رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لي صديق كاتب أطفال مرموق يعتبر أن "ربيع الثورات العربية" أكبر مؤمرات التاريخ على العرب ( بهذا النصّ) ، ليس هذا فحسب، بل هو في غاية السخط على هذا الربيع لأنّه كما يزعم هدّد الطفولة في بلادنا العربية.
شعور بالحزن والأسى انتابني لحالة صديقي المبدع لأسباب كثيرة أهمها أنه :
ـ تغاضى عن شتاء عربي طويل وبئيس هو أولى بالسخط لأنه على مدار عقود لم يسرق ابتسامات وأحلام الأطفال فحسب، بل سرق حاضرهم ومستقبلهم، ولأنه قتل فيهم روح الحرية، التي تعدّ عنوان النهوض والإبداع لأي أمة ، بسبب استبداده وعقليته الفردية ( الحزب القائد، والقائد الرمز الذي ينبغي أن يحكم للأبد، وتوريث الحكم في مهزلة مضحكة مبكية لنظام يعتبر أنه جمهوري ) ..عقلية أقل مايقال فيها أنها تتبنى تماما قاعدة الديكتاتوريين " ما أريكم إلاّ ما أرى" .
ـ حتى في ظل الربيع ـ الذي لم يعجب صديقي وله رأيه ـ لم يميّز بين من يهدّد الأطفال بحق ..أهو هذا الربيع أم مَن وقف في وجه أزهار الربيع ، هل يتذكر صديقي من اعتقل أطفال درعا بسوريا الذين كانت أعمارهم 15 عاما أو أقل لأشهر ـ وأزهار ربيع الثورة السورية ما تزال تتبرعم حينها 2011عام ـ لا لشيء إلا لأنّهم كانوا يعبّرون عن رأيهم بطريقة حضارية، أم أنّه يعتبر أن كتابة العبارات الناقدة التي خطّتها أناملهم على جدران مدارسهم " إرهابا" وليست حقا أصيلا من حقوقهم ( حق الإنسان في التعبير عن رأيه).
ـ كما لم يأتِ صديقي ـ لا الآن ولا من قبل ـ على ذكر من يهدد الأطفال بحق ، لم أسمعه تحدّث مثلا عن براميل الموت التي صبّت حممم متفجراتها البشعة من علٍ على عشرات المدارس ـ نعم على المدارس ـ والبيوت الآمنة في حلب وإدلب ومعرة النعمان وغيرها فتناثرت الدماء الزكية لطلبتها على أوراق دفاترهم واختلطت مع ألوان محابرهم. ولا الأطفال الذين اختلطت لحوم جثثهم الغضة بأرغفة الخبز أثناء استهداف النظام " الممانع" لهم وهم ينتظرون دورهم في طابور الانتظار على أبواب الأفران، ولم ينوّه بملايين الأطفال الذين هربوا من الموت فتشردوا في بلادهم أو توزّعوا على المنافي القريبة والبعيدة نازحين ولاجئين، وحرم مئات الآلاف منهم من حقهم في التعليم والمأوى الآمن اللائق، وصار كثير منهم مضطرين للعمل في سن مبكّرة.
الإحصائيات الموثّقة لمنظمات الأمم المتحدة تشير إلى أن أعداد الأطفال السوريين اللاجئين يشكلون نصف عدد اللاجئين السوريين لدول الجوار أي ما يزيد على مليون ونصف المليون طفل، وعدد الأطفال السوريين النازحين عن ديارهم (في الداخل السوري) يشكلون أيضا نصف إجمالي عدد السوريين النازحين أي ما يزيد على ثلاثة ملايين طفل، وبالتالي فإن العدد الإجمالي للنازحين واللاجئين من الأطفال السوريين يصل لخمسة ملايين طفل تقريبا أي حوالي 20 بالمائة من إجمالي عدد الشعب السوري وثمة من يرفع العدد إلى سبعة ملايين..ببساطة شديدة من المسؤول عن تشريدهم ؟ ..هل الربيع العربي أم من يناهضونه بالحديد والنار ، إضافة لتنظيم "داعش" الذي يعدّ النظام السوري مسؤولا عن وجوده في سوريا وتمدده السرطاني، لأن النظام هو من عمل على عسكرة الثورة بعد أن واجه سلميتها بالرصاص الحيّ. وهل الملايين الخمسة يا صديقي إرهابيون؟! وماذا عن أكثر من 1.300.000 طفل سوري حرموا من حقهم الطبيعي في التعليم ؟!
الطفولة بأفقها الإنساني الواسع تحتاج منا يا صديقي أن نكون متحيزين لها ولها فقط، دونما تمييز أو انتقائية ، ندين كل من يهددها بحق وصدق في مدينة " اشتبرق" وغيرها من مدن وقرى سوريا، ونلصق به صفة " الإرهاب" كائنا من كان .
أتمنى لو أنت فاعل يا صديقي أن تفرِّغ ذاكرات جميع أطفال سوريا وأطفال العرب دونما استثناء أو انتقاء، وبعيدا عن أي توجهات فكرية أو خلفيات تؤمن بها، لتحوّل ألمهم إلى أمل بحق، وأجزم أنك لوفعلت ذلك لأدركت وقتها من هو الأكثر تهديدا لأحلام ومستقبل أطفالنا. وهي ـ بالمناسبة ـ مسألة أخلاقية قبل أن تكون إبداعية.
أتمنى أن تكتب عن كل طفل قتل مظلوما في أقبية السجون بعد أن سرقت أعضاؤه، أو سفك دمه الزكيّ إلى جانب ألعابه وكتبه وأقلامه ، وعن أطفال المخيمات وعذاباتهم، وعن الرعب الذي علق في ذاكرتهم البريئة، عن وعن .. فما أكثر ما انتهكت هذه الطفولة قبل الربيع الذي تمقته، في ظل حكم المستبدين وخلال خمس سنوات خلت من عمر الربيع العربي على يد الأنظمة المستبدة التي تسبح ضد التيار ، ومن قبل " داعش" هذه النبتة الغريبة عن بيئتنا ووسطيتنا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
5112
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1398
| 14 نوفمبر 2025