رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المقصود بالأجنبي هو كل فرد يوجد في دولة لا يكون من رعاياها، والأجنبي هو كل فرد لا تتوافر فيه الشروط اللازمة للتمتع بجنسية الدولة.
وفقاً لقانون الجنسية القطرية فإن الأجنبي هو كل من لا يتمتع بالجنسية القطرية، وينقسم سكان أي دولة حديثة إلى طائفتين الأولى تضم الأفراد الذين تربطهم بالدولة رابطة قانونية وسياسية يعبر عنها بالجنسية، وهؤلاء هم المواطنون، والطائفة الثانية تضم مجموعة الأفراد الذين يتواجدون على إقليم الدولة بقصد الإقامة المؤقتة التي قد تمتد مددا طويلة دون أن يكتسبوا جنسية هذه الدولة، ولكنهم فقط يقيمون ويتواجدون على إقليمها ابتغاء العمل في المصالح العامة أو المؤسسات الخاصة التجارية والصناعية أو مباشرة مهن حرة، ويدخل ضمن هذه الطائفة الأفراد الذين يوجدون على إقليم الدولة بقصد الإقامة العابرة مثل السياح والزائرين لفترات قصيرة، وهؤلاء هم الأجانب سواء أكانوا من الأفراد أو من الأشخاص المعنوية مثل الشركات والمكاتب الدولية والبنوك الأجنبية وغيرها.
من هنا فإن سكان الدولة يتكونون من شعبها والذين يطلق عليهم وصف رعايا الدولة أو الوطنيين والذين يرتبطون بها برابطة الولاء، وكذلك من أشخاص آخرين لا ينتسبون إلى الدولة ولا تربطهم بها سوى رابطة الإقامة على هذا الإقليم، وهم من يطلق عليهم وصف الأجانب أو الوافدين.
وتقسيم السكان إلى وطنيين وأجانب له أهميته البالغة من ناحية مدى الحقوق التي يتمتع بها كل من الوطني والأجنبي على إقليم الدولة والأعباء التي تفرض عليه، فممارسة الحقوق السياسية محظور على الأجانب، إذ تقصر الدول عامة هذه الحقوق على الوطنيين باعتبارها تنطوي على المشاركة في حكم الجماعة الوطنية ومن ثم تتصل بكيان الدولة السياسي، وقد قصرت معظم التشريعات حق الانتخاب والترشيح على الوطنيين، كما قصرت تولي الوظائف العامة على الوطنيين، إذ لا يجوز بصفة عامة في غالبية التشريعات العربية والمقارنة تولي الوظائف العامة مدنية كانت أو عسكرية إلى أجنبي إلا في أحوال استثنائية إذا ثبت أنه لا يوجد مواطن يستطيع القيام بتولي هذه الوظيفة، إذ الأولوية دائماً بالنسبة لتقلد الوظائف العامة للوطنيين، أو في حالة ما إذا ثبت أن الوظيفة تتطلب مؤهلات علمية أو عملية خاصة لا تتوافر في الوطنيين، كما أن احتراف بعض المهن لا يسمح به للأجانب أو يحاط بالنسبة لهم ببعض القيود، وتملك العقارات قد يقصر على رعايا الدولة ويحرم منه الأجانب وفقاً لضوابط معينة.
من هنا فإن من حق جميع الدول بصفة عامة ألا تسمح للأجانب الوافدين إلى الدولة بالإقامة على أراضيها سوى لمدة معينة يتوقف تحديدها على سلطة الدولة التقديرية ومن حقها أن تحرم الأجانب من ممارسة نواح معينة من النشاط الاقتصادي والمهني.
وبالطبع فإن الدول لم تغفل مدى حاجتها في عصرنا الحالي – عصر العولمة- إلى اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية لتدعيم اقتصادياتها الوطنية فعمدت إلى تيسير دخول رؤوس الأموال الأجنبية ، وعقد الاتفاقيات الدولية لتلافي الازدواج الضريبي الذي قد يحد من انتقال رؤوس الأموال الأجنبية إلى الدولة وهذا ما سارت على نهجه دولة قطر إذ صدر القانون رقم (13) لسنة 2000 بتنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي.
لقد فرض التعاون الاقتصادي الواسع بين جميع الدول، واطراد التجارة الدولية وتعدد وسائل الاتصال الحديثة ضرورة تدفق رؤوس الأموال، وبالتالي حرية الأفراد بالتنقل بين جميع قارات الأرض بما فرض على جميع الدول تيسير دخول الأجانب وخروجهم وتنقلهم.
