رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

- أستاذ القانون العام بجامعة قطر
halsayed@qu.edu.qa

مساحة إعلانية

مقالات

1500

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

ضمانات عدالة تقارير تقييم الأداء وعدم تأثرها بالأهواء الشخصية

19 سبتمبر 2024 , 02:00ص

في إحدى الدعاوى التي نظرتها المحاكم القطرية في السنوات الماضية، دعوى تتمثل وقائعها في أن أحد الموظفين المتميزين، وقع خلاف بينه وبين رئيسه المباشر. هذا الموظف كان يحصد في السنوات السابقة على وقوع الخلاف تقدير (ممتاز) في تقييم أدائه، كما قد نال ترقية استثنائية لتميزه، غير أنه تفاجأ بقرار يمنحه تقدير (ضعيف) عن هذه السنة، فلجأ إلى الإدارة متظلمًا من هذا القرار، فقامت الإدارة بتعديل التقييم ليصبح بتقدير (مقبول)، فلم يرض بهذا التقدير الذي لا يعكس مستواه، طارقًا باب العدالة بدعوى يطلب فيها إلغاء القرار المتعلق بتقييم الأداء، وتعويضه عما لحقه من ضرر نتيجة ذلك. فاستجابت الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية لطلباته، فألغت القرار وقضت بتعويضه بمبلغ (عشرين ألف ريال قطري).

هذا الحكم لم تقبله جهة الإدارة فطعنت عليه أمام الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف. فقضت هذه المحكمة بإلغاء حكم المحكمة الابتدائية ورفض الدعوى. فلجأ الموظف إلى محكمة التمييز للطعن على حكم محكمة الاستئناف، ناعيًا عليه إخلاله بحق الدفاع، إذ أنه (أي الموظف) تمسك بدفاعه المتمثل بوجود خلافات بينه وبين رئيسه المباشر، الذي اشترك في وضع تقرير تقييم الأداء، على خلاف ما كان ينبغي لضمان الحيدة والتجرد والموضوعية، غير أن محكمة الاستئناف لم تلتفت إلى دفاعه هذا، وقضت برفض الدعوى.

فنظرت محكمة التمييز في ذلك، ورأت أن نعي الموظف على الحكم في محله، وبينت أن المشرع ارتقاءً بمستوى العمل بجهات الإدارة ورفع كفاءة الموظفين بها أوجب أن تضع الإدارة العامة نظامًا لتقييم الإداء ينبني على أسس وقواعد منضبطة لتحقيق أهداف تلك الجهات الإدارية، وأن «الإجراءات والمراحل التي يعد على أساسها تقرير تقييم الأداء لا تحقق مرادها المرجو إلا في ظل ضمانات معينة تبعد التقرير عن التأثر بالأهواء الشخصية والأغراض الخاصة والدوافع المنبتة الصلة عن الصالح العام، حتى يجيء التقرير مرآة صادقة وتعبيرًا حقيقيًا عن جهد الموظف وعمله وسلوكه خلال سنة التقرير».

وأكدت محكمة التمييز أيضًا على أنه يقتضي لتحقيق الضمانات الأساسية التي يحرص المشرع عليها عند وضع تلك التقارير أن يتوافر فيمن يشارك في اعدادها شرط الحيدة حتى يحصل الاطمئنان إلى عدالته وتجرده عن الميل والهوى والتأثير. ثم خلصت المحكمة إلى أنه إذا قام فيمن يضع التقرير سبب يجعل تقريره وحكمه يميل عما يقتضيه الانصاف والحق، فإن من الواجب عليه أن يتنحى عن وضعه أو المشاركة فيه، وأن يحل محله من لا يقوم به مانع من عداوة أو محاباة، فإذا لم يتنح فإن عدم صلاحيته، لفقدانه الحيدة والتجرد، تجعل تقريره باطلًا.

في هذا الحكم أبرزت محكمة التمييز الضمانات الأساسية لمنع الانحراف عند وضع تقارير تقييم الأداء، وتعرضت المحكمة لإحدى حالات عدم مشروعية القرار الإداري، وهي حالة إساءة استعمال السلطة أو عيب الغاية، وهو في حقيقة الأمر من عيوب القرار الإداري التي يصعب اثباتها، غير أن محكمة التمييز رأت أنه إذا كان يستمد من وقائع ثابتة لها أصل بالأوراق ما يمكن الاستناد إليه في ثبوت هذا الأمر في شخص واضع التقرير، فإن من الواجب على محكمة الاستئناف ألا تلتفت عنه، وأن تمعن التمحيص في دفاع الموظف، واعطائه حقه في البحث لكونه دفاعا جوهريا من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الحكم في الدعوى.

هذا والله من وراء القصد.

 

مساحة إعلانية