رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عاشت العاصمة اليمنية صنعاء أياما دامية لم تشهدها منذ عقود أزهقت فيها الكثير من الأنفس وأهرق دم كثير وداست قممها الشامخة أقدام يقول أصحابها أنهم من أنصار الله ويدافعون عن مظلوميات أبناء الله.. وبعد جهود وتنازلات من خصوم وقع الحوثيون على اتفاق السلم والشراكة الوطنية مع جميع القوى السياسية اليمنية برعاية مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن لحل الأزمة السياسية لكن الحوثيين رفضوا التوقيع على الملحق الأمني للاتفاق الذي يطالبهم برفع مخيمات الاعتصام ووقف إطلاق النار ورفع مظاهر السلاح من العاصمة ومداخلها وانسحابهم من المناطق التي سيطروا عليها.. لكن أهم بنود الملحق تتضمن نزع سلاح جماعة "أنصار الله" وتسليم الأسلحة الثقيلة والخفيفة من قبل كل المليشيات المسلحة وكل الأطراف التي استولت على أسلحة مملوكة للدولة تنفيذا لمخرجات الحوار الوطني وتمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها وبسط سيطرتها على التراب اليمني.
الحوثيون كانوا بدأوا اعتصاماتهم في الثامن عشر من أغسطس الماضي على مداخل صنعاء لتحقيق مطالب معلنة وهي إسقاط الجرعة الاقتصادية التي بسببها رفعت أسعار المحروقات وإسقاط حكومة التوافق الوطني والإسراع في تطبيق مخرجات الحوار الوطني التي ظلت كل أطياف العمل السياسي ومنظمات المجتمع تتحاور مدة عشرة أشهر برعاية أممية وخليجية من أجل التأسيس لدولة مدنية حديثة ترفع فيها راية القانون والعزة والكرامة والتعايش بين كل اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وحتى أديانهم.. لكن اعتصامات الحوثيين التي ساندها يمنيون طحنتهم الضائقة الاقتصادية سرعان ماتحولت إلى اعتصامات عسكرية ومحاولات لفرض سلطة أمنية بديلة وهنا تدخلت قوات الجيش والأمن التي كانت تحاول فرض هيبة الدولة وسلطة القانون وهنا فقط بدأت تتكشف الأهداف الحقيقية لجماعة الحوثي والانقضاض على العاصمة كان الهدف الرئيس من كل حروبها مع الدولة اليمنية وأن يكون الحاكم من البطنين.. وقد تحقق لها ما أرادت بالنسبة للعاصمة إذ وجهت فوهات الدبابات والمدافع نحو رموز السيادة اليمنية من التلفزيون إلى مقر قيادة المنطقة السادسة وتوالي سقوط المؤسسات السيادية من الإذاعة إلى رئاسة الوزراء والبنك المركزي وحتى القيادة العامة للقوات المسلحة اليمنية والسيطرة على مقر القوات الجوية.. جماعة الحوثي حاولت أن تدافع عن ما قامت به بأنه كان لرد اعتبار من قتلوا من المعتصمين والمتظاهرين ثم ما لبثت أن قالت بأن هذه المؤسسات انضمت للثورة الشعبية وثورة المظلمومين التي هللت لها كل وسائل الإعلام الإيرانية ووسائل إعلام الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح..
زعيم جماعة أنصار الله الذي يصف نفسه بأنه من عترة رسول الله وأهل بيته جعل أتباعه ومريديه يطبقون مقولة الشافعي: لابد من صنعاء وإن طال السفر رغم أنه ينظر إلى من يتأسون في المذهب الشافعي بأنهم أقل إنسانية وحظوة في الحياة ولذلك فإن مقامه الكبير لم يسمح له بالقدوم إلى صنعاء ليوقع على الاتفاق ربما حرصا على عدم منح القداسة فهو اتفاق سياسي قال عنه أحد أعضاء المكتب السياسي لجماعة أنصار الله بأنه قد لا يطبق إلا إذا تمكن الرئيس اليمني من إجبار اللواء علي محسن وحلفائه على الوفاء بالتزاماتهم وهذا برأيي تبرير قد يجعل الاتفاق حبرا على ورق خصوصا وأن علي محسن وشخصيات سياسية لاتزال هدفا للتصفية الجسدية.
بغض النظر عن تطبيق الاتفاق من عدمه فإن قوى سياسية وأهمها حزب التجمع اليمني للإصلاح قد رأت أن تترك الحوثي لوحده يلمم ما بعثره بما سماه الرئيس عبد ربه منصور هادي انقلابا.. لكن ما يحير اليمنيين وكثير من المراقبين كيف سقطت صنعاء بهذه السهولة بيد الحوثيين لدرجة أن خبيرا استراتيجيا أجنبيا سألني: مالذي يجري.. الوضع بنفسجي؟
قلت له نعم هو بنفسجي ورمادي وأي لون يمكنك تخيله حتى بإمكانك أن تقول (أخضري) نسبة إلى اللون الأخضر الذي يحبه اليمنيون فهو لون شجرتهم المفضلة القات ولون قبة الحسينيات الجديدة في صعدة وربما ستنشأ أخرى في محافظات أخرى وبإمكانك ياصديقي الاستراتيجي أن تسجل هذه الملاحظات وتحللها لوحدك:
- حروب الدولة مع الحوثيين... الفرقة الأولى مدرع تكلف من الرئيس السابق علي عبدالله صالح بقتال الحوثيين وفي الوقت نفسه يكلف قائد الحرس الجمهوري نجل الرئيس المخلوع والسفير اليمني الحالي في دولة الإمارات بإمداد الحوثي بكل أنواع الأسلحة خاصة تلك التي أمدته بها واشنطن لمحاربة تنظيم القاعدة.
