رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في الثامن من أكتوبر من العام الماضي 2013 وبعد أن فشلت الحكومة العراقية في تقديم أدلة جنائية كافية ووثائق على مستوى من المقبولية الدولية قررت سكرتارية منظمة الإنتربول شطب (النشرة الحمراء) ذات الرقم 297774/2012 التي كانت أصدرتها بحقي وعممتها على الدول 190 الأعضاء في المنظمة وذلك في مارس من عام 2012، وهكذا أسدل الستار على محاولة يائسة من جانب نوري المالكي للتضييق علي والحد من حرية تحركي عالميا.
خلال سبعة عشر شهرا وهي الفترة الفاصلة مابين 7/5/2012 و8/10/2013 قصة، هكذا بدأت.
على غير المألوف وفي صباح يوم السابع من مارس في عام 2012 تزاحمت وكالات الأنباء على مكتبي تلتمس تعليقاً على (نشرة حمراء)، أصدرتها بحقي منظمة الإنتربول، وكانت مفاجئة، لم أتحسب لها ولم أتوقعها إطلاقاً أولا لثقتي بمهنية المنظمة وثانيا لأن دستور المنظمة يمنعها من الانخراط في متابعة الجرائم ذات الطبيعة السياسية أو الدينية أو العشائرية القبلية.. كان فهمي هكذا أن المنظمة لن تورط نفسها في ضوء ذلك بخلاف سياسي جمع قطبي السلطة في العراق نائب رئيس جمهورية وهو يمثل مكوناً رئيسا من مكونات المجتمع العراقي ورئيس الوزراء يمثل مكون رئيس آخر، لم أتوقع أن منظمة رصينة كمنظمة الإنتربول سوف تتعامل مع أي طلب يصلها من الداخلية العراقية بهذه البساطة وبهذه السرعة، دون تحرٍ أو تدقيق، رغم الانحطاط في سمعة حكومة نوري المالكي على الصعيد الدولي طال جميع مجالات الحياة وعلى وجه الخصوص ملف حقوق الإنسان.. لكن حصل ما لم يكن في الحسبان. ومع ذلك لم أجزع ولم اقلق بعد أن كنت فوضت أمري إلى الله سبحانه.
وبعد أن تأكد الخبر أصدرت بياناً أحدهما بالعربية والآخر مترجم للإنكليزية وعبرت عن أسفي واستعدادي للطعن بقرار الإنتربول. نظرت من نافذة شقتي في إسطنبول ورأيت حشداً كبيراً من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء، وكنت في يومها مدعواً للقاء شخصية سياسية في أنقرة، حيث غادرت اليها وعقدت هناك مؤتمراً صحفياً قرأت فيه البيان باللغتين وأجبت على أسئلة الصحفيين وكلفت مكتب محاماة متخصص لمتابعة الموضوع مع المنظمة ثم تبرع محامي فرنسي اخرفي وقت لاحق وهو متمرس في قضايا الإنتربول قدم طعناً رائعاً سلط الضوء على المخالفات التي ارتكبتها المنظمة في تعاطيها مع مذكرة وزارة الداخلية العراقية.
حكومة بغداد لم تكتف بذلك بل خاطبت الدول التي أقيم على أراضيها برسائل عن طرق الخارجية تطالبها بإلقاء القبض علي وتسليمي إليها؟! وهو ما تجاهلته تلك الدول جملة وتفصيلاً، ليقينها بان جميع التهم مفبركة ليس إلا.
