رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يستطع لبنان تطوير اقتصاده ليس فقط بسبب الحرب، إنما بسبب التقصير في الأداء من قبل القطاع العام. لم تتحدث القوانين والمؤسسات، فبقي الأداء متدنيا ولا يخدم المواطن والمستهلك تحديدا. جميع العوامل الداخلية مرتبطة حكما وبالوقت نفسه بالسياسة والاجتماع والاقتصاد. في الستينات كانت هنالك مؤسسات محترمة وشخصيات سياسية عديدة مميزة تعمل لخدمة المواطن. أما اليوم ونتيجة الحروب، لم تعد المؤسسات قوية بل اللبنانيون لا يحترمون القوانين ويشكون في نزاهة وصدقية وكفاءة معظم من يحكمهم. كانت هنالك أخلاق أكثر بكثير وحساب وعقاب بحيث التزم الإنسان بعمله وسعى إلى رفع إنتاجيته. كان لبنان كما اقتصاده لؤلؤة تنير العالم العربي والدولي، حتى سمي بسويسرا الشرق. ايننا اليوم ليس من سويسرا الغرب بل حتى من سويسرا الشرق الماضية؟ في الستينات، بنيت أجهزة الرقابة والمصرف المركزي واحترمت التوازنات بين المؤسسات وطبق مبدأ فصل السلطات الذي يبنى عليه الاقتصاد الحديث بل الدولة الحديثة. في الستينات، أقر قانون النقد والتسليف الذي كان أساس النجاح المصرفي المستمر. بلغ متوسط التضخم 1.4% مقارنة بـ 14.6% في السبعينات، وذلك بفضل الاستثمارات التي كانت تتدفق إلى لبنان وتحدث نموا قويا متواصلا.
الاقتصاد اللبناني في الستينات مختلف جدا عن اليوم لأسباب داخلية وإقليمية ودولية كما لأسباب مرتبطة بالتغير الهيكلي والديموغرافي للشعب اللبناني الذي مر ويمر في حروب مؤذية مدمرة ما زالت توقع الخسائر الكبيرة في المادة والإنسان. لا شك أن الحرب اللبنانية واستمرارها أثرا سلبا على مستوى المعيشة ومؤشرات التنمية ودفعا بمئات ألاف اللبنانيين إلى الهجرة. تؤثر الأوضاع سلبا على الاستثمارات والنمو والبطالة التي تطال الجامعيين من مختلف الاختصاصات. استفاد لبنان كثيرا من الاقتصادات العربية التي اعتمدت الاشتراكية في الستينات، فهجر الينا آلاف المتمولين من مختلف البقاع المجاورة. استفاد لبنان من الوجود الفلسطيني المؤسساتي حيث تدفقت الأموال العربية اليها، فوضعت في المصارف كما في الاقتصاد بشكل عام. استطاع لبنان التواصل مع الغرب بفضل الثقافة التي تميز بها والتي افتقدتها الدول المجاورة. يتنافس لبنان اليوم مع دول ومناطق لم تكن تنعم في الماضي بالمواصفات الحديثة المتطورة كدبي وقطر والعراق وقريبا ليبيا. لم يعد لبنان اليوم النموذج الذي كان عليه، بل أصبح واحدا من عدد من الاقتصادات العربية المرنة التي تستقطب الاستثمارات الخارجية.
في الستينات، بلغ النمو الاقتصادي السنوي 4.9% مقارنة بمتوسط انحداري سنوي في السبعينات قدره 5.4% وإيجابي يصل إلى 4.9% في العقد الأول من القرن الحالي. نمت الزراعة سنويا في الستينات بنسبة 6.3% والصناعة بـ 4.5% والخدمات بـ 4.8%. كان هنالك اهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي لكنه زال عمليا منذ السبعينات وحتى اليوم. كان التوازن الاقتصادي هدفا وأساسا للتنمية الاقتصادية الاجتماعية. توزع الناتج المحلي الإجمالي في الستينات على 12% للزراعة و33% للصناعة و68% للخدمات. بني الازدهار اللبناني على هذا التنوع المتوازن الذي غاب بدأ من السبعينات.
في سنة 2009، كانت القيمة المضافة بنسبة 78% في الخدمات و17% في الصناعة و5% في الزراعة، أي انعدم التوازن وخسرت المناطق تنميتها وتوسعت المدن بشكل بائس وعشوائي. نسبة الخدمات هي من الأعلى عالميا مقارنة بسويسرا (72%)، الولايات المتحدة (77%) ومتوسط عالمي قدره 70%. إذا أمكن القبول بنسب زراعية متدنية في الدول الصناعية بسبب ارتفاع إنتاجية القطاع، لا ينعكس هذا الواقع على لبنان حيث تعاني الزراعة من ضعف الري والكيمائيات والأدوية والإرشاد التقني. بلغت القيمة المضافة للعامل الزراعي اللبناني 31477$ دولار في آخر العقد الماضي مقارنة بـ 44041$ دولار في أمريكا و43543$ دولار في السويد و46233$ في كندا.
