رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ماذا سيكون رد فعل الأحزاب والجماعات الإسلامية في مصر وفي كل مكان لو نشأ حزب قبطي في مصر ورفع شعارا انتخابيا يقول "المسيحية هي الحل"؟ من ناحية منطقية نظرية وفي دولة قائمة على المساواة المفترضة بين المواطنين وإذا وجد حزب يرفع شعار "الإسلام هو الحل" فليس هناك أي وجه اعتراض مقبول على شعار "المسيحية هي الحل إن رفعه حزب آخر". لكن من ناحية ترسيخ بناء دولة قائمة على المواطنة الدستورية. ومن ناحية تعزيز التعايش بين الأفراد والجماعات داخل أي مجتمع ودولة. فإن الشعارين يجب أن يُرفض استخدامهما سواء في الحملات الانتخابية أو الصراع السياسي. مناسبة هذا الكلام هو ما قام به مجلس الشورى المصري من تعديل لمادة مهمة في قانون الانتخابات كانت تجرم استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات. معنى ذلك أن المجلس الموقر يفتح الباب واسعا لعواصف التوتر الديني وتوظيف الدين في الانتخابات والسياسة على أوسع مدى. ومعنى ذلك أنه من المشروع أن نتوقع أن تشهد الانتخابات المصرية القادمة شعارات تنافسية من النوع التالي: "الإسلام هو الحل". "صوتوا ضد بناء الكنائس في مصر الإسلام". "مصر أهل البيت تنادي: يا حسين". "المسيحية هي الحل". "صوتوا لإعادة مصر لحكم المسيحية".. "السلفية هي الحل". "التشيّع لأهل البيت هو الحل". "الجهاد هو الحل". "ختان البنات من جوهر الدين". "الدين يحرم وضع سن أدنى لزواج الفتيات". "ابن لادن والظواهري حماة الدين". هل في تخيل هذه الشعارات مبالغة لفظية. أم أننا حتى لو أطلقنا العنان للخيال فإننا لن توقع حقاً مدى الانهيار ونوع وطبيعة الشعارات الكارثية التي سيتفتق عنها العقل الديني المتعصب والذي تغذيه قوانين وتشريعات مدهشة في غبائها وفي عدم تقديرها لمخاطر ما تشرعه وتسمح به.
إذ تم تمرير التعديل الذي أجراه مجلس الشورى على القانون ولم تحبطه الآليات القضائية والدستورية الأخرى فسوف نشهد انحدارا حادا وإضافيا في كل ما له علاقة بالسياسة بشكل عام و"تطورا" كبيرا إزاء زج الدين في أتون السياسة ومناوراتها وأحابيلها النفاقية والتنافس على المناصب والمصالح. ويدلل هذا في سياق أوسع على أن المراهقة الإسلاموية السياسية لا تزال تتخبط في كل الاتجاهات. بل وتلعب فعلا في النار في مجتمعاتنا. وتزيد من التوتر فيها. وتفتعل معارك لا معنى لها ولا ضرورة لوجودها. وتشغل الناس في قضايا نظرية على حساب ما يواجههم في يومي حياتهم من فقر وبطالة واقتصاد مترد. توظيف الدين والشعارات الدينية مسألة كان قانون الانتخابات الحالي قد حظرها (في المادة 60) كما تفعل كل قوانين وتشريعات العالم. وجود مثل هذا القانون يعتبر من أبجديات العملية السياسية. وأوليات الانتقال الديمقراطي وبناء نظام جديد قائم على التنافس البرامجي وليس إدعاء تمثيل الدين أو الله في الأرض. وفي حال شطبه فإن جني التعصب الديني يطلب من دون رقيب ولا حسيب في أي مجتمع.
