رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مقهورا أصبحت، من فرط ما استمعت إليه من دفوع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ومن قبله المحامي الذي يتولى الدفاع عنه فيما يسمى بقضية القرن في المحروسة، ثم مرافعة وزير داخلية نظام مبارك حبيب العادلي، وبعض القيادات الأمنية المتهمة في القضية، والتي روجت لمقولة إن ثورة الخامس والعشرين من العام 2011 محض مؤامرة خارجية وأنها حصيلة تحرك نفر من العيال على حد تعبير العادلي قاصدا الشباب الذي خطط ونفذ وأشعل الثورة.
وثمة ملاحظات ضرورية لدي في هذا السياق أوردها فيما يلي:
أولا: لقد حظيت هذه الدفوع بأكبر قدر من التغطية الإعلامية الواسعة سواء عبر التليفزيون، والتي أنيط حق بثها مباشرة على الهواء لمحطة "صدى البلد"، والتابعة لواحد من عتاة رجال الأعمال الذين كانوا - وما زلوا – ضمن دائرة الحزب الوطني الحاكم في زمن مبارك. وليس لدي معرفة بالملابسات التي دفعت هيئة المحكمة الموقرة للموافقة على هذا السلوك، بينما كان من الأجدر أن يناط بهذا الحق للتلفزيون الرسمي التابع للدولة المصرية ثم - وهذا الأمر كان لافتا للغاية – تابعت الصحف سواء قومية أو خاصة بتخصيص مساحات واسعة من صفحاتها الأولى والداخلية لهذه الدفوع على نحو بدا لافتا وباعثا على الغيظ. وقد يدفع البعض بأن هذا من أولى مستوجبات المتابعة الإعلامية التي تبدي اهتماما بالحدث الأبرز والأكثر تأثيرا على جمهور المتلقين، وهو ما لا يشكل لدي أدنى اعتراض، بيد أن اعتراضي على المبالغة في متابعة الحدث على نحو أفضى إلى بلورة قناعة لدي أن ثمة دوائر تسعى إلى تسويق براءة مبارك وأركان نظامه من دم شهداء الثوار، وتشويه صورة ثورة يناير وتصنيفها بحسبانها محاولة همجية لإسقاط نظام مبارك الذي كان بطبيعته آيلا للسقوط.
ثانيا: من حق المتهمين وهيئة الدفاع عنهم أن يلجأوا إلى كل الوسائل التي تهدف إلى الحصول على البراءة، خاصة أن التهم الموجهة لهم قد تدفع بهم إلى الإعدام أو السجن المؤبد، غير أن قلب الحقائق والقفز عليها وتقديم معطيات غير واقعية، وفي بعض الأحيان تتعارض مع وقائع ثورة الخامس والعشرين من يناير التي شاركت فيها الملايين من أبناء الشعب المصري في مختلف محافظات مصر، ولم تقتصر فقط على هؤلاء النفر من الشباب الذين وجهت لهم كل ألوان الاتهامات بتلقي الأموال الطائلة والتدريب على إسقاط النظام وكأنه كان قويا، بينما هو في حقيقته كان متهالكا، ولم يكن في حاجة مؤامرات خارجية أو داخلية، بل كان في حاجة إلى إرادة شعبية قوية تندفع في موجات هادرة، وهو ما حدث بالفعل منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى الحادي عشر من فبراير2011، وبالتالي فإن ما جرى يجعل من اتهام هؤلاء النفر متهافتا ليس بوسعه أن ينقذ مبارك أو وزير داخليته أو قياداته الأمنية من عقاب يستحقه عن القتل المفرط في القوة الذي مارسته قوات الأمن في ذلك الوقت، والتي كانت محكومة بعقيدة تقوم فقط على حماية رموز النظام وليس حماية الشعب.
على عكس ما ادعاه حبيب العادلي في دفاعه من أن القوات خرجت لحماية المتظاهرين في حين أن مهمتها الرئيسية - وهو ما لمسته بنفسي خلال متابعتي لأحداث ميدان الجيزة القريب من منزلي في الثامن والعشرين من يناير 2011 - محددة بمطاردة المشاركين في التظاهرات العارمة وتوجيه أسلحتها باتجاههم لوقف تمددهم وإلا أجبني عن سؤال: من قتل ما يقرب من ألف شهيد في تظاهرات ثورة يناير؟.
ثالثا: شخصيا أقف في الخانة المناهضة لجماعة الإخوان المسلمون، وكنت وما زلت متحمسا لثورة الثلاثين من يونيو 2013، والتي نظرت إليها بحسبانها تصحيحا لمسار ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومع ذلك فإنني ضد كل ما تردد في الدفوع من محاولة إلقاء تبعة أحداث يناير على هذه الجماعة وعناصرها وقياداتها مما ينفي عنها صفة الشعبية، وكأنها كانت حصيلة تحركهم فقط. في حين أن الحقائق التي باتت معروفة أن الجماعة لم تشارك في الثورة إلا في يوم الثامن والعشرين من يناير فيما يسمى بجمعة الغضب بعد تردد من قياداتها واتخاذ شبابها قرار المشاركة بمنأى عن هذه القيادات. التي انتظمت فيما بعد في الثورة وفعالياتها مثلهم مثل الفصائل والقوى السياسية الأخرى. فضلا عن ذلك فإن محاولة الزج بأطراف إقليمية في تحريك وقائع الثورة ينطوي على إهانة للشعب المصري، الذي خرج بعفوية للمساهمة في هذه الثورة التي فجرها شباب المحروسة مستفيدين من وقائع ثورة تونس التي سبقت ثورتهم بأيام.
