رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تجرى يوم الأحد 23 نوفمبر الجاري، الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التونسية، إذ تقدم 27 مرشحا لهذه الانتخابات من بينهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي، والقاضية كلثوم كنو، ووزراء من عهد زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة شعبية في 14كانون الثاني/يناير 2011 بعد 23 سنة في السلطة.. ويفترض تنظيم جولة ثانية من الانتخابات في نهاية ديسمبر المقبل في حال لم ينجح أي من المرشحين في الحصول على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى.
وهذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها التونسيون انتخابات لاختيار رئيسهم، فمنذ الاستقلال في عام 1956 وحتى الثورة، لم تعرف تونس سوى رئيسين هما الحبيب بورقيبة الذي انقلب عليه رئيس وزرائه بن علي في 7 نوفمبر 1987 ثم بقي في قصر قرطاج حتى هروبه إلى المملكة العربية السعودية في 14 يناير 2011.. وبهدف تفادي الجنوح مجددا نحو حكم تسلطي، حدّ الدستور الذي تم تبنيه في بداية سنة 2014 من صلاحيات الرئيس المقبل الذي لا يملك صلاحيات كبيرة وفق ما نصّ عليه الدستور، حيث باتت السلطة التنفيذية في يد رئيس الوزراء المنبثق من الأغلبية البرلمانية، لكن الرئيس القادم يحوز على صلاحية خطيرة وهي صلاحية حل البرلمان وفق الفصل 77 من الدستور، وكذلك تقديم مقترحات لتعديل الدستور وفق الفصل 143 من الدستور، ولعل هذه الصلاحية هي مكمن الصراع اليوم على منصب رئيس الجمهورية فالشق الإسلامي يخشى المس من الدستور إذا وصل رئيس حداثي إلى قرطاج والشق الحداثي يخشى أيضا من تعديل الدستور وبالتحديد يخشى من التخلّي عن حرية الضمير وفق الفصل السادس.
قبل خمسة أيام من انطلاق الانتخابات الرئاسية بلغ عدد الانسحابات من السباق أربعة إلى حد الآن، مع وجود نية لدى البعض في إعلان انسحابهم، وهؤلاء المنسحبون هم: محمد الحامدي مرشح التحالف الديمقراطي، وعبد الرحيم الزواري مرشح الحركة الدستورية قبل بداية الحملة الانتخابية، وكل من المرشحين المستقلين مصطفى كمال النابلي ونور الدين حشاد.
أسباب الانسحاب والدوافع بدت مختلفة مقارنة بالانسحابين الأولين إذ كانت نتيجة الانتخابات التشريعية سببهما المباشر في ذلك، إلا أن انسحاب النابلي وحشاد، في تعليقه على هذين الانسحابين الأخيرين، قال المنسق العام لشبكة «دستورنا» في تصريح لإحدى الإذاعات الخاصة إن انسحاب مصطفى كمال النابلي هدفه البحث عن تموقع جديد له من خلال التفاوض حول منصب حكومي جديد بعد اقتناعه بأنّ حظوظه في الرئاسية ضئيلة. وأضاف أن انسحاب نور الدين حشاد كان متوقعا باعتبار أن ترشحه كان رمزيا.
القضية المتداولة بين مختلف المترشحين، وعلى صعيد أجهزة الإعلام التونسية المكتوبة والمسموعة والمرئية، هي مسألة الخوف من الاستقطاب الثنائي، والتغول في إشارة واضحة إلى فوز حزب نداء تونس في الانتخابات التشريعية، وزعيمه السيد الباجي قائد السبسي المرشح الأوفر حظاً في الفوز في هذه الانتخابات الرئاسية منذ الدورة الأولى.. ويثير هذا الاستقطاب الثنائي للمشهد السياسي التونسي العديد من المخاوف لدى الشعب التونسي، لأنه يسهم في تكريس انقسامات أفقية وعمودية للمجتمع التونسي، رغم أن البعض من النخب التونسية، ترى أن هذا الاستقطاب الثنائي هو ضمان لاستقرار البلاد، حيث إن وجود قطبين (حزب نداء تونس العلماني، وحركة النهضة الإسلامية)، وبغض النظر عن طبيعتهما، يجعلان من التداول السلمي على السلطة أمرا ممكنا لا إمكانا نظريا فقط، لذلك كان المشهد الذي نتج عن انتخابات 23 أكتوبر 2011 مختلا، بينما المشهد الحالي – وبغضّ النظر عن صاحب المرتبة الأولى من الثانية – أكثر ملاءمة لحصول التداول السلمي على السلطة وكنا سنفزع لو انهارت حركة النهضة مثلا وأصبحنا في مشهد شبيه بذلك الذي أفرزته انتخابات 23 أكتوبر 2011 ولكن بصفة معكوسة.. فالديمقراطية بحاجة إلى وجود حزبين أو تحالفين كبيرين متعادلين وإلا كان التداول السلمي على السلطة هراء لا معنى له..
