؟ في الواقع، فإن الاستثمار في رأس المال البشري هو العامل المفصلي في تحقيق النجاح، وهو ما فطنت له كبرى الشركات، وشركات التكنولوجيا على وجه الخصوص، فتحقيق الرضا الوظيفي أمر حاسم ومهم في تحقيق النمو في قطاع الأعمال، عبر حسن إدارة المورد البشري، وهو من المفاهيم الحديثة في علم الإدارة، على اعتبار أن العنصر البشري يعد مورداً لابد من استثماره وتنميته والحفاظ عليه، ولتحقيق ذلك، لابد من تحقيق الرضا الوظيفي والأمن الوظيفي، وهو الأمر الذي لن يتم عبر تعليق المنشورات على حوائط مقر العمل من قبيل "عزيزي الموظف.. عزيزتي الموظفة"، فلا بد من معالجة كافة المعوقات التي تقف عقبه أمام تحسين ظروف العمل وفق منظور علمي، ووفق ما أثبتته أحدث الدراسات والأبحاث في هذا المجال، وليس عبر تغيير مسمى إدارة شؤون الموظفين إلى إدارة الموارد البشرية مع الإبقاء على العقلية ذاتها التي تتعامل مع الموظف كرقم وظيفي وحسب. وأمام تلك الإشكالية وأمام الإحباط الذي يعيشه الموظف، هل يمكننا توجيه اللوم لمن اختار لنفسه النأي عن التميز وإبراز مهاراته والاكتفاء بالحد الأدنى من إنجاز الأعمال، أو انضم إلى فريق القواعد من الموظفين الذين لا يرجون تطورا ولا تحسنا، أو هل يقع اللوم على من نفذ بجلده بحثا عن بيئة عمل أنسب تحقيقا لمصلحته الشخصية متجاهلاً المصلحة الكبرى وأهداف التنمية بعيدة المدى؟ أم أنه غير مُلام بسبب المعطيات وما يفرضه عليه الواقع، وثم كيف يمكن للموظف في أسفل السلم أن يسهم في تقويم الوضع وتصويبه، وأن لا يكون ركنا من أركان "الجريمة"، وهل يمكننا التعويل على الدافع الشخصي للموظف للاستمرار في كفاحه واجتهاده، أم أن الدافع الشخصي عامل لا يمكن التعويل عليه بسبب الفروقات الشخصية بين البشر، وهل تتوافق إستراتيجيات الحوكمة ومفاهيم العمل المؤسسي مع الاعتماد على أمزجة ودوافع الموظف الشخصية لتحقيق تنمية شاملة وإصلاح المنظومة الوظيفية في أي مكان. وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن النصيب قد لا يكون متعلقا بالإشادة أو التكريم أو الزيادة النقدية في "المرتب" أو تقلد المناصب القيادية، بل يكفي أن تهيأ البيئة الوظيفية وتصبح بيئة حاضنة مريحة ومحفزة على أداء العمل، وهذا هو الحد الأدنى من النصيب المنتظر.

