رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

شريف عبد الرحمن سيف النصر

شريف عبد الرحمن سيف النصر

مساحة إعلانية

مقالات

518

شريف عبد الرحمن سيف النصر

آل بوش والرئاسة الأمريكية

24 يونيو 2015 , 02:51ص

إذا كانت هيلاري كلينتون تبدو المرشح الأقرب للفوز بثقة الحزب الديمقراطي، فإن الكثير من التحليلات تشير إلى أن "جيب بوش" الابن الثاني لجورج بوش الأب، ربما يكون هو المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، مما يرفع احتمال أن تكون المنافسة في الانتخابات القادمة بين عائلتين رئاسيتين، عائلة بوش وعائلة كلينتون. وإذا كانت المنافسة في الجولة الأولى (انتخابات 1993) قد انتهت بفوز كلينتون (الزوج) على بوش (الأب)، فإن الأمور قد لا تسير على نفس الوتيرة في الجولة المقبلة (انتخابات 2016)، خصوصا في ظل حالة التململ من الأداء الديمقراطي لحكومة أوباما طوال السنوات الثماني الماضية، فهل يعني هذا أن آل بوش على موعد مع الحكم من جديد؟

لا تبدو الإجابة بـ"نعم" قاطعة في ظل العقبات الكثيرة التي تلاحق المرشح الجمهوري الثالث من آل بوش. فـ"جيب" الذي شغل منصب حاكم ولاية فلوريدا في الفترة من 1999إلى 2007، تورط بشكل غير مباشر في الأزمة التي صاحبت فوز أخيه جورج بوش بالانتخابات الرئاسية عام 2001، ففي المرحلة الأخيرة من هذه الانتخابات فاز المرشح الديمقراطي "آل جور" بأغلبية أصوات الأمريكيين، فيما فاز جورج بوش بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي بفضل الوزن النسبي الذي تتمتع به ولاية فلوريدا، وقد اقتضى الأمر في حينها إعادة فرز أصوات الولاية مرتين للتوصل إلى إعلان النتيجة النهائية المتمثلة في فوز بوش، وقد أثيرت العديد من علامات الاستفهام حول الدور الذي قام من خلاله جيب بمساعدة أخيه جورج للفوز بالانتخابات بعدما أعلن على نطاق واسع أن آل جور هو الفائز بمنصب الرئاسة، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب، وتتحول نتائج ولاية فلوريدا لصالح جورج بوش!

وليست الخبرة السيئة المرتبطة بالطريقة التي فاز بها بوش الثاني هي كل ما سيتعين على المرشح الجمهوري تجاوزه، فهناك أيضا موقفه من التركة الثقيلة التي تركها أخوه في الحكم، وأبرزها تداعيات غزو العراق. فحيثما حل، يواجه جيب بسؤال حول موقفه من قرار إدارة أخيه غزو العراق، ورغم محاولته المستمرة الظهور بمظهر المستقل عن أسرته، إلا أنه لم يستطع التبرؤ من قرار الحرب التي شنها شقيقه استنادا إلى معلومات استخباراتية خاطئة (تتعلق بمزاعم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وعلاقة مفترضة بين نظام الرئيس العراقي وتنظيم القاعدة)، حتى أنه اضطر بعد كثير من المراوغة إلى التصريح بأنه لو كان مكان أخيه، وتوافر لديه ما توافر له من معلومات استخباراتية (زائفة)، لاتخذ قرارا مماثلاً بغزو العراق. وهو الأمر الذي لم يرق لكثير من الأمريكيين الذين يعتبرون أن دفاعه عن قرار خاطئ هو موقف خاطئ بالضرورة.