ومن المتفق عليه أنه من الطبيعي أن يتميز رعايا كل دولة في دولتهم عن الأجانب فهم فضلاً عن كونهم عنصر دولتهم الأول يتحملون في سبيلها من الأعباء ما لا يتحمله الأجانب فإنهم الملتزمون دائماً بالمحافظة على كيانها وسلامتها والعمل على تقدمها ورفاهيتها وولاؤهم يفرض عليهم تلبية كل نداء للدفاع عنها ومن بينهم وحدهم تجند الدولة القوات اللازمة لهذا الدفاع، ذلك أن تكليف الأجنبي ببذل دمائه في سبيل الدولة التي يقيم فيها يتنافى مع انتمائه إلى دولة أجنبية ويتعارض مع رابطة الولاء التي تربط بينه وبين الدولة التي يتمتع بجنسيتها.
والقاعدة العامة هي أن حقوق الوطني تجاوز كثيراً الحقوق التي يلزم الاعتراف بها للأجنبي من جانب الدولة التي يقيم على إقليمها، ولا اعتراض على ذلك في القانون الدولي العام.
والأصل أن علاقة كل دولة بالأفراد المقيمين في إقليمها سواء كانوا من رعاياها أو من الأجانب تخضع لقانون الدولة الوطني، على اعتبار أن تنظيم هذه العلاقة وما يتصل بها من حقوق وواجبات مظهر من مظاهر السيادة التي تنفرد بها كل دولة على إقليمها، وأكد الدستور القطري على وجوب احترام الدستور والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة، والالتزام بالنظام العام والآداب العامة، ومراعاة التقاليد الوطنية، والأعراف المستقرة، واجب على جميع من يسكن دولة قطر أو يحل بإقليمها (المادة 57)، ذلك أن القوانين وضعت لكي يصدع الناس بأحكامها ويمتثلون لأوامرها وهم إن لم يفعلوا ذلك طوعاً، فعلوه جبراً بواسطة السلطة التي تملكها الدولة ... والنظام العام والآداب العامة والأعراف المستقرة والتقاليد المرعية كلها تكون جزءاً من النسيج الوطني والاجتماعي، وتكون منظومة يتعين مراعاتها والحرص عليها من كل مواطن قطري، ومن كل من يعيش على أرض قطر، حتى ولو لم يكن من مواطنيها، بل إن العابرين المارين العارضين هم أيضاً يلتزمون بكل ما تقدم.
صفوة القول أنه على الأجانب الوافدين ضرورة مراعاة القوانين النافذة في الدولة التي يقيمون أو يوجدون فيها ويحترمون عادات وتقاليد شعب هذه الدولة.
وبالنظر إلى تطور العلاقات والاتجاهات الدولية بالاهتمام الواسع بمبادئ حقوق الإنسان، وتنمية العلاقات الودية بين شعوب الأمم المتحدة أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان المتعلق بحقوق الأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه وقد أكد هذا الإعلان على أحقية الدولة في إصدار قوانين وأنظمة تتعلق بدخول الأجانب وأحكام وشروط إقامتهم، وحقها في وضع تفرقة بين المواطنين رعايا الدولة وغيرهم من الأجانب، على أن تكون هذه القوانين والأنظمة متفقة مع الالتزامات القانونية الدولية لهذه الدولة بما في ذلك التزاماتها في مجال حقوق الإنسان. كما أن هذا الإعلان الموافق عليه من الجمعية العامة لا يمس بالحقوق التي يمنحها القانون المحلي وبالحقوق التي تلزم دولة ما بمنحها للأجانب حتى ولو كان هذا الإعلان لا يعترف بتلك الحقوق أو يعترف بها بدرجة أقل.
وأوجبت المادة الرابعة من هذا الإعلان على الأجانب المقيمين في دولة غير دولتهم ضرورة مراعاة القوانين النافذة في الدولة التي يقيمون أو يوجدون فيها ويحترمون عادات وتقاليد شعب هذه الدولة.
ووفقاً لهذا الإعلان فإن الحقوق التي يتمتع بها الأجانب على وجه الخصوص هي الحق في الحياة، والأمن الشخصي، وألا يتعرض أي أجنبي للاعتقال أو الاحتجاز على نحو تعسفي، ولا يحرم أي أجنبي من حريته إلا بناء على الأسباب المحددة في القانون، ووفقاً للإجراءات الواردة فيه، ويتمتعون أيضاً بالحق في الحماية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصيات أو العائلة أو السكن أو المراسلات وأيضاً الحق في المساواة أمام المحاكم بأنواعها وأمام سائر الهيئات والسلطات المختصة بإقامة العدل، والحق عند الضرورة في الاستعانة مجاناً بمترجم شفوي في الإجراءات القضائية والإجراءات الأخرى التي ينص عليها القانون وللأجانب الحق في حرية الرأي والفكر والضمير والدين ولا يخضع الحق في الجهر بدينهم أو معتقداتهم إلا للقيود التي ينص عليها القانون والتي تكون ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، والحق في الاحتفاظ بلغتهم وثقافتهم وتقاليدهم، ولهم الحق في تحويل المكاسب والمدخرات أو غيرها من الأصول النقدية الشخصية إلى الخارج، مع مراعاة أنظمة النقد المحلية.