5551

| 28 أكتوبر 2021

هل يريدون العنب أم رأس الناطور؟

قبل أكثر من عشر سنوات، فازت دولة قطر بتنظيم بطولة كأس العالم 2022، وها نحن نقترب من ولوج السنة الموعودة التي كنا نراها بعيدة وتراها الحكومة قريبةً، خلال تلك السنوات العشر التي مرت سريعاً، حققت دولة قطر نقلة نوعية على كافة المستويات، ونجحت في تحقيق نهضة شاملة ستدوم لنا لسنوات طوال، وقد أشاد العالم بتلك النهضة التي لا تخطئها عين منصفة، كما ان دولة قطر كانت وما تزال على قدر الثقة التي أولاها العالم إياها، ولم تخيّب ظن من صوت لصالحها لاستضافة البطولة. ونجحت في الالتزام بما وعدت به، إلا ان المقطوعة التي يعزفها الجميع لابد ان يكون فيها صوت نشاز. منذ إعلان الفوز في عام 2010 إلى يومنا هذا لم تهدأ تلك الأصوات النشاز، والتي لم تفلح في ثني قطر عن تحقيق ما وعدت العالم به، فالثقة التي أولاها العالم لدولة قطر لم تأت من فراغ، بل انها نتيجة وانعكاس لما حققته خلال العقدين المنصرمين من التزام بالمواثيق والعهود، والتزامها تجاه المجتمع الدولي، لتتبوأ بذلك مكانة مرموقة اثبتت للعالم من خلالها انها دولة ذات تأثير في المنطقة والعالم أجمع. لقد شنت تلك الأصوات النشاز حملات إعلامية ممنهجة وحملات مقاطعة وتنديد واحتجاجات مدفوعة الأجر، بهدف النيل من سمعة قطر والتغرير بالرأي العام الدولي وايهامه بأن قطر دولة تنتهك حقوق الإنسان وغير ملتزمة بحقوق العمال، بجانب اتهامات بالتشغيل القسري للعمال أو تشغيلهم في ظروف سيئة، وقد استغلت تلك الأصوات ملفا حقوقيا بعيدا عن مثاليتهم الزائفة ود ذلك الملف ان يقول لهم دعوني. تتكشف لنا المثالية الزائفة بالنظر إلى أن تلك الحملات التشويهية التي طالت قطر، تمت بمنهجية وتنظيم محكمين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكننا كشف زيف تلك الحملات إذا ما اخذنا بالاعتبار أن دول الخليج ومنذ اكتشاف النفط فيها استعانت بالعمال من دول عدة حيث أسهم اولئك العمال اسهاما بارزا في نهضة دول الخليج منذ اكتشاف النفط منذ أكثر من سبعين عاما، وخلال تلك الفترة لم نسمع لتلك المنظمات صوتاً كالذي نسمعه اليوم! فهل اصبح العمال بين ليلة وضحاها محور الاهتمام بالنسبة لبعض المنظمات الدولية ووسائل الاعلام العالمية التي تشن الحملة تلو الأخرى منذ ان فازت قطر بتنظيم بطولة كأس العالم؟ وهل اصبح العمال مهمين بالنسبة لهم اليوم ولم يكونوا كذلك من ذي قبل؟ ثم ماذا قدمت تلك المنظمات للعمال الذين يضطرون للهجرة وترك أسرهم وأطفالهم خلفهم سعياً وراء الرزق بعد ضاقت بهم الأرض بما رحبت وتدمرت أوطانهم بسبب الحروب والصراعات والجهل ناهيك عن الاستغلال الذي تعانيه بعض الدول النامية من قبل الشركات العابرة للقارات التي تؤسس المصانع في تلك الدول الفقيرة وتستغل العمال ابشع استغلال ليصنعوا سلعا تختلط بعرق جبين الكادحين ليتم تصديرها للدول المتقدمة وتباع بأثمان باهظة بعد ان دفعوا مقابلها اجورا زهيدة واثمانا بخسة للعمال المستضعفين. عندما ننظر لهذه المسألة بروية، يتبادر إلى الذهن سؤال عن الاهداف الكامنة وراء تلك الحملات التشويهية التي تزامنت مع فوز قطر بتنظيم البطولة، فهل تهدف تلك الحملات إلى تحسين الظروف المعيشية للعمال كما تدعي، ام انها تهدف لافشال الاستضافة وسحبها من دولة قطر حسداً من عند أنفسهم وأمنيات لم يقرنوها ببرهان لو كانوا صادقين؟ وإذا كان الهدف تحسين وضع العمال كما يرفعون ذلك شعارا يخفون خلفه ما يخفون، لماذا لم يهتز لهم رمش تجاه العمال الآخرين في دول أخرى في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن عدد العمال في بعض الدول العربية بلغ بنهاية عام 2015، 13 مليوناً وهو رقم في ازدياد بلا شك. من جهة اخرى، عندما ننظر لتلك الادعاءات الموجهة ضد قطر حصراً نجد انها متناقضة، ففي الوقت الذي تدعي فيه تلك الحملات المغرضة انها تسعى لتحسين ظروف العمال، نجد ان هناك اصواتا متزامنة مع تلك الحملات تطالب وكما اسلفنا بسحب البساط من تحت اقدام قطر والغاء البطولة، بحجة حقوق العمال! فهل سيهنأ بال من طالبوا بتلك المطالبات بتسريح العمال واعادتهم إلى بلدانهم ليتم استغلالهم مع اقرانهم من قبل الشركات العابرة للقارات؟. إن هذه الاصوات النشاز التي تدعي المثالية لم تأت من فراغ، بل انها استمرار للمسلسل القديم والنظرة الفوقية التي ينظر بها بعض الغربيين لدول الشرق الاوسط، فهم لا يرون فينا جميعا سوى مخازن للطاقة لا نحسن التصرف بما بين ايدينا، ونحتاج دائما إلى من يوجهنا ويعلمنا الكتاب والحكمة، وهم بحملاتهم الموجهة ضد قطر يوجهون رسالة لدول المنطقة مفادها باننا لن نسمح لدولكم بأن تتبوأ مكانة عالمية أو ان تنظم بطولة بحجم بطولة كأس العالم لكرة القدم! وفي حين أن البطولة يفترض بها ان تجمع الشعوب لا ان تفرقها، أبى البعض إلا ان يكشف عن الغل الكامن نفسه عبر اطلاق الاتهامات الواهية والأكاذيب الواهنة. لقد سبق العديد من الدول الفوز بتنظيم بطولة كأس العالم خلال السنوات الماضية، على الرغم من انها تعاني ما تعانيه من فقر وبطالة وانتشار للجريمة والمخدرات، بجانب الملفات الساخنة لانتهاك حقوق الانسان المثخنة بالمآسي والانتهاكات، ومع ذلك لم نسمع نفس الاصوات النشاز وهي تندد بتنظيم البطولة في تلك الدول الغارقة في الفساد والجهل والمشاكل، كما لم نسمع لها صوتاً ناقداً لتعامل الدول"المتقدمة" مع ملف حقوق الانسان والمهاجرين الذين يعاملون معاملة مزرية ويتم انتهاك حقوقهم وتشغيلهم في ظروف صعبة بعد ان شُردوا من أوطانهم وذهبوا يبحثون عن حياة كريمة عادلة فلم يجدوا امامهم بعد ان ركبوا رحلات الموت إلى سواحل اوروبا سوى الويلات، كالمستجير من الرمضاء بالنار. ومع ذلك لنا أن نتساءل هنا ماذا ستجني بعض المنظمات الدولية التي تقود الحملات المغرضة ضد قطر بفقدان العمال لوظائفهم ومصدر رزقهم، اذا ما اخذنا في الاعتبار ما تشير اليه التقديرات من ان الحوالات المالية للوافدين في دولة قطر بلغت في عام 2019- 11.9 مليار دولار، في حين ان هذا الرقم يتضاعف بالنظر الى حوالات الوافدين في دول الخليج مجتمعة، حيث يتجاوز ذلك الرقم المائة مليار دولار، ولنا ان نتصور هنا عدد الافواه التي تطعمها والاسر التي تعولها تلك الاجور المتحصلة من العمل في دول الخليج. فلماذا لم ينظر إلى هذا الجانب الايجابي بشكل معتبر ومنصف؟ ثم هل ان بعض المنظمات ووسائل الاعلام التي تقود تلك الحملات المغرضة تريد "العنب" أم انها تريد رأس "الناطور"؟! وماذا ستجني من وراء السعي لتحقيق امنياتهم التي لن ينالوها بسحب تنظيم بطولة كأس العالم من دولة قطر، وهل سينعمون براحة الضمير وهم يرتدون الملابس الأنيقة وينظّرون أمام شاشات التلفزة ويتهمون قطر باضطهاد العمال في الوقت الذي تنهار فيه المباني في بنغلادش وتقتل آلاف العمال في مصانع النسيج وهم يحيكون قميصا زهيداً ليرتديه المنظر الغربي المتحضر ويطالب بحقوق العمال في قطر.

