رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
(وقالوا يا أيها الذي أُنزل إليه الذكر إنك لمجنون)، (وقال الكافرون هذا ساحرٌ كذاب)، (ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعرٍ مجنون)، (أم يقولون به جِنّة)، (قال الكافرون إن هذا لساحرٌ مبين)، (ثم تولوا عنه وقالوا معلّمٌ مجنون).
معلمٌ مجنون، ساحر، كذاب، مسكونٌ بالجنّ.. هذه بعضُ الأوصاف التي أطلقها على رسول الإسلام أولئك الذين لم يؤمنوا برسالته. حدثَ الأمر قبل أكثر من أربعة عشر قرناً. كان يمكن بسهولةٍ وبَساطة أن يطوي التاريخ هذا النوع من التصرفات ويسكتَ عن الموقف، وأن تموت معهُ تلك الاتهامات، خاصة أن (المُتَّهم) انتصر على خصومه المذكورين بطريقةٍ أو بأخرى. ونحن نعرف أن التاريخ يكتبه المنتصرون كما يحلو لهم في أغلب الأحيان.
مع هذا، لم يُبدِ القرآن أي حرصٍ على إخفاء الأوصاف، رغم كل ما تحمله من تحدٍ وهجوم. لم يحاول قطّ أن يطمسها في عالم النسيان، مع أنه كان يستطيع ذلك دون أن يخطر في بال أحد أن يتساءل عن السبب. لم يخشَ من تأثيرها على مقام النبي الذي جاء بالرسالة في عيون أتباعه، وفي عيون الناس من ورائهم إلى يوم الدين. لم يرَ في إيرادها وتكرارها والتفصيل في الإخبار عنها طعناً جوهرياً في شخص الرسول الكريم، ولا مَساً حقيقياً بكرامته وسمعته.
لم يحصل ذلك كله وإنما حصل العكس، خطَّ القرآن في موقفه من المسألة درساً في الممارسة الحضارية كان لابدّ أن يُسجّلَ في تاريخ الإنسانية. وذلك حين ضَمِنَ لتلك الاتهامات الحفظَ إلى يوم القيامة من خلال خلوده. وتَركَ المجال مفتوحاً لقراءتها واستعراضها ومعرفة خلفياتها وأبعادها ودلالاتها. ويمكن القول بأنه اعتبرها بِلُغة هذا العصر (رأياً آخر) يستحق أن يبقى وأن يَسمعه الناس في كل زمانٍ ومكان.
بل تجاوز القرآن كل ما سبق وقام بعَرضها في إطار أسلوبه الأنيق بكل ما فيه من بلاغةٍ وبيان، وجمالياتٍ في الألفاظ والجمل والتراكيب يتذوقُها من يعرف شيئاً عن اللغة العربية، مسلماً كان أو غير مسلم.
لم يحدث هذا عبثاً..
لم تأتِ هذه المعالجة للموضوع خطأ أو سهواً!
كان القرآن فيما نحسب يريد أن يضبط التصورات والمفاهيم في قضيةٍ حساسة وخطيرة تؤثر على الوجود البشري في هذه الأرض على الدوام. كان ولا يزال يهدف إلى تحرير الإنسان من تقديس الإنسان. حتى لو كان الأمر يتعلق بصاحب الرسالة الأخيرة، وبالرجل الذي تعتبرهُ الرسالةُ نفسها خيرَ بني البشر، الرجل الذي يؤكدُ القرآنُ أن الله وملائكته يُصلّون عليه.. وهي منزلةٌ ليس كمثلها منزلة في مقاييس الرسالة.
كان القرآن ولا يزال يهدف عندما عالج الموضوع بتلك الطريقة إلى ضبط التوازنات في العلاقة بين الإنسان والفكرة، وإلى التأكيد بأن الهدف النهائي والأكبر يتمثل في ربط الناس بفكرةٍ ترمي لتأكيد قيم الحق والعدل والحرية والجمال في حياة البشرية على هذه الأرض.
من هنا، لم يرَ القرآنُ أن مكمن الخطر على الفكرة يتمثل في تحدّي حاملها، ولا في الإساءة إلى شخصه، ولا في التهجم عليه، ولا في توجيه الاتهامات إليه، حتى ولو كان يرى في مثل تلك التصرفات درجةً من الافتراء.
لكن البعض أصرّ ويصرُّ على أن يتعامل مع القضية بالمقلوب.
قد ترضى قلةٌ من المسلمين القول بأنها تُقدّس شخص الرسول، لكن لسانَ الحال أبلغُ من لسان المقال، كما قالت العرب قديماً.. فالملايين من المسلمين التي تهجر الإسلام في تجلياته الإنسانية، وتتجاهلُ دلالاته الحضارية الكبرى، وتُعرض عن الالتزام بتعاليمه الأصيلة، وتتجاوز ما لا يُحصى من مقتضياته الحساسة، هي نفسها الملايين التي تُشهر أمضى سيوف الغضب المعنوي والمادي حين يتعرض شخصُ من أتى بالفكرة للهجوم والاتهام.. والتناقضُ في المسألة واضحٌ بحيث لا يحتاج لشرحٍ وتفصيل.