وفي رأينا أن جميع الدول أصبحت ملزمة في عصرنا الحالي والذي يعتبر بحق عصر حقوق الإنسان والحريات الأساسية بلا تمييز بين بني البشر واحترام هذه الحقوق وعلى هذه الدول بوصفها عضواً في الإنسانية أن تعترف للأجانب المقيمين على أراضيها بحق ممارسة الحقوق والحريات الخاصة التي يتطلبها كيانهم الإنساني وكفالة حريتهم الفردية وأمنهم الشخصي وأن تكفل للأجنبي حرية العقيدة والحق في ممارسة الشعائر كل ذلك في الحدود التي لا تتنافى مع النظام العام في الدولة المضيفة.
وقد أكد الدستور القطري في المادة 35 على أن جميع المقيمين على إقليم الدولة متساوون أمام القانون لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين . وقد ساوى الدستور القطري بين الناس جميعاً في الحرية الشخصية وفي الكرامة الإنسانية وفي عدم جواز القبض عليهم أو حبسهم أو تفتيشهم أو غير ذلك من مقيدات الحرية إلا وفق أحكام القانون.
حق الدولة في إبعاد الأجنبي:
الإبعاد هو تكليف الشخص بمغادرة الإقليم أو إخراجه منه بغير رضاه.
ويستند حق الدولة في ذلك إلى حقها في حفظ أمنها وكيانها وصيانة النفس.
والدولة مثلما من حقها أن تمنع أي شخص من دخول أراضيها لها كذلك أن تبعد أي أجنبي يكون في وجوده خطر عليها.
والإبعاد عن الدولة لا يتناول إلا الأجانب، أما المواطنون فلا يجوز إبعادهم، وهذا ما قرره الدستور القطري في المادة (38) من أنه ( لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها. )
ويتعين في حالة ما إذا قررت الدولة إبعاد أي أجنبي ألا تتعسف في هذا وتراعي حسن النية في تطبيق الإجراء.
والإبعاد لا يعتبر عقوبة وإنما هو إجراء من إجراءات الأمن الهدف منه بالدرجة الأولى دفع ضرر الأجنبي الذي يعتبر بقاؤه في الدولة خطراً على سلامتها أو أمنها.
ويصدر أمر الإبعاد من وزير الداخلية، إذ إنه وفقاً لنص المادة 37 من القانون رقم (4) لسنة 2009 بتنظيم دخول وخروج الوافدين، للوزير أن يصدر أمراً بترحيل أي وافد يثبت أن في وجوده في الدولة ما يهدد أمنها أو سلامتها في الداخل أو الخارج أو يضر بالاقتصاد الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وقد تضمن قانون العقوبات القطري في المادة ( 65 ) عقوبة إبعاد الأجنبي من البلاد في حالة ارتكابه جناية أو جنحة طبقاً لقانون العقوبات إذ نصت المادة (77) على أنه مع عدم الإخلال بحق الجهات الإدارية المختصة في إبعاد أي أجنبي وفقاً للقانون، يجوز للمحكمة إذا حكمت على الأجنبي بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة، أن تحكم بإبعاده عن الدولة بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة.
فإذا كان الحكم بعقوبة على الوجه المبين في الفقرة السابقة صادراً في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وجب على المحكمة أن تحكم بإبعاد الأجنبي عن الدولة بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة أو سقوطها.
ويجوز أيضاً للمحكمة في مواد الجنح أن تحكم بإبعاد الأجنبي عن البلاد بدلاً من الحكم عليه بالعقوبة المقررة للجنحة.
ويجوز لوزير الداخلية عند الضرورة توقيف الوافد الذي صدر حكم قضائي بإبعاده أو أمر بترحيله من البلاد لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة.
ويجوز للوزير أن يفرض على الوافد الذي صدر حكم قضائي بإبعاده أو أمر بترحيله وتعذر تنفيذه، الإقامة في جهة معينة لمدة أسبوعين قابلة للتجديد بدلاً من توقيفه لمدة أو مدد أخرى مماثلة.
وعلى الوافد أن يتقدم إلى الإدارة الأمنية التي تقع هذه الجهة في دائرتها في المواعيد التي يحددها الأمر الصادر في هذا الشأن، وذلك إلى حين إبعاده وترحيله.
ولا يجوز للوافد الذي صدر حكم قضائي بإبعاده أو أمر بخروجه أو ترحيله، العودة إلى الدولة إلا بقرار من الوزير.
