رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جاسم إبراهيم فخرو

مساحة إعلانية

مقالات

1806

جاسم إبراهيم فخرو

النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

23 أكتوبر 2025 , 05:34ص

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى، وسلامةٌ تُصان، وحياةٌ تُدار بانسيابية ومسؤولية.

لا أحد ينكر مدى التطور والتقدم الذي شهدته دولة قطر في مجال القوانين المرورية والنظام المتّبع في تطبيقها، فقد استطاعت الإدارة العامة للمرور أن تغطي معظم نقاط الضعف من خلال تشريعات متطورة وإجراءات دقيقة، وربما صارمة أحيانًا، لكنها جاءت لحماية الأرواح وتنظيم السير وضبط السلوك العام في الشوارع. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل القوانين وحدها تكفي؟ فالحرص على تطبيقها لا يقل أهمية عن وجودها، فكثيرٌ من المخالفات نشاهدها يوميًا في الطرقات، وأحيانًا تحدث أمام مرأى من رجال المرور أو الدوريات دون ردع فوري، ولعلّ لذلك أسبابًا متعددة، منها وجود وافدين وسائقين جدد أو سياح لا يدركون صرامة القوانين في قطر، فضلًا عن بعض الموظفين الجدد الذين لم يتشرّبوا بعد روح الانضباط المروري. ومن هنا تبرز الحاجة إلى متابعة دقيقة ومستمرة، وعدم ترك الأمور تمضي بلا رقابة حقيقية، إلى جانب تكثيف حملات التوعية بلغات متعددة، فذلك عنصر أساسي لنجاح المنظومة. ولا شك أن إدارة المرور من الإدارات المتميزة في قطر، لكن من المهم ألا يقتصر التركيز على قضايا السرعة والمخالفات فقط، بل أن يشمل جوانب أخرى لا تقل أهمية، مثل تنظيم ساعات سير المركبات الثقيلة وباصات العمال ومنعها من الحركة في ساعات الذروة، لما تسببه من ازدحام شديد وعرقلة لحركة السير، خاصة في المسارات الداخلية التي يُفترض أن تبقى مخصصة للسيارات العادية، ومن المهم أن تعمل إدارة المرور على إيجاد طرق بديلة لسير هذه المركبات وآليات الشركات، بحيث تكون طرقًا خارجية مخصصة تتناسب مع حجمها وحركتها، خصوصًا وأن قطر اليوم تمتلك شبكة طرق واسعة ومتطورة تتيح مثل هذه الحلول دون صعوبة، وكذلك إيجاد حلول جذرية لمشكلة المواقف التي يعاني منها المواطن والمقيم على حد سواء، فالمراجع لا يجد أحيانًا موقفًا في المستشفيات أو المؤسسات الحكومية مما يؤدي إلى تأخر المواعيد وتعطل المصالح، ومن الضروري أن تُلزم المؤسسات من خلال مواصفات «الدفاع المدني وأشغال» بتوفير مواقف كافية لموظفيها وللجمهور، وألا تستحوذ سيارات الموظفين على المواقف العامة كلها. وفي النهاية لابد أن ندرك أن الموضوع ليس مجرد غرامات، بل هو التوعية والسلامة للناس والمركبات من الحوادث، وانسيابية الحركة والحياة بصفة عامة، فالقوانين لم تُشرّع للعقاب، وإنما وُضعت لتنظيم الحياة وحماية الإنسان، وإن ما حققته قطر في تطوير بنيتها المرورية إنجازٌ مشهود، لكن الحفاظ على هذا المنجز يتطلب وعيًا دائمًا، وتطبيقًا عادلًا، ورسالة توعوية مستمرة تصل إلى كل سائقٍ ومقيمٍ وزائرٍ على أرضها.

 ولمستخدمي الطرق أقول ان النظام في الشارع ليس سوى انعكاسٍ للنظام في الحياة، والالتزامُ بالقوانين المرورية لا يختلف عن احترام القيم والضمير، فحين نؤمن بأنّ الانضباط سلوكٌ حضاريّ قبل أن يكون قانونًا، تصبح شوارعُنا أكثر أمانًا، وتغدو حياتُنا أكثر اتزانًا وطمأنينة.

مساحة إعلانية