رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إنه نظام لا يجيد تلك اللغة من بعيد أو قريب، ولا يحاول تعلمها أو إتقانها، ولا يتقبل نصحا بشأن التعاطي معها، أو تغيير رأيه بشأنها. ما يجيده هو اللغات المناقضة والألسن المخالفة تماما، هذا ما أكدت عليه الحقائق والوقائع منذ أكثر من سبعة أشهر وحتى الآن، دون أن تكون هناك حاجة لإضاعة الوقت في أية محاولات سوى ذلك.
لا يتعلق الأمر بحال من الأحوال بلغز نطرحه حول المعنيّ بالأمر، أو اللغة التي يتقنها أو تلك التي لا يتقنها. فإذا ما أعياكم الجواب ـ ولا أظن ذلك ـ فيكفي أن تتطلعوا على خلاصة ما صدر عن الاجتماع الوزاري الأخير لجامعة الدول العربية بالقاهرة، وردود الفعل التي رافقت جلساته أو تلتها مباشرة، لتعرفوا أن المقصود هو النظام السوري، وأن اللغة العصية عليه هي لغة الحوار والتحاور ومشتقاتها مع شعبه، أو جيرانه وبني قومه، فيما هو سليط اللسان في التهديد والوعيد والتخويف والتخوين، طليق اليد في قتل الأبرياء من المدنيين العزّل، وسفك دمائهم، سواء مع بني وطنه أو أشقائه العرب، أو مع جميع مخالفيه في الرأي من دول وهيئات دولية وأممية ومؤسسات حقوقية ونقابية ومنظمات مجتمع مدني عبر العالم، لا يرى الصواب إلا فيما يقوله أو يقوم به أو يوافق هواه تماما، وكل ما عداه زيف وكذب ووراؤه مؤامرات وخيانات، تستهدف وجوده.
لقد حاول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية إلقاء طوق النجاة الأخير إلى هذا النظام من خلال دعوته للحوار مع شعبه الثائر منذ أكثر من سبعة شهور على ظلم امتد لعدة عقود ـ وليس إلى الرحيل أو مغادرة كرسيّ حكمه ـ حتى وإن جاءت المحاولة متأخرة جدا، وبخاصة بعد أن ولغ في دماء شعبه، ولكنه أبى واستكبر، إذ ما كان من مندوبه الذي عبس وبسر إلا أن وزع الاتهامات على الجميع ـ كالعادة ـ أثناء جلسة الاجتماع، فتوقيت الدعوة " غريب مريب" ويرتبط " بفشل تحرك الولايات المتحدة وأوروبا" لاستصدار قرار في مجلس الأمن ضد نظام بلاده، وأجهزة الإعلام العربية الشفافّة التي تنقل ما يقترفه من جرائم بحق شعبه وإن كان ـ النزر اليسير المتاح ـ رغم منعه لها على الأرض تمارس " تزويرا إعلاميا"، ويجب وقف دورها " التحريضي الممنهج"، لأنها مسؤولة عن كل قطرة دم سورية تسأل بسبب ذلك. أما المعارضة، وهي مسلحة ـ بالطبع ـ وليست سلمية، فقد كشف سرا خطيرا لأنها تتلقى أسلحة رشاشة وقنابل من دولة معادية هي " إسرائيل".
أما بعد الاجتماع مباشرة وقبل أن يجفّ حبر توصيات بيان الاجتماع الوزاري العربي فقد سارع التلفزيون السوري لإعلان أن نظامه يتحفظ على دعوة الجامعة العربية لحوار بمقرّها وإشرافها، ويشدد على أنه قادر على إدارة شؤونه وأمنه بنفسه.
إنه نظام متغطرس متعال يفتقد إلى أدنى حدود اللباقة والكياسة والحكمة والحنكة حتى مما يفترضون أنهم يمثلونه دبلوماسيا، ألم يقم رأس هرم هذه الدبلوماسية و"معلّمها" بشطب أوروبا كلها من على الخارطة، واعتبر أنها " غير موجودة لمجرد أنها قامت بفرض عقوبات اقتصادية تدريجية عليه وعلى رموزه!، بعد إن لم يستجب لنداء الإصلاح ووقف العنف ضد شعبه، ألم يهدد ويتوعد كل من يعترف من دول العالم بالمجلس الوطني السوري الذي يمثل المعارضة فور تشكله، وكأنها من ضمن رعاياه باعتباره قوة عظمى! ثم ألم تصل عبر قمة هرمه السياسي رسائل بتدمير المنطقة بأسرها وإشعالها فيما تجرأت على استهدافه، أو عبر مؤسسته الدينية بالقيام بعمليات انتحارية من خلال " شبيحته" و" شبيحة" الموالين له في لبنان في أوروبا فيما لو استهدف على غرار ما يتوعد به " تنظيم القاعدة" خصومه.
لو كان النظام يريد الحوار حقا لفعل منذ زمن، فقد كانت الفرصة متاحة له منذ أكثر من سبعة أشهر، فالمظاهرات السلمية لم ترفع في البداية سوى المطالب بإصلاح النظام، وبقيت كذلك إلى أن سالت الدماء وتعامل النظام معها بعنف وقسوة، بل إن الشرارة الحقيقية للثورة الشعبية السورية لم تنطلق إلا بعد أن رفض النظام التحاور مع المحتجين من أهالي درعا للإفراج عن أطفالهم الصغار الذين كتبوا على الحيطان ببراءة " الشعب يريد إسقاط النظام"، مقلدين ما سمعوه من شعارات الحركات الاحتجاجية في تونس ومصر، وأصر على التعامل معهم ومع أهليهم معاملة أمنية قاسية. ولو أن النظام يريد الحوار لما رفض حتى الآن التعاطي مع معارضة الداخل التي لم تناد حتى الآن بإسقاط رأس النظام أو رحيله، ولما رفض أيضا مبادرة الأمين العام للجامعة التي تزامنت مع زيارته لسوريا.
بعد كل ذلك.. ترى هل وصلت رسالة النظام السوري إلى الجامعة العربية وإلى مجلس التعاون الخليجي ودوله، وماذا هم فاعلون الآن بعد رفض النظام الصريح والعلني لمبادرتهم ومهلتهم التي حدودها بأسبوعين لبدء التحاور بينه وبين المعارضة، وهل يتعين عليهم الانتظار لانقضاء هذه المدة بعد هذا الرفض الجلي الواضح، أم سيكون لهم رد فعل مختلف الآن، خصوصا وأن أمانة الجامعة ولجنتها المكلفة بمتابعة الملف السوري أعلنتا أنهما تعتبران نفسهما في حالة انعقاد دائم لتقييم الوضع في سوريا، وأن وزير الخارجية القطري قال: "لا أتصور أن يبقى الوضع مأساويا في سوريا لفترة أطول"، وبتعبير آخر هل سيكون ما يدور في أورقة الجامعة مقدمة لتجميد عضوية النظام السوري في الجامعة والاعتراف بالمجلس الوطني السوري أم لن يتعدى الأمر منح فرص جديدة للنظام لارتكاب مزيد من المجازر، والتقاط الأنفاس.
الإجابة على التساؤلات السابقة هي التي ربما ستحدد رأي الشعب السوري الثائر وللمرة الأخيرة في الجامعة والنظام العربي سلبا أو إيجابا بعد أن شعر أنهم قد تخلوا عنه طيلة الشهور الفائتة رغم أنه كان ولا يزال تحت سكاكين المقصلة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12843
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2463
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1770
| 21 نوفمبر 2025