رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يتفنن التاجر الإيراني باستعراض مهاراته بعد جرعة الثقة التي اكتسبها إثر توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، والشرق طبعاً. ثمة لذة خاصة عنده في اللعب مع.. الشيطان الأكبر، لا تضاهيها لذةٌ أخرى. واليوم، تنفتح الأبواب والنوافذ ليمارس مواهبه السياسية والدبلوماسية في الساحة الإقليمية بعد إذ كان مُحاصراً سابقاً داخل حدودها، فلا يملك أن يتحرك فيها إلا بمنطق القوة وأدواتها.
كان هذا بالأمس، وقد أحسنَ فيه استغلال ذلك المنطق وأدواته، أما اليوم فنهار جديد. هي فرصة إذاً ليُثبت التاجر لـ(الشيطان) تحديداً أنه عند حُسنِ ظنه فيه، ويُعطيه أوراقاً تُمكنه من تأكيد صوابية الاتفاق. أوراق للداخل الأمريكي تُسهل مصادقة الكونجرس على الاتفاق، وأخرى للعالم، تساهم في التسويق لفتح أبوابه الاقتصادية وجلب استثماراته المالية ومعارفه التقنية.
تعرض إيران في هذه المرحلة بضاعتها بكل أنواعها، حتى (الرمزية) منها، لأنها تعرف درجة الكمون في قوة (التأويل) عندما يتعلق الأمر بمثل هذه البضاعة.
هكذا، يزور وزير الخارجية الإيراني بيروت، ليضرب عصفورين بحجرٍ واحد. فمع تأكيد الهيمنة الإيرانية على لبنان وشؤونه من قضية الرئاسة إلى مشكلة النفايات، وهي أمورٌ لم تعد تؤرق الغرب المُتفاهِم والمُتفهِّم، يخرق ظريف البرتوكول الإيراني في لبنان، ويمتنع عن زيارة ضريح عماد مغنية، في رسالةٍ، رخيصة، ولكن صارخة الدلالات لأمريكا، تتعلق باحترام قوائمها المتعلقة بالإرهاب.
أما زيارة قاسم سليماني إلى روسيا، وهو المصنف على القوائم نفسها، فتفصيلٌ هامشي يمكن التعامل معه بعبارة واحدة لمندوبة أمريكا في الولايات المتحدة قالت فيها إن التقارير المتعلقة بالزيارة "مقلقةٌ للغاية"، لتستدرك بعدها مباشرةً بالقول: "لكننا مازلنا نتحرى عن الحقائق"، وكفى الله المؤمنين القتال.
لا تفهم إيران اللعبة جيداً فقط، ولا تتفنن في الحركة وفق قوانينها فقط، بل وتحاول الإبداع في ممارستها كما يحصلُ اليوم في العراق على سبيل المثال. ففجأة، يشرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي (حليب السباع) ويُصدر قرارات إصلاحية سياسية وإدارية هي أقرب للانقلاب. ورغم أن مواقف ومطالب إصلاحية أقل طموحاً بكثير جوبهت بالرفض القاطع سابقاً، يمر انقلاب العبادي بضوء إيراني أخضر يستحيل تمريره في غيابه.
تدرك إيران أن القرار النهائي سيبقى في يدها داخل العراق، سياسياً وعسكرياً، وأن سيطرتها على هذا البلد تبدو دون منازع حقيقي. فالواضح أن لاعبي الداخل العراقي مضمونون في استجابتهم للقرار الإيراني، إن لجهة الولاء الأيديولوجي الكامل، بالنسبة لغالبية الشيعة، أو لجهة غَلبة الأمر الواقع، لمن يفكر بأي درجة من العصيان منهم لمصالح شخصية، مثلما هو الحال مع المالكي. فالمصلحة الكبرى هنا، وهي إيرانية أولاً وآخراً ودائماً، تلغي كل قيمة للمصالح الشخصية حين يحصل تضاربٌ بين المصلحتين كما هو الحال الآن. في حين كان يمكن تمريرهما بانتفاء التضارب بينهما، كما كان الوضع سابقاً في مرحلة المالكي نفسه رئيساً للوزراء. أما لاعبو السنة فقد جرى تشتيتهم وتقسيمهم رَغباً ورَهَباً، حتى غاب دورهم بشكلٍ كامل.
