رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تكتسب الزيارة التي يبدأها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، اليوم إلى الولايات المتحدة الأميركية ويلتقي خلالها بالرئيس باراك أوباما في قمة استثنائية، إضافة إلى لقاءات مع صناع القرار في الكونجرس والمؤسسات السياسية والاقتصادية، أهمية كبرى، كونها تجيء في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة، التي تعيش تحولات متسارعة على أكثر من صعيد.
لقاءات سمو الأمير في البيت الأبيض ومع النخب السياسية والاقتصادية والتعليمية سيكون حاضرا بها ملفات غاية في الأهمية، تستدعي التشاور وتبادل الآراء حيالها، إضافة إلى التعاون الثنائي الذي بات يخطو خطوات واسعة في مختلف المجالات، وأثمر عن تحقيق نتائج إيجابية للبلدين، ربما الزيارة الأخيرة التي قام بها سعادة الشيخ محمد بن حمد آل ثاني على رأس وفد اقتصادي كبير إلى الولايات المتحدة، وما نتج عنها من مشاريع مستقبلية تشير إلى ارتفاع حجم الاستثمارات القطرية في أميركا خلال السنوات الخمس المقبلة إلى 35 مليار دولار، إلا خير شاهد على المرحلة الجديدة التي تدخلها العلاقات بين البلدين، والتي تتعزز بمشاريع تنموية مهمة، والأمر نفسه بالنسبة للاستثمارات الأميركية الموجودة في قطر عبر أكثر من 120 شركة كبرى، والتي أيضا تتوسع بشكل كبير، خاصة بعد فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022.
تتميز العلاقة بين قطر والولايات المتحدة الأميركية ـ كما هو الحال مع بقية الأصدقاء ـ باحترام متبادل، وتفهم لوجهات النظر بكل شفافية، والعمل معا من أجل قضايا المنطقة والعالم أجمع، بهدف إيجاد مناطق آمنة ومستقرة.
تعرف الإدارة الأميركية جيدا المصداقية التي تحظى بها قطر في مختلف الأوساط، والمكانة التي تتبوأ في المحافل الإقليمية والدولية، وعلاقاتها المتينة المبنية على أسس سليمة، مع الأطراف المختلفة بمسافات واحدة، وهو ما يجعل من العلاقة بين البلدين تنتقل إلى مرحلة الشراكة الحقيقية.
لقد استمع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى رؤية سمو الأمير المفدى حيال عدد من القضايا في اجتماع المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن على مستوى القمة حول التهديدات للسلم والأمن الدوليين، التي ترأسها باراك أوباما في سبتمبر الماضي بمشاركة عدد من رؤساء الدول، فقد طرح سموه حلولا لعدد من القضايا، فلم يكتف بذكر المشاكل التي تعصف بالمنطقة، بل كانت رؤية سموه واضحة حول تلك الأزمات والمخاطر التي يتعرض لها الإقليم بصورة متزايدة، فعندما تم الحديث عن الجماعات الإرهابية، فقد رأى سمو الأمير "إنه لا مناص من الاستجابة الأمنية وحتى العسكرية العاجلة للخطر الداهم الذي تمثله الجماعات الإرهابية، ولكن الاستنفار الآني والعاجل والمُلِح لا يجوز أن يجعلنا نهمل ظروف نشأته وأسبابه ودوافعه"، ويضيف سموه "يفترض أن يكون الإرهاب ظاهرة استثنائية، ولكن انتشار حركات إرهابية إلى درجة السيطرة على أراض وسكان في بلد من البلدان ليس ممكنا إلا بغياب الدولة وفشلها والفراغ الأمني الناجم عنه، حين تتحول الدولة إلى مجرد أداة إلى قمع وقتل، لا تترك أي متنفس للكلام والحوار للقوى المدنية السياسية ولا تفسح مجالا للإصلاح السلمي التدريجي ولا للثورة المدنية".
فمن المؤكد أن قضية الإرهاب الذي يجتاح العالم اليوم ستكون حاضرة في المباحثات التي سيجريها سمو الأمير المفدى مع الرئيس الأميركي، والبحث عن السبل الكفيلة بمكافحته، هذا الإرهاب الذي لا دين له ولا جنسية أو قومية، هو محل رفض جميع الدول، ولكن يجب أن تكون هناك معالجة حقيقية لهذه الظاهرة، التي باتت تقض مضاجع الجميع، وفي سياق مكافحة الإرهاب، فقد ذكّر سمو الأمير في خطابه أمام مجلس الأمن بعدد من النقاط، حيث قال:
1 ـ لقد تعلمنا من الخبرات السابقة أن العمل العسكري وحده ليس سبيلا لحل المشاكل، ولا بد أن يأتي في سياق حلول سياسية، تفتح أفقا لمستقبل أفضل، فالعنف يولد العنف إذا لم يكن جزءا من حل سياسي شامل.
2 ـ تحظى السياسة بعمق شعبي إذا حظيت بمصداقية، وإذا لم تكل بمكيالين، يجب أن يكون الموقف من المدنيين بالقتل هو نفسه إذا قامت به دولة استبداد أو دولة احتلال أو تنظيم إرهابي، لا يجوز أن يسود انطباع أن المجتمع الدولي يظهر العجز عن مواجهة سياسة قتل مئات الآلاف من المدنيين، ثم يستنفر بسرعة في سياق آخر.
