رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هاجر المرعي

مساحة إعلانية

مقالات

306

هاجر المرعي

من البستان والفراشة إلى علم الاجتماع

25 أبريل 2025 , 07:00ص

هناك لحظات تأمل بسيطة، لكنها تحمل في طياتها أفكارًا أعمق مما تبدو عليه. أحيانًا، مشهد عابر قد يوقظ فينا فهمًا جديدًا للعلاقات وللطريقة التي يتفاعل بها الناس من حولنا. إحدى هذه اللحظات التي بقيت عالقة في ذهني كانت عندما رأيت فراشة تحلق فوق بستان، تتنقل من زهرة إلى أخرى بخفة ودون تردد، تقف للحظات، ثم تتابع رحلتها وكأنها لا تنظر إلى الخلف. أما الأزهار، فبقيت متفتحة، لم تحزن على رحيل الفراشة، ولم تحاول الإمساك بها، بل استمرت في النمو، وكأنها تدرك أن هذه هي طبيعة الأشياء.

في تلك اللحظة، شعرت أن هذا المشهد ليس غريبًا، بل هو صورة حية لما نراه يوميًا في العلاقات البشرية. هناك أشخاص يشبهون البستان، حيث تتجذر العلاقات وتنمو مع الوقت، وهناك آخرون يشبهون الفراشة، التي تفضل التنقل بين التجارب المختلفة، مستمتعة بكل لحظة دون الحاجة إلى الارتباط الطويل. لا يمكن القول إن أحدهما أفضل من الآخر، فكل نمط يعكس شخصية مختلفة ونظرة خاصة للعلاقات، لكن الفرق بينهما قد يكون أحيانًا سببًا في سوء الفهم أو حتى النزاعات، لأن الإنسان بطبيعته يجد صعوبة في استيعاب من لا يشبهه بسهولة.

* البستان: الجذور العميقة والاستدامة: هناك أشخاص يدخلون العلاقات بقناعة أنها جزء ثابت من حياتهم، يبنونها بعناية، ويسقونها كما يسقي البستاني زرعه. هؤلاء لا يميلون إلى التنقل بين العلاقات بسهولة، بل يفضلون التمسك بالروابط التي تمنحهم إحساسًا بالاستقرار. تجدهم حاضرين دائمًا، متاحين في اللحظات الصعبة، ومستعدين لبذل الجهد من أجل من يحبون.

غالبًا ما يكون هذا النمط انعكاسًا لنشأة مستقرة، حيث تعلم الشخص منذ صغره أن العلاقات لا تُستهلك بسرعة، بل تحتاج إلى رعاية وصبر. قد يكون أيضًا مدفوعًا بالخوف من فقدان الأشخاص المقربين، مما يجعله متمسكًا بعلاقاته حتى في الأوقات التي قد تبدو فيها الحاجة للتغيير ضرورية. في المجتمعات التقليدية، حيث تُعطى الأولوية للعائلة والروابط العميقة، نجد الكثيرين من نمط «البستان»، إذ تربطهم ثقافتهم بفكرة أن النجاح في الحياة يرتبط بالحفاظ على علاقات ثابتة وطويلة الأمد.

لكن التمسك بالعلاقات لا يكون دائمًا أمرًا إيجابيًا. أحيانًا، قد يجد «البستان» نفسه متشبثًا بعلاقات فقدت معناها أو استنزفته نفسياً وعاطفياً، فقط لأنه لا يريد التخلي عنها. هنا، يصبح السؤال: متى يكون الاستمرار وفاءً، ومتى يكون مجرد خوف من التغيير؟

* الفراشة: الخفة وسحر اللحظة: لكن هل يعني ذلك أن الفراشة لا تشعر بالوحدة أحيانًا؟ الحقيقة أن هذا النمط، رغم متعته، قد يجعل الشخص يواجه لحظات من الفراغ، حيث يدرك أن كثرة التجارب لا تعني بالضرورة بناء شيء مستدام.

هل يمكن أن يكون الشخص بستانًا وفراشة في الوقت نفسه؟

الحياة ليست أبيض أو أسود، وكذلك العلاقات. لا يوجد شخص بستانا خالصا، ولا فراشة خالصة، بل نحن مزيج من الاثنين، نميل إلى أحدهما أكثر حسب المرحلة التي نعيشها. قد يكون الشخص «بستانًا» في علاقاته العائلية، لكنه «فراشة» في صداقاته أو حياته المهنية. وقد يمر بتجربة تغير نظرته، فيتحول من نمط إلى آخر.

السؤال الأهم ليس أي نمط أفضل، بل أي نمط يناسبك أكثر ؟ هل تجد نفسك في الاستقرار العاطفي أم في التنقل بين التجارب؟ هل تبحث عن علاقات طويلة الأمد، أم تفضل أن تعيش كل لحظة كما تأتي؟ لا إجابة صحيحة أو خاطئة هنا، بل الأهم هو أن تفهم نفسك وتكون صادقًا مع الآخرين فيما تحتاجه منهم.

في النهاية، سواء كنت بستانًا ينشر الأمان والاستقرار، أو فراشة تستمتع بحرية التجربة، فإن الأهم هو احترام طبيعتك، وفهم أن كل شخص يعيش العلاقات بطريقته الخاصة.

اقرأ المزيد

alsharq ترامب يستجيب لأمير قطر والقادة العرب ويعارض ضم الضفة

طالبت في مقال الأسبوع الماضي» تحديات وعقبات أمام نجاح اتفاقية وقف حرب إسرائيل على غزة»- الحاجة لتقديم ضمانات... اقرأ المزيد

213

| 26 أكتوبر 2025

alsharq ماذا استفادت القضية الفلسطينية بعد حرب غزة؟

شهدت القضية الفلسطينية واحدة من أكثر اللحظات دراماتيكية في تاريخها الحديث، حين اندلعت مواجهة غير مسبوقة بين فصائل... اقرأ المزيد

93

| 26 أكتوبر 2025

alsharq سلامٌ على غزة وأهلها

تباشر قناة الجزيرة منذ أيام مضت أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد توقيع الاتفاق في شرم... اقرأ المزيد

123

| 26 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية