رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بنظرةٍ شاملةٍ وطويلة المدى، قد تكون مواجهات الفصائل الثورية السورية العسكرية مع داعش مفرق طريقٍ إستراتيجيا فيما يتعلق بإنهاء كل ما له علاقة بالفهم الإسلامي المتطرف وتنظيماته في المنطقة، وإلى عقود قادمة.
فعلى العكس تماماً من كل التكهنات السابقة المتعلقة بتحول سوريا إلى بقعة جذب، أو مغناطيس كما وصفها وزير الخارجية الأمريكي كيري، للمتطرفين، أو من يُدعون في الثقافة الإسلامية أهلَ الغُلو والإفراط، يبدو أن سوريا ستكون نقطة الانطلاق الجغرافية والثقافية لاسترداد الوسطية الإسلامية والاعتدال في فهم الدين وتطبيقه. وهو أمرٌ سيؤثر دون شك في طبيعة المنظومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ستنبثق إلى درجة كبيرة من تلك العملية.
مرة أخرى، نتحدث هنا عن نظرة إستراتيجية لا تحكمُ على الظواهر بتسطيحٍ واستعجال ينبثقان من الغرق في اللحظة الراهنة. لهذا، لا نتوقف طويلاً عند المرحلة الحالية من تطور الفكر الشرعي والسياسي للقوى العسكرية الإسلامية، ولو كانت عليه بعض الملاحظات. وهي ملاحظات باتت غالبية القوى المذكورة تتفاعل
معها إيجابياً بالحوار والبحث والدراسة، ولا ترفضها بشكلٍ مطلق بحسمٍ وصرامة، وبعقلٍ مغلقٍ متشنجٍ ومتصلب.
يكفي، ببساطة، أن ننظر لكيفية تطور الأمور في الأشهر الماضية على أكثر من مستوى لنرى ملامح التغيير في الظاهرة ولنستقرئ ملامح الواقع الإستراتيجي الجديد الذي نتوقع حصوله.
فمنذ أشهر قليلة، كانت هذه الفصائل عينُها تنظر إلى تنظيم (داعش) على أنه فصيل إسلامي يشترك معها في كثيرٍ من المقدمات والأهداف. وبغض النظر عن تفسير البعض لتلك النظرة، إلا أن من الطبيعي تفسيرها من وجهة نظر الفصائل بعدم
رغبتها في (الحكم على النيات)، وبتغليب (إحسان الظن)، وبمحاولة تجنب أي اقتتالٍ داخلي والتركيز بدلاً من ذلك على مواجهة النظام دون غيره.
لكن ممارسات داعش الوحشية مع المواطنين والتي لا تمتﱡ إلى تعاليم الإسلام بصلة من جهة، وظهور تفرغها للسيطرة على المناطق المحررة من جهة ثانية، ثم هجومها على مناطق تواجد الفصائل العسكرية من جهة ثالثة، وأخيراً تهديدها بالانسحاب من
مناطق المواجهة مع النظام وتنفيذ هذا التهديد عملياً، أسهمت كلها في كشف أي غطاءٍ عنها، الأمر الذي رفع عن القوى الثورية الحقيقية كل حرجٍ في مواجهتها وبحسم، سيراً على نهج قتال البُغاة والخوارج كما ورد في التصريحات والفتاوى المتعلقة بالموضوع من الهيئات والروابط الشرعية في سوريا.
ثمة نقلة أخرى واضحة تمت خلال الأشهر القليلة الماضية، وهذه المرة في خطاب الفصائل الذي بات يحوي مفردات ومفاهيم لم تكن موجودة في السابق، وهي في الحقيقة أقرب بشكل مضطرد إلى روح الإسلام الوسطي الذي يؤمن به أهل الثورة السورية، ومن أجله خرجوا في ثورتهم منذ اللحظة الأولى.
وقد يكفي هنا على سبيل المثال دراسة البيان المشترك الأخير الصادر عن القوى الكبرى وهي (الجبهة الإسلامية والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وجيش المجاهدين)، فيما يتعلق بمؤتمر جنيف.
فالفقرة الأولى من البيان تقول ما يلي:
"من الواضح أن الثورة السورية تمر الآن في منعطف خطير، فلا بد من التدقيق في تبعات كل خطوة من خطوات العمل ومخرجاتها. وبما أن ثورتنا قد انطلقت للمطالبة بالحرية والكرامة للشعب السوري وليس رغبة في القتال وقد اضطرت لحمل السلاح للدفاع عن المتظاهرين الذين تعرضوا للقمع الوحشي، وهي تؤمن بأن حمل السلاح ليس هدفاً بذاته، بل الهدف استرداد حقوق شعبنا المسلوبة، الدينية والإنسانية".