3 ـ التصدي للإرهاب ليس تفويضا مطلقا باتخاذ أي إجراء دون الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، فلا يجوز أن يعاقب المدنيون الأبرياء مرة من الإرهاب وأخرى عند مكافحة الإرهاب.
هذه الرؤية التي تحدث عنها سمو الأمير بكل شفافية كانت محل تقدير واحترام الرأي العام، وطرحت معالجة حقيقية لهذه الظاهرة ، التي ابتليت بها منطقتنا العربية والإسلامية ربما أكثر من غيرها.
هناك تطلع دائم لدى الشعوب العربية إلى أنه عندما تتحدث القيادة القطرية فإنها تنقل للعالم أجمع تطلعات هذه الشعوب، آمالا وآلاما، فقد عرفت قطر وقيادتها انحيازها إلى قضايا الشعوب، والدفاع عنها في كل المحافل، فهذا الهم لم يغب عن القيادة القطرية في كل، دفاعا عن قضايا الأمة وشعوبها، وهذا الملف ـ ملف المواطن العربي وقضاياه ـ من المؤكد سيكون حاضرا في البيت الأبيض، وسيضعه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على طاولة المباحثات والمناقشات مع الرئيس باراك أوباما.
بالطبع الملفات الرئيسية الأخرى ستتصدر المباحثات أيضا، خاصة معاناة الشعب السوري الذي ينهي عامه الرابع وسط مجازر لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا، ومئات الآلاف من القتلى وملايين المهجرين واللاجئين، وقمع واستبداد غير مسبوق، وسط إهمال من قبل المجتمع الدولي، الذي يتفرج على هذه الدماء والإشلاء دون أن يحرك ساكنا.
أيضا الوضع في اليمن، وما تلا من استيلاء على السلطة الشرعية من قبل الحوثيين، وتداعيات ذلك على المنطقة، التي تعاني من أزمات مزمنة، تركت دون علاج حتى "فرّخت" لنا منظمات وجماعات إرهابية، وليست "داعش" الوحيدة، فهناك منظمات وفصائل وكتائب تمارس قتلا ممنهجا تحت مرأى ومسمع وموافقات في بعض الدول بالإقليم، وهو ما يجعل من المعالجات أنها لابد اأن تكون شاملة، لا تستهدف طرفا دون آخر، حتى تؤتي ثمارا حقيقية من الأمن والاستقرار.
وقد ظلت قطر على الدوام تنتهج نهجا داعما للاستقرار والأمن، منتصرة لقضايا الشعوب، مدافعة عن قضايا الأمة، تتعامل مع الجميع "بوجه" واحد، وتسدي للجميع نصيحة صادقة، لا تأخذها في ذلك لومة لائم، وتقف مع جميع الأطراف على مسافة واحدة، وهو ما أكسبها هذه المصداقية العالية، ما جعلها منصة للحوار، وملجأ للوساطات، وقبلة للاستنجاد بها عند الملمات ـ وما أكثرها ـ فكانت خير وسيط نزيه، وخير ناصح أمين، وخير مدافع عن قضايا الشعوب.
وربما الأمثلة على الأدوار الكبيرة التي قامت بها قطر في مجال الوساطات، والنجاحات التي حققتها مع أكثر من طرف، خير شاهد على هذه المصداقية التي تتمتع بها قطر وقيادتها، ونتذكر جيدا ونحن نتحدث عن العلاقات القطرية ـ الأميركية، ما قامت به قطر من وساطة ناجحة في الإفراج في يونيو من العام الماضي عن الجندي الأميركي الذي كان محتجزا عند حركة طالبان في أفغانستان لنحو خمس سنوات، مقابل إطلاق خمسة من معتقلي الحركة في معتقل جوانتينامو.
وقدم الرئيس الأميركي باراك أوباما في اتصال هاتفي الشكر لسمو الأمير المفدى على الدور الذي لعبته قطر في الإفراج عن الجندي الأميركي، فيما قال وزير الدفاع الأميركي إن العامل الأساسي في نجاح صفقة تبادل الأسرى كانت إرادة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لقيادة جهود التوصل إلى اتفاق.
قطر نجحت في تحقيق اختراقات في ملفات مستعصية، ونجحت بامتياز في إيجاد حلول لأزمات متفاقمة، وذلك بفضل صدق نواياها، وجهودها الجادة، وعلاقاتها مع جميع الأطراف المبنية على الاحترام والمصداقية في التعامل، بأن تكون منصة فاعلة لحل النزاعات بالطرق السلمية، فنهج السياسة الخارجية القطرية يقوم على تشجيع قنوات التواصل الأيجابي، والشرق الأوسط في ظل الأزمات التي يعيشها بأمس الحاجة إلى شريك حقيقي يستطيع أن يرعى ويدير حوارا مفتوحا، وقطر تسعى جاهدة لأن تلعب ذلك الدور، كما قال وزير الخارجية الدكتور خالد بن محمد العطية.
المنطقة اليوم بحالة تشبه "مخاضا" قريبا، ومقبلة على تحالفات جديدة، قد تعيد صياغتها، والولايات المتحدة الأميريكة موجودة بالمنطقة، ولها حضورها الأمني والعسكري والسياسي والاستثماري، وهي شريكة مع دول المنطقة، ما يعني أنها مسؤولة عن أمن واستقرار المنطقة، وهي بالتالي بحاجة إلى أن تصغي جيدا إلى ما سيقوله ضيفها اليوم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يحمل قضايا الأمة وشعوبها، وتطلعات شبابها تحديدا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6609
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3252
| 23 أكتوبر 2025