رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستسمح القراء عذرا لانقطاعي منذ العشر الأواخر من رمضان وأسأل الله أن يتقبل منا كل عمل صالح ويبارك لكم في كل أعيادكم ويجعلها عامرة بطاعته.
وكنا بدأنا في مؤشرات الاهتمام بالصحة، والتي تعتبر من أساسيات بناء دولة متحضرة ومتطورة وفاعلة، وبدأناها بتأثير الأوبئة على الدولة كمؤشر أول على الاهتمام العام بالصحة وسنتبعها اليوم بمعيارين آخرين أساسيين:
(2) ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮﻓﻴﺎت ﺑﻴﻦ الأطفال
إن انتشار الأوبئة في دولة ما، يدل على اهتمام أو عدم اهتمام الدولة بتوفير بيئة صحية وآمنة للناس، وبالذات توفير المصادر النقية للمياه النظيفة، وهذا ينعكس سلباً على حياة الأطفال، ويؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات بينهم، وﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮﻓﻴﺎت ﺑﻴﻦ اﻷﻃﻔﺎل أحد المعايير الرئيسة التي تقاس بها الصحة في دول العالم، فإذا كانت نسبة الوفيات بين الأطفال مرتفعة، فهذا مؤشر على أن الوضع الصحي متخلف، وإذا كانت نسبة الوفيات قليلة، فهذا يعني أن الوضع الصحي متطور .
أنا أؤمن أن التقدم يحدث لكل المجالات في الدولة، وأن التخلف يصيب كل شيء فيها، والمقارنة التالية تكشف صدق ما أقول، ففي إفريقيا تبلغ نسبة وفاة الأم أثناء الولادة (1) لكل (16) بمعنى أم واحدة من كل (16) تموت أثناء الولادة، بينما في أمريكا تبلغ النسبة (1) لكل (٣٧٠٠) حالة ولادة، هل لاحظتم الفرق ..؟!
فائدة: في دراسة أعدها البنك الدولي اتضح " أن معدل وفيات الأطفال يزيد بثلاثة أضعاف في الدول الأكثر فساداً عنه في الدول الأقل فساداً ".
- تخفيض نسبة الوفيات بين الأطفال
تشير التقارير الحديثة الصادرة عن منظمات الصحة العالمية إلى أن نسبة الوفيات بين الأطفال في القرن الإفريقي في ازدياد، مع أنه يمكننا تخفيض نسبة الوفيات بين الأطفال إلى (٥٠٪) إذا اتبع الناس إجراءات صحية سليمة مثل:
* إبقاء الأطفال حديثي الولادة في مكان دافئ.
* عدم تعريضهم للحرارة الشديدة أو البرودة الشديدة .
* التشجيع على النظافة في المكان والجسم.
* وجود قابلة ماهرة وممرضة متخصصة عند الولادة.
ولا بد أن يكون هناك المزيد من الاستثمار في برامج المبادرات الصحية التي تسعى لضمان حصول الأمهات على المساعدات المهنية أثناء الولادة، لأن نسبة وفيات الأطفال كلما ارتفعت، فهذا يعين أن المجتمع يتجه نحو الشيخوخة.
- معدلات وفيات الأطفال في العالم (2008)م في الدول العربية
أنا أقول دائماً لا تنظروا إلى عدد المستشفيات ولا كثرة من يحملون الشهادات، ففي النهاية هناك معايير ونتائج ومؤشرات على أرض الواقع تعكس التطور أو التخلف، واحدة من هذه المعايير والمؤشرات: نسبة وفيات الأطفال، وهذه هي معدلات الدول العربية:
* الإمارات (7) لكل (1000) طفل .
* قطر (9,2) لكل (1000) طفل.
* الكويت (9,4) لكل (1000) طفل.
* البحرين (9,6) لكل (1000) طفل.
* عمان (10,3) لكل (1000) طفل.
* السعودية (18,4) لكل (1000) طفل.
* مصر (19,8) لكل (1000) طفل.
* لبنان (11,9) لكل (1000) طفل.
* سوريا (14,3) لكل (1000) طفل.
* ليبيا (15,3) لكل (1000) طفل.
* الأردن (17) لكل (1000) طفل.
* تونس (18,3) لكل (1000) طفل.
* موريتانيا (19,8) لكل (1000) طفل.
* المغرب (32,3) لكل (1000) طفل.
* الجزائر (36) لكل (1000) طفل.
