رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إن أي نقاش حول دور الإعلام العربي في الانقسامات الطائفية الإقليمية الراهنة يجب أن يأخذ بالحسبان الفصل الذي لم تنطو صفحاته بعد والذي يتتبع التغيرات التي طرأت على هذا الإعلام في أعقاب الربيع العربي. امتلك الإعلام حرية نسبية أفضل في البلدان التي نجحت انتفاضاتها ولو جزئيا في الإطاحة بأنظمة حكمها وبعد أن كان خاضعا لسيطرة تامة من الدولة. كما في تونس ومصر وليبيا. وقد تأسست عشرات الوسائط الإعلامية والقنوات التلفزيونية مباشرة بعد السقوط الكلي أو الجزئي لتلك الأنظمة. وربما كانت إحدى المظاهر الفارقة التي طرأت على المشهد الإعلامي الذي ما زال طور التبدل هو الحضور القوي للسياسة وبالأخص في وسائل البث الدينية. خاصة القنوات التلفزيونية. وبينما كانت تلك القنوات وتحديدا ذات الصبغة السلفية حريصة جدا في عهد الأنظمة السلطوية على عدم التطرق إلى السياسة وإنتاج مواد وبرامج خالية من أي إشارات سياسية. كانت الحكومات في المقابل تسمح لتلك القنوات بالعمل. بل إنها كانت سعيدة في الواقع بسلبية تلك القنوات وما لها من تأثير "تحييدي" على متابعيها. خاصة مقابل وسائل الإعلام الدينية المسيسة والقريبة من الحركات الإسلامية. والمقصود بـ "الأثر التحييدي" هنا هو تحييد المتلقين خاصة الشريحة الشبابية عن السياسة عن طريق تركيز البث الديني على أمور التدين التفصيلية. والحض على البعد عن السياسة. مع التوكيد الدائم على "طاعة ولي الأمر". وهكذا كان العديد من القنوات الدينية يزعم بأنه "لا يتدخل في السياسة" عبر تبني خطاب ديني تربوي يحض على المسلكيات فقط. ويصرف متابعيه بالتالي عن الشأن العام. والواقع أن هذه المقاربة الإعلامية للعديد من القنوات الدينية خاصة السلفية ما قبل الربيع العربي على وجه التحديد. هي سياسية قلبا وقالبا رغم ادعائها بعدم الخوض في السياسة. ذلك أن ابتعادها الواعي عن السياسة وتركيزها على الأمور الفرعية في الدين والطقوس والانهماك بها وإشغال الناس فيها يخدم السلطة بشكل مباشر. حيث يعمل على تجميد شرائح شعبية كبيرة من الاهتمام بالعمل العام. أي أن فعل "التحييد" و"التجميد" الذي كانت تساهم به هذه القنوات هو فعل سياسي في جوهره وينفي ادعائها بعدم الانخراط في السياسة.
في سياق ما بعد الربيع العربي وفي عدد من الدول التي شهدت تحطيما لأسقف حريات التعبير المنخفض والتحرر من خوف القبضة الحديدية للدولة تسيست الكثير من القنوات التي كانت غير مسيسة بالأمس خاصة في مصر (في مرحلة ما قبل السيسي). وتحالفت القنوات الأهم بينها مع الأحزاب السلفية التي تأسست بسرعة هي الأخرى أيضاً وانخرطت في السياسة. وهيمنت السياسة والتسيس على الشاشة في انقلاب مفاجئ على الماضي القريب. أثر هذا "التسيس" الكاسح على سائر البث الديني تقريبا وكان يجري في وقت كانت المنطقة تغذ السير فيه صوب تموقع طائفي مكشوف بعد اندلاع الثورة السورية. وانخراط إيران وحزب الله في دعم نظام الأسد بلا هوادة. والواقع أن الفوضى التي عمت المشهد الإعلامي بعد الربيع العربي فاقمت من المشاكل التي طالما عانى منها الإعلام الإقليمي (العابر للحدود الوطنية). كغياب هيئات تسن الضوابط والقوانين ومواثيق الشرف المهني والأجهزة القضائية التي توازن بين الحريات وحقوق الأفراد. وعلى خلفية هذا المشهد الإعلامي المنفلت من أية ضوابط انطلقت العديد من القنوات التلفزيونية لتحرض على الكراهية الطائفية وتدعو إلى إقصاء "الآخر" عبر إثارة مرويات تاريخية ومن خلال الخوض في معارك دينية جرت في الماضي دون أن تتعرض لملاحقات قضائية.
