رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. سلطان الهاجري

- محاضر وباحث في الإدارة والأداء المؤسسي

مساحة إعلانية

مقالات

132

د. سلطان الهاجري

لماذا تفشل الإدارة؟

24 نوفمبر 2025 , 02:20ص

دعونا نتحدث اليوم عن الإدارة كما ينبغي أن تُفهم، لا كما يتخيلها البعض خاصة من يحصرها في إصدار القرارات العشوائية، والأوامر والتوجيهات، وحب الظهور والتصوير والشاشات، فحين يفقد القرار روحه، وتتحول الإدارة إلى صمت متضخم يبتلع الحقيقة، يبدأ الانحدار الخفي الذي لا يراه أحد في بدايته، فالمؤسسات لا تسقط دفعة واحدة، إنما تنحدر قطرة بعد أخرى، عندما يتقدم الشكل على المضمون، ويتحول المكتب إلى جدران مزخرفة تخفي خلفها عقلاً جامداً لا يلتقط أي إشارة تحذير، ولا يفقه المعنى الحقيقي للإدارة، فكل خبرته ومفهومه لها هو كرسي مزخرف، عندها تتآكل الفكرة، ويتراجع الإبداع، وينطفئ الحماس، ويظهر أول شرخ في جدار العمل..

 فالمأساة الحقيقية تبدأ من عقل إداري يعيش خارج الزمن، لا يسمع نبض الواقع، ولا يفهم حركة التغيير، ولا يدرك طبيعة الإنسان، عقل يتعامل مع الموظفين كأدوار صامتة، ومع القرارات كخطوط نهائية، ومع المستقبل كنسخة مكررة من الأمس، ومع كل خطوة خاطئة ينهار جزء من المؤسسة، فتتحول إلى جسد كبير يتحرك بدافع العادة فقط، دون روح أو نبض أو بصمة..

.. وتبدأ المؤسسة بالترنّح حين تغيب العدالة وتظهر المحاباة، وحين تضيع الجهود ولا تجد من يلتقطها، فالقرار غير النزيه لا يجرح فرداً واحداً، إنه يفتح باباً للضعف، ويمنح الرداءة مساحة لا تستحقها، والظلم الإداري خنجر يطعن يومياً، يدفع الأكفأ للرحيل، ويفتح الباب لغير المؤهلين، ويقلب موازين الكفاءة رأساً على عقب 

.. المدير الذي يتشبث بالأضواء يُطفئ أضواء فريقه، والذي يحتكر مساحة الإنجاز يخلق فراغاً قاتلاً في مؤسسته، وقد قال العرب،» من احتكر المجد، عاش وحيداً «.. ومع كل خطوة خاطئة تتسع الفجوة بين الواقع والطموح، ويتحول العمل إلى حمل يومي ثقيل، حتى تصل المؤسسة إلى مرحلة العجز، هنا يبدأ الانهيار الحقيقي.

أما الإدارة التي تُنقذ المؤسسات، فهي الإدارة التي تفهم قبل أن تحكم، وتستمع قبل أن تتكلم، وتُشرك قبل أن تُقرر، إدارة تُقدّس قيمة الإنسان، وتتعامل مع العدالة كشرط أساسي، وتعرف أن الفريق هو رأس المال الأول، وقد جاء في الأثر،»ما ارتفع قوم إلا برجل فهم قيمة الناس»

.. وحين تعود الإدارة إلى هذا الفهم، تعود الحياة إلى المؤسسة، ويشرق القرار، ويشتعل الحماس في القلوب، فالمستقبل يُبنى بعقل يرى، وضمير ينصف، وقائد يحيي المؤسسة من داخلها قبل خارجها.. 

وما بين السقوط والنهضة خيط واحد، يلخصه القول الحكيم،“من أصلح رأسه، صلح الجسد كله» 

 

مساحة إعلانية