رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خير الناس من طال عمره وحسُن عمله

لا شك أن أعظم البر عند الخالق عز وجل هو بر الوالدين التي قرنها سبحانه وتعالى بعبادته وهو ما يؤكد أهمية طاعتهما والبر بهما، وإن مِن إجلال الوالدين وكبار السن وحقهم علينا أن ندعو لهم بطول العمر، والازدياد في طاعة الله، والتوفيق بالسداد والصلاح، والحِفظ من كل مكروه، والتمتع بالصحة والعافية، وبحُسن الخاتمة، وحثَّ اللهُ عز وجل الأبناء على الدعاء لهما في حياتهما وبعد مماتهما، قال الباري عز وجل ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ «الإسراء: 24». ولعل من أكبر النعم التي ينعم بها الله على كبير السن هي بركة العمر وحسن العمل لأن خير الناس من طال عمره وحسن عمله، فعن عبدالله بن بسر، أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله، مَن خيرُ الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن طال عمرُه، وحسُن عمله)). بل جاء في حديث آخر: أن الله يصطفي من عباده بعضهم بإطالة العمر وإحيائهم في عافية إلى أن يقبِضَ أرواحهم؛ فرُوي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله عبادًا يضِنُّ بهم عن القتل، يطيل أعمارهم في حسن العمل، ويحسن أرزاقهم، ويحييهم في عافية، ويقبض أرواحهم في عافية على الفرش، فيُعطيهم منازلَ الشهداء)). لأن مَن طال عمره ازداد علمه وإنابته ورجوعُه إلى الله عز وجل؛ لأن الشباب شعبة من الجنون، فيزداد الرجل في الشباب في الشهوات واللذات، والشيخوخة موجب للخير والبركة، فلما يدنو العبد من الشيخوخة يتوجه إلى الله، فيذكر الله قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه، ويحمده، ويسبِّحه، ويهلِّله ويكبره كلما سنحت له الفرصة. وقيل: إن سليمان بن عبدالملك دخل مرة المسجد، فوجد في المسجد رجلًا كبير السن، فسلم عليه، وقال: يا فلان، تحبُّ أن تموت؟ قال: لا، ولمَ؟ قال: ذهب الشبابُ وشرُّه، وجاء الكِبَرُ وخيرُه، فأنا إذا قمت قلت: بسم الله، وإذا قعدت قلت: الحمد لله، فأنا أحب أن يبقى لي هذا. يقول الدكتور عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر، وهو يلقي الأضواء على حق كبير السن: «ثم إن هذا الحق يعظم ويكبر من جهة ما احتف به؛ فإذا كان قريبًا فله حق القرابة مع حق كبر السن، وإذا كان جارًا، فإضافة إلى حقه في كبر سنه فله حق الجوار، وإذا كان مسلمًا، فله مع حق كبر السن حق الإسلام، وإذا كان الكبير أبًا أو جدًّا فالحق أعظم، بل إذا كان المسن غير مسلم فله حق كبر السن؛ إذ إن الشريعة جاءت بحفظ حق الكبير، حتى مع غير المسلمين، فلربما تكون رعايتك لحقه سببًا لدخوله في هذا الدِّين في مراحل حياته الأخيرة. فاصلة أخيرة مجالسة كبار السن والحديث معهم ثراء باذخ للروح، فلا تجد منهم إلا كل ما هو جميل، أقلّه أنك تستمع لتجاربهم في الحياة وتستخلص منها الدروس والعبر.