إن الشعب المصري بطبيعته ثائر، وكانت ثمة مقدمات لثورة يناير منذ العام 2006 وربما قبل ذلك ولكن مع ظهور الجماعات الاحتجاجية. متمثلة في حركة كفاية ثم حركة السادس من أبريل وغيرها من التجمعات في شرائح مختلفة من المجتمع المصري، بدا واضحا أن النظام في طريقه للتهاوي خاصة أنه بدأ يلجأ إلى القبضة الأمنية المفرطة في معدل قوتها دونما رحمة مع تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد كل مناوئي النظام على نحو جعل من المحروسة بؤرة رعب للمعارضين، وبالتالي فإن الشعب بكل فئاته بات مهيأ للمشاركة في أي تحرك كبير لإسقاط النظام وهو ما تجلى أحداث ثورة يناير 2011.
رابعا: قد تكون هناك اختراقات من قبل دوائر خارجية لتلك المجموعة المحدودة من الشباب أو تلك. فذلك وارد بالطبع، ولكنها لم تكن موجهة لنظام مبارك. فبطبيعته كان مواليا للغرب، بالذات الولايات المتحدة التي كانت تنظر إليه باعتباره حليفها المهم في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه كان الكيان الصهيوني يعتبره كنزا استراتيجيا له، وهو ما تجسد في مواقف واشنطن التي اتسمت بالكثير من التردد تجاه وقائع ثورة يناير، ولم تتخذ موقفا قاطعا إلا بعد رأت بأم عين إدارة الرئيس باراك أوباما من خلال التقارير التي كانت تتدفق ساعة بساعة من السفارة الأمريكية بالقاهرة أن ثمة إصرارا شعبيا غير مسبوق على ضرورة إسقاط النظام، وألفت في هذا السياق إلى أن واشنطن لم تبد اعتراضا على مشروع توريث نجل مبارك جمال للسلطة، بل استقبلته غير مرة للتعرف عليه وإحاطته علما بمتطلباتها في مرحلة ما بعد مبارك وهو ما ينفي تماما رواية المؤامرة الأمريكية على نظام مبارك، ولو أرادت إسقاطه لفعلت دون ضجيج وعبر رجالها الكثر داخل النظام. ولكنه كان يحقق أهداف الولايات المتحدة في المنطقة وحافظ على مصالحها خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على أمن إسرائيل والانخراط دوما في كل مشروعاتها وحروبها في المنطقة، وفي مقدمتها حرب الخليج الثانية في العام 1991 ثم غزو العراق في العام 2003
خامسا: إن محاولة تجميل نظام مبارك عبر هذا التكثيف الإعلامي لبث ونشر دفوعات رأسه ووزير داخليته ومحامي الدفاع لن تجدي نفعا في ظل واقع ما زالت المحروسة تكابد تداعياته.. ولكن المخيف أن ثمة مقدمات تزامنت مع هذا السلوك الذي ليس من حقي توصيفه لأنه اتخذ بقرار من رئيس المحكمة التي تجرى بها محاكمة القرن منها الإفراج عن واحد من أهم رموز النظام رجل الأعمال أحمد عز قبل أيام بعد أن دفع كفالة قيمتها مائة مليون جنيه. فضلا عن تصدر رموز سياسية وإعلامية أخرى المشهد في المحروسة وحديثهم بنوع من الشعور بسطوة الانتصار. وهو ما باتت هواجس تنتشر في أرجائها بإمكانية إعادة إنتاج نظام مبارك خاصة مع القدرات المالية التي يمتلكها رجال أعماله وسياسيوه السابقون، مما يهيئ لهم فرصة الصعود إلى البرلمان المقبل بقوة. الأمر الذي يستوجب من القوى الثورية والسياسية أن تتحسب له وتعمل على بناء تحالفاتها القوية. فضلا عن الانتشار في المدن والقرى ومقاربة أحلام ومشكلات أبناء الشعب بدلا من تركهم عرضة لرشاوى بقايا نظام مبارك وهدايا جماعة الإخوان.
القضية الكردية بين تركيا وسوريا والولايات المتحدة
شكّلت القضية الكردية أحد أبرز التحديات التي واجهتها تركيا لعقود طويلة، فالجمهورية التركية الحديثة، التي قامت على قطيعة... اقرأ المزيد
144
| 17 نوفمبر 2025
مؤامرة الصمت
لعل أبرز إشكالية يعاني منها المريض المتضرر من خطأ طبي هي إثبات دعواه أمام القضاء، إذ يتعين عليه... اقرأ المزيد
207
| 17 نوفمبر 2025
التعلّق.. خيطٌ من المحبة يجرّنا إلى الوجع
التعلّق شعورٌ يولد مع الإنسان منذ أول لحظةٍ يبصر فيها النور، كأنه نداء خفيّ في أعماق القلب يبحث... اقرأ المزيد
126
| 17 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
17454
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
10011
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9672
| 13 نوفمبر 2025