رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

585

هديل رشاد

سيناريوهات التهجير وإنشاء «الوطن القومي»

20 نوفمبر 2024 , 02:00ص

نشر موقع (The Times of Israel) في 31 أكتوبر من عام 2023 ورقة مفاهيمية مسربة مؤرخة بتاريخ 13 أكتوبر 2023 أي بعد 6 أيام من عملية طوفان الأقصى وإعلان الكيان المحتل الحرب على غزة، صادرة عن الاستخبارات الإسرائيلية تقترح تهجير 2.3 مليون نسمة من مواطني قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء، وعلى الرغم من إنكار بنيامين نتنياهو - رئيس الوزراء الإسرائيلي- للورقة على اعتبارها ورقة «افتراضية»، إلا أنَّ الواقع يفند إنكار نتنياهو لما جاء بهذه الورقة المقترحة من الاستخبارات الإسرائيلية، فالواقع الذي يحياه قطاع غزة خير دليل على خطط التهجير القسري التي يتبعها الكيان المحتل بدأت منذ الثالث من مارس لعام 1948 والتي أسميت بخطة «داليت» التي ترأسها دافيد بن غوريون بعد عجز المقاومة المحلية عن الصمود في مناطق الشمال والجليل آنذاك، إذ كانت الخطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من كل فلسطين التاريخية.

..وبالعودة إلى الورقة المفاهيمية نجد أن ما ورد فيها بدا واضحا من خلال خريطة كيانهم المحتل التي يروجون لها، بل ويلقونها عبر منشوراتهم على الغزيين لإجبارهم على ترك منازلهم، ومن لم يترك منزله فمصيره الموت جوعا أو الموت قصفا جراء محاصرة سكانها كما حدث ويحدث في جباليا، لدفع الغزيين نحو التوجه إلى نقاط مؤقتة لاستمرار دفعهم نحو مدينة رفح على الحدود مع مصر، وهذا المخطط يأتي متزامنا مع كشف الكيان المحتل عن نيته في إنشاء منطقة عازلة في قطاع غزة بعد الحرب دون تحديد مساحة أو مكان هذه المنطقة.

.. ومنذ إعلان الكيان المحتل الحرب على قطاع غزة، وتصريحات وزراء الكيان تصب في تنفيذ سياسة التهجير، توازي بحجم الجريمة والإبادة والتهجير نكبة 1948، وكأن التاريخ يعيد نفسه، وإمعانا بتنفيذ هذه الخطة طالب أحد وزراء الكيان المحتل بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة لمحوه عن بكرة أبيه، ورغم أن لم ينفذ ما جاء به هذا الوزير الفاشي نصاً، إلا أن نتنياهو ينفذ هذا المطلب وغيره من المطالب التي تطالب بابتلاع الغزيين، من خلال الهجمات القاتلة وحرب الإبادة الجماعية المرتكبة بحق المدنيين من خلال تهجير السكان من الشمال إلى الجنوب، بالتزامن مع الهجمات العسكرية برا وجوا، واستهداف المستشفيات والمدارس والصرف الصحي، ومنع الغذاء والدواء، إلى جانب استهداف الجامعات والمساجد والمدارس لجعل غزة منطقة يستحيل بها الحياة، ظنا من الكيان المحتل وجيشه النازي بأنَّ هذه هي السياسة القادرة على تهجير سكانه من القطاع وحشرهم في مناطق بعينها نحو رفح، بالتزامن مع منع المساعدات الإغاثية الأساسية من غذاء ودواء، إلى جانب تدمير شرايين الحياة ليضطر السكان للانصياع لمخطط التهجير، وبهذا يكون الكيان المحتل قد نفذ المرحلة الأولى من الخطة، لينفذ المرحلة الثانية من الخطة وهي تضييق الخناق على سكان الضفة الغربية ودفعهم نحو الأردن.

.. وأورد تقرير أعده د. محمد عودة نشر في مجلة «سياسات» تصدر في رام الله، أنه بالاستناد إلى تقرير لصحيفة «إسرائيل هيوم» في 29 نوفمبر 2023 عن مبادرة قدمت للكونجرس الأمريكي تدعو إلى اشتراط ربط المساعدات الأمريكية لعدد من الدول أبرزها مصر والعراق واليمن وتركيا بقبول عدد من لاجئي قطاع غزة، وقد عرض هذا الاقتراح على ممثلي هذه الدول وشخصيات رئيسية من مجلسي النواب والشيوخ، والمقترح يشير إلى أن الحل الأخلاقي لسلامة المدنيين في قطاع غزة هو ضمان فتح مصر حدودها والسماح للاجئين بالفرار على أن تقدم الحكومة الأمريكية لمصر نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات الخارجية، وأن يتلقى العراق واليمن نحو مليار دولار من المساعدات الخارجية، وتتلقى تركيا أكثر من 150 مليون دولار، فهذه السيناريوهات جميعها تهدف إلى وضع حل الدولتين جانبا وتقديم الحلول التي تخدم توسيع مساحة الكيان المحتل بتقليص ديموغرافية الضفة الغربية، وتهجير سكان غزة إلى خارج القطاع، وإنشاء الوطن القومي لليهود.

ختاماً...

إنَ السيناريوهات التي أوردها المقال لاستكمال مشروع الوطن القومي لليهود، ومحو قطاع غزة من الخريطة ستبقى خطة طالما صمد سكانه وقاوم التهجير القسري وتوحد الصف الفلسطيني، واتبعت المقاومة الفلسطينية سياسة النفس الطويل في مواجهة الكيان المحتل، وهنا نستذكر قول الله تعالى ﴿ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ سورة النساء.

مساحة إعلانية