في الواقع نمو فترة الطائف اعتمد على العقارات والمضاربات مما سبب ارتفاعا كبيرا في أسعار الشقق والمنازل، كما اعتمد على بعض القطاعات الخدماتية. لم نحسن كمجتمع الحفاظ على الزراعة والصناعة من نواحي الإنتاجية والتنافسية والنوعية. ها هو لبنان اليوم أحد مؤسسي "الغات" ممنوع من دخول منظمة التجارة العالمية التي تضم 157 عضوا بينهم 11 دولة عربية منها مصر والأردن، بل يحصل فقط على مقعد مراقب. لبنان قائد الاقتصاد الحر في المنطقة العربية منذ الأربعينات يراقب اليوم فقط التجارة العالمية ولا يشارك في تحديد القواعد الدولية. في سنة 1960 بلغ الناتج المحلي الإجمالي اللبناني 830$ مليون أي مثلا أعلى من سنغافورة (700$ مليون). أما اليوم، يبلغ الناتج اللبناني 38.5$ مليار مقارنة بـ 210$ مليار لسنغافورة حيث يتقارب عدد السكان.
لا شك أن المؤشرات الإنسانية تطورت ونعني بها الصحية، فانعكست على مستوى العمر المرتقب الذي يصل إلى حدود 70 سنة للرجل و74 سنة للمرأة. أما المؤشرات المالية والنقدية، فكانت أسلم إذ لم يصل ماضيا عجز الموازنات كما مستوى الدين العام إلى ما نحن عليه اليوم. كان دور الدولة في الاقتصاد قويا دون أن يمس بالحريات وكانت الليرة اللبنانية قوية، بل من أفضل النقد العالمي. أما اليوم، فدولرنا الليرة ولم تعد تتمتع بالوهج والصدقية المطلوبة. كانت هنالك ثقة كبيرة بالدولة وأجهزتها والمسؤولين عنها، أما اليوم يقع العكس تماما. ينتشر الفساد أفقيا وعموديا مما يؤثر سلبا على مستوى ومحتوى الإنفاق. أفقد الفساد لبنان جاذبيته في الاستثمار التي كان ينعم بها لعقود. كان ميزان المدفوعات في العموم فائضا، مما أسهم في رفع مستوى الاحتياطي النقدي إلى أرقام غير مسبوقة. هذه السنة سيتحقق عجز كبير في ميزان المدفوعات يفوق الملياري دولار دون أن تكون الأفق واضحة من ناحية حجم رؤوس الأموال المتوجهة إلى لبنان للإيداع أو الاستثمار.
كان مستوى التعليم في لبنان من أفضله عالميا، وكان مقدما من عدد قليل من المؤسسات النوعية خاصة الجامعية. تدنى المستوى التعليمي اللبناني من نواحي اللغات والآداب والعلوم بسبب تكاثر المؤسسات وهجرة الكفاءات وعدم وجود أجهزة رقابة متخصصة فاعلة وصارمة. تدنت قيمة الشهادات الجامعية في السوق بسبب افتقادها إلى النوعية التي ميزت لبنان. ما الفائدة من وجود 60 جامعة تقدم برامج في اختصاصات متشابهة تنتج عموما عاطلين عن العمل بسبب الكفاءة. ما الفائدة من التراكض على التعليم الجامعي والهرب من المهني والتقني الذي يعطي مردودا ماليا عاليا بسبب قلة العرض وارتفاع الطلب. لا شك أن مستوى الخبرة التقنية والحرفية والمهنية تدنى دون أن ننسى ابتعاد الناس في العديد من الأحيان عن الممارسة الأخلاقية المطلوبة. لبنان البلد الصغير جغرافيا لا يمكن أن يتميز إلا بالنوعية المرتفعة، وليس بالكميات التي تبقيه صغيرا ومهمشا على الصعيد الخارجي.
كانت الإدارة العامة في الستينات تعمل بإنتاجية عالية بسبب فعالية أجهزة الرقابة، أما اليوم فهي غير فاعلة مما يسمح للفاسد بالهرب. رفع الإنتاجية ضروري لكنه صعب في الظروف الحالية. نعيش اليوم في أزمات لحوم وأدوية ومأكولات وحبوب فاسدة، كما لم نشهد تنفيذ عقوبات جدية تساهم في توقف هذه الأعمال المشينة. في الستينات، كان هنالك احتراما للمواطن وكان السياسي يخدم المواطن أكثر بكثير مما هو عليه اليوم. حاليا وفي العديد من الأحيان، يقع المواطن في خدمة السياسي للحصول على الحقوق والخدمات البديهية مما يفقد البلد أي أمل جدي في التغيير والإنقاذ والإصلاح.
حدود العنكبوت
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
1797
| 04 نوفمبر 2025
إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
270
| 04 نوفمبر 2025
نظم في قطر
انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
282
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2853
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1971
| 03 نوفمبر 2025