رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نواصل حديثنا عن الرياضة في الإسلام، ونتحدث في هذا المقال عن الضوابط والآداب الشرعية للرياضة البدنية، فنقول: لقد اهتم الإسلام بجميع جوانب الإنسان بروحه وبجسده وبعقله، وشجعه على ممارسة الرياضة الذهنية والبدنية المضبوطة بالضوابط الشرعية، والآداب السلوكية الحميدة، تحصيلاً وتحصيناً للقوة وحفاظاً على الصحة والعافية. ولكن الرياضة البدنية ليست هدفاً أو غاية في ذاتها، بل هي وسيلة من وسائل القوة لحماية الدين ونصرة المسلمين وإنقاذ المستضعفين.. وإذا تحولت الرياضة البدنية إلى هدف في حد ذاته، أو شغلت عما ينفع المسلم في دينه أو دنياه وأخراه، فقد تحولت عن المراد منها شرعاً، وانحرفت عن القصد منها عقلياً وعرفياً وينبغي للمسلم ألا يُضِيِّع فيها وقته أو جهده حينئذ.
التربية الرياضية لا تثمر ثمرتها المرجوة إلا إذا صحبتها الرياضة الروحية الأخلاقية، ولذلك ضوابط وآداب، يجب أن يحافظ على آدابها، ويُلتزم بضوابطها، والتى من أهمها:
1 — عدم التعصب الممقوت فإذا حدث انتصار لفرد أو فريق وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه الطبيعة البشرية، وجب أن يكون فى أدب وذوق، فالقدر قد يخبئ للإنسان ما لا يسره، وقد تكون الجولات المستقبلة فى غير صالح الفائز الآن. وفي الحديث عن جبير بن مطعم — رضي الله عنه — أن رسولَ الله — صلى الله عليه وسلم — قال: «ليس مِنَّا مَنْ دعا إلى عصبيَّة، وليس منا من قاتل عصبيَّة، وليس منا من مات على عصبيَّة»
2 — ويجب ألا تكون هناك شماتة بالفريق المنهزم، ففى الأثر: «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ» قال عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود — رضي الله عنه —، قَالَ: «لَوْ سَخِرْتُ كَلْباً، خَشِيتُ أَنْ أَحُورَ — أرجع — كَلْباً».
وقَالَ إِبْرَاهِيم: إِنِّي لأرى الشَّيْء، فأكره أَن أعيبه مَخَافَة أَن أبتلى بِهِ، إِن عَبْد اللَّهِ، كَانَ يَقُول: إِن الْبلَاء مُوكل بالْقَوْل.
وقَالَ سعيد بْن الْمسيب: إِن أربى الرِّبَا استطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه الْمُسلم.
3 — وإنما يجب أن يحب كل فريق وجمهوره للآخر ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وفي الصحيح عَن أنس — رضي الله عنه — عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ" كَذَا عِنْد البُخَارِيّ. وَقَالَ مُسلم فِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة: حَتَّى يحب لِأَخِيهِ — أَو قَالَ — لجاره مَا يحب لنَفسِهِ "25 وقد رأيتم أن الأعرابى سبق بقعوده ناقة النبى صلوات الله وسلامه عليه التي كانت لا تُسبق، وشق على المسلمين ذلك تمثلت الروح الرياضية الصحيحة — كما يعبر المتحدثون — عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه، وذلك ليهدئ من ثائرة المتحمسين له. وقال لعائشة لما سبقها: هذه بتلك.
4 — من الأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة، رعاية حسن العهد فحسن العهد من الإيمان، كما في الصحيح 26 وعدم نسيان الشرف والذوق؟ وعدم الفجور فى المخاصمة فتلك من خصال المنافقين، ففي الحديث الصحيح "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً. ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
5 — عدم الاستغراق في ممارسة الرياضة إلى حد نسيان وإهمال الواجبات الدينية والوطنية أو الواجبات الوظيفية والأسرية الأخرى وغيرها، ولا يرضى الإسلام أبدا أن نصرف لها اهتماماً كبيراً يستغرق — جهداً ومالاً ووقتاً — يغطى على ما هو أهم منها بكثير. مما تتقدم به الأمة وتنهض، فلا بد من مراعاة سُلَّم الأولويات، وفرض الوقت، ووقت الفرض. "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" "وَلَا يزَال قومٌ يتأخرون حَتَّى يؤخرهم الله".
6 — عدم ممارسة الرياضة أو إقامة المباريات بشكل يؤذي الغير — زماناً أو مكاناً —، كما يمارس البعض لعب الكرة فى الأماكن الخاصة بالمرور أو حاجات الناس، وفي أوقات ينبغى أن توفر فيها الراحة للمحتاجين إليها. من الدارسين، والمرضي، والنائمين .
7 — عدم التحزب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبة، وباعد بين الأخوة، وجعل فى الأمة أحزاباً وشيعاً، والإسلام يدعو إلى الاتحاد ويمقت النزاع والخلاف، وغير بعيد ما وقع مؤخراً بين شقيقتين (مصر والجزائر) في وطننا العربي الإسلامي بسبب لعبة رياضة كرة القدم.
8 — لا يرضى الإسلام لجنس أن يزاول ألعاب جنس آخر تليق به ولا تتناسب مع غيره فى تكوينه وفي مهمته ورسالته في الحياة ذلك أن الإسلام حين يبيح شيئاً ويجيزه يجعل له حدوداً تمنع خروجه عن حد الاعتدال وتحافظ على الآداب وتتسق مع الحكمة العامة للتشريع، وفي إطار هذه الحدود يجب أن تمارس الرياضة، وإلا كان ضررها أكبر من نفعها، وذلك مناط تحريمها، كما هي القاعدة العامة للتشريع. ويشير إلى ذلك كله قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}، فالآية بعموم لفظها تحرم الاعتداء في كل تصرف، سواء أكان ذلك مطعوماً أم ملبوساً أم شيئاً آخر وراء ذلك، والاعتداء هو تجاوز الحد المعقول الذي شرعه الدين. بالإلتزام بمثل هذه الضوابط والآداب لا تتكرر مجزرة بورسعيد الشهيرة، ولا مأساة مباراة مصر والجزائر.
هذا وللحديث صلة بحول الله وقوته
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2325
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1221
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
795
| 10 ديسمبر 2025