4494

| 15 أبريل 2021

حتى لا نؤكل كما أُكل الثور الأبيض

من القصص المأثورة والتي تحمل بين طياتها معاني كبيرة وعميقة القصة التي يعرفها كثيرون، والتي تحكي عن ثلاثة ثيران ابيض واسود واحمر تعيش في الغابة بسلام، وكان هناك اسد يتربص بها الا انه لا يقدر عليها مجتمعة، فأقنع الأسد الثور الاحمر والاسود بأن الثور الابيض اكثرها جمالا وزهوا ولفتا للأنظار، وان هما تركاه يظفر به ويأكله سيخلو لهما الجو ويصبحا محط اعجاب الجميع، وافق الثوران وحصل الاسد على مبتغاه وما هي الا ايام حتى جاع الاسد ثانية فذهب للثور الاسود واستخدم الحيلة ذاتها واقنع الاخير ان صديقه ما زال محط انظار الجميع وهو بوجوده يسرق الانظار عنه طالبا منه ان يتركه وحده ليلتهمه، وافق صاحبنا وخلا الجو للأسد وحصل على مبتغاه، وما هي الا ايام حتى جاع الاسد، فعاد يبحث عن الثور الاسود وما ان رآه صاحبنا مكشرا عن انيابه علم ما تخفيه نفسه وهنا اطلق مقولته المأثورة "أُكلت يوم أُكل الثور الابيض". تعطينا هذه القصة عبرة مفادها ان التنازل عن الامور الصغيرة والتي لا تمسنا مباشرة قد تكون شوكة في خاصرتنا، وان الأعداء او المتربصين بنا، لن يطلبوا منا التنازل عن مبادئنا دفعة واحدة، بل انهم يعملون على تقسيطها واستلالها منا رويدا رويدا حتى نجد أنفسنا وقد وقعنا في شراكهم. بالأمس القريب اصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرها عن حقوق المرأة في قطر، وقد أثار هذا التقرير حفيظة الكثيرين، وانبرى الرأي العام بالدفاع وإدانة ما جاء في التقرير مع اصراره على الحفاظ على الهوية والثوابت ورفض ما جاء في التقرير، متهماً المنظمة بالتحيز والمبالغة. ينبغي لنا قراءة المشهد من نواح عدة، كما ينبغي لنا التعامل مع هذه القضية بشكل موضوعي متأن والنظر لها نظرة شاملة لا عبر الردود الانفعالية والمواقف المتشنجة، فمن ناحية عملت دولة قطر على اصلاح منظومتها الحقوقية والتشريعية دون الحاجة لتوصيات من المنظمات الحقوقية، وقد انطلقت مسيرة الاصلاح القطرية في وقت مبكر عبر سن التشريعات التي تنصف المرأة بما يتناسب مع الثوابت والهوية الوطنية، في وقت لا تزال فيه دول غربية عديدة تعاني من التمييز وتفاوت مستوى الدخل بين الرجل والمرأة، ولم تتمكن حتى الآن من تجاوز هذه العقبة، الامر الذي تجاوزته قطر منذ زمن، ناهيك عن الاشكالية التي يعاني منها الاقتصاد الرأسمالي الغربي عموماً من تفضيل بين الجنسين في الوظائف خصوصاً للمرأة الحامل والتي قد لا تجد من يقبل بها موظفة مهما كانت امكاناتها. من ناحية أخرى يمكننا قراءة التقارير التي تصدرها منظمات حقوق الانسان الدولية بشكل ايجابي، فعلى الرغم من التحفظات التي نبديها حيال بعض تلك التقارير والتي تبدو غير منصفة ومتحيزة ومسيسة احياناً، الا ان كثيرا من السلطات في الدول النامية والتي لا تخشى في حقوق مواطنيها لومة لائم قد تتأثر بمثل تلك التقارير، وقد تجبرها على تحسين سلوكها تجاه حقوق الانسان وتمسك يد بطشها من ان تطال المستضعفين من مواطنيها وتدعوها الى الكف عن الممارسات التسلطية وهو امر ايجابي في مجمله. وفي الوقت نفسه، فإن ما يتوجب علينا ادراكه هو اننا نعيش في عالم مترابط تسيطر عليه العلاقات والقوانين الدولية ومن الصعوبة بمكان ان تعيش دولة ما بمعزل عن النظام الدولي، وان تنأى بنفسها عن تأثير التقارير الدولية سواء فيما يتعلق بحقوق الانسان او غيرها من القضايا، ومع ذلك هناك نقطة مهمة لا بد من التنبه لها والتعامل معها، وهي متعلقة بنظرتنا عن انفسنا، فنحن كنا وما زلنا نحرص بشكل مبالغ فيه على الإشادات الدولية ونظرة الآخرين عنا، وعلى وجه الخصوص ما يصدر عن الدول الصناعية المتقدمة، فقد سمحنا لها بتقييمنا وتوصيفنا وابداء الملاحظات على مشكلاتنا الداخلية، في الوقت الذي تغوص فيه تلك الدول في المشكلات والمآسي دون ان نعرب عن قلقنا حيال قضاياهم الداخلية، حتى الاشادات الفردية ووجهات النظر الشخصية فإننا نوليها اهمية كبيرة، فلو ان سائحا تسكع في شوارع مدننا وقال انها جميلة ومنظمة لأبرزت مقولته الصحف بالبنط العريض وكأننا فقدنا ثقتنا بأنفسنا، واصبحنا نبحث عمن يشيد بنا ويمتدح عملنا ويثني على تجربتنا، الامر الذي دعا كثير من الجهات الغربية لتوزيع الإشادات والادانات على الدول ادراكاً منها بمدى التأثير الذي ستحدثه تلك المواقف على بعض تلك الدول. وعوداً إلى ما جاء في تقرير المنظمة المذكورة، ومع تحفظ الرأي العام على ما جاء فيه، فإننا مستمرون في تصديق التقارير التي تصدرها المنظمات الحقوقية عن الدول الأخرى وقد نستشهد بها دون تمحيص وتحقق من مدى صحتها، وهو موقف متناقض علينا التنبه له، كما ان علينا عدم تصديق كل ما تورده تلك المنظمات والتي قد تهدف من خلال تقاريرها الى ابتزاز الدول والشعوب وايجاد مسوغات للتدخل في شؤونها الداخلية واملاء ما ينبغي عليها فعله. وامام هذا الواقع يتوجب علينا تعميق الثقة بأنفسنا وعدم السماح للآخرين بتقييمنا، والا نتعلق بالإشادات الدولية او نهتز للإدانات غير المنصفة، وان نستمر في العمل على اصلاح ما هو بحاجة للإصلاح دون انتظار توجيهنا او تقييمنا من الخارج، فلا توجد دولة ليس لديها نواقص، فالتطور والتقدم والتغيير هو ما يميز الشعوب المتطلعة الى المستقبل. لا مناص امام دول المنطقة من ان تتعاون وتتآزر ليكون لها مؤسساتها المشتركة الفاعلة في المجتمع الدولي ذات التأثير الحقيقي، وان تدرك ما يحيط بها من مخاطر وتدخلات خارجية، والا تسمح اي دولة من دول المنطقة بابتزاز احداها من قبل المنظمات ذات الأهداف المشبوهة مهما بلغت درجة الخلاف بينها، مع ضرورة تقوية جبهتها الداخلية وتعزيز حقوق الانسان فيها بما يتناسب مع واقعها، وهو الضامن الوحيد وصمام الامان الأول ومصدر القوة لها، لكي لا تؤكل كما أُكل الثور الابيض.