لقد جاءت نتائج الانتخابات التونسية مخيبة لآمال حركة النهضة، وكانت بمنزلة «تسونامي» زلزل الخريطة السياسية في تونس، وجرف أمامه مشاريع عدد من الأحزاب السابقة سواء الحليفة لحركة النهضة أو الحليفة لحزب نداء تونس، واحتلت النهضة المرتبة الثانية، بعد أن احتلت المرتبة الأولى في انتخابات 23 أكتوبر عام 2011، وبذلك قلبت هذه الانتخابات كل المعادلات السياسية القائمة، حالياً وأظهرت من جديد قوة «المجتمع التونسي المنفتح والعلماني » العائدة بصورة لافتة بعد فشل ما يسمى «ثورات الربيع العربي» .
بعد إخفاق الإسلام السياسي في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وفوز حزب نداء تونس، الذي يريد أن يبرز هويته السياسية على أنها انبعاث للبورقيبية في ثوب ديمقراطي جديد، طفت من جديد الوطنية القطرية، التي تعني العودة إلى الاستثمار في القطر ودولته، واكتشاف الهوية التونسية، والعمل على تزويدها بمعنى ودلالة إنسانية.. ويشكل هذا تطلعا جديدا إلى المستقبل يهدف إلى بناء الأمة بمفهوم "المواطنة".
وفي هذا السياق، ينبغي أن نفهم معنى إعادة تثمين الوطنية التونسية الدستورية لحقبة ما بعد الاستقلال، واكتشاف مرجعية حقوق الإنسان، والديمقراطية. وفيه أيضا ينبغي أن نفهم عداء كثير من الإسلاميين المنضويين في حركة النهضة، وحلفائهم، للتيارات الديمقراطية التي تبدو وكأنها تساهم في إبعاد الفكرة الإسلامية أكثر عن الساحة أو الحلول محلها، وطرح مشروع يحيدها أو يثمن الدولة القطرية ويلغي أفق الإسلام السياسي، أو يضعفه.
يبدو الخيار الديمقراطي في نظرها، بل في نظر الكثير من أنصار الديمقراطية أيضا، تعويضا وربما بديلا للخيار الإسلامي. ويثير نتيجة ذلك رد فعل قويا لدى أولئك الذين يخشون أن يكون المشروع الديمقراطي في النهاية "حصان طروادة" لترسيخ العلمانية، وإبعاد الخيار الإسلامي إلى عالم النسيان.
ومن الأفكار الجديدة القديمة الناشئة في حضن أزمة الاستقطاب الثنائي في تونس، تنامي العصبيات الجماعية على أساس جهوي، حيث إن الشمال بات يصوت لحزب نداء تونس، والجنوب لحركة النهضة وللمرشح المنصف المرزوقي.. وهي تبدأ على شكل حزازات وانقسامات ونزاعات جزئية، ولا تلبث حتى تكتسب معاني ثقافية وسياسية، وتصبح مرجعية وهوية قائمة بذاتها يعرف الفرد التونسي نفسه من خلالها وبها.
هكذا يعاد اكتشاف قيمة الاختلاف الجهوي وتحويله إلى قاعدة تضامن مستقل بين الأفراد، أي إلى أساس رابطة مجتمعية، جمعية سياسية أو شبه سياسية.. تسعى الجهوية بذلك إلى التعويض الجزئي أو الكلي عن غياب التضامن والترابط الاجتماعي العموميين. وهي تعبر عن إخفاق السياسة الوطنية في عهد النظام السابق في بناء إطار تضامنات فعلية وطنية ما فوق جهوية، أي بناء دولة وطنية ديمقراطية.
وهذا أيضا ما يعكسه انبعاث العشائرية والجهوية في تونس: أي الاستثمار في القرابات المادية، الحقيقية أو الموهومة، والعشائرية والجهوية هي عودة إلى العصبية الطبيعية، الدرجة الأبسط والأغشم من الترابط الاجتماعي.. ومن الأفكار أو الأيديولوجيات الجديدة التي تسعى إلى وراثة الفكرة الإصلاحية التونسية المتوارثة منذ القرن التاسع عشر،هي ما يروجه حزب نداء تونس على أنه حامل للفكرة البورقيبية الدستورية وما تعرض نفسها على أنها نزعة كونية وإنسانية وتنويرية ترفض الانتماء الجزئي وتنادي بالاندماج في عالم الحداثة، التي تنظر إليها كحداثة قياسية، واحدة وتوحيدية.. وتركز من خلالها على العلمانية بوصفها جوهر الحداثة وعقيدة أو خيارا يتجاوز أو يرتفع على الهوية القومية والدينية، على العروبية والإسلاموية والطائفية والعشائرية في الوقت نفسه.
العدالة في بيئة العمل مبدأ قطري
جاءت مشاركة دولة قطر في جلسة التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية التي أقيمت على هامش مجلس إدارة منظمة العمل... اقرأ المزيد
72
| 20 نوفمبر 2025
واحدة من صفات عباد الرحمن، هي الحلم والإحسان وعدم مقابلة السيئ بمثله. لماذا ؟ لأنهم في طاعة الله... اقرأ المزيد
141
| 20 نوفمبر 2025
لا تبخلوا بكلمة حلوة..
• الإنسان كيفما كان، وأينما كان على هذا الكوكب، يحتاج الزاد والقوة والدافع ليتحرّك وينجز ويُبدع. يحتاج من... اقرأ المزيد
105
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025