رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جابر محمد المري

مساحة إعلانية

مقالات

12

جابر محمد المري

(التخبيب ) وآثاره المدمرة للأسرة والمجتمع

28 أكتوبر 2025 , 03:00ص

ريم سيدة خليجية في منتصف الثلاثينيات وهي أم لولدين تعيش معهما ومع زوجها في بيت منفصل عن عائلة زوجها، ريم لا تعمل وكرّست كل وقتها من أجل القيام بواجباتها المنزلية لخدمة زوجها وأولادها، لكنها في نفس الوقت تحس بضعف كبير في تقدير زوجها لها، وفي يوم من الأيام قررت ريم أن تحضر دورة في التنمية البشرية بعنوان « أطلقي طاقتك الأنثوية وتحرري من القيود « وكانت المدربة في هذه الدورة تتحدث بحماس لا مثيل له وكانت دائماً ما تكرر عدة جمل ومصطلحات تعي جيداً بأنها تلامس وجدان ومشاعر كل من حضر الدورة مثل: « كل من لا يفهمك لا يستحقك « و « أنتِ تستحقين الأفضل.. تحرري من القيود « و « لا تعيشي تحت ظل أحد «، ريم خرجت من هذه الدورة بحماس وفكر جديد ولّدت لديها رغبة بأن تغيّر شخصيتها من أم تحمل على عاتقها أعباء البيت ولا أحد يقدّر ما تقوم به بزعمها، فأرادت أن تفرض شخصيتها من خلال ما تعلمته في هذه الدورة، بعدها بفترة قامت نفس المدربة بالإعلان في منشور لها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات مماثلة لتلك التي أطلقتها في دورتها التي قدمتها سابقاً بعناوين مثل « اختاري لنفسك ولو خسرتِ الجميع «، بدأت بعدها ريم بالبحث عن دورات تتناول نفس هذه المواضيع التي تظن بأنها تعطيها قدرا كافيا من الثقة بالنفس والاستغناء عن الجميع وغيرها من الأفكار الهدامة التي لا طائل منها إلا هدم البيوت وخرابها، وصل الحال بريم بأن بدأت تهمل بيتها وأبناءها وكلما ناقشها زوجها بالتغيّر الذي حدث لها وبإهمالها بيتها ترد عليه بكل ثقة قائلة: « أنا أبحث عن ذاتي وما أبغي أعيش تحت ظل أحد « !

بعد عدة أشهر من معاناة زوجها معها ومحاولة إعادتها لصوابها وعقلها كأم وسيدة المنزل زاد التوتر بينهما ولم يستطع زوج ريم أن يتحمل الضغط عليه من قبل زوجته وهذه التغيرات التي فجأة حدثت لزوجته حتى قلبت حياتهم رأساً على عقب، فقرر للأسف الشديد أن يُطلّق زوجته أم أبنائه حتى يخرج من دوامة المشاكل التي حلّت بينهما ولم يستطع أن يجد الحل اللازم سوى اتخاذ قرار الانفصال، 

هنالك العديد من القصص التي تعيشها الكثير من البيوت في مجتمعاتنا لا تختلف كثيراً عن قصة ريم سوى ببعض التفاصيل، وغالباً ما يكون الطرف « الهادم « فيه هو من يرى سعادته ومتعة حياته بأن يُخرّب العلاقة بين زوجة وزوجها وهو ما يسمى بـ ( التخبيب ) وهو في اللغة يعني الإفساد والإغراء، واصطلاحاً « تحريض شخص على ترك سيده أو زوجته أو إثارة الشقاق بينهما، والتخبيب حرام شرعًا، وهو من كبائر الذنوب، وهو من فعل السحرة، ومن أعظم أفعال الشياطين، كما في صحيح مسلم « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها» 

ولعل هذه الظاهرة هي من أفرزت لنا العديد من المخاطر على مجتمعاتنا الخليجية بصفة عامة ومجتمعنا القطري بصفة خاصة، فآخر التقارير الديموغرافية تشير إلى أن دولة قطر من الدول التي بدأت تشهد انخفاضاً في معدلات الخصوبة مما أدى إلى اقترابها من « خط الخطر « في عدد المواليد، ومن هنا يجب أن نحمي هذا المجتمع ممن يزرعون الأفكار المسمومة في عقول الفتيات اللاتي يرين بأن الاكتفاء وعدم الاقتران بزوج وإظهار الأمومة كأنها عبودية للرجل وبأن العمل أقدس وأهم من الزواج حتى تذبل ويفوتها قطار الزواج تحت بند « التحرر والاكتفاء ولن أعيش في جلباب زوجي «، فلا بد من حماية المجتمع بتشديد العقوبة على كل من يحاول بث سمومه والاستجابة إلى نداء الفطرة التي خلقنا الله عليها بالتزاوج وكثرة الأولاد. وحتى نتجاوز أزمة تراجع نسبة الخصوبة وتراجع عدد السكان، علينا أن نضع أيدينا على أساس المشكلة ونضع لها الحلول الناجعة، كتشديد العقوبة على « المخببين “، وعدم إنهاك كاهل الشاب عندما ينوي الزواج، وتخفيف العمل على الزوجة العاملة وإن اقتضت الحاجة أن تُعفى منها من أجل أن تُنجب المزيد من الأبناء وتتفرغ لأسرتها، فالمرحلة التي وصلنا إليها تستلزم أن تقدّم الدولة العديد من الامتيازات الإضافية في سبيل التشجيع على زيادة عدد مواطنيها. 

مساحة إعلانية