تدرك إيران كل ذلك، وتدركُ أن الغرب يعرف يقيناً تلك الحقيقة. هكذا، يتم احتساب الإصلاحات في العراق كإنجازٍ إيراني خالص، يزيد من رصيد إيران، ويُثبت قدرتها، ليس فقط على (الاندماج)، بل وعلى تنظيم أمور المنطقة، أو، بكلامٍ أقرب للدقة، ما يهم الغربَ فيها. والمؤكد أن سوريا، وما يجري فيها من مآسٍ إنسانية على الأقل، لا تدخل في ذلك الإطار.
على العكس من ذلك. بينما تُخطط إيران لإحكام قبضتها على سوريا، لا يزال النظام الدولي يتعامل مع الموضوع السوري بمزيجٍ من الخبث والوقاحة، إذ تبدو عينهُ، التي لم تغفل عما فعلته (داعش) بالأقليات في سوريا، عمياء كلياً عن المذابح التي يرتكبها النظام في حق السوريين (هل نقول الأغلبية؟). فرغم هول المأساة التي شَهدتها مناطق مختلفة في البلاد على مدى يومين الأسبوعَ الفائت، كان (الصمتُ) العالمي، خاصة منه الأمريكي والأوروبي، صاخباً وعالي الضجيج فيما يتعلق بالرسائل التي يُراد إيصالها للسوريين الثائرين، وللنظام الذي يقتلهم ليل نهار، ولداعميه الإقليميين والدوليين، ولمن يُناصر الشعب السوري أو يُفكر في دعمه.
أكثرَ من هذا، تتكامل، بهدوءٍ وتدرج، عملية الحصار الدبلوماسي الدولي الذي سيُواجهُ به السوريون عما قريب. يحصل هذا من خلال العملية الطويلة، (السَّلَّالَة)، كما يقولون في الشام للتعبير عن ممارسات يغلب عليها التلاعب واللؤم. تلك العملية التي بدأها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في جنيف منذ شهور بلقاءات ادعى أنها تستمزج رأي جميع السوريين، لتنتهي بخطةٍ تم تركيبها من قبل حفنةٍ من هؤلاء، بتنسيق مع الإيرانيين والروس، ويبدو أنها ستُصبح المسار البديل لمسار (جنيف) بقرارٍ رسمي من مجلس الأمن، رغماً عن أنف غالبية السوريين، وكثيرٌ منهم التقى دي ميستورا، وصرح بأن مقترحات هذا الأخير وخطته لا تُعبران عن آرائهم التي عرضوها عليه في لقاءاتهم معه، في قليلٍ أو كثير. الأرجح أن تزيدَ تلك الخطة الفوضى في المنطقة. ولكن، لا مشكلة لدى الغرب في أن يلعب بالنار، ما دام اشتعالها سيكون بعيداً عنه، بل إنه مقامرٌ بطبعه، وليس غريباً أن تتكرر تجربته مع هتلر، فيأخذ نفسَهُ والعالم إلى الهاوية.
صحيحٌ أن إيران تركز، في هذه المرحلة، على أن تقبض ثمن بضاعتها في سوريا تحديداً، لكن رهانها الكبير معروف، وطموحها الإستراتيجي لا يخفى على أحد، والفوز بسوريا أخطرُ خطوةٍ لتحقيق ذلك الطموح. وقد يكون من سوء حظها، وحُسن حظ العرب، كشفُ خلية حزب الله في الكويت، بمخزون من السلاح والعتاد يوحي بأنه لتجهيز جيش صغير أكثر منه للقيام بعملية هنا وأخرى هناك.
ما الذي كان يُحاك للكويت (المحايدة)؟ ماذا تخبئ إيران، إذاً، في دول الخليج الأخرى مما لم يُكتشف حتى الآن؟ هل تحسم هذه الواقعة حيرة بعض العرب وترددهم فيما يتعلق بإيران، وما يمكن أن تفعلهُ بهم إذا سقط السد السوري في وجه جحافلها؟ أسئلةٌ كبيرة تحتاج إلى جديةٍ في التفكير وحسمٍ في القرار.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16974
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7935
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
6582
| 10 نوفمبر 2025