رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حضرت خلال الأسبوع الماضي في معهد الإدارة العامة دورة في "التخطيط الإستراتيجي" وكانت الدورة مع بعض الإخوة والزملاء من مختلف قطاعات الدولة، رائعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والأهم الذي من أجله كتبت هذه المقالة ليست الدورة التي حصلت على شهادتها، وإن كنت أعتز وأفخر بها، بقدر ما لفت نظري بل نظر جميع المشاركين في الدورة سابقة الذكر أو المشاركين في دورات أخرى، وهو برج وزارة التنمية الإدارية الجديد، فمنذ سنوات وأنا وغيري يحصلون على دورات المعهد في مقره السابق، إلا أن التطور الذي شهدناه من خلال دورات متلاحقة في غضون سنوات قليلة يستحق الشكر والعرفان للقائمين على المعهد، وكنّا نحن المتدربين نلحظ التطور المستمر الذي يقوم به المعهد، وكانت خطوات ملموسة، وبحسب الإمكانات المتوفرة، إلا أن القفزة التي كانوا يقولون إنها آتية دون أي توضيح كانت فعلا قفزة مدروسة، بل قفزة نوعية ملحوظة لا تخطئها العين، ويشعر بها كل من يزور مقرهم الجديد الواقع في الدفنة، برج وزارة التنمية الإدارية تحفة فنية، تدخل مع المدخل الرئيسي الخاص بالزوار والمتدربين وتشعر كأنك في بهو فندق ذي خمس نجوم، مكتب استقبال ذو ابتسامة عريضة لأي زائر، بل الأهم من ذلك مواقف السيارات التي تم توفيرها للمتدربين بحجم يستوعب الجميع بل ربما يزيد، والتي كنّا نعاني منها في السابق، بل الأمر الأهم من ذلك أن البطاقة الخاصة بك كمتدرب يتم إرسالها إليك قبل موعد الدورة في مقر عملك، قد يستغرب الكثير ممن يقرأون هذه الكلمات من الإطراء والمدح والإعجاب، وهي حقيقة يجب أن ندوّنها وننشرها، لأنها تستحق ذلك، ولا يستطيع أحد أن يُنكر ذلك، خاصة ممن حصلوا على دورات سابقة ودورات بعد انتقالهم للبرج الجديد، كنّا في نهاية كل دورة نُعبئ استمارة خاصة بالدورة والمدرب والمادة أو المنهج والمرافق الخاصة بالدورة، وكنّا نردد نحن المتدربين أننا عبأنا الكثير منها، وسجلنا الكثير من الملاحظات التي لم تؤخذ في الحسبان سابقا، ولكنها عادتنا كبشر، نريد أن نحصد قبل أن نزرع ولا نريد أن ننتظر الوقت الكافي للحصاد، فمع المقارنة ما بين الدورات السابقة في المكان السابق والحديث؛ فرق شاسع لا أحد يستطيع إنكاره، وأنا هنا أتحدث عن المرافق والمكان والخدمات المصاحبة للدورة وليس مضمون الدورة ومدربوها، لأن الكفاءات هي نفسها واختيار المدربين يتم بعناية وبشكل مباشر مع خيرة المدربين في المنطقة، أمور كثيرة ما زالت عالقة في الذهن عن الدورة والمقر الجديد، فلقد تم تخصيص 40 قاعة تدريبية مجهزة بأفضل التقنيات والمساحات الشاسعة، منها 12 قاعة مجهزة للتدريب على نظم الحاسب الآلي، وهناك الكثير أيضا أهمها على الإطلاق مراعاة عادات وتقاليد المجتمع القطري، النابعة من شريعتنا السمحاء وعاداتنا العربية الأصيلة، فمنذ دخولك مع الباب الرئيسي للبرج، تجد المصاعد الخاصة بالرجال اتجاه اليمين، والخاصة بالنساء في الجهة الأخرى، بل تم تخصيص أدوار (طوابق) خاصة بالدورات التي يحصل عليها الرجال، وكذلك أدوار (طوابق) خاصة للسيدات، مما رفع الحرج عن أخواتنا وعن إخوانهم أيضا، ففي السابق كانت النسب تختلف في عدد الدورات قد تصل بأن يكون عدد الرجال إلى النساء واحد إلى عشرة، أو العكس بأن يكون عدد النساء واحد إلى عشرة بالنسبة للرجال، وقد منع الكثير من الإخوان أو الأخوات في الدورات السابقة من حرية الطرح والنقاش في أي دورة، ولكن بعد فصلهم وتخصيص طوابق لكل فئة على حدة، سيُسهل