رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
(المتنبي)
يحتفل المسلمون بفضل الله تعالى في مشارق الأرض ومغاربها في هذه الأيام بحلول عيد الفطر المبارك، فالعيد هو الفرح وأيامه هي أيام الفرح. وإذا كان قد ورد في الحديث الشريف أنه يوم أكل وشرب وفرح وسرور، فإن كلمة العيد اقتبست لتدل على كل مناسبة سارة أو سعيدة. ويبلغنا المولى عز وجل في رسالة العيد بأن نفرح ونسعد بقدومه وأيامه على ما قدمه العباد من عبادة وصوم وصلاة وتعبد وتهجد، فإذا كنا نحتفل بالعيد، فهو ابتغاءَ مرضاته تعالى.
لقد امتلأت المساجد في رمضان تضرعا لله وإقامة عباداته وتلاوة القرآن ودروسه والتدبر فيه، وتدربنا على التضحيات والتحلي بالأخلاق الحسنة، ولو واظبنا الآن على كل هذه الحسنات في حياتنا اليومية فسيكون هذا مدعاة للطاعة الكاملة لله تعالى ولرسوله والتقرب إليهما. وهذا هو العيد الحقيقي الذي يحظى به المؤمن بعد تقديم التضحيات وإحداث التغييرات الطيبة في نفسه.
ها نحن نستقبل عيد الفطر المبارك ونودع شهر الصوم والخير والبركة، لنستكمل الفرحة بعد عبادات الشهر الفضيل، وعلينا أن نجعل من أيام العيد المباركة فرصة حقيقية للسعادة. فالعيد فرصة لتجديد أواصر المحبة والتواصل، بين الأهل والأقارب، وفي العيد نبدد الأحزان بالفرحة، ونترك الأوهام والخلافات لنسعد فقط بفرحة العيد وبهجته.
واليوم؛ علينا أن نحتفي بالعيد بصورة يومية بحيث لا تحرمنا الدنيا من مرضاة الله، حتى يثيبنا الله لصيامنا وإصلاح نفوسنا، ولكي نستحق الجزاء الحسن ومضاعفة الأجر والأهم نيل رحمة ربنا. فرحمته وسعت كل شيء. قال الله تعالى عن وعده بإعطاء الأجر أضعافا مضاعفة: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (الأنعام 161).
وإذا كنا قد صمنا أيام شهر رمضان الفضيل وأقمنا لياليه وقيامه، فلنا أن نفرح في يوم العيد ونشكره الله على نعمه ومنها اختبارنا ونجاحنا في الاختبار لنيل مثوبة العتق من النار والرحمة والمغفرة، فالله لا يضيع أي تضحية بغير حساب.
ونحن نستقبل أيام العيد، علينا بجعلها مناسبة للترويح عن النفس وتبادل مشاعر الحب والألفة وهجر المشاجرات والخلافات، وعدم شحن النفوس بالغضب، حتى لا تنقلب فرحة العيد نفوس غاضبة ومكتئبة. فالعيد مناسبة ربانية لنشر المحبة والألفة والاستقرار بين أفراد الأسرة الواحدة والعائلة الكبيرة. والعيد مناسبة للأطفال الذين يرتادون الأماكن الترفيهية للترويح عن أنفسهم سواء كانوا مع أسرهم أم بمفردهم. والعيد مناسبة أيضاً لتجديد أواصر المحبة ولم شمل الأسر.
ولكي نجعل من عيد الفطر مناسبة لتجديد الود والحياة السعيدة والعشرة الطيبة، ولتأكيد المعاني الرائعة للحب والألفة بين أفراد الأسرة، علينا أن نعرف كيف نقضي أيام العيد، وكيف نستمتع بها، ليصبح عيد الفطر عيد فرحة وبهجة كما هو في حقيقته. ونحن نحتفل بالعيد، علينا بصلة الرحم بصحبة كل أفراد الأسرة لتنتشر الفرحة والمحبة والتآلف بين ذوي الأرحام، وليكون هذا درسا في تربية النشء حتى يكبر الأطفال ليكونوا حريصين على صلة أرحامهم كما اعتادوا وهم صغار.