هناك عدة اعتبارات تفرض وجود هذا القانون في المجتمع الحديث. أولها ضرورة تحييد الدين والحفاظ على مكانته الروحية في المجتمع بعيدا عن التلويث السياسي. والمنطق واضح هنا وهو رفض أي ادعاء لاحتكار الدين من قبل أي جماعة أو حزب سياسي. فعندما يزعم حزب ما بأنه ينطلق من قاعدة دينية ويمثل الدين ويطلب من الناخبين أن يصوتوا له لأنه يمثل الدين ويحافظ عليه وسوى ذلك. فإنه يرتكب عمليا أكثر من خطيئة. فهو يقزم من اتساع الدين وكونه للناس والشعب ويطبق ويُراعى بأشكال ودرجات مختلفة. ويحوله إلى برنامج سياسي حصري الفهم والتفسير والاستخدام. بمعنى آخر يتم "مأسسة الدين" داخل إطار حزبي بما يحبط فكرة تحرر الفكرة الدينية عن أي مأسسة وتواجدها الاختياري في الفضاء العام. كما أنه ينقل الدين إلى ميدان الصراع السياسي حتى يتم التنازع عليه فصائليا وتوظيفيا. فعندما تصبح تضج الساحة بأحزاب عدة كلها تدعي النطق باسم الدين وكل منها يفسره بشكل مختلف فإن ذلك يشوه من الدين نفسه ويجعله مطية للاستخدام السياسي. ثم يؤدي ذلك إلى التداخل والاختلاط الذي يحدثه توظيف الشعار الديني من قبل السياسيين حيث تصبح أخطاؤهم وكأنها أخطاء الدين. فعندما يقول حزب ما يرفع شعار "الإسلام هو الحل" للناس إن الحلول التي يقدمها هي "حلول الإسلام" فكيف سيكون موقفه عندما تفشل تلك الحلول في تحقيق أي إنجاز للمجتمع والبلد؟ سيكون الرد التقليدي في هذه الحالة هو أن الحزب هو الذي فشل في تطبيق الحلول وإيجادها وليس الإسلام. وإن الفشل منسوب لأعضاء الحزب وقادته. ولكن حتى لو نجحت الحلول المفترضة أو أي حل منها فإننا سوف نجد ألف معترض حتى من داخل مربع الجماعات الإسلامية يرفض اعتبار الحل أو النجاح المعني "حلا إسلاميا". كما هي الحالة في تركيا وحزب العدالة والتنمية الحاكم فيها. حيث يرفضه كثير من الإسلاميين ويرفضون حلوله. وفي الحالة المصرية مثلا. أو التونسية. فإننا نعرف أن تيارات وأحزاب سلفية ودينية مختلفة تعارض حركة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر وصاحبة شعار "الإسلام هو الحل". وتعارض حركة النهضة في تونس التي تحمل نفس الشعار بشكل أو بآخر. معنى كل ذلك أن رفع شعارات إسلامية ودينية في العمل السياسي لا يحقق سوى المزيد من الفوضى الدينية والسياسية ويُقحم الدين ويلوثه في ميادين الاستغلال السياسي لا أكثر ولا أقل.
والاعتبار الثاني الذي يحققه التجريم القانوني لاستخدام الدين في الحملات الانتخابية هو توفير مناخ منصف للمنافسة السياسية المتكافئة. خاصة في مجتمعات يحتل فيها الدين مكانة معيارية كبيرة ومؤثرة. ومعنى هذا أنه من المرفوض أن تتسلح بعض الأحزاب بالشعار الديني وتتدرع بالدين ثم تخوض الانتخابات تحت لوائه. لأن ذلك يعني ضمنا أن الأحزاب المتنافسة الأخرى معادية للدين أو رافضة له. في مصر وبقية البلدان العربية عندما تستخدم الأحزاب الإسلاموية الشعارات الدينية في الحملات الانتخابية. فإن مضامينها المباشرة أو المُبطنة سوف تتجه كلها نحو اتهام خصومها بأنهم ضد الدين. وأن الأحزاب الإسلاموية هي حامية الدين من "المنافقين والعلمانيين والكفار" (أي الخصوم السياسيين). وعندما يتم استخدام المساجد والمنابر وخطب الجمعة في التحريض السياسي والانتخابي فإن العملية الانتخابية تفقد معناها لأن ما هو مُتاح للأحزاب الإسلاموية لن يكون مُتاحا للأحزاب الأخرى. وهذا ينفي أي تكافؤ في المعركة الانتخابية.
ومن المثير للدهشة أنه في سياق النقاش المصري الذي انتهى في مجلس الشورى بإقرار استخدام الشعارات الدينية أن ممثلي حزب الحرية والعدالة. الإخوان المسلمون. أرادوا إظهار نوع من الموضوعية فاقترحوا أن يتم حظر كل الشعارات الأيديولوجية إن كان ولابد من حظر الشعارات الدينية. لكن ذلك لا معنى له لأن استخدام أي حزب لأي شعار أيديولوجي سوف يكون قابلا للنقاش والنقد وحتى للتفكيك الفكري والهجوم. بمعنى آخر. لو قال حزب ما إن الأيدلوجية الليبرالية هي الحل. أو اليسار هو الحل. فإن تلك الأيدلوجية سوف تكون مجالا مفتوحا للنقاش والنقد والنقض. أما عندما يستخدم حزب إسلامي شعار "الإسلام هو الحل" فإن أحدا لن يستطيع أن يجرؤ على القول إن الإسلام ليس هو الحل. وسوف تكون المعركة غير متكافئة. ومن أجل هذا فإن المطلوب هو معركة انتخابية قائمة على برامج سياسية واقتصادية مع تحييد كامل للدين فيها.
العدالة في بيئة العمل مبدأ قطري
جاءت مشاركة دولة قطر في جلسة التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية التي أقيمت على هامش مجلس إدارة منظمة العمل... اقرأ المزيد
72
| 20 نوفمبر 2025
واحدة من صفات عباد الرحمن، هي الحلم والإحسان وعدم مقابلة السيئ بمثله. لماذا ؟ لأنهم في طاعة الله... اقرأ المزيد
141
| 20 نوفمبر 2025
لا تبخلوا بكلمة حلوة..
• الإنسان كيفما كان، وأينما كان على هذا الكوكب، يحتاج الزاد والقوة والدافع ليتحرّك وينجز ويُبدع. يحتاج من... اقرأ المزيد
105
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025