عملية الحضور والمشاركة الفعالة في أي دورة، خاصة أن جميع القائمين على شؤون النساء هن أخواتهن بشكل خاص باستثاء بعض المدربين، بل من التطور الكبير الذي يُحسب لوزارة التنمية الإدارية إنشاء كافتيريا في الميزانين، بشكل يتناسب مع المكان ويقوم بتقديم قائمة من الطعام على نظام البوفيه، وأيضا تم عزل الرجال عن النساء بشكل كامل، مع احترامنا لكل الوزارات والجهات الحكومية، كنّا نشيد وما زلنا نشيد بما تقوم به وزارة الداخلية من جهود وخدمات مريجة سواء للمواطن أو المقيم، وها هي وزارة التنمية الإدارية تضرب مثالا مشرفا فيما تقوم به وتعمل على تقديمه، وعلينا كمواطنين أن نعمل على النقد البناء، فنشيد بما يتم إنجازه، وإن كان هناك قصورا علينا تسليط الضوء عليه ومناقشته للوصول إلى الحلول المناسبة، لنرتقي بدولتنا ومن خلال رؤية قطر 2030 إلى مصاف الدول المتقدمة بعزيمة وإصرار، ولا يوجد نجاح من غير قادة تعمل على رسم المسار، ورجال تعمل على تنفيذه، حتى تكتمل الصورة في أبهى حُلّة، ولا يمكن لأي نجاح أن يكون أو يستمر إلا بوجود العزم والحماس بنفس المستوى بل يزيد ولا ينقص، حتى تُحافظ على تصدرها وتفوقها، وما هذه النجاحات وتحقيق الانجازات في الوزارة ومعهد الإدارة العامة بالتحديد؛ إلا محصّلة لمن يقومون بعملهم على أكمل وجه، ففي يوم الافتتاح شرّفنا السيد هادي بن سعيد الخيارين المدير العام لمعهد الإدارة العامة مرحبا بالمتدربين ويتمنى أن نستفيد من الدورة قدر الإمكان، خدمة للوطن والمواطن، والعمل على تنمية قدراتنا وتطوير أنفسنا لتأهيلها حتى نكون من قادة المستقبل، فوجدت كلماته في نفوسنا الأثر الكبير، وفي يوم الختام وفي آخر ساعاته شرفنا سعادة الدكتور عيسى النعيمي وزير التنمية الإدارية وبرفقته وزير الشباب والرياضة سعادة صلاح بن غانم العلي والسيد هادي بن سعيد الخيارين وأيضا معهم عدد من المسؤولين في الوزارة، وتحدث وزير التنمية الإدارية في البداية عن التطوير وأهميته في مسيرة كل شخص وطلب من أي متدرب أن يذكر أي ملاحظة أو رأي حول ما تقوم به الوزارة وتعمل عليه، فتستخلص مما ذُكر أن مسيرة أي عمل جاد هو النجاح، وأي جهد صادق يجد طريقه للتقدم نحو الأمام، فنسأل الله أن يوفق أميرنا المفدى ومعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لما فيه خير البلاد، ونتمنى أن تحصل الكفاءات القطرية المزيد من الدعم، لتعمل في وزارات مع قيادات تطمح للنهوض بالدولة في جميع القطاعات، فالقيادات الناجحة لها دور كبير في تحريك المياه الراكدة، وتعمل على خلق بيئة عمل ناجحة أيضا.
موازنة الدولة 2026 نهج متوازن يعزز جودة التنمية
تعكس موازنة الدولة للعام المالي 2026 جملة من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد حرص الدولة على ترسيخ الاستقرار المالي،... اقرأ المزيد
48
| 13 ديسمبر 2025
من الرياض.. أطيب التهاني للدوحة بيومها الوطني
من فضل الله تعيش دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مرحلة غير مسبوقة من التقارب والتنسيق، تعمّقها رؤى قادتها... اقرأ المزيد
96
| 13 ديسمبر 2025
العدالة المعلقة بين النية المبطنة والإبادة المعلنة 1-2
على شريط ساحلي قبالة بحر أبيض، وبتوقيت يكاد يتفق واللحظة، تُعاد كتابة التاريخ بدمٍ لا يزال يجري طوفانه!... اقرأ المزيد
90
| 13 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2352
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2259
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025