تبدأ الفقرة بالإشارة إلى ضرورة دراسة كل خطوة "من خطوات العمل ومخرجاتها"، ويأتي هذا انطلاقاً من الشعور بأن الثورة السورية "تمر الآن في منعطف خطير".
لا كلامَ هنا بلهجة المطلقات الأيديولوجية الحاسمة التي تتعامل مع الأمور بأحكام مُسبقة نظرية وطهورية، وإنما الحديث عن ضرورة دراسة متأنية لكل خطوة من خطوات "العمل" وليس فقط "الجهاد ومناجزة الأعداء".
ثم تؤكد العبارة الثانية أن "ثورتنا قد انطلقت للمطالبة بالحرية والكرامة للشعب السوري وليس رغبة في القتال". فالحديث هنا بكل وضوحٍ وصراحة، عن "ثورة" وليس عن "غزوة جهادية" مثلاً. وبما أن هناك تماهياً متزايداً مع الشعب الثوري فإن الكلمة تُصبح "ثورتنا". أما طبيعتُها فإنها بكل وضوحٍ وصراحة ليست عملية قتالٍ
عبثي من أجل القتال، وإنما انطلقت، أيضاً بوضوحٍ وصراحة، "للمطالبة بالحرية والكرامة للشعب السوري"، لا لهدفٍ آخر.
أما حملُ السلاح فلم يكن هو الأصل والقاعدة، بدلالة الكلام الجلية والواضحة وإنما "اضطرت لحمل السلاح للدفاع عن المتظاهرين الذين تعرضوا للقمع الوحشي".
ولمزيدٍ من التوضيح بشكلٍ لا يقبل تأويلاً أو تفسيراً آخر، يؤكد البيان أن الثورة، ومن أصدر البيان ضمنياً، يؤمنان "بأن حمل السلاح ليس هدفاً بذاته، بل الهدف استرداد حقوق شعبنا المسلوبة، الدينية والإنسانية".
ثم إن البيان ينتقل إلى طلباتٍ يجب تحقيقها "لنجاح الحل السياسي"، هي طلبات كل السوريين، بما فيها الطلبات المعلنة للائتلاف الوطني السوري، ليختم بشرطين أخيرين ونداءٍ تلفت صياغتُها ومفرداتُها النظر وتستحق الكثير من التأمل والدراسة. ويأتي الشرطان والنداء على الشكل التالي: "عدم التدخل في شكل الدولة المستقبلية بعد النظام، ولا فرض أي أمر ينافي الهوية الإسلامية لعامة شعبنا،
والتي لا تمنع أي فئة من فئات المجتمع من حقوقها. رد الحقوق التي استلبت خلال سنوات الثورة السورية لأهلها، لهذا كله فإننا ندعو كافة جهات المعارضة السورية الشريفة إلى حشد الصف وراء شعبنا الثائر ومطالبه المشروعة وسعيه للحرية والكرامة ونيل حقوقه الدينية والإنسانية".
ثمة دقة كبيرة مقصودة في انتقاء الكلمات في هذا البيان.. فهو ليس صادراً عن مجموعةٍ هامشية من المقاتلين، وإنما عن أكبر مجموعات ثورية عسكرية في سوريا اليوم، لها مكاتبها السياسية، ومرجعياتها العلمية، فضلاً عن تواصلها الوثيق والمتزايد مع علماء الشام الوسطيين الثقاة في أغلب أمورها وقضاياها.
ليس في البيان "دوغما" دينية أو أيديولوجية بأي شكلٍ من الأشكال.
ليس فيه شعارات جوفاء تخلق مفاصلةً مع الشعب السوري، ولا مع تطلعاته ومطالبه
وثقافته وهويته، وإنما على العكس تماماً، يدخل البيان بأصحابه في روح الثورة وهويتها ومفرداتها، ويتبنى شعاراتها ومطالبها.
ما من شكٍ أن الكمال لله وحده، لكن مثل هذه التطورات ستكون علامةً فارقة ومؤشراً على إنجازٍ جديد تُنجزه الثورة السورية، إضافة إلى تحقيق أهدافها الأصلية، وربما لم يكن في وارد أحد، فلا تكون سوريا القادمة فقط بلد الحرية والكرامة والتنمية والحياة والمواطنة التي "لا تمنع أي فئةٍ من فئات المجتمع من حقوقها"، وتعطي "شعبنا الثائر مطالبه المشروعة... وحقوقه الدينية والإنسانية"، بل تكون سوريا أيضاً الوطن الذي تنكسر على حدوده مسيرة الغلو
والتطرف والإرهاب المعاصرة، تماماً كما انكسرت عليها تاريخياً موجات الإرهاب الصليبي والتتاري والمغولي، لتعود للبشرية سيرتُها الطبيعية، خدمة للإنسان وبناء للدول والحضارات.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6600
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3198
| 23 أكتوبر 2025