5964

| 08 أبريل 2021

العيون الزرقاء وجدلية التقليد الأعمى

تتناول نقاشاتنا وأحاديثنا الروتينية في كثير من الأحيان اتهامات أو ادعاءات موجهة في الغالب إلى حكومات العالم العربي، تتعلق بتقدير الكادر الأجنبي من ذوي العيون الزرقاء، بحسب ما يصفهم البعض، وتفضيلهم على الكادر الوطني والانبهار بهم، في إشارة - على الأغلب - إلى الأوروبيين والأمريكان تحديداً ولأصحاب الثقافة الانجلو ساكسونية بشكل عام. في الواقع فإن تلك العقدة وما يسفر عنها من تفضيل لا تقتصر على الأنظمة السياسية والحكومات، بل باتت متأصلة في الخيال الجمعي لكثير من أفراد وشعوب المجتمع العربي والشرق الأوسط بشكل عام. وفي محاولة لفهم هذه الظاهرة دائما ما تتم الإحالة إلى ما سطره ابن خلدون في مقدمته من "أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده". في هذا المقال لن يكون حديثنا عن هذه الظاهرة من حيث صحتها أو خطئها، فالثقافة الغربية والحضارة الصناعية هي المهيمنة على أرض الواقع، ولا مناص لدولة تريد أن تنهض وتتقدم من تلمس خطى الغرب شئنا أم أبينا، فالصين واليابان وكوريا وسنغافورة لم تنشغل بكيفية اختراع العجلة لكي تلحق بركب الحضارة! ولا يمكن لدولة من الدول مهما كانت عزيمتها وإصرارها أن تبدأ من الصفر لمواكبة ما وصلت له الحضارة الصناعية، بل لا بد من البناء على تجارب الآخرين، بدل التغني بماضي الأسلاف واستحضار الأمجاد الغابرة بالقول "يوم كنا ولا تسل كيف كنا". إن السؤال المهم هنا يتمحور حول ماهيّة التقليد الذي من شأنه أن يزج بنا في ركب الحضارة، وما المقصود بالتقليد المفيد لدى الغرب وتجنب التقليد "الأعمى"؟ هل علينا تقليد مشيتهم والاستماع لأغانيهم والتخاطب بلغتهم مع بعضنا البعض؟ أم نكتفي باقتباس كيفية تنسيق الزهور أمام فناء منزلنا؟ فنكون ظفرنا بالمفيد منهم! وعلى الرغم من أن السؤال يبدو بسيطا في ظاهره، إلا أننا لم نجب عليه واقعيا بعد، فلا زلنا نتخبط وننتقد الانبهار بالغرب في حين أننا غارقون في التقليد دون أن يقدم لنا ذلك التقليد أي دفعة إلى الأمام، فلغتنا أصبحت لغتهم وأشكالنا قاربت أو كادت أن تكون مثلهم، وتراثنا وثقافتنا أصبحت بحاجة للإنعاش والمثابرة لتبقى بارزة على السطح دون أن تغرق جراء ملاطمة أمواج الحضارة الغربية الفاتنة. إننا عندما نستورد منتجاً حضارياً من الغرب أو الشرق على حد سواء، فإن ذلك لا يعد بأي شكل من الأشكال دليلاً على تحضرنا، وهو ما نصبو إليه دائماً. كما أننا عندما نؤسس لشراكات مع الدول الصناعية لإنشاء مصنع في أوطاننا يقوم بتشغيله والعمل فيه وإدارته عناصر خارجية برؤوس أموالنا، فإن ذلك لا يعني أننا أصبحنا دولاً صناعية بتلك البساطة، ولن يقدم لنا ذلك المصنع في الغالب - باستثناء الانبعاثات الكربونية - سوى القليل. إن استخدام الهاتف الذكي أو الكمبيوتر أو قيادة سيارة فارهة وغيرها من منتجات الحضارة لا يعني أننا طرقنا سبل التحضر، ومن دون النظر للخلفية التاريخية والمعرفية لتلك المنتجات لن نعدو كوننا مستخدمين سذجا لها، علينا أن نسأل أنفسنا قبل كل شيء وقبل الانشغال بطرح التساؤل المتعلق بالتقليد، كيف انبثقت الحضارة الغربية؟ وكيف استطاع الغرب أن يحقق هذا التفوق بالرغم من وجود حضارات متقدمة ومتطورة سادت ثم بادت إلا أننا ما زلنا حتى الآن على الاقل، ننعم بما تقدمه لنا الحضارة الغربية، وهي من استطاعت، بحسب معلوماتنا الحالية على الاقل، أن تصنع فارقا ونقلة نوعية في مسيرتنا التاريخية. وبالرغم من أننا في عصر المعرفة وانكشاف أسرار التقدم، وتوفر المعلومة والمعرفة العلمية وتمكّن أيا كان من الاطلاع والاستزادة من كافة أشكالها، بدءا من كيفية صناعة الطائرة وتخصيب اليورانيوم إلى صناعة المايكرويف وغلاية المياه، جميعها موجودة وفي متناول أيدينا متى أردنا ذلك، وهي بالمناسبة في تطور وتراكم مستمرين لا يتوقفان، إلا أننا لم نقدح بعد شرارة التقدم. وحتى مع التحجج بوجود استثناءات بسيطة ومعوقات موجودة فعلا أمام الاستفادة من المعرفة وتوظيفها، منها الطغيان الاقتصادي والسياسي وسيطرة الشركات متعددة الجنسيات، إلا أن ذلك ليس الحائل والعقبة الوحيدة أمام تقدم الأمم. وبالعودة إلى السؤال عن الظروف الموضوعية لانبثاق الحضارة الغربية، نجد أغلب المؤرخين يتفقون على أن شرارتها انطلقت بالثورة الكوبرنيكية، والتي بها أفل نجم حقبة العصور الوسطى، وسطعت شمس عصر الحداثة، فالثورة الكوبرنيكية، بحسب موسوعة ويكيبيديا "هو مصطلح يشير إلى الثورة على النظرية المعروفة بنموذج مركز الأرض التي كانت تقوم على فكرة أن الأرض هي مركز المجرة، بزعم كوبرنيكوس أن الشمس مركز النظام الشمسي. كانت تلك النظرية نواة لثورة علمية في القرن السادس عشر الميلادي". إذا كيف لقضية مركزية الأرض أن تقود إلى ثورة علمية؟ وما تأثير تلك القضية على صناعة الطائرة والسيارة والهاتف الذكي والكمبيوتر؟ خصوصا إذا ما علمنا أن كثيرا من تلك الاكتشافات والنظريات الثورية في حينها، جرى التعديل عليها لاحقا، أو أن بعضها تبين خطؤه من الأساس؟ وفي كل الأحوال فإن تلك المعارف لا تقدم أي فائدة تذكر للحقل العلمي في وقتنا الراهن، وهل لو أنك أخبرت أحدهم بأن الأرض ليست مركز المجرة وأن الشمس هي مركز مجموعتنا الشمسية سيتمكن من صناعة جهاز أو برمجة حاسوب؟ ولكن رغم ذلك شكلت تلك الحقيقة شرارة التقدم للغرب، كيف؟ إن ما قدمته الثورة الكوبرنيكية هو التغيير الجذري لنمط وآلية التفكير، ورغم أن نظريات كوبرنيكوس لم تتبلور إلا بعد مائتي عام من النزاع والشك والجدل، حتى توالت الاكتشافات إلى أن جاء جاليليو مؤكدا لنظريات كوبرنيكوس الأمر الذي تسبب في تقديمه لمحاكم التفتيش واتهامه بالهرطقة ومحاولة ثنيه بسلطة الكنيسة، إلا أن شرارة المعرفة انطلقت ولا يمكن إيقافها، كما حقق الأوروبيون في عصر الحداثة تقدما ونقلة كبيرة بالعودة والاستزادة من المعارف الكلاسيكية التي سطرتها الفلسفة الإغريقية وتناولت قضايا كبيرة ومهمة في علم الوجود ونظرية المعرفة والأخلاق وعلوم المنطق والرياضيات. وفي حين يحتج البعض بأن الطريق الذي سلكه الأوروبيون نحو مصادر المعرفة مر بكتب الفلاسفة العرب والمسلمين وترجماتهم للمعارف الإغريقية التي تمت خلال العصر العباسي وأنهم استفادوا منها أيّما استفادة، كما شكلت لهم خريطة لاكتشاف الفلسفة الإغريقية، والذي يعتبرها البعض سرقة ونهوضا على أكتاف الآخرين، إلا أننا لم نسأل أنفسنا قبل ذلك، أليست المعارف في عصرنا الحالي وكما أسلفنا مطروحة ووافرة للجميع؟ لماذا لم "نسرق" منها - إن صح التعبير- ونقوم بتوظيفها والخروج من دائرتنا المغلقة؟. ثم أليست كتب الفلاسفة العرب جاءت ضمن سياق أوسع وحركة أشمل من الترجمة ونقل لمعارف وعلوم الآخرين، كما أننا ننسى أو نتناسى أن العلم والمعرفة ليسا حكراً أو رمزيات نتفاخر بها أو شهادات نعلقها على الجدران دون أن نعمل بها، فالمعارف والعلوم تتناقلها الحضارات والأمم والشعوب، ومن التجني اعتبار تلك الحركة الطبيعية بمثابة "سرقة". والسؤال الأهم هو: كيف استفدنا نحن من تلك المعارف قبل أن يظفر بها الغرب؟ وكيف تعاملنا مع الفلسفة عبر العصور؟ ألم يتعرض الفلاسفة المسلمون تاريخيا لما يشبه محاكم التفتيش الفكرية؟ والتي هي مستمرة إلى الآن بالمناسبة. إن القضية تتمحور حول طريقة التفكير والتعامل مع المعرفة، وعلينا هنا أن نسأل أنفسنا بموضوعية.. هل تجاوزنا المرحلة البدائية في طرق التفكير والتعامل مع المعلومة؟ بل والأهم من ذلك كيف تعاملنا ولا زلنا مع أصحاب الفكر وأصحاب الرأي الصادم لأفكار المجتمع برؤية جديدة لم يألفها، ألسنا مستمرين في طرح التساؤل الدائم حول جدوى الأبحاث التي تجريها الجامعات العريقة ومراكز الأبحاث حول العالم، ونسخر من أهمية المعرفة في حد ذاتها ونتساءل ماذا سيفيد إن اكتشفنا هذا العنصر أو ذاك، ونربط الأبحاث والاكتشافات بالتطبيقات العملية ونتساءل. ماذا سنتسفيد من تلك الاكتشافات؟ وكأننا نضع العربة أمام الحصان! كما أننا نربط مخرجات التعليم بسوق العمل وكأن العلم والمعرفة مقتصران على الوظيفة. إن طريقة التفكير وطريقة التعامل مع المعارف أهم بكثير من المعلومة بحد ذاتها، والشغف بالمعرفة لا يجب أن يتم ربطه بالتطبيقات العملية لتلك المعرفة، فلو أن الأمر كان كذلك لما توصلنا لأي من مظاهر التقدم والتكنولوجيا التي بحوزتنا الآن، فالشغف بالمعرفة هو الذي قاد إلى اكتشاف الكهرباء، وليس الرغبة في اقتناء غسالة الصحون!. يقول العالم الفلكي الشهير كارل ساغان، "العلم هو طريقة تفكير أكثر بكثير من كونه مجموعة من المعارف". اذا فالقضية ليست متعلقة بالمحاكاة والتقليد سواء كان تقليدا أعمى أم تقليدا مفيدا، إن المسألة أعمق من ذلك وهي متعلقة بالنظر إلى الآلية التي حققت قفزة نوعية وتجاوزت أطر التفكير والتعامل مع المعلومة، ونقلت الإنسان من التفكير الخرافي الأسطوري إلى التفكير المنطقي والعلمي، ومن محاكمة الفكر والحفاظ على النمط السائد إلى الانفتاح الفكري الذي قاد بدوره إلى حزمة أشمل من تقبل الآراء والمسائل المتعلقة بحرية الفكر وحقوق الإنسان، ونحن أمام ذلك لسنا بحاجة إلى طرح مسألة التقليد على طاولة الحوار بل الأجدر بنا وبناء على ما سبق النظر في صياغة إطار جديد للقضية يتعلق بمحاكمة أنماط التفكير وتفعيل المنهج العلمي في التعامل مع المعارف. ومع الأخذ بالاعتبار مشروعية الحجج المتعلقة بقصور المنهج العلمي والتفكير المنطقي في التوصل إلى الحقائق والمعارف، فالعلم حتى هذه اللحظة وبالرغم مما يقدمه لنا من أدوات حققت للبشرية قفزات نوعية هائلة، إلا أن القصور الذي يكتنف وظيفة العلم في شرح الظواهر وحل المشكلات لا زال قائما، فالعلم يقدم شرحا للظواهر ولا يخبرنا على وجه الدقة ما هي، كما أن العلم لا يقدم لنا ضمانات على مدى صحة النظرية والتفسير، وهذا بالمناسبة مصدر قوة العلم، فالعلم يشرح الكهرباء والجاذبية، إلا انه لا يخبرنا ما هي! كما أن العلم لا يجزم بالعلاقات السببية بين الظواهر وهو ما يزيد تواضعنا ويكشف لنا جليا بأننا لا زلنا في أول الطريق. والقضية الأخيرة تعد سببا أساسيا في رفض المنهج العلمي لدى الكثير والاستعاضة عنه بالثوابت المعرفية القديمة التي تجزم بصحة التفسير مكتسية رداء التقديس، إلا أن ذلك يعد سببا من أسباب عدم النهوض وتجاوز الإشكاليات، وفي هذا السياق يقول كارل ساغان "العلم بعيد عن كونه أداة العلم المثالية، لكنه أفضل ما لدينا، في هذا الصدد وكما هو الحال مع الكثير، فإنه يشبه الديمقراطية". وهو ما يشي بأننا على أعتاب ثورة أخرى تتجاوز الأدوات العلمية المحدودة التي بحوزتنا، ولكن يظل الفكر المستنير هو الفيصل في تحقيق تلك القفزة.

