رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عاطف سليمان

مساحة إعلانية

مقالات

493

عاطف سليمان

نحو ثقافة سينمائية

19 يوليو 2012 , 12:00ص

السرد هو حيلة أو وسيلة لإخبارنا بأحداث من خلال شخصية الراوي.. فالرواية تروي أحداثا تجري وفق نظام معين وأن الفرق بين أي قصة وأخرى هو في ذلك النظام.. ولم يعد التركيز على فعل الشخصيات المرتبطة فيما بينها بعلاقات وتتحرك بناء على حوافز تعود إلى حبكة وعقدة إلى نهاية أو حل.. ومن ثَمَّ فإن السينما لا تعيد إنتاج الواقع من خلال التطابق أو التمثل ولكنها تضيف عليه قوة تعبيرية لم تكن موجودة في الأشياء أو الموجودات في عالم الواقع وعلى ذلك فهناك فارق واسع وجوهري بين أن تعادل أو تساوي السينما بالواقع من خلال نسخ الواقع ميكانيكيا وبين مماثلة أو مشابهة نسق العلاقات بينهما.

لتاريخ السينما الأهمية الكبرى للحكي والسرد لأنه الخطوة الضرورية لصياغة النص الفيلمي وحجر الزاوية في تكوينه وتحديد المعاني فالسرد هنا هو مجموع الوقائع والأحداث، ما الذي يكتب والذي يتم اختياره ولماذا تم حذفه!؟

ويقف مارسيل مارتن مؤلف كتاب "اللغة السينمائية" حائرا في مواجهة البناء الزمني للفيلم من حيث ترتيب الأحداث زمنيا.. فيصنفه مرة بأنه توليف متوازٍ حيث يقع في وقت واحد.. وهذا النوع على ثبات التأثير الذهني لا البصري.

ثم يضرب لنا فاضل الأسود مثالا بآليات السرد في الفيلم الشهير" ناجي العلي " إخراج عاطف الطيب مشيراً إلى أن ما تحمله المادة الحكائية منسوبة إلى محور الزمن ليس إلا المظهر الخارجي لمتوالية الأحداث وفي مركب أحداث ومشاهد ذات طبيعة قصصية تتعاقب على امتداد الأعوام 1948-1987 ومجموعة المشاهد التي تم وضعها لتبين ما يطلق عليه " افان تيتر " وهي المساحة الزمنية التي يحددها الوقت الذي يقع بين بداية العرض الفعلي لشريط الفيلم وظهور العناوين وهنا يطلق المؤلف رسما تخطيطيا للفيلم منذ البداية الأولى عام 1948 والحياة في قرية الشجرة حينما كان ناجي العلي عمره 10 سنوات ثم هجوم اليهود الوحشي على القرية وفرار الأهالي إلى الأردن والشتات إلى لبنان ثم بناء مخيم واستقرار ناجي العلي وأسرته هناك.

ثم يصور لنا البداية الثانية وناجي يرسم في لندن عام 1978 وإطلاق الرصاص عليه ودخوله المستشفى والتلف الجزئي للمخ ثم ناجي تحت العلاج في غرفة العناية المركزة. شرود واسترجاع ذكريات المدرسة.. وتنتقل بنا مشاهد الفيلم من خلال السرد إلى لبنان 1987 ثم عودة لعام 1967 وتنحي عبد الناصر في 9 يونيو.. شرود واسترجاع بيروت وناجي يعمل في جريدة السفير.. إلى أن نصل إلى لندن 1987 وإعلان وفاة ناجي العلي..

هنا أراد المؤلف أن يبدأ بطفولة ناجي وعمله في قرية الشجرة لتكون تلك القرية نقطة انطلاق السرد إلى أن يوصلنا الفيلم الذي ثم التطبيق عليه إلى لوحة قبل نهاية الفيلم كتب عليها لندن 1987 وخروج ناجي العلي متأبطا مجموعة من رسوم الكاريكاتير متوجها إلى مقر الصحيفة وعند توجهه إلى سيارته تنطلق رصاصات الغدر والاغتيال فترديه مضرجا في دمائه..

السرد السينمائي كتاب مهم لمن يريد النهل والاستزادة من الثقافة السينمائية..

مساحة إعلانية