لكن في سياق ما بعد الربيع العربي برزت حالة من "فوضى الحريات" اختلطت فيها الشرعيات الثورية. بالانتخابية. بالمسلحة (كما في ليبيا). وهو الأمر المتوقع حدوثه إثر سقوط كل نظام سلطوي. وكان الأمل (وما زال) منعقدا على انبعاث "حيز عام" صحي (تعددي. وديمقراطي. ونقدي) بعد مرحلة الإطاحة بالدكتاتورية في كل من حالة من حالات الربيع العربي. عوضا عن ذلك. وعن اشتغال نظرية هابرماس التي تفترض احتلال القوى النقدية والديمقراطية لأي حيز عام يتم تحريره من سلطة الدولة. فإن الفراغ الذي برز جراء الانحسار السريع والمفاجئ للدولة السلطوية العربية احتله عموما الإسلاميون بسياساتهم وخطابهم وإعلامهم. لم تشتغل (بعد) طروحات هابرماس الكلاسيكية حول "الحيز العام" في بلدان ما بعد الربيع العربي. إذ تقوم على افتراض أن يشجع تشكل حيز عام على بروز التفكير الحر في إطار سياق علماني محدد. وذلك بالطبع بعد مواجهة قوة الدولة القمعية وارغامها على التراجع عن احتلال الحيز. فقد كشف الربيع العربي عن دينامية أخرى مقابل تلك الدينامية المفترضة. تمثلت ببساطة في استبدال سلطوية الدولة التي أطيح بها بسلطوية الخطاب الديني. وعوضا عن خلق فضاء للتفكير الحر. وقع الحيز العام في دول عربية مثل تونس ومصر وليبيا (وغيرها وإن بدرجات متفاوتة) فريسة لتدين زاحف. ورغم أن منسوب التدين دائما ما كان عاليا قبل تغيير الأنظمة إبان الربيع العربي. لكن طبيعته كانت تميل إلى البساطة وكانت أيضاً بعيدة عن التسيس (العفوي. أو المقصود). بيد أن الانتصارات الانتخابية التي سجلها الإسلاميون منحتهم قوة شعبية غير مسبوقة أسهمت في سيطرة طاغية للإسلاموية. كما دفعت إلى تحول في شخصية الإسلاميين أنفسهم فامتلكوا جسارة غير معهودة وأصبح خطابهم أكثر جراءة من ذي قبل. وتجسد كل هذا من خلال صعود وهيمنة الإعلام الديني وترسيخ عشرات القنوات الدينية النافذة وخلق فضاء مؤات لتأسيس المزيد منها. فالإسلاموية التي تمخض عنها الربيع العربي ليست إلا مرحلة متقدمة لعملية تخلق استمرت سنوات طويلة وربما جاز لنا تسميتها بـ "الفضاء الإسلاموي الإقليمي". لقد نجم هذا الفضاء عن عملية طويلة المدى شهدت غرس ممارسات وخطاب وأنشطة وتدين في داخل جسم المجتمع العربي من جانب الإسلاموية وإعلامها. وربما كانت أهم التغيرات البنيوية التي نجحت الإسلاموية في أحداثها داخل المجتمع هي التأسيس لشرعية دينية جديدة يرجع إليها في الحكم المعياري على السلوك الاجتماعي. الفردي والجماعي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12204
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1764
| 21 نوفمبر 2025