لماذا تحركت حكومة نوري المالكي وفاتحت منظمة الإنتربول وطالبت بتسليمي إليها بعد أن كان المالكي حريصاً على إبعادي من العراق باي ثمن بل حتى إخراجي حتى من كردستان!! الم يطلب من السيد مسعود البارزاني تهريبي؟ وهو ما كان السيد البارزاني قد استهجنه ورد عليه بقوة قائلاً (هل يحسب نوري المالكي إقليم كردستان مجموعة من المهربين؟) لقد تحقق لنوري المالكي ما أراد ورغم ذلك لجأ إلى منظمة الإنتربول بعد أن أغضبها استقبال الدوحة لي بتاريخ 16 مارس 2012 بشكل رسمي ومقابلتي في اليوم التالي أمير دولة قطر في حينه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ونشر المقابلة في وسائل الإعلام تأكيدا بان وضعي القانوني وموقعي الوظيفي لم يتغيرا، إيمانا من دولة قطر ببراءتي ونظافة سيرتي من جميع التهم التي فبركها نوري المالكي، التقيت فيما بعد أيضاً بولي العهد في حينه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكذلك بالشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء آنذاك وكانت لقاءات طيبة كالعادة تأكد لدي من خلالها أن دولة قطر كانت متفهمة لاستهدافي، شكرتهم على موقفهم ثم زرت بعد قطر المملكة العربية السعودية والتقيت بالأمراء ومن بينهم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، ونشر خبر اللقاء في الإعلام.
لكن موقف التحدي جاء من تركيا حيث صرح الأخ رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء في رده على موقف الحكومة العراقية التي أرعدت وأزبدت حنقا وغضبا، أن تركيا سوف تفتح أبوابها لضيافتي للفترة التي أشاء وأنها ستدافع عني لثقتها ببراءتي منتقدة بمرارة نهج المالكي الطائفي من سنة العراق. ربما فوجئت حكومة المالكي بموقف تركيا وكانت تتوقع أنها اشترت موقفها ببضعة عقود، وحقيقة العراق وليست تركيا بحاجة إليها.
جن جنون المالكي، وحرك ماكينته الإعلامية الرديئة في النيل من دولة قطر ومن تركيا، وهدد بملاحقتي عن طريق منظمة الإنتربول وهذا هو ما فعله.
تجاهلت تركيا ودولة قطر النشرة الحمراء التي أصدرها الإنتربول لأسباب موضوعية وليقينها بان القضية مسيسة من ألفها إلى يائها وبالمناسبة النشرة لاتستدعي القبض بل تحديد التنقل بين الدول والإخبار عن المكان. وهذه ليست المرة الأولى بل سبق لهاتين الدولتين أن تحفظتا على ملاحقة الانتربول لشخصيات عربية معارضة، دولتان أصبحتا بحق ملاذا للمظلومين.
لم أتقدم بطلب زيارة أي دولة أخرى، ولم أكن بحاجة لذلك، وجاءت زيارتي لبروكسل بتاريخ 17 تشرين ثاني 2013 استثناءً حيث وجهت لي دعوة من لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، لبيت الدعوة، قابلت وحاورت وألقيت محاضرات.. أنجزت المهمة وغادرت بروكسيل ولم أكن اعلم في حينها أن الإنتربول كان ألغى النشرة الحمراء قبل أيام. وأبلغت بذلك فيما بعد لكني لم احصل على الوثيقة الرسمية إلا مؤخرا عندما اطلعت بنفسي على محضر اجتماع السكرتارية العامة للمنظمة والتي قررت إلغاء النشرة الحمراء في اجتماعها يوم 8 أكتوبر 2013 للأسباب التي وردت أنفا.
إضافة لجهود المحامين فإن دولة شقيقة وفت بما وعدت به، وبذلت ما في استطاعتها لإثبات أن قضية الهاشمي (سياسية بامتياز) وبالتالي لا ينبغي أن تكون المنظمة طرفا فيها طبقا لدستورها. نجحت المساعي بحمد الله، فلها ولكل من أسهم في هذا النجاح شكري وخالص دعائي.
قرار الإنتربول بإلغاء النشرة الحمراء سابقة محمودة آمل انها ستدفع المنظمة إلى إعادة النظر بقائمة الشخصيات التي طلبت الحكومة العراقية ملاحقتها لأسباب مختلفة وستكتشف المنظمة أن هناك الكثير من القضايا التي لا تختلف كثيرا عن قضيتي حيث يقتضي العدل مراجعتها. أصبحت الآن أتمتع بهامش لا حدود له في التحرك على الصعيد العالمي وهو ما سأوظفه بإذن الله تعالى من أجل نقل معاناة أبناء شعبي للعالم اجمع من المسلوبين حقهم في الحريات العامة والخاصة، الراقدين خلف القضبان وهم أبرياء كانوا أخذوا بالشبهة، المهمشين والجياع والمشردين والمحرومين من ثروات بلدهم.. سأكون لهم المنبر والصوت والموقف.. حتى يبرأ بلدي مما أصابه من ضر ونؤسس بتوفيق الله لدولة القانون والمؤسسات والعدل.