- معدلات وفيات الأطفال في العالم (2008)م في بعض الدول الإسلامية
* ماليزيا (5,9) لكل (1000) طفل
* تركيا (19,8) لكل (1000) طفل
* إندونيسيا (30,7) لكل (1000) طفل
* باكستان (71,9) لكل (1000) طفل
* إيران (94) لكل (1000) طفل
* نيجيريا (95,8) لكل (1000) طفل
نلاحظ أن ماليزيا من أفضل الدول الإسلامية على الإطلاق، وأن النسبة بلغت في الإمارات (7) لكل (1000) طفل، وهذا يعني أن القطاع الصحي تطور في الإمارات تطوراً ملحوظاً، بينما نجد أن هناك مشكلة حقيقة في إيران ونيجيريا، حيث تبلغ النسبة حوالي (١٠٪)، وأعتقد أن كل طفل نحميه داخل في باب إحياء النفس، الذي يقول الله تعالى فيه ( وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) وكذلك هو مساهمة عملية في بناء الحضارة.
(3) ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ
هذا مؤشر ثالث يُقاس به التطور الصحي في بلد معين، ونحن كمسلمين نعتقد أن الأعمار بيد الله تعالى، ولا نشكّ في ذلك، لكن الله تعالى جعل لذلك أسباباً، وديننا لا يمنع من الأخذ بالأسباب بل يحضّ عليها ويوجبها، ومن ذلك التداوي في حال المرض، يقول النبي ((تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ )) أحمد
فلا يجوز في شريعة الإسلام أن ترمي بنفسك أمام سيارة بحجة أن الأعمار بيد الله تعالى، ولا يجوز كذلك أن تعرّض نفسك للأمراض وتقول الأعمار بيد الله تعالى، صحيح أن الأعمار بيد الله تعالى، ولكن هناك أسباب بيد البشر، وكلما طال عمر الإنسان عند الوفاة، وطالما أن الأطفال لا يموتون في الولادة أو الصغر، كان متوسط العمر أعلى.
- معدلات متوسط الأعمار في دول الخليج العربي ومصر عام (١٩٥٠)م وعام 2008تشير الى أن متوسط الأعمار آخذ بالارتفاع، وهذا مؤشر إيجابي على أن الوضع الصحي يتطور ويتحسن بشكل كبير وملحوظ.
" كلما ألفت الحياة الإسلامية أعجبت بقواعد حفظ الصحة العجيبة التي وضعها النبي ( للمؤمنين " د. شروف بيرون
- كل انحراف عن منهج الله يقابله ابتلاء
كلما انحرف الناس عن منهج تعالى، وخالفوا سننه الكونية، أصابهم البلاء والأمراض، وهذا ما يشير إليه حديث النبي (( .. لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا )) ابن ماجه
وأكثر دولة ينطبق عليها هذا الحديث هي دولة " سوازيلاند " في إفريقيا، حيث نجد فيها حالياً أقل متوسط للأعمار ، إذ يبلغ (32) سنة فقط، والسبب هو الأمراض التي أصابتهم بسبب انحرافهم عن منهج الله تعالى، فهي نفس الدولة الأعلى في نسبة الإصابة بالإيدز، حيث وصلت نسبة الإصابة بالمرض إلى (٣٩٪)، وفقاً لــ (Global Shocking Facts) .
وهناك سبب آخر لانتشار الأمراض في العالم وهو السمنة، حيث تقدّر أعداد المصابين بالسمنة في العالم (مليار وستمائة مليون) إنسان.
- مبادرات لا إحصاءات وشعارات
ليس هدفي أن أحشو عقول القرّاء بأرقام وإحصائيات ترهق أذهانهم، وإنما الهدف بعث الهمّة نحو العمل، والبدء بمشاريع عملية منتجة، تسهم بشكل فعال في بناء الحضارة، ويمكن الاطلاع على المشاريع المقترحة والمبادرات المطروحة، من خلال زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بمشروع التغيير الحضاري (www.change-project.org)
في الموقع ستجدون مبادرات، واحدة منها متعلقة بتطوير الصحة في كل بلد، لذا أتمنى من المهتمين خاصة فئة الشباب أن يتفاعلوا مع هذه المبادرات، فمثلاً يقول الشباب السوداني: نحن الذين سنتولى مشروع تطوير الصحة في السودان لنرفع هذه المعدلات، وقِس على ذلك باقي المبادرات في كل المجالات.
وأختم بهذه الجملة المضحكة والمعبرة في نفس الوقت للناقد الساخر مارك توين " توخ الحذر بشأن قراءة الكتب الصحية، فقد تموت من خطأ مطبعي".
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6609
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3237
| 23 أكتوبر 2025