رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بلا جدال فقد أصبحت الصين قوة اقتصادية كبرى لا يستهان بها، خاصة بعد إزاحتها لليابان في عام 2010 واحتلالها المركز الثاني في ترتيب الاقتصاد العالمي لتصبح ثاني أكبر وأضخم اقتصاد وصاحبة ثاني أكبر ناتج محلي على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد تفوقها مؤخراً على الولايات المتحدة في حجم وقيمة التجارة الخارجية لتصبح القوة الأكبر عالمياً في هذا المجال، وذلك في ضوء الكثير من التوقعات بتفوق الاقتصاد الصيني على نظيره الأمريكي بحلول عام 2025.
ورغم هذه الإنجازات الاقتصادية الضخمة فإن الصين "التي مازال الكثيرون ينظرون إليها على أنها إحدى الدول النامية" مازالت تسعى للاعتماد على الابتكارات العلمية والتكنولوجية بهدف ضمان تطوير مستوى جودة منتجاتها واقتصادها، وكذا اعتمادها على تفعيل شعار "صنع في الصين" في ظل إنتاج مصانعها لأكثر المنتجات تطوراً وبصفة خاصة صناعة الآلات والمعدات والمنتجات الكهربائية والتكنولوجية الحديثة، مما أدى إلى زيادة صادراتها في عام 2014 بنسب 8.8% لتبلغ أكثر من 2.7 تريليون دولار أمريكي.
ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين الصينيين أن تعافي الاقتصاد العالمي سوف يقلل من خطر انخفاض معدل النمو المتوقع ببلادهم في عام 2015، كما يتوقع هؤلاء الخبراء أن يقود الفائض التجاري وتدفق رؤوس الأموال في المدى القصير إلى ارتفاع قيمة عملتهم "اليوان"، مع إدراكهم التام باحتمالية خفض أو تراجع تدفق رؤوس الأموال الواردة للبلاد في أعقاب إلغاء البنك المركزي الأمريكي لخطط التحفيز المالي وبرامج التيسير الكمي وشراء الأصول والسندات، وفتح حساب رأس المال.
ورغم ذلك فإن هؤلاء الخبراء الصينيين مازالوا يتوقعون أن يصل إجمالي الناتج المحلى لبلادهم في عام 2014 أكثر من 66 تريليون يوان صيني أي ما يزيد على عشرة تريليونات دولار أمريكي، وأن يبلغ معدل النمو 7.7% وهو ذات المعدل الذي تنبأ به خبراء البنك الدولي.... ولكي تستطيع الصين استهداف هذه المعدلات فقد عمدت إلى تعزيز إصلاحاتها الاقتصادية وتغيير أسلوب تنميتها وتعديل هياكلها الاقتصادية بما يضمن لها ما تنشده من تنمية مستدامة.
ووفقاً لبيانات وزارة التجارة الصينية المنقولة عن تقارير وسجلات منظمة التجارة العالمية فإن الصين قد أصبحت في عام 2014 أكبر دولة في العالم من حيث حجم وقيمة تجارة البضائع والتي ارتفعت كثيراً بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، حيث بلغ حجمها 4.8 تريليون دولار أمريكي منها 2.7 تريليون صادرات ونحو 2.1 تريليون واردات.
ويرى الكثير من الخبراء أن المعدلات الاقتصادية التي حققتها الصين خاصة في مجال التجارة الخارجية تعد إنجازاً كبيراً بالنسبة لدولة من دول الاقتصادات الناشئة التي يصنفها المحللين والمتخصصين على أنها دولاً نامية، كما تعد الصين حاليا أكبر شريك لأكثر من 120 دولة حول العالم والتي أتاحت لهم توفير آلاف وملايين فرص العمل والاستثمار ومن ثم زيادة معدلات النمو الاقتصادي لهذه الدول.
وإذا كان الاقتصاد الصيني قد استطاع أن يتجاوز الاقتصاد الياباني ليحتل المرتبة الثانية في الترتيب والتصنيف العالمي، وبلغ إجمالي ناتجة المحلى ضعف إجمالي الناتج المحلي لليابان، واستطاع كذلك أن يزيد إجمالي ناتجه المحلي عن نصف نظيره الأمريكي، وسوف يتقلص هذا الفارق بالطبع بعد تجاوز إجمالي الناتج المحلي الصيني لحاجز العشرة تريليونات دولار في عام 2014 والذي أطلق عليه البعض اسم "عام تعميق الإصلاحات الشاملة" لخدمة المواطن الصيني.
ولقد اعتمدت خطط تعميق الإصلاحات الصينية الجديدة التي وضعتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم على ضبط وتحقيق التوازن بين معدلات النمو وتعزيز خطى الإصلاح، وكذا سعى الحكومة الدءوب لتحويل نتائج النمو الاقتصادي إلى المزيد من المكاسب والمنافع والامتيازات التي تتيح لأبناء الشعب الصيني أن يشعر ويتمتع بما يطلق عليه الغرب مصطلح "جودة الحياة"، لتتجنب بذلك ما وقعت فيه العديد من الدول النامية الأخرى وفي مقدمتها الهند التي استطاعت تحقيق معدلات نمو مرتفعة ولكن تزايدت في الوقت نفسه أعداد ومعدلات ومستويات الفقر والفقراء.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4161
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1602
| 02 ديسمبر 2025