وكان جيب قد حاول في خطاب إعلان ترشحه الخروج من صورة الوريث السياسي لشقيقه ووالده، واستخدم شعارا دعائيا لحملته يظهر فيه اسمه الأول فقط دون ذكر اسم عائلته. ورغم ذلك تظهر تصريحات جيب ومواقفه السياسية أنه يعاني من نفس ما عانى منه أخوه من قبل من جهل وتضارب في المواقف خصوصا فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي يدعم فيه جيب أجندة الحرية القائمة على دعم التحول الديمقراطي، فإنه عند سؤاله عن موقفه إزاء الأوضاع التي شهدتها مصر، بوصفها إحدى الحلفاء التقليديين لأمريكا، صرح بأن الإدارة الديمقراطية قد أخطأت بتخليها عن الرئيس المصري حسني مبارك، على اعتبار أن وجوده ضروري لحماية الاستقرار الذي تتطلبه المصالح الأمريكية.

وليس تضارب موقفه من مسألة الحريات هي الثغرة الوحيدة التي يواجهها المرشح الجمهوري على المستوى الخارجي ولكن حتى علاقته بإسرائيل لا تخلو هي الأخرى من تناقضات، فرغم تعهد جيب بوش بالوقوف إلى جانبها، وتعهده بتطوير العلاقات التي شهدت تراجعا في فترة إدارة أوباما، فإنه يستعين بالسياسي المخضرم جيمس بيكر ضمن فريقه. وجيمس بيكر ليس بالشخصية المفضلة لدى الإسرائيليين، على اعتبار أنه سبق ومارس ضغوطا على حكومة إسحاق شامير (وقت أن كان وزيرا لخارجية بوش الأب) لوضع حد للبناء في المستوطنات اليهودية في المناطق المحتلة من خلال التلويح بقطع الدعم الأمريكي. وهو ما اعتبر بسببه شخصية معادية لإسرائيل، الأمر الذي تأكد في حقه مؤخرا بعد أن ألقى خطابا أمام مجموعة يهودية تعرف باسم J Street، انتقد فيها سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي وصفها بأنها لا تصب في اتجاه حل الدولتين. جر هذا على جيب بوش انتقادات الجمهوريين الموالين لإسرائيل، فضلاً عن انتقادات اللوبي الصهيوني.

وعلى غرار ورطته مع الإسرائيليين يواجه جيب ورطة مماثلة مع المحافظين المسيحيين (الحلفاء التقليديين للجمهوريين)، فلسبب ما، تحول جيب بوش عن معتقده البروتستانتي عام 1995 إلى المعتقد الكاثوليكي، وانضم على إثر ذلك إلى جمعية فرسان كولومبس الكاثوليكية (تأسست عام 1882) وتم منحه لقب فارس كولومبس من الدرجة الرابعة. ومن الوارد أن يحرمه توجهه الديني من أصوات اليمين البروتستانتي التي تمتع بها أبوه وأخوه من قبل، بل ومن الممكن أن يشكل له الانتماء إلى جماعة فرسان كولمبس الكاثوليكية مشكلة حقيقية، خاصة أن هذه الجماعة كان ينتمي إليها الرئيس الأمريكي جون كينيدي، الذي تعرض لعملية اغتيال قيل أنها كانت لأسباب دينية. ورغم أن المواقف السياسية لجيب تصطف به في جانب المحافظين البروتستانت، إلا أن هذا قد لا يشفع له لدى المتدينين منهم الذين لن يستسيغوا التصويت لصالح مرشح كاثوليكي.

المدهش أنه رغم كل هذه العقبات التي تعترض سبيل بوش الثالث، فإن حظوظه تبدو مرتفعة في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، لا لشيء إلا لأنه يحمل اسما معروفا لدى الناخب الأمريكي، فمن ضمن الأسماء الكثيرة التي أعلنت عزمها الترشح عن الحزب الجمهوري، يبدو اسم "بوش" الأقرب إلى سمع وذاكرة الأمريكيين. فعلى الأقل يعرف الناس اسم عائلته حتى لو كانوا لا يعرفونه شخصياً، وهو ما يعطيه وزنا أكبر لدى شريحة واسعة من أعضاء الحزب، ولكن الأمر المؤكد أن فوز جيب بترشيح الحزب الجمهوري لن يجعل الطريق ممهدا أمامه لبلوغ المكتب البيضاوي بأي حال.

مساحة إعلانية