رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لست منجما ولا قارئ الفنجان كي أحذر من طوفان أمريكي سيجتاح وطننا العربي مع دخول الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب «البيت الأبيض» في 20 يناير القادم وإقرار حكومته في (الكونغرس) الأمريكي التي سبقت تصريحاتهم المعادية لكل عربي أفعالهم عند توليهم مهامهم الوظيفية ولكني أنظر إلى الأفق القريب ببصيرة ثاقبة.
(2)
أعرف أن كلامي لا يفيد في غياب الفعل وأن الاجتهاد الفردي لا يجدي في غياب الإرادة الجماعية، ولكن ما العمل غير أن نكتب ونقاوم بالقلم أو اللسان أو القلب بعد أن جرد الإنسان العربي في زمن العجز ومنعنا الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي وحلفاؤهما من استخدام أسلحتنا القادرة على قلب الموازين ومواجهة إرهاب المعتدين وخلق واقع عربي جديد نحس فيه بالعزة والكرامة وتفخر به الأجيال العربية القادمة بدل أن نورثها هذا الضياع المخيف والمهانة والمذلة والعجز المخجل.
أقول ذلك وأنا أتابع كغيري من الملايين العرب وغيرهم ما تعرضه علينا شاشات التلفزة العربية والأجنبية عن ما يحدث منذ 408 أيام في قطاع غزة والضفة الغربية من تدمير البشر والحجر والزرع حتى الحيوانات الأليفة وما يجري في لبنان وما يدور في عواصم العرب القادرة على الفعل ورد الفعل.
(3)
الملاحظ خلال العام المنصرم منذ انطلاقة «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023 أن كتاب المارين المتصهينين تكاثروا واحتلوا مساحات واسعة في وسائل الإعلام العربية وكذلك وسائل الاتصال الاجتماعي والتسجيلات بالصوت والصورة على (الوتساب) كلها تهدف إلى النيل من المقاومة الباسلة وما تفعل دفاعا عن أرضها وعرضها وقيمها إلى الحد الذي أخذ نتنياهو وإعلامه يرددون أقوال كتاب المارين من العرب المسلمين. لم يقف الأمر عند هولاء بل امتد إلى من يدعون أنهم الغيورون والمدافعون عن الإسلام والمسلمين من فقهاء السلطان، وعجبت من شيخ يصدر فتوى على شاشة التلفزيون مؤداها «أن الله لن يسألك يوم القيامة عن غزة وفلسطين وإنما سيسألك عن تبولك وقوفا!!». يا للهول! وصل بنا الانحطاط إلى الدرك الأسفل من المذلة طبقا لفتاوى بعض من يدعون أنهم من فقهاء الإسلام، والحق أن الإسلام منهم براء.
(4)
أصحاب مدرسة التيئيس نشطوا أيضا هذه الأيام بعد مرور 400 يوم ونيف من انطلاقة «طوفان الأقصى» بالقول إن المقاومة الغزاوية فشلت على الرغم من كل ما لحقت بجيش العدو الصهيوني من خسائر في الأرواح والسلاح ومعنويات ونفسيات منهاره لجنود العدو الأمر الذي شهدت به وسائل الإعلام الصهيونية واعترفت بتلك الخسائر قياداتهم، الوثائق المسربة من مكتب رئيس حكومة العدو نتنياهو تؤكد «أن عدد الخسائر من ضباط وجنود صهاينة بلغ 9600 قتيل، وأن الإصابات بلغت 50 ألف إصابة منها 4500 إصابات حرجة وخطيرة» إلى جانب خسائر أخرى في الاقتصاد وهجرات جماعية كبيرة وهذه الخسائر لم تحدث للكيان المعتدي منذ تأسيسة عام 1948م رغم دخولها في حروب ضد جيوش عربية منذ عام 1956، 1967،1973، والحروب مع لبنان من عام 1982 وحتى اليوم. يذكرنا أصحاب مدرسة التيئيس العرب أن المقاومة في غزة خسرت أكثر من 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح إلى جانب خسائر في الممتلكات العامة والخاصة وهذا قول صحيح لكن ليدرك المهزومون منا أن نيل حرية الأوطان واستقلالها وصون كرامة شعبها أمور تحتاج إلى تضحيات وكل حركات التحرر في العالم من فيتنام إلى كوبا مرورا بجنوب أفريقيا والجزائر وصولا إلى عدن مرت بنفس التجربة، والنصر بإذن الله قريب.
(5)
من خذل المقاومة الفلسطينية؟ أجهر بأعلى صوت وأقول خذلتها السلطة العباسية في رام الله واصطفت إلى جانب العدو لملاحقة نشطاء المقاومة في الضفة الغربية جنبا إلى جنب مع جيش العدو الصهيوني، دول عربية شاركت في حصار غزة لمدة أكثر من خمسة عشر عاما وما برحت تحاصرها.
حتى اليوم، قيادات عربية كانت تريد رأس حماس وفي تقديري أن حماس ليست أخطر على تلك الأنظمة العربية ـــ التي تطالب بالقضاء على حركة حماس حتى النهاية ـــ من الكيان الإسرائيلي أو الإرهاب الأمريكي المتوحش.
آخر القول: نداء إلى كل ولاة الأمر العرب وعلماء الأمة وأصحاب القلم وحدوا صفوفكم ومواقفكم تجاه أعداء أمتكم الصهاينة وحلفائهم وإلا فإن العدو والمتربصين بثرواتكم سيتناولونكم واحدا بعد الآخر، ولا عاصم لكم منهم إلا بوحدتكم وتضامنكم والله مع الصادقين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2325
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1221
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
795
| 10 ديسمبر 2025