72

| 07 ديسمبر 2025

جحا.. تعويذة كأس العرب FIFA قطر 2025

بادرة مباركة وموفقة تلك التي قامت بها اللجنة المحلية المنظمة لكأس العرب FIFA قطر 2025 بإطلاق التعويذة الرسمية للبطولة جحا، وذلك قبيل انطلاق الحدث الإقليمي الذي يقام في دولة قطر في الفترة من 1 حتى 18 ديسمبر المقبل. ولا ريب أن شخصية جحا تستحق أن يُحفظ ويكرّم تاريخها كرمز من الرموز الأدبية والفولكلورية الشهيرة في العالم العربي والإسلامي، وما تميزت به من تأرجحها بين الواقع والتخيل، ارتبطت بين العصور بحكايات وقصص تحمل في طياتها الكثير من المعاني والعبر والدروس المثيرة. تشير المصادر التاريخية إلى أن شخصية جحا تعود إلى أزمان قديمة، فمنهم من ينسبه إلى رجل يُدعى دجين بن ثابت الفزاري أو نصر الدين خوجة، مما يجعل هذه الشخصية رمزاً يمزج بين الحكمة والفكاهة، فعلى الرغم من تأكيد البعض على أن هذه الشخصية كانت حقيقية، فإن الأساطير والخرافات التي أضيفت إلى سيرتها الذاتية جعلتها شخصية متعددة الأبعاد؛ أبعاد فلسفية، حيث يمثل الاحتجاج الشعبي بطريقته الفكاهية، أو ما يعبره عن انتقادات اجتماعية وسياسية، مما يجعل صوته قريباً من المواطن العادي. كما تشير مصادر أخرى أن جحا ليس أسطورة، بل هو حقيقة، وأنه تابعي، وكانت أمه خادمة للصحابي أنس بن مالك، وكان الغالب عليه السماحة وصفاء السريرة، وقال عنه الجلال السيوطي: وغالب ما يُذكر عنه من الحكايات لا أصل له. وقال عنه الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: جحا يكنى أبا الغصن، وقد روي عنه ما يدل على فطنة وذكاء، إلا أن الغالب عليه التغفيل، وقد قيل: إن بعض من يعاديه وضع له حكايات. وإذا ما أردنا أن نتحدث عن تأثير جحا على الثقافة فإنه يمتد إلى مختلف جوانب الثقافة الشعبية والأدب العربي، من خلال تواجد قصصه في الكثير من الدواوين والمجلات الأدبية، ففي الأدب العربي نجده محط اهتمام الشعراء والكتّاب الذين استخدموه لإيصال رسائلهم، وفي الأدب التركي، نجد شخصية نصر الدين خوجة التي تمثل الجانب الفكاهي ولكن بأسلوب مميز. أما ملامحه الشخصية فقد وُصف جحا بالشخصية العميقة والمعقدة، حيث يُظهر الذكاء والدهاء من خلال سلوكيات قد تبدو غبية، وهذه الخاصية هي ما تجعل قصصه محبوبة ومؤثرة، فحكاياته لا تقتصر على الفكاهة البسيطة وإنما تشمل دروساً عميقة في الحياة. ولكن ما يميز جحا بشكل خاص تلك الروح الإنسانية البسيطة التي تواجه تحديات الحياة بالابتسامة والفكاهة، فاستمرار حكاياته ليس مجرد وسيلة ترفيه بل هي تعبير عن الحكمة الشعبية التي تظل خالدة في ذاكرة الشعوب. فاصلة أخيرة السينما والدراما العربية للأسف أجحفت في حق شخصية جحا رغم غزارة علمه وأدبه وثقافته، إلا أنها صَوَّرَته بصورة الغبي الذي دائماً ما يكون محل سخرية الناس، فينبغي أن يُعاد اعتبار هذه الشخصية وتخليده كما فعلت دولة قطر بإطلاق اسمه كتعويذة على بطولة رياضية كبيرة يشارك فيها كل العرب.

351

| 26 نوفمبر 2025

قطر رمز التنمية والعدالة الاجتماعية

اختتمت أعمال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي استضافتها الدوحة على مدى ثلاثة أيام، والتي أكد ممثلو أكثر من 40 دولة مشاركة الالتزام العملي بمخرجات القمة ومبادراتها، وذلك مع «إعلان الدوحة السياسي»، الذي اعتمد بالإجماع في اليوم الأول للقمة، وحدد 15 هدفاً لتعزيز التنمية الاجتماعية والقضاء على الفقر، تحت عنوان «نداء من أجل العمل»، وجدد البيان الختامي للقمة الالتزام الدولي بتحقيق المساواة الاجتماعية وبتنفيذ سياسات تركز على الإنسان قبل الاقتصاد. ولا شك أن الدور البارز لقطر والسمعة الدولية التي تتمتع بها ساهما إلى حد كبير في نجاح هذه القمة، وهو ما أكدته رئيسة الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، بأن نجاح القمة تمثّل في تعزيز التوافق الدولي حول العدالة الاجتماعية، وتجديد العقد الاجتماعي العالمي، وأشادت بدور قطر في استضافة القمة ودعمها الدائم والمستمر للقضايا الإنسانية ودورها كوسيط دولي في حل النزاعات، ومساهمتها الفاعلة في مجالات التنمية الاجتماعية. ولعل كلمة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، التي افتتح بها أعمال قمة الدوحة للتنمية الاجتماعية لامست الحقيقة وكشفت مكامن الخلل التي اعترضت مسيرة التنمية الاجتماعية على الصعيد الدولي، وبأنه «لا يمكن تحقيق التنمية الاجتماعية في المجتمعات من دون السلام والاستقرار» فلا سبيل لتحقيق هذه التنمية ودفع عجلتها إلا بوقف الحروب وإنهاء النزاعات والصراعات، وآخرها تلك الفظائع التي أحدثتها الحرب في السودان وما يتعرض له أشقاؤنا في مدينة الفاشر بإقليم دارفور. كما أكد سموه أن التنمية الاجتماعية ليست خياراً بل هي ضرورة وجودية، ولابد للمجتمع الدولي أن يتكاتف من أجل تحقيق مبادئه ومكتسباته وترجمة الطموحات إلى واقع ملموس، وهو ما تسعى له قطر دائماً من خلال ما أشار إليه سموه قائلاً: «إيماننا الراسخ بأهمية العمل الجماعي في قضايا يفترض ألا تكون خلافية لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، وحرصنا على تعزيز التنمية الاجتماعية، ودعم الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على الفقر، وزيادة فرص العمل، وتعزيز ما يضمن كرامة الإنسان، وتحقيق الإدماج الاجتماعي، وصولاً إلى مستقبل أكثر ازدهاراً وعدلاً للجميع». كلمة سموه، حفظه الله، لامست شغاف قلوب من يرون أنه حانت ساعة العمل الجدي والتكاتف الدولي للوقوف ضد كل صور الاستبداد والظلم والطغيان الذي تعيشه الكثير من الشعوب التي تعاني من الفقر والجهل وغياب العدالة الاجتