رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هل ستكفي التعويضات التي ستدفعها فرنسا لضحايا تجاربها النووية في منطقة رقان بجنوب الصحراء الجزائرية؟ وهل ستشمل كل الضحايا الحاليين والمرتقبين مستقبلا؟ ولماذا هذا التأخر الذي فاق أربعة عقود من الزمن؟ وأين وسائل الإعلام من هذه الفضائح؟ وأين هي منظمات وجمعيات حقوق الإنسان وهيئات حماية البيئة؟ أين الطرف الجزائري للمطالبة بحقوق الضحايا بملفات وإحصائيات ودراسات قانونية؟ أين خريطة التجارب وتفاصيلها؟ وأين الهيئة الدولية للطاقة للوقوف على ما حدث؟..
أسئلة كثيرة وتناقضات عديدة عشية الكلام عن مشروع قانون فرنسي لتعويض ضحايا رقان، مشروع جاء في الساس لتعويض أفراد الجيش الفرنسي المتضررين من التجارب.
في 13 فبراير من سنة 1960 نفذت فرنسا تفجيرا نوويا "اليربوع الأزرق" في منطقة رقان في أقصى جنوب غرب الصحراء الجزائرية. بلغت قوته 60 كيلو طنًا أي ما يعادل ثلاثة أضعاف قوة القنبلة التي ألقت بها الولايات المتحدة الأمريكية على هيروشيما في عام 1945. هذه القنبلة تلتها قنبلة "اليربوع الأبيض"، ثم "اليربوع الأحمر" حسب ترتيب الألوان الثلاثة للعلم الفرنسي. وفي الأخير اختتمت فرنسا جرائمها بالقنبلة الرابعة والأخيرة التي سميت بـ"اليربوع الأخضر" . تتلخص حصيلة الجرائم النووية الفرنسية في الجزائر في 57 تجربة نووية نفذتها فرنسا في ثلاث مناطق بجنوب الصحراء الجزائرية، منها أربع تجارب سطحية و13 تجربة في أنفاق باطنية و35 تجربة على مستوى الأبار و5 تجارب أخرى اُستعملت فيها مواد فتاكة محظورة دوليا؛ مسؤولية فرنسا في هذه الجريمة كاملة لا غبار عليها، ولا تحتاج إلى قرار إدانة.
إن تجارب فرنسا النووية أدت إلى تلوث المنطقة برمتها في محيط 150 كيلومترا من موقع الانفجار.
نفذت فرنسا بين سنة 1960 و1966 أكثر من 20 تفجيرا نوويا على الأراضي الجزائرية، وما يزيد على 40 تجربة نووية، وهذا حسب تصريح العسكريين والخبراء الفرنسيين أنفسهم، هذه الجرائم تسببت في تلويث الغلاف الجوي والموارد الطبيعية وتفشي الأمراض كالسرطان والتشوهات الخلقية وغير ذلك، والجريمة الأكبر أن السلطات الفرنسية لا تريد الاعتراف بجرائمها كعادتها، ورفضت وترفض تسليم كل المعلومات إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وحتى الساعة ما زالت ملفات التفجيرات النووية الفرنسية سرية وغير متوفرة للاطلاع عليها، حتى للمنظمات الدولية التي تشرف على المراقبة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من الناحية القانونية تعتبر التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ما زالت تداعيات وآثار الاستعمار الفرنسي في مستعمراتها السابقة حاضرة حتى الساعة، وما زالت مشكلات الحدود وأزمة الهوية والخلل الاقتصادي والتبعية الثقافية تحاصر العديد من الدول التي عانت من مآسي الاستعمار والظلم والعبودبة، فرنسا تخلت عن مستعمراتها وتركتها في دوامة من التبعية ومن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. كما فشلت فرنسا في وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع مستعمراتها وخطة عمل تتماشى مع المعطيات الجديدة في العالم، هذا الوضع فتح المجال أمام قوى فاعلة في النظام الدولي كالولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا للاستفادة من الفراغ الفرنسي في القارة السمراء، الغريب والعجيب في الأمر أن فرنسا، وبعد مرور ما يزيد على أربع عقود من جرائمها في مستعمراتها السابقة ما زالت مصممة على عدم الاعتراف بما فعلته وعلى عدم الاعتذار، ومن جهة أخرى تصر على المحافظة على نفوذها في مستعمراتها والاستفادة من الامتيازات والتسهيلات والمجاملات في التعامل.
للتذكير فقط، قصة فرنسا مع الجرائم النووية لم تخص الجزائر فقط وإنما بولينيزيا الفرنسية عاشت الويلات والتجارب نفسها.
المنظومة الدولية اليوم بحاجة إلى دراسة مشاكل التجارب النووية بهدف الوصول إلى آليات عملية من شأنها أن تضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات لمعالجة التداعيات والانعكاسات الخطيرة التي عانت وتعاني منها المناطق التي شهدت وعاشت تلك الجرائم النووية،
فالعالم بحاجة لمعرفة هذه الجرائم ومن واجب القانون الدولي معاقبة المجرمين وإرغامهم على دفع التعويضات والقيام باللازم من أجل التخلص من الترسبات والملفات الناجمة عن تلك التجارب وكذلك الأوبئة والأمراض والتلوث البيئي.
التناقض الصارخ الذي نلاحظه في عصر التناقضات والتضليل والتزييف والكيل بمكيالين، هو أن فرنسا تسعى إلى دعم وتطوير علاقات التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري والثقافي والعلمي مع دول القارة السمراء، وتمارس ضغوطا كبيرة على إيران بشأن ملفها النووي، وترفض في الوقت نفسه الاعتراف بجرائمها في مستعمراتها السابقة. المسؤولون الفرنسيون يصرحون أن التجارب النووية في الصحراء الجزائرية "نظيفة" ولم تعرّض السكان والبيئة للإشعاعات ولأي نوع من الأمراض والانعكاسات السلبية.
هذا الموقف من قبل بلد "الحرية والمساواة والأخوة" يذكرنا بقانون فرنسي يّمجد الاستعمار ويثني على الإيجابيات التي قدمها للمستعمرات، ألم ينظّر جول فيري ويقول، إن الله خلق نوعين من البشر، نوع يوجد في الشمال خُلق ليسيطر ويقود النوع الثاني من البشر الذي يوجد في الجنوب، وحسب نظرية المنظر الفرنسي للاستعمار، الأوروبيون خُلقوا ليستعمروا الشعوب الأخرى حتى يعلموها الحضارة والتمدن والتطور.
تمثل التجارب النووية في العالم مشكلة مهمة جدا، لكن لكونه يهم المغلوب على أمرهم ويحرج القوى الفاعلة في النظام الدولي ويضعها أمام مسؤولياتها وأمام الجرائم التي ارتكبتها، فإنه لم يحظ بالاهتمام اللازم سواء من قبل وسائل الإعلام العالمية أو المنظمات الدولية.
فمن حق الجزائر ومن واجب الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تفرض على فرنسا تقديم خريطة التفجيرات بالتفصيل ومساعدة الجزائر تقنيا ولوجستيا وماديا لمعالجة الأضرار ومواجهة الموقف وتذليل مخاطر الإشعاعات على فرنسا كذلك دفع تعويضات للجزائر وللمتضررين من الجرائم النووية التي ارتكبتها.
المنطقة التي شهدت التجارب النووية بحاجة إلى دراسة للوقوف على الأضرار وتحديد السبل والوسائل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مشكلة التجارب النووية في العالم، وخاصة تلك التي أُجريت من قبل القوى الاستعمارية الغاشمة تحتاج إلى شبكة دولية تضم هيئات ومنظمات وجمعيات تهتم بالآثار السلبية والانعكاسات المختلفة على الإنسان والبيئة والمحيط. على المجتمع الدولي كذلك الاهتمام بالموضوع والعمل على إدارة هذه المناطق التي تعاني من التلوث الإشعاعي النووي بكل مخاطره على الإنسان والحيوان والمكان لآلاف السنين. أين الضمير الإنساني ومنظمات حقوق الإنسان وحماية البيئة؟.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6363
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6174
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025