رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أسامة محمد محمود

مساحة إعلانية

مقالات

1653

أسامة محمد محمود

أضرار الحسد على الفرد والمجتمع

18 أكتوبر 2024 , 02:00ص

يعدُّ الحسد من آفات القلب التي ابتُلِي بها الكثير من الناس، حيث يحمله الإنسان بداخله كمرض خبيث قد يتسبب بهلاكه؛ إذ تعدُّ أمراض القلب من أصعب الأمراض علاجاً، والتي لا يقتصر ضررها على الشخص الحاسد فحسب، بل تتعداه لتؤذي المجتمع أيضاً، فتورث العداوة والبغضاء بين أفراده؛ كما أنَّ الحسد مذموم في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم، فالحسد هو تمني الحاسد زوال نعمة المحسود. وهو صفة ذميمة لا تتخلق بها إلا النفوس المريضة التي لا تحب إلا العيش منفردة والاستئثار على غيرها بما تهواه. والحسد بوابة الآثام، يبدأ بالقريب قبل البعيد، والصديق قبل العدو، فهو أكثر ما يكون بين الأقارب، وبين الجيران، وبين الزملاء. فالقريب الحاسد لا يحب أن يكون قريبه أحسن منه فيما يتباهى به الناس، ولو كان أخاه لأبيه وأمه.

 ومن مراتب الحسد أن يحب الحاسد زوال النعمة عن المحسود، وإن كان ذلك لا ينتقل إليه، وهذا في غاية الخبث وأن يحب زوال النعمة عن المحسود وتحولها إليه، لرغبته في تلك النعمة، قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِياً ﴾ [الزخرف: 32]... حذر من أمراض القلوب التي تفتك بالأمة وتأكل الحسنات فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا» رواه البخاري.

لقد سعى الإسلام إلى طهارة البدن والقلب، قال تعالى ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88، 89]، ولقد حذر المولى تبارك وتعالى من أمراض القلوب لما لها من أضرار على الفرد والمجتمع فأمر بالاستعاذة منها فقال تعالى ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ الفلق: 1 - 5.

 والحسد يدخل بين الأقران والأمثال في أكثر الأحيان فالعامل يحسد العامل والتاجر يحسد التاجر والفلاح يحسد الفلاح ولذلك لا تستغربوا من حصول المشكلات والمكايدات، والبغضاء والتقاطع، والهجران وفساد العلاقات، والأضرار بين الأصناف السابقة، فما ذلك إلا نتيجة من نتائج مرض الحسد.

والحسد يمزق المجتمع ويفرقه، ويزرع فيه الشحناء والضغينة، وانظر إلى ما فعله إخوة يوسف بيوسف، حين أظهروا ما في قلوبهم من الحقد والحسد، فكان ثمرة ذلك تفكك الأسرة وتغرب يوسف عدد سنين وذلك كله بسبب الحسد والحقد. وعلى الحُسَّاد أن يعلموا أن الله مُطَّلعٌ على سَرائر قُلوبهم، وأنَّ الله قد قَسم عطاءَه بين الناس بالعدلِ، فحَسدُهُم وغيظهم لن يغيِّر شيئًا مِن قضاءِ الله وقدَرِه.

مساحة إعلانية