ونحن نحتفل بالعيد ونستقبله بالفرحة والسرور والأمل، نكمل معا نحن شعيرة من شعائر شهر رمضان المبارك بعد صيام أيامه الجليلة التي تحمل معاني عظيمة. فالعيد يكمل فرحتنا برمضان، فالمولى عز وجل وهبه لنا لنشكره على تمام العبادة، وابتهاجا بزكاته التي تدل على التآخي بين الأغنياء والفقراء. وهنا نفهم الحكمة العظيمة من هذه السنة الحميدة، فالكل يفرح ويسعد بقدوم العيد وينتظر أيامه المباركة، فمن عدل المولى علينا جميعا أن وهبنا نعمة زكاة الفطر، لننشر بها فضيلة الإحسان وليعطي الموسرون والأغنياء ضريبة بسيطة من سعة الله عليهم لإخوانهم ليتذوق المعدمون طيبات الرزق، ويتنعموا بأطايبه، ولتقل الفجوة بينهم وتسعد البشرية بهذا الهبة الإلهية. وهي هبة يطبقها غيرنا على أنفسهم في جميع أوقات السنة وسبقونا إليها تأسيا بسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
والعيد ليس فقط رحمة وخيرا وسعة من العيش، فهو أيضاً هبة ربانية، فأيامه تسامح ورحمة وتزاور، وتجديد لأواصر المحبة بين الأقارب والجيران والأسر، ونسيان الخلافات لتتصافى القلوب بعد كدر، وتتصافح بعد ضغائن، والعيد بحق يعكس معنى بر الأرحام والتواصل بينها، لتأكيد معنى وصل ذوي القربى.
وإذا كان العيد مناسبة دينية شرعها الله عز وجل للترابط والتواصل الأسري والاجتماعي، فهو مناسبة أيضاً تتوحد فيه الأمة الإسلامية، ومن نعمة الله علينا في العيد أن يتساوى الجميع، فالاحتفال والصلاة يشارك فيها جميع المسلمين وليس فئة دون الأخرى، والعيد مناسبة يسعد فيها الفقير والغني، ويلتقيان معا، الغني بقوته مع الفقير بضعفه على محبة ورحمة وعدالة، محبة وهبها الله للمسلمين ليتآلفوا بينهم، ورحمة منه بالغني ليزيده من فضله ونعمه عز وجل وبالفقير ليخفف عنه معاناته وآلامه وعوزه، وعدالة ليسوي الخير بينهما. والعيد مناسبة فرحة للكبير والصغير، تتألف فيه القلوب وتزول الأحقاد ويتواصل الناس فيه مع بعضهم البعض.
وأخيرا.. على أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عيدنا هذا أن نحمد الله عز وجل الذي شرع لنا في ديننا أعيادا حرم منها الآخرين، ونسأله جلَ وعلا أن يمن علينا باتباع السنة في حياتنا. فالعيد هو شكر لله على تمام العبادة لتطمئن النفوس وتعيش سكينة ووقارا تعظيما للخالق عز وجل، وشكرا على نعمه التي وهبنا إياها لنستبق إلى فعل الخيرات لنفوز بمكرمة الصوم والتصدق والزكاة وفرحة العيد. ففي العيد، تتجلى معاني الإسلام الاجتماعية والإنسانية، ففي العيد تتقارب القلوب على الود، ويجتمع الناس بعد افتراق، ويتصافون بعد كدر. وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وهذا هو الهدف من تشريع "صدقة الفطر" في عيد الفطر. ويتجلى أيضاً المعنى الإنساني، عبر فرحة المسلمين وسرورهم في وقت واحد، ليظهر اتحادهم لتلقي الأمة الروابط الروحية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4116
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1593
| 02 ديسمبر 2025