- وزير الدفاع الحالي محمد ناصر أحمد ترك اللواء 310 بقيادة القشيبي ينافح عن عمران دون دعم لوجستي رغم إصدار أمر لواحدات بالتحرك لإسناد اللواء ثم صدر أمر آخر بأن تتوقف عند تخوم عمران حتى سقطت عمران وسقط اللواء 310 وقتل الحوثييون قائده ومثلوا بجثته.
- عند وصول الإمدادات (الغذائية) لمعتصمي الحوثي في العاصمة أصدر قائد المنطقة العسكرية السادسة أوامره برفع الحواجز العسكرية من مداخل العاصمة الشمالية فدخل كل المدد وبدأ الزحف حتى أعطيت الأوامر للوحدة العسكرية التي تحمي التلفزيون اليمني بتسليم كل مالديها لأنصار الله..
- تسلم أنصار الله العهدة من مخازن الوحدة العسكرية الحامية للتلفزيون الرسمي رمز السيادة اليمنية ووزعوها بالعدل والمساواة على أهداف أخرى حتى سقطت العاصمة.
- المبعوث الأممي جمال بن عمر ظل ثلاثة أيام في صعدة يبذل جهودا مضنية لإقناع الحوثي بالتوقيع على الاتفاق الذي أعدته لجنة وساطة رئاسية سابقة لحل الأزمة لكن الزعيم الروحي فكر وقدر ثم فكر وقدر إلى درجة إن اليمنيين من فرط تلهفهم وترقبهم ونفاد صبرهم أطلقوا نكاتا منهم من قال: بن عمر يخضع لمراسم الضيافة العربية التي لابد أن تكون في ثلاثة أيام بلياليها بينما علق آخرون أن الحوثي يفاوض بن عمر على تغيير اسمه إلى جمال بن علي..
- مسلحو الحوثي يواصلون عمليتهم العسكرية في صنعاء والسعي لتحقيق أهدافهم بمباركة غربية وإقليمية وعربية وهي تدمير المقرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) وكذلك محاولة تصفية الشخصيات العسكرية والقبلية التي تتحالف مع حزب الإصلاح بينما ينتظر الرئيس اليمني وسفراء الدول العشر والزعيم الحوثي أو من يمثله لتوقيع اتفاق سياسي.
- لم تعلن أي سفارة غربية غلق أبوابها أو سحب موظفيها لدواع أمنية ولم يصدر أي بيان رسمي من دول عربية وأجنبية كتلك التي صدرت خلال دقائق من وقوع الأحداث في مصر مثلا.
- تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لم ينبس ببنت شفه وهو الذي أصم أذاننا بالشعارات ومحاربة الكفار وحتى الروافض.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بعد التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية.. كيف ستسرد صنعاء شموخها وعزتها بعد أن استضعفها الحوثي في لحظة ضعف وغفلة من التاريخ.. ما هي مآلات العملية السياسية في اليمن؟ هل سيقنع الحوثي بما حققه أم ستمضي به نشوة النصر إلى تحقيق حلم (البطنين) ورفع العلم الأخضر الذي كان قبل 1962 وتصفية كل خصومه؟ وهل ستتحول جماعة الحوثي إلى العمل السياسي بأدواته السلمية بعد أن أشبعت نهمها العسكري واستعرضت قوتها على خصومها بل وحولتهم إلى موقع الدفاع بعد أن كانوا في مواقع الهجوم والقوة.؟ هل سيبقى اليمن موحدا؟ ورغم كل ما يقال وسيقال عن هذا الاتفاق ومآلات الوضع إلا أن اليمنيين لا يزالون يتمتعون بحكمة من نوع ما، تخيل عزيزي القارئ لو لم يوقع الجميع على الاتفاق؟ بل تخيل لو انساق حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى المواجهة والحرب ووزع البندقية على الملايين من أعضائه... إنها حكمة اليمنيين فعلا.. نتمنى أن تتجلى يوما في التنمية وبناء الإنسان وأن تغادر اليمن ثقافة الحرب والصراع العبثي.
لماذا تكتب؟..
من أكثر الأسئلة التي توجه لي في حواراتي الثقافية، أو توجه إلى غيري من الكتاب، هو لماذا تكتب؟.... اقرأ المزيد
174
| 30 أكتوبر 2025
الإزعاج الصوتي.. تعدٍ على الهدوء والهوية
في السنوات الأخيرة، أصبحت الأغاني تصدح في كل مكان نذهب إليه تقريبًا؛ في المطاعم والمقاهي والفنادق والأندية الرياضية،... اقرأ المزيد
360
| 30 أكتوبر 2025
وجوه صامتة
• ما معنى أن يعم الهدوء كل الأرجاء والوجوه؟ وما معنى ان تصادف إنسانا يلتزم الصمت في معظم... اقرأ المزيد
219
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6609
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3252
| 23 أكتوبر 2025