رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أتذكر جيدا ذلك اليوم الحزين 29 أغسطس 1966 حين جاءنا خبر تنفيذ حكم عبد الناصر بالاعدام على رجل مفكر وأديب ومؤمن بدينه ومتمسك بعقيدته (سيد قطب) خبر لم نتوقعه ونحن صحفيون شباب صلب الحزب الدستوري، لأن الرئيس الحبيب بورقيبة تدخل قبل أشهر لدى نظيره جمال عبد الناصر لإنقاذ سيد قطب من حبل المشنقة كما تدخل بحزم أيضا المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز. كان تدخل بورقيبة مبنيا على مبدأ متأصل لدى زعيم تونس وهو الاعتراف بالجميل لكل من وقف الى جانبه أثناء معركة التحرير كما فعل تماما مع رئيس حكومة العراق محمد فاضل الجمالي فتدخل لدى عبد الكريم قاسم واستجاب حاكم العراق وحل الجمالي بتونس معززا مكرما الى وفاته والسبب هو أن الجمالي حين كان وزير خارجية المملكة العراقية في الأربعينيات مكن بورقيبة من عضوية الوفد العراقي للجمعية العامة للأمم المتحدة ودافع بورقيبة من على منبر الأمم المتحدة عن قضية وطنه أما اعتراف بورقيبة بفضل سيد قطب فسببه يعود الى سنة 1946 حين هاجر الزعيم التونسي الى مصر عبر ليبيا فلم يجد أذنا صاغية من جامعة الدول العربية ولكنه وجد في جماعة الإخوان الرعاية للقضية التونسية وأسكنوه في لوكندة على ملك الجماعة وأصبح يزوره بانتظام سيد قطب ويأخذه الى المنابر لكي يتحدث عن ملف تحرير تونس العربية المسلمة.
أما أنا فنشرت مقالي في جريدة (العمل) في الأسبوع الأول من سبتمبر 66 بعنوان (قطيعتنا مع عبد الناصر) ثم أتاحت لي ظروف إقامتي في الدوحة خلال التسعينيات أن أتعرف على الدكتور الفاضل محمد قطب شقيق سيد وحليفه في السجون وحافظ تراثه القيم رحمة الله عليه وكان يشغل وظيفة أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة سعودية وكانت لي مع د. محمد أحاديث مطولة في شقة زميلنا الكبير طيب الذكر د.عبد العظيم الديب - رحمه الله - أحد قادة الإخوان وهو الذي ربطته في الستينيات علاقة وثيقة مع الشيخ سيد بسبب اقتسامهما نفس الزنزانة في سجن حمزة البسيوني وهو الذي شرفني رحمه الله بكتابة مقدمة كتابي الصادر عن رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة بعنوان (نحو مشروع حضاري للاسلام). رحم الله جميع من ذكرت وما تزال ترن في أذني كلمة د. محمد قطب حين قال لي: "ما أعدل حكم الله سبحانه الذي يحاسب الظالمين فقد مني عبد الناصر بأشنع هزيمة عسكرية في الخامس من يونيو 1967 بعد سنة من مصرع شقيقي وتوفي في ظروف غامضة بعد ثلاثة أعوام غفر الله له ولكل من طغى وتجبر حين ظلم الأبرياء بقدرته عليهم ناسيا قدرة الله عليه. وفي الثمانينيات أهداني أحد المصريين المنفيين في قطر الأجزاء السبعة لكتاب سيد وهو (في ظلال القرآن) في طبعته الأولى بدار البولاق للنشر ولم يفارقني الكتاب بكل أجزائه إلا حينما استولى أصحاب الشر على بيتي وفيها مكتبتي وجزء من تاريخي ومسيرتي.