4696

| 01 أبريل 2021

تجريم معاداة النسوية

رحلت منذ ايام قليلة الطبيبة والروائية والناشطة المصرية نوال السعداوي، عن عمر ناهز التسعين عاماً بعد "صراع مع الدين" بحسب وصف احد ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي متهكماً. وبعيداً عن محاكمة وتقييم آراء نوال السعداوي الجريئة والمثيرة للجدل، يمكننا ملاحظة ان فكر نوال السعداوي واجه معارضة شديدة وانتقادا لاذعا خلال مسيرته الطويلة، وصولاً الى تحريف آرائها وتقويلها ما لم تقله بلسانها، او بقلمها، في بعض الأحيان. ان المواجهة العنيفة للآراء غير المتسقة مع التوجه العام في المجتمع، تأتي في سياق التطرف الفكري المتجذر في العقلية العامة، وفي المثال السابق فإن الامر لا يتعلق بمعاداة النسوية اذا جاز لنا استخدام هذا التعبير، بل انه يأتي في سياق رفض كل ما من شأنه زعزعة او انتقاد ما يعتبر ثوابت للمجتمع او خلخلة النسق الفكري العام. وما يدلل على ذلك هو ان آراء نوال السعداوي المنتقدة لبعض الظواهر الانثوية (كمساحيق الزينة وعمليات التجميل) اثارت سخط وامتعاض بعض الناشطات من "بني جلدتها"، الأمر الذي يعد تأكيدا للتطرف الفكري وتهميش الآخر حتى لدى من يدعي المظلومية والانتقاص والقهر، كما انه يعد دليلا على الحساسية تجاه القضايا النسوية، والنقد الموجه لها. تتمثل اشكالية الحراك النسوي في المجتمع العربي في انه لم يبلور خطاباً واضح المعالم، ولم يتجاوز كونه ظلالاً لتجليات الحراك النسوي الغربي، كما انه اصبح عنوانا وملاذا للتمرد ورفض الظلم الذي من المفترض ان يكون مرفوضاً من الجميع، وعلى الجميع. يمكننا ملاحظة تلك الجزئية تحديداً بالاستشهاد ببعض الحملات الاعلامية التي تم اطلاقها للمطالبة بإطلاق سراح الناشطات المعتقلات في بعض الدول، والتي لاقت تأييدا من قبل منظمات ودول غربية، في حين استثنت تلك الحملات المطالبة بحرية المعتقلين من الرجال، في تأكيد على مثنوية الرجل/ المرأة، من جهة، ومن جهة اخرى يمكن اعتبار ذلك تطرفاً وانحيازاً للنساء دون الرجال، وتأكيدا على الحالة الجندرية المترسخة في المجتمع حتى لدى من ينادون بنبذها والتحرر منها. من جانب اخر، تولد تلك التوجهات شعوراً تجاه المعتقلين من الرجال والقابعين في غياهب المعتقلات وكأنهم غير مشمولين بعين الرحمة النسوية. يتركز الحراك النسوي في صورته العامة على شحذ الهمم والعواطف للاستئثار بالنصيب الأكبر من الحقوق، دون النظر للواقع العام لحالة الحقوق في المجتمعات العربية، ومحاولة كسب تأييد المجتمع رجالا ونساء، ونعت المتحفظين على بعض المطالبات اما بالذكورية بالنسبة للرجال، او بالعبودية والخضوع لأولئك النسوة اللاتي لا يبدين حماسة للمطالب النسوية. لقد سلكت بعض المطالبات النسوية منحى متطرفاً في المطالبة بالحريات والحقوق، والتي من المفترض الا نقف ضدها من حيث المبدأ، الا انها ذهبت في أحيان كثيرة الى تهميش دور الأسرة والحط من مؤسسة الزواج وتحجيم دور الرجل بل ومطالبة الأخير بحمل الراية واقناعه بإلقاء نفسه الى التهلكة! واقناعه بضرورة التخلي عن دوره ليظفر بالمظهر الحضاري المتقدم. يمكننا اعتبار هذه الحالة أنها تسعى في كثير من الأحيان الى التخلص من صنم والركون الى صنم آخر، عبر ترسيخ النسوية الراديكالية، وتعزيز فرضية ان المجتمع الذكوري يؤسس لظلم المرأة، ويحط من قدرها ويهمش دورها، وبالتالي لن يستقيم شأن المجتمع الا بالإطاحة بالمجتمع الذكوري والعودة للجذور الوثنية لتقديس المرأة. ومع ذلك يغلب الاعتقاد بأن التجربة النسوية في العالم العربي لم تؤسس مطالباتها على تلك التصورات والمبادئ بشكل واع، الا ان واقع الأمر يثبت تأثر الحراك النسوي الذي لم يبلور خطاباً واضح المعالم بتلك التيارات دون وعي وادراك. مؤخراً، انسحبت تركيا من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحتهما، والتي كانت قد انضمت اليها في عام 2011، وعزى بعض المسؤولين الاتراك سبب هذا الانسحاب الى ان الاتفاقية "اضرت بالنسيج الاجتماعي التركي" بحسب وصفهم، حيث ترى تركيا ان الاتفاقية لا تتعلق فقط بما تبرزه في عنوانها العريض، بل انها تخفي بين طياتها قضايا اخرى تهدف الى تعزير السلوكيات الشاذة وتهدد مكانة الاسرة. وفي تعليقه على قرار الانسحاب، قال فؤاد أوكتاي نائب الرئيس التركي عبر حسابه في تويتر "مصممون على نقل نضالنا الرامي لرفع مكانة المرأة التركية إلى مستويات أعلى، مع المحافظة على نسيجنا الاجتماعي التقليدي ولا داعي للبحث عن الحلول في الخارج أو تقليد الآخرين من أجل تحقيق هذا الهدف السامي، فالحل يكمن في عاداتنا وتقاليدنا وجوهرنا". من جانب آخر، تسعى كثير من دول العالم العربي الى تقليد المرأة مناصب قيادية في الجسد الحكومي، بل وتفخر بهذه الخطوة معتبرة انها انجاز في حد ذاتها، دون النظر "في بعض الاحيان" الى الاضافة النوعية التي ستقدمها تلك المرأة للمنصب، حيث ان هذه الخطوة تأتي انسجاماً مع التزام الدول الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي تسمى اختصاراً "سيدوا"، والتي اصبحت ملتزمة بها، باستثناء بعض التحفظات التي ابدتها بعض الدول. وفي الوقت الذي قضت فيه كثير من الدول على تفاوت الرواتب والاجور بين الجنسين، وعملت على مساواتها وعدم التفرقة في الأجور على أساس جنسي "وهو امر ايجابي"، وامام استمرار الرجل بالتزامه بالنفقة والقوامة المادية، نجد "بعض النساء" ممن زاحمن الرجل في الوظيفة العامة كتفاً بكتف، لا هم لهن سوى صرف تلك الاجور المتعادلة والمتساوية على الكماليات وحقائب اليد الباهظة، ومع ذلك لا يمكننا بكل تأكيد الاعتراض او الامتعاض من هذا الأمر، انسجاما مع اتفاقية "سيدوا"، وخوفاً من التمرد عليها والخروج من اطارها. وفي السياق ذاته فقد قامت احدى سلاسل مطاعم الوجبات السريعة المعروفة بنشر اعلان عبر "تغريدة" في موقع "تويتر" تعلن فيه عن منحة للنساء للحصول على درجة اكاديمية في فنون الطهي، بأن قالت ان "المرأة تنتمي الى المطبخ"، الا ان تلك التغريدة لم ترق لكثيرين ولم تكن موفقة، حيث اثارت انتقادات واسعة من قبل المجتمعات النسوية اضطرت معها سلسلة المطاعم تلك لحذف الاعلان والاعتذار عنه، لأن الاعتذار من شيم الكبار بكل تأكيد. ولو افترضنا جدلاً بأن سلسلة المطاعم تلك قالت بأن الرجل يتفوق على المرأة في الطهي، لواجهت انتقادات لاذعة أيضاً من قبل تلك المجتمعات النسوية ذاتها، وهنا يمكننا تشبيه هذه الحالة المتطرفة بالثنائية المرتبطة بالجنس الأبيض والجنس الأسود، حيث إن التطرق للون الأسود بشكل مجرد وذكره في سياق النوع قد يولد تصورات عنصرية ممقوتة، في حين انه لون بشري كباقي الألوان يفترض الا يكون ذا مدلول عنصري، الا أن الحمل التاريخي انتج هذه الاشكالية واصبح وقعه يولد شعوراً بالانتقاص والحط من الكرامة. وامام هذا الواقع المتطرف والمنحاز للمرأة خلف ستار النسوية والذي يخفي خلفه ما يخفيه، فإن اخشى ما اخشاه هو ان يأتي اليوم الذي يتم فيه تشريع قوانين تجرم "معاداة النسوية"، وحينها ستصبح حتى هذه السطور تهديداً لكاتبها، ولن نتمكن حينها حتى من انتقاد أفكار بعض مدعي المظلومية وستسلط بعض الجلادات سياط النسوية اللاذعة على افراد المجتمع.

5426

| 25 مارس 2021

حدود المعرفة وحواجز الوعي

أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» يوم الخميس الماضي نجاح هبوط مركبتها «برسيفيرنس» على سطح كوكب المريخ بعد رحلة استغرقت سبعة أشهر، بهدف استكشاف الكوكب والبحث عن حياة سابقة عليه. ورغم أن نوع الحياة التي تسعى هذه الرحلة للبحث عن آثارها بحسب «ناسا» هي حياة ميكروبية قديمة ربما وجدت قبل سنوات طويلة، الا ان المخيلة البشرية لطالما كانت مفتونة بمسألة البحث عن وجود حياة عاقلة و»واعية» خارج كوكبنا الأزرق، ولطالما راودها سؤال ملح حول وجود حياة عاقلة وحضارات ذكية في المجرات البعيدة. وعلى كُلٍ، لا يقتصر هذا الهاجس على المخيلة الشعبية وأفلام الخيال العلمي والفانتازيا الأدبية وحسب، بل ان قضية وجود حيوات عاقلة خارج كوكبنا الصغير تعد قضية جوهرية مطروحة على طاولة البحث العلمي، وتشغل حيزا مهما في علوم الفضاء ومساعي البحث العلمي، ومع الاقرار بعدم وجود دليل يسندها حتى الآن، فإن الحال كذلك بالنسبة لنقضها، حيث لا يوجد دليل يفند أو يدحض فرضية وجود حياة في مجرات الكون الفسيح، وهو ما يترك الباب مفتوحاً امام مساعي البحث عنها. تمثل المعرفة البشرية المعضلة الكبرى التي تواجه العقل الإنساني، حيث ان تقدم تلك المعرفة وتطورها وتشعبها، أوهم الانسان انه بلغ مبلغاً من العلم تكشفت معه كافة أسرار الكون الذي يحيطه، وأصبح معها ملماً بخوافيه ولم يعد بحاجة لزيادة رصيده من المعرفة والبحث، وللدقة هنا، فإن هذه المعضلة تواجه الانسان من غير العلماء والباحثين الذين يدركون جلياً انهم رغم التقدم الذي يحققونه فهم ما زالوا في بداية الطريق، وان كل كشف علمي مبين يبرز لهم ضآلة معرفتهم ويكشف لهم ان ما يخفيه عنهم العالم أكبر واكثر تعقيداً. من أبرز المسائل وأكثرها أهمية وحساسية في حقل البحث العلمي، المسألة المتعلقة بحدود المعرفة او ما يعرف بـ «نظرية المعرفة» وهي النظرية التي تطرح سؤالاً جوهريا مؤرقاً وهو «كيف نعلم أننا نعلم؟»، وهل المعرفة ممكنة أم لا؟ فالعقل الانساني ومع الاعتراف بمحدوديته وضآلته أمام تعقيد الكون، فإنه يبقى وسيلتنا الوحيدة نحو سبر أغوار المعرفة، والتحدي الأكبر الذي يواجه العقل الانساني في عصرنا الراهن يتمثل في أن المعرفة لم تعد حكراً على الراسخين في العلم وحسب، بل انها أصبحت بفضل التقدم الذي نعيشه حقاً ينهل منه الجميع ويشكل توجهاتهم ويبلور تصوراتهم دون شرط او قيد ودون إلزام بامتلاك منهجية علمية لتحقيق تلك المعرفة، وهو ما اوقع انسان العصر الحديث في معضلة كبيرة تتعلق بتوهم المعرفة. تترتب على تلك المعضلة عدة سلبيات ليس اقلها اساءة استخدام المعرفة والتطور والتسلح النووي، وصولاً الى تمويل الابحاث العلمية ودعمها، وعدم وضع بعض الحقول المعرفية موضع الأهمية الذي تستحقها، وبالنظر الى تاريخنا المعرفي والتراكم المتسارع للمعارف خلال السنوات الأخيرة وبمقارنة تلك المسيرة مع ما وصلنا اليه اليوم من التقدم سندرك حتماً مدى تواضع معارفنا في السابق ومدى زهو اسلافنا بما حققوه في حينها من تقدم، ظناً منهم انهم بلغوا من العلم والمعرفة ما لا يحتاجون معه لزيادة رصيدهم منه، والسؤال هنا هو ما الذي يجعلنا نظن اننا تجاوزنا هذه المرحلة من البدائية من المعرفة، خصوصا واننا لم نتمكن بعد من كشف اصغر اسرار العالم ولم نتمكن حتى الآن من ادراك ابرز ما يميزنا؟!. يعد الوعي «Consciousness» ودرجته عند الانسان هو ما يميزه عن باقي المخلوقات التي تشاركه هذا العالم، الا ان هذا الوعي يعد السر الاكبر واللغز الأعظم، فالعلم لم يتمكن حتى الآن من فك شيفرة هذا اللغز المحير، من حيث ماهيته؟ واين يتمركز وكيف يعمل، وما هي الحدود التي تفصل الوعي الانساني عن الوعي الذي تمتلكه باقي المخلوقات، فالوعي عند الحيوانات يواجه صعوبة في توصيفه لا تقل عن الصعوبة التي تواجهنا عند توصيف الوعي الانساني، فالحيوان يفتقر للغة الانسانية التي تمكنه من إخبارنا عن تجاربه واحاسيسه، الا انه بلا شك يمتلك درجة من الوعي تمكنه من ان يكون ما هو عليه. ولكشف تواضعنا المعرفي يمكننا تأمل الحواجز التي تفصل الوعي الانساني عن الوعي لدى الحيوانات، فالملاحظ على الحيوانات وخصوصا الأليفة منها قدرتها على التعلم والتفاعل مع الانسان، فالقط الذي يجول في ارجاء المنزل يمكنه تعلم كثير من الامور ومعرفة افراد الاسرة ومواعيد طعامه، كما انه يظهر الكثير من ردود الافعال الذكية، ومع ذلك فحدود وعيه تصطدم بحاجز سميك يستحيل اجتيازه، فالقط في هذا المثال ومهما طال مكوثه مع الانسان فإنه يقف عاجزا امام فهم العلاقات الاسرية والمعتقدات التي يحملها الاشخاص وهو على كل حال لن يكون قلقاً حيال مستقبله. لقد قام كثير من العلماء بإجراء التجارب على الحيوانات بهدف تعليمها واكسابها المهارات، وقد اثبتت تلك التجارب ان بعض انواع الحيوانات قادرة على تعلم بعض المهارات البسيطة ويمكنها حل بعض المشكلات، الا ان تلك القدرة تبقى ضمن حاجز لا يمكن تخطيه مهما بلغ ذكاء ذلك الحيوان، ربما يبدو هذا امرا بديهيا ومن السذاجة ايراد مثال كهذا، الا ان ذلك ينبئنا بمحدودية وعينا وادراكنا نحن ايضا، ويطرح سؤالا مهما عن حدود معرفتنا، وعن اشكال الوعي من حولنا، وعوداً على ما بدأنا به المقال حول جهود البحث عن حياة خارج كوكبنا أو مجرتنا سواء أكانت حياة ذكية ام بدائية، يتبادر الى الذهن سؤال ملح يتعلق بتصوراتنا وافتراضاتنا المبنية على معطياتنا العقلية والحسية، وجدوى البحث عن حياة قائمة على الكربون حصراً، والافتراض بأن وعينا المحدود قادر على ادراك جميع ما يحيط به. وأمام ذلك، يتحتم علينا أن نعي موقعنا من الاعراب في هذا الكون الفسيح، وان نقر أن كل قفزة معرفية نحققها او كشف علمي ننجزه يعظم من مساحة الجهل الذي يواجه الانسان، ويزيد الغموض الذي يحيط ادراكه، وعليه، فلا خيار امامنا من ان نتواضع معرفياً وان نقر بأن جميع معارفنا وعلومنا على ازدهارها، هي في واقع الامر ليست سوى رأس الجبل الجليدي الذي يخفي المحيط جزأه الاكبر، وان ما نبحث عنه في الكواكب البعيدة ربما يعيش بقربنا ولكنه في بعد آخر قد نتأخر في اختراق حواجزه او كشف استاره.