ويغادر الوافد الدولة إذا لم يحصل على ترخيص بالإقامة أو إذا انتهى هذا الترخيص، ويجوز له العودة إذا توافرت فيه الشروط اللازمة للدخول، وفقاً لأحكام هذا القانون.
ويجوز للوزير أو من ينيبه، أن يمنح الوافد الذي صدر أمر بترحيله أو خروجه، وله مصلحة في الدولة تقتضي وقتاً لتصفيتها، مهلة لا تجاوز تسعين يوماً قابلة للتجديد بشرط تقديم كفالة مقبولة.
نخلص من جميع ما سبق إلى أنه إذا سمحت الدولة للأجنبي بالدخول إلى إقليمها فإنه يتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها الفرد في علاقته بالجماعة التي يعيش فيها وهذه الحقوق تتفرع عن وجوب احترام كيان الفرد الإنساني كما تقوم على ضرورة توفير الأسباب اللازمة لمعيشته بإقليم الدولة على النحو الذي سبق بيانه.
وبالمقابل فإن الدولة تملك بما لها من حق في سلامتها وأمنها أن تضع على حقوق الأجنبي في هذا الصدد كافة القيود اللازمة لحماية كيانها السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.
عيد وكأس ومطر
اللحظات الجميلة في حياة الإنسان نادرة ولطيفة وسريعة، ولهذا فهي تُنقش في الذاكرة الإنسانية كونها مُتميّزة، وتُداعب الروح... اقرأ المزيد
258
| 26 ديسمبر 2025
معجم الدوحة للغة العربية وسام على صدر قطر
جميع العرب يعرفون مدى اهتمام دولة قطر منذ عقود بكل ما يعزز ثقافتها العربية الإسلامية وهي الدولة الفتية... اقرأ المزيد
132
| 26 ديسمبر 2025
سنة جديدة بقلب قديم!
لسنا بحاجة إلى سنة جديدة بقدر حاجتنا إلى سنة «مستعملة»، سنة من ذاك الزمن الجميل، حين كانت القيم... اقرأ المزيد
147
| 26 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1884
| 24 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1128
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في نسخة تحمل دلالات عديدة على المستويين التنظيمي والفني، حيث يؤكد المغرب مرة أخرى مدى قدرته على احتضان كبرى التظاهرات القارية، مستفيدًا من بنية تحتية متطورة وملاعب حديثة وجماهير شغوفة بكرة القدم الإفريقية. مع انطلاق الجولة الأولى للبطولة، حققت المنتخبات العربية حضورًا قويًا، إذ سجلت مصر والمغرب والجزائر وتونس انتصارات مهمة، مما يعكس طموحاتها الكبيرة ورغبتها الواضحة في المنافسة على اللقب منذ البداية. دخل منتخب المغرب، صاحب الأرض والجمهور، البطولة بثقة واضحة، معتمدًا على الاستقرار الفني وتجانس اللاعبين ذوي الخبرة. كان الفوز في المباراة الافتتاحية أكثر من مجرد ثلاث نقاط، بل رسالة قوية لبقية المنافسين بأن «أسود الأطلس» عازمون على استغلال عاملي الأرض والجمهور بأفضل صورة ممكنة. أما منتخب الفراعنة، صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب، فقد أظهر شخصية البطل المعتاد على البطولات الكبرى، وقد منح الانتصار الأول للفريق دفعة معنوية كبيرة، خاصة أن بدايات البطولات غالبًا ما تحدد الطريق نحو الأدوار المتقدمة. من جهته، أكد المنتخب الجزائري عودته القوية إلى الواجهة الإفريقية، بعد أداء اتسم بالانضباط التكتيكي والفعالية الهجومية. أعاد الفوز الأول الثقة للجماهير الجزائرية، وأثبت أن «محاربي الصحراء» يملكون الأدوات اللازمة للمنافسة بقوة على اللقب. ولم تكن تونس بعيدة عن هذا المشهد الإيجابي، حيث حقق «نسور قرطاج» فوزًا مهمًا يعكس تطور الأداء الجماعي والقدرة على التعامل مع ضغط المباريات الافتتاحية، مما يعزز حظوظهم في مواصلة المشوار بنجاح. كلمة أخيرة: شهدت الجولة الأولى من البطولة مواجهات كروية مثيرة بين كبار المنتخبات العربية والأفريقية على حد سواء. الأداء المتميز للفرق العربية يعكس طموحاتها الكبيرة، في حين أن تحديات المراحل القادمة ستكشف عن قدرة كل منتخب على الحفاظ على مستواه، واستغلال نقاط قوته لمواصلة المنافسة على اللقب، وسط أجواء جماهيرية مغربية حماسية تضيف مزيدًا من الإثارة لكل مباراة.
1047
| 26 ديسمبر 2025