في مثل هذا اليوم التاسع والعشرين من أغسطس عام 1966 تم تنفيذ حكم الإعدام في المفكر الإسلامي المصري سيد قطب أحد أعلام جماعة الإخوان المسلمين وأكبر ملهمي الحركات الإسلامية الحديثة ولد سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي يوم 9 من أكتوبر/ عام 1906 في محافظة أسيوط بصعيد مصر، وكان والده عضواً في الحزب الوطني الذي كان يرأسه الزعيم مصطفى كامل. حفظ قطب القرآن الكريم بكُتاب القرية، ولم يتزوج قط، وكان له أختان هما حميدة وأمينة وأخ يصغره سناً هو محمد، والتحق بكلية دار العلوم وعاش بالقاهرة مع خاله الشاعر والصحفي والسياسي أحمد حسين الموشي.
وبعد تخرجه في العام 1933 عمل مدرساً للمرحلة الابتدائية، وتولى سيد قطب وظائف عدة في وزارة المعارف ثم قدم استقالته منها عام 1952 لكنه قضى عدة أشهر مستشاراً لمجلس قيادة الثورة. تأثر سيد قطب في البداية بالمفكر المصري عباس العقاد ثم اختلف معه، ثم مهدت كتاباته الإسلامية منذ العام 1947 لبداية علاقته بجماعة الإخوان المسلمين التي انضم إليها رسمياً عام 1953، وأصبح عضواً بمكتب إرشادها ومسؤول قسم نشر الدعوة بمجلتها. تنوعت كتابات قطب ما بين أدبية خالصة، وسياسية متنوعة، وإسلامية فكرية وحركية، وكتب النثر والرواية والشعر، وكان لا يقبل الحلول الوسطية في معاركه الفكرية والسياسية التي خاضها مع أحمد شوقي ومصطفى صادق الرافعي وطه حسين ومع النظام السياسي المصري لاحقاً.
اعتقل بعد حادث المنشية في عام 1954 حين تعرض الرئيس جمال عبد الناصر لمحاولة اغتيال اتهم الإخوان بتدبيرها، وحكم عليه بالسجن 15 سنة عذب خلالها تعذيباً شديداً.
وحين قُبض على أخيه محمد في يوليو/ 1965 بعث قطب برسالة احتجاج إلى المباحث العامة فقبض عليه هو في أغسطس/ من نفس العام، وحكم عليه بالإعدام شنقاً وتم تنفيذ الحكم فجر يوم الاثنين 29 من أغسطس 1966.
كان لقطب تأثير فكري بالغ في الحركات الإسلامية المعاصرة بمنهجه الذي ركز على مفهوميْن رئيسييْن هما: “الحاكمية” و”الجاهلية المعاصرة”. وكتب في سيرته ومسيرته وفكره عشرات البحوث والكتب والمقالات.
من أشهر مؤلفاته التي لاقت إقبالاً كبيراً في الأوساط الإسلامية عالمياً وترجمت إلى لغات أجنبية “مهمة الشاعر في الحياة” عام 1936 الذي أتبعه بأكثر من 20 كتاباً منها: “طفل من القرية، العدالة الاجتماعية، النقد الأدبي أصوله ومناهجه، والتصوير الفني في القرآن، وخصائص التصور الإسلامي، معالم في الطريق، والمستقبل لهذا الدين، وفي ظلال القرآن 1951-1964 في 8 مجلدات والذي قدم قراءة جديدة للقرآن الكريم.
ومن أقواله: “لابد للأمة الإسلامية من ميلاد، ولابد للميلاد من مخاض، ولابد للمخاض من ألم”.
وأيضاً: “إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض أن يكتب حرفاً واحداً يقر به حكم الطاغية”.
وقوله: “إنهم يريدون إسلاماً أمريكياً، إنهم يريدون الإسلام الذي يفتي في نواقض الوضوء ولكنه لا يفتي في أوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
وأيضاً قوله: “الطغيان لا يخشى شيئاً كما يخشى يقظة الشعوب وصحوة القلوب، ولا يكره أحداً كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة، ولا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون الضمائر الغافية”.
وقوله: “لا كفاح بلا عقيدة، ولا حياة بلا عقيدة، ولا إنسانية بلا عقيدة”.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1137
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1098
| 22 ديسمبر 2025
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
864
| 24 ديسمبر 2025