رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يحسب للقيادة في قطر، أنها تغاضت طوال الفترة الماضية من عمر الانقلاب في مصر، التي تجاوزت عاماً ونصف العام عن كل "البذاءات" و"الإساءات" التي صدرت ممن يتولون أمر مصر اليوم، مسؤولين وصناع قرار و"جوقة" من الإعلاميين الفاسدين والمفسدين، الذين لم يدخروا كلمات في قاموس الشتائم والإساءات إلا وتلفظوا بها ضد قطر وقيادتها، وكالوا لها التهم في كل جانب، بحثاً عن جهة لتعليق فشلهم الذريع طوال الأشهر الماضية من حكمهم، فقد دخلت مصر في عهدهم البائس نفقاً مظلماً، ربما لم يسبق لها دخوله في تاريخها الحديث.
ترفعت قطر وقيادتها ومسؤولوها عن الرد على كل تلك الإساءات التي وصلت إلى استخدام كلمات "قبيحة" و"سوقية"، لم يستخدمها حتى عرب الجاهلية قبل الإسلام، ولم تنجر إلى هذا المستنقع، الذي يعرف الإعلام المصري — إلا من رحم ربي — وسحرته العيش فيه، والاقتيات من مائه الآسن.
لكن يظهر أن الحلم لم يعد ينفع مع من يحكم مصر في هذه المرحلة التاريخية الحرجة، فقد وصل بهذه الفئة "الضالة" أن توجه اتهاماً إلى قطر بأنها تدعم الإرهاب، بعد أن تحفظت قطر على التدخل العسكري المصري في ليبيا، عبر توجيه ضربات عسكرية أوقعت ضحايا أبرياء من النساء والأطفال في مدينة درنة الوادعة، التي انهالت عليها الصواريخ فجراً، علماً بأنها لم تكن طرفاً في التبرير الذي ساقه من يحكمون مصر اليوم بعد عملية إعدام بشعة لـ ٢١ مصرياً في ليبيا، وأدانتها قطر، فالمكان الذي قيل إنه اعدمت فيه المجموعة لم يكن "درنة"، ولا تتواجد بها "داعش"، إذن لماذا استهدفت هذه المدينة بأحيائها الوادعة ومواطنيها الأبرياء؟
بكل بساطة لأنها تسبب صداعاً للمتمرد حفتر الذي يشكل حلفاً ثنائياً مع السيسي، ف " درنة" عصية على اختراق قوات حفتر، ولم تستطع قواته الدخول إليها، كما أن بقاء حفتر بات مهدداً إذا لم يصله دعم عسكري عاجل، فكان أن تم خلق هذه الأزمة.
إضافة إلى ذلك فإن التدخل العسكري المصري في ليبيا مخالف لميثاق الجامعة العربية، الذي ينص على ضرورة التشاور بين الدول الأعضاء، قبل قيام إحدى الدول الأعضاء بعمل عسكري منفرد في دولة عضو أخرى، وبالتالي فإن قطر التزمت بالميثاق الخاص بالجامعة العربية، التي يريدها من يحكم مصر "مطية" لتنفيذ أجنداته الخاصة.
كما أن التحفظ القطري على البند الخاص برفع الحظر عن التسليح لليبيا، جاء من مبدأ عدم تقوية طرف على حساب طرف آخر، قبل نهاية الحوار وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يكون لها الحق في طلب رفع الحظر بالنيابة عن الشعب الليبي الشقيق.
لا أعتقد أن في هذين التحفظين ما يسيء إلى النظام المصري، الذي دفعه "تخبطه" إلى توجيه اتهامات لقطر بأنها تدعم الإرهاب، وهو ما دفع قطر لاستدعاء سفيرها للتشاور، بعد أن "طفح" الكيل من التصرفات "الرعناء" للنظام المصري، الذي لم تسلم منه دول مجلس التعاون الخليجي جميعها، فالتسريبات التي ظهرت خلال الأسابيع القليلة الماضية من السيسي وأركان حكمه فضحت هذا النظام، الذي ينظر إلى دول المجلس على أنها ما هي إلا مصدر تمويل مالي بحت، ليس لدعم الشعب المصري، الذي هو يستحق، إنما لوضع هذه الأموال والدعم الذي قارب ٤٠ مليار دولار في حسابات خاصة، فيما البنك المركزي وحسب كلام السيسي يتم وضع " قرشين " فيه.
التدخل العسكري المصري في ليبيا تحت مبرر مكافحة الإرهاب غير منطقي، فلا ينبغي الخلط بين ضرورة مكافحة الإرهاب وبين قتل وحرق المدنيين الأبرياء بطريقة همجية، والعالم رفض دعوة السيسي للتدخل العسكري في ليبيا، التي أعلنها في اليوم الأول؛ مما حدا بوزير خارجية النظام إلى تخفيض سقف الطلب وعدم تضمينه تدخلاً عسكرياً، بعد أن رأى رفضاً عالمياً في مجلس الأمن.
لقد مارس النظام المصري طوال العام ونصف العام الماضية أبشع أنواع القمع والاضطهاد والملاحقات لكل من يعارضه الرأي، مع كبت للحريات واستبداد في السلطة، واتخاذ الخيار الأمني سبيلاً للتعامل مع الرأي الآخر، فكانت التصفيات والاعتقالات، فحسب منظمات حقوقية هناك نحو٤٠ الف معتقل رأي وسجين سياسي زج بهم إلى السجون في فترة الانقلاب، إضافة بالطبع لآلاف القتلى في وقائع متعددة، الذين أحرق البعض منهم.
إن قرار قطر باستدعاء سفيرها للتشاور جاء رداً على اتهام النظام المصري لقطر بدعم الإرهاب، هذه التهمة التي مثلت "القشة" التي دفعت قطر لاتخاذ هذه الخطوة، والتي ساندتها بحزم وقوة دول مجلس التعاون الخليجي، التي استنكرت هذا الاتهام، وقالت على لسان أمينها العام د. عبداللطيف الزياني إنها اتهامات باطلة وتجافي الحقيقة، وتتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها قطر مع شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب، ودعم العمل العربي المشترك في كافة المحافل العربية والدولية، وكل ما من شأنه الحفاظ على مصالح الأمة العربية.
هذا الموقف يجسد بوضوح الوحدة الخليجية، والتكاتف بين دوله، فاستهداف أي دولة هو استهداف للجميع، فهذه الدول الست على قلب رجل واحد أمام التحديات والمخاطر التي تواجه هذا الكيان الخليجي، وإن اختلفت في وجهات النظر حيال بعض القضايا، إلا أنها في الشدائد تقف مجتمعة، وهناك العديد من الشواهد، وربما الغزو الغاشم الذي تعرضت له دولة الكويت الشقيقة في عام ١٩٩٠ خير شاهد على ذلك.
لقد أكدت قطر مرات عدة أنها مع خيارات الشعوب، وأنها منحازة إلى الشعوب العربية في مطالبها بالحرية والكرامة والعيش الكريم..، وستظل تدافع عن ذلك لا تخشى في الحق لومة لائم، وهي بذلك ستستمر في دعم إرادة الشعب المصري الشقيق واستقراره، ولن تلتفت إلى هذا الغبار الذي يحاول النظام المصري وأعوانه وإعلامه وسحرته.. إثارته حول قطر ودورها الريادي في دعم قضايا الأمة وشعوبها.
وسيظل الشعب المصري الشقيق محل اعتزاز وتقدير قطر قيادة وشعباً، فنحن إن اختلفنا مع النظام الحاكم في مصر في هذه المرحلة، فإننا لا نسقط هذا الخلاف على الشعب، الذين هم اشقاؤنا، ونعتز بدورهم ومساهماتهم معنا في بلدهم الثاني قطر، إن كان ذلك في الماضي أو الحاضر.
القيادة القطرية ترفض الزج بالشعوب في أي خلاف سياسي بين الأنظمة، وتعمل جاهدة على حصر هذا الخلاف في نطاقه، دون التمدد أو التأثير على الشعوب التي لا ذنب لها، ومغلوبة على أمرها.
إن النظام المصري يحاول تصدير أزماته المتعددة في الداخل إلى الخارج، وفشله الذريع، بعد عام ونصف العام من الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، في تقديم حلول للمشاكل التي يعاني منها الإنسان المصري البسيط في حياته اليومية، رغم كل الدعم المالي والعيني الذي قدمته له دول الخليج، والتي غدر بها، ويسيء إليها، ويتعامل معها على أنها مجرد "ممول" مالي للثراء الفاحش لطبقة معينة.
إننا في قطر واثقون من مواقفنا، سائرون على نهجنا، متمسكون بمبادئنا، داعمون لقضايا أمتنا، منحازون لشعوبها.. وسنظل كذلك.
لماذا تكتب؟..
من أكثر الأسئلة التي توجه لي في حواراتي الثقافية، أو توجه إلى غيري من الكتاب، هو لماذا تكتب؟.... اقرأ المزيد
42
| 30 أكتوبر 2025
الإزعاج الصوتي.. تعدٍ على الهدوء والهوية
في السنوات الأخيرة، أصبحت الأغاني تصدح في كل مكان نذهب إليه تقريبًا؛ في المطاعم والمقاهي والفنادق والأندية الرياضية،... اقرأ المزيد
60
| 30 أكتوبر 2025
وجوه صامتة
• ما معنى أن يعم الهدوء كل الأرجاء والوجوه؟ وما معنى ان تصادف إنسانا يلتزم الصمت في معظم... اقرأ المزيد
24
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6600
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3198
| 23 أكتوبر 2025