5433

| 18 مارس 2021

البابا يقف على أنقاض بغداد

ماذا كان يتوقع البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية ان يرى أثناء زيارته التاريخية للعراق الجريح الذي انهكته الحروب ومزقته الصراعات، وهل ستضمد رسالة المحبة والسلام التي حملها في زيارته التي اختتمها يوم الاثنين الماضي جروح العراق الغائرة؟، وما طبيعة رسالة التسامح والاخاء تلك. بحسب ما أوردته تقارير إخبارية وتحليلات، فإن من ضمن الأهداف التي حملتها زيارة البابا فرانسيس للعراق والتي جاءت في وقت حرج، الوقوف على وضع الأقليات المسيحية هناك والتضامن معهم والشد من ازرهم، وقد صرح البابا في احدى جولاته في العراق قائلاً " إن التناقص المأساوي في أعداد تلاميذ المسيح، هنا وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط إنما هو ضرر جسيم لا يمكن تقديره". وبحسب ما تبينه الاحصائيات، فإن أعداد مسيحيي العراق اخذت في التناقص بعد الغزو الأمريكي للعراق، ذلك الغزو الذي وصفه الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الامريكية بوش الابن يوماً ما بأنه يمهد لـ "عودة المسيح" اما الجماعات الإرهابية المتهمة بتصفية مسيحيي الشرق الأوسط سواء في سوريا او العراق فلم تكن سوى افراز لما سمي بالحرب على الإرهاب، والتي وصفها بوش هي الاخرى بأنها" حرب صليبية"، وعليه ألم يكن من الاجدر بالبابا أن يحمل رسالته وييمم وجهه شطر البيت الأبيض ليحل السلام والوئام في الشرق الأوسط؟ إن نيران الحروب المستعرة في الشرق الأوسط والتي جاء البابا محاولا اخمادها لتكون برداً وسلاماً على تلاميذ المسيح، وفي الوقت الذي ندرك فيه مدى تعقدها واشتباكها بمصالح أطراف عديدة وتعقيدات سياسية كبيرة، الا انه ينبغي ألا نغفل عن حقيقة ان جزءًا من تلك الصراعات الدموية اذكتها ايادي اليمين المسيحي ذو النفوذ المتنامي في الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموماً. وفي هذا الصدد فمن المستبعد جداً ان يكون قداسة البابا غافلاً عن مفهوم "الحرب العادلة" الذي تسترشد به تلك الأحزاب اليمينية، لتبرير الحروب أخلاقيا بحجة إقامة العدل وإيقاف الضرر والتبشير بالسلام والتعايش بين الأمم، ويمكننا ان نتساءل هنا عن العدالة التي حققتها الحروب للشعبين الافغاني والعراقي وغيرهما من شعوب الأرض المطحونة. لقد ضلل قادة الاحزاب المسيحية اليمينية اتباعهم والرأي العام من دافعي الضرائب ليحصلوا على التأييد والمباركة ليخوضوا الحروب التي لا تبقي ولا تذر تحت حجج واهية وعدالة موهومة، ولم يتساءل العالم بعد كم الدمار الذي خلفته تلك الحروب كما لم يتساءل البابا نفسه عن مزاعم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي كان يعمل على تطويرها ويخفيها عن العالم! والتي كانت سببا "وجيها" لتدمير العراق ونهب ثرواته لما يقارب من عشرين عاما! لا يمثل العراق مهد الحضارة وحسب، بل انه مهد التوحيد " الابراهيمي" ومنبعه على اعتبار صحة الرواية التي ترى ان مسقط رأس النبي إبراهيم عليه السلام كان ضمن أراضي العراق اليوم، الا انه" أي العراق" يعاني ما يعانيه ككثير من دول المنطقة من حروب ونزاعات وطائفية، والمعاناة التي تعانيها شعوب تلك الدول ليست محصورة على الأقليات الدينية والطوائف وحسب ليأتي من يطالب بحمايتهم في منطقة يموج بها الصراع والتطرف ويغمرها من كل حدب وصوب، وعلى ان رسالة البابا في إحلال السلام مقدرة ومرحب بها الا انه من حقنا ان نتساءل هنا عن ماهية تلك الزيارة، وان ننتهز الفرصة لنذكّر أيضا بوضع الأقليات في الغرب الأقرب الى قداسة البابا من العراق. تعاني الأقليات في دول الغرب من إشكالات، قد لاتصل للدرجة نفسها من المعاناة التي تعانيها أقليات الشرق الأوسط كون المنطقة تجثم على مستودعات الطاقة والثروات وبالتالي فهي تمثل بؤرة للصراع الذي يدفع ثمنه المستضعفون، إلا ان الحقيقة المرة هي أن معاناة الأقليات في دول الغرب نابعة عن التعصب الأعمى لليمينية المتطرفة بقيادة مسيحيين متعصبين، فهل يحمل البابا رسالة سلام ومحبة لأولئك المستضعفين في الأرض، اخذا بالاعتبار ان أكثر المدافعين عن الأقليات في تلك الدول يأتون من خلفيات ليبرالية وأحزاب يسارية، في حين أن الاضطهاد في غالبه الأعم يأتي من المتطرفين الدينيين. ثم ماذا عن الأزمة التي تعيشها المسيحية في الغرب والمتمثلة في انحسار تأثير الكنيسة على اتباعها، ناهيك عن الكنائس المشرقية المنبوذة أساسا من قبل الكنيسة الكاثوليكية، وفي الوقت الذي يزور فيه البابا مسيحيي الشرق الأوسط ويتضامن معهم نجد ان الكاثوليك يشكلون اقلية وسط الأقليات في تلك المناطق. فهل يعد ذلك لجوءًا عند الحاجة " كعادة الكاثوليكية" لكنائس المشرق، أم أن البابا خلع عباءة الدين وارتدى معطف الدفاع عن حقوق الأقليات والمطالبة بحقوق الانسان. في مقابل تلك التساؤلات، لابد أن نقرأ زيارة البابا لمدينة أور الأثرية و"الحج" اليها على اعتبار انها مسقط رأس النبي إبراهيم عليه السلام بتأنٍ وروية، فهل تأتي تلك الزيارة في إطار التأسيس لمحج في تلك المنطقة ليأتيها الحجاج "الابراهيميون" كما يوصفون، من كل فج عميق؟ ثم ماذا عن الشكوك التي ابداها كثيرون حول ما يتعلق "بالدعوة الابراهيمية" وهل يدعم البابا تلك المساعي لتوحيد اتباع الديانات الابراهيمية والتأسيس لعصر جديد يتّحدون فيه، ليس بهدف تشكيل قوة يخشى جانبها والتأسيس لتعاون مثمر، بل ربما لتسهيل انصياعهم في ظل متطلبات زمن العولمة الذي لا يستوعب الاختلاف وليس لديه الوقت للحوار والاقناع. أم ان تلك الزيارة ربما تهدف لما هو ابعد بحسب ما يذهب اليه البعض وذلك للتمهيد لفصل محافظة "ذي قار" عن الجسد العراقي الممزق والمنهك؟ في محاولة للحصول على قطعة من الكعكة العراقية يستأثر بها المسيحيون؟ كل تلك التساؤلات لا يمكن الجزم بإجابتها إلا انها تبقى أسئلة مطروحة ومفتوحة. ما أحوجنا اليوم لـ"بابا" يطالب بحقوق المستضعفين ويحمل رسائل السلام والمحبة والإخاء ويحلق بها في اصقاع المعمورة ويحط رحاله في خليج غوانتانامو ليطالب بحقوق الاقلية المستضعفة التي تقبع في السجون لما يقرب من عشرين عاماً كضحايا "للـحروب المقدسة"، لينادي بإنصاف الأقليات والمستضعفين ويطالب بحقوقهم ليعيشوا بسلام ووئام دون عنصرية او بغضاء او كراهية. وعوضاً عن ان يقف البابا على أنقاض دولنا بحثاً عن موقع معركة "هرمجدون " منتظرا عودة المسيح، كان الأحرى بالمؤسسة الدينية الكاثوليكية السعي لبلورة خطاب معتدل ينبذ التطرف أيا كان نوعه وشكله وخلفيته الدينية، ويعزز النزعة الإنسانية ويدين التطرف اليميني ويكبح جماحه، بدل أن ينشغل الفاتيكان بكيفية تعميد الكائنات الفضائية وهدايتها لنور المسيحية عندما تزور كوكبنا الصغير!.

3412

| 11 مارس 2021

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6300

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

5079

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3795

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2856

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2511

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1653

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1563

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1497

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1077

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

990

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

984

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

960

| 24 أكتوبر 2025

أخبار محلية