لا يدعو هذا الكلام بطبيعة الحال لفتح أبواب الإساءة لرسول الإسلام، ولا لغيره من الرسل والأنبياء، ولا لمخلوقٍ على هذه الأرض. وربطُ الأمور بهذه الطريقة مدخلٌ للتسطيح والانتقائية لا يستحق النقاش. فالحقيقة أن قصة رسوم الكارتون الفرنسية، وقبلها الدانماركية، باتا نموذجاً مثالياً يُعبّر عن أزمةٍ إنسانية لا تختص بالإسلام ولا بالمسلمين، ولا بالعرب، ولا بشعبٍ من الشعوب أو بديانةٍ من الديانات.
وتلك هي الأزمة التي كان القرآن يحرص على ألا تقع فيها البشرية.
فحين يخرقُ البشر التوازنات المطلوبة في العلاقة بين الإنسان والفكرة، يُصبح من السهل حشرُهم في نفق التعصب والكراهية والعدوان. ويُصبح التافهون والهامشيون قادرين على جرّ مئات الملايين إلى الكوارث. لا فرق أن يتسبب هؤلاء في المأزق عن غباءٍ وجهل أو عن سوء نيةٍ وطويّة. فالنتيجة في النهاية واحدة.
ربما كان الحفاظُ على تلك التوازنات مفتاح الحلّ لو أن أحداً امتلكَ قوة الصبر ونظرَ إلى الموضوع بالمنظار الذي تعاملَ به القرآن مع المسألة قبل أربعة عشر قرناً.. لكن الإنسان (المتحضّر) في عصر (الحداثة) لا يبدو جاهزاً لمثل تلك الممارسة.. يستوي في هذا الغاضبون في الطرفين.. من هنا، لم تعد تلك المسألة مهمةً بعد أن وضعَ كل طرفٍ نفسه في الزاوية، بحيث لم يعد ممكناً التراجع عن مواقفه (المبدئية).
رغم هذا، يبقى مطلوباً أن يأتي ردُّ الفعل العربي والإسلامي على (الإساءات) من منظور إستراتيجي، يضع الحدث الراهن في إطارٍ من الفهم الأشمل للواقع العالمي. وهو ما يساعد بعد ذلك على التعامل معه بفعالية حقيقية. فالإنسان العربي والمسلم الذي يستصعبُ أداء الأدوار الحضارية التي تعيد إليه كرامته وكرامة ثقافته وحضارته يمكن أن يلجأ إلى (الاستسهال) لإشعار نفسه بالرضا والطمأنينة..
وإذا كان اللجوء للعنف أو المظاهرات الصاخبة الغاضبة هو في حقيقته الحل للمشكلة، فإن هذا يحتاج إلى وقفةٍ كبرى للمراجعة والتأمل.
من السهل طبعاً استغلال العواطف والمشاعر الهيّاجة لإساءة فهم مثل هذا التحليل، بل والإساءة إلى أصحابه. لكن هذا لن يعدو كونه دليلاً إضافياً على عمق الأزمة التي تعيشها الثقافة العربية والإسلامية. وعلى طبيعة التناقضات العميقة والفوضى السائدة في تلك الثقافة.
قد تُظهرُ مثل هذه الأحداث درجة الانتماء (الشعوري) الموجود في أعماق الإنسان العادي العربي والمسلم لهويته وثقافته وحضارته، وهو انتماءٌ يحمل كموناً إيجابياً هائلاً لو أمكن استثماره على الوجه الأمثل.
لكن المؤكد أن ما جرى ويجري في فرنسا وغيرها سيقودنا إلى تحديات أخرى أكبر. وأن طريقة الاستجابة لتلك التحديات ستكون مفرق طريق في حاضر ومستقبل العرب والمسلمين في كل مكان.
القيادة الرقمية ركيزة التحول نحو حكومة المستقبل في قطر
في ظل التسارع التكنولوجي الحالي، والذي يفتح آفاقًا جديدة من بيئات العمل المختلفة، لم تعد القيادة الفاعلة تُقاس... اقرأ المزيد
396
| 19 نوفمبر 2025
أي بوصلة نحتاجها اليوم؟
قرأت مقولة تقول: «إن من يملك بوصلة، يملك سلامًا». فالبوصلة ليست مجرد أداة للاتجاه نحو الشرق أو الغرب،... اقرأ المزيد
144
| 19 نوفمبر 2025
كنت أظن بكل سذاجات البدايات أن الضحك دليل على أننا بخير، فالناس لا يضحكون الا اذا فرحت قلوبهم،... اقرأ المزيد
171
| 19 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9972
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2427
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1356
| 14 نوفمبر 2025