هذه صفحة من صفحات الصراع بين الحق والباطل، بين الظلم والعدل، انتصر فيها الحق والعدل، ولابد أن هذه الحادثة ستثير انتباه المعنيين بالعدالة وحقوق الإنسان في العالم اجمع وتلفت أنظارهم إلى الوضع الحقوقي والإنساني الذي تراجع بشكل حاد منذ أن ابتلي العراق برئيس حكومة لا يحترم قانونا ولا دستورا ولا عرفا ولا تقليداً بل جعل الشيطان له قرينا فساء قرينا.
في سجون المالكي اليوم السرية والعلنية الآلاف من الأبرياء من العرب السنة اخذوا بالشبهة وحرموا من حقهم بالحرية ومضى على الكثيرين منهم سنوات دون إذن بالقبض، ودون تحقيق أو محاكمة، أما الناشطين منهم فإن المادة 4 إرهاب لهم بالمرصاد، ولدى الحكومة الظالمة مشروع كامل للظلم ابتداء من المخبر السري، إلى انتزاع الاعترافات الكاذبة بالإكراه، إلى شهود الزور، إلى الجرائم المقيدة ضد مجهول، إلى القضاة الفاسدين، إلى إصدار أحكام الإعدام إلى تنفيذها... من لهؤلاء المظلومين بعد الله سبحانه وتعالى غير ناشطين شجعان من شرفاء العالم يتصدون معنا لهذا الظلم ويعينونا في إقامة دولة المؤسسات والعدل.
لقد كانت مفارقة تدعو للاستغراب أن يرد الظالم نوري المالكي بالرفض على طلب الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته الأخيرة لبغداد بإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام بعد أن ثبت للامين العام من خلال المنظمات المتخصصة بحقوق الإنسان أن حكومة نوري المالكي بذريعة الاتهام الباطل بالإرهاب إنما تسوغ لقتل شباب العرب السنة في إطار حملة التطهير المذهبي التي لم تتوقف منذ 2005، لكن ماذا بعد؟ فهل ستتحرك المنظمة الدولية وتدافع عن القيم التي انبثقت من اجلها منظمة الأمم المتحدة أم ستغض النظر عن انتهاكات حكومة نوري المالكي وتكتفي بإصدار بيانات لاتغني ولاتسمن من جوع؟ لننتظر ونرى.
لقد هيمن نوري المالكي على القضاء بالتواطؤ مع رئيسه مدحت المحمود وفقد استقلاليته وحياده، ولهذا لابد أن يعوض القضاء الدولي ما فقده المواطن العراقي من مؤسسات عدلية حرفية كان يلجا اليها وهو مطمئن أن حقه لن يضيع.
هذه قضيتي مع الإنتربول عززت إيماني بنصر الله سبحانه للصابرين ولو بعد حين.
بسم الله الرحمن الرحيم (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) الآية 39 - الشورى
القضية الكردية بين تركيا وسوريا والولايات المتحدة
شكّلت القضية الكردية أحد أبرز التحديات التي واجهتها تركيا لعقود طويلة، فالجمهورية التركية الحديثة، التي قامت على قطيعة... اقرأ المزيد
216
| 17 نوفمبر 2025
مؤامرة الصمت
لعل أبرز إشكالية يعاني منها المريض المتضرر من خطأ طبي هي إثبات دعواه أمام القضاء، إذ يتعين عليه... اقرأ المزيد
285
| 17 نوفمبر 2025
التعلّق.. خيطٌ من المحبة يجرّنا إلى الوجع
التعلّق شعورٌ يولد مع الإنسان منذ أول لحظةٍ يبصر فيها النور، كأنه نداء خفيّ في أعماق القلب يبحث... اقرأ المزيد
186
| 17 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
● سياسي من العراق
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
17460
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
10086
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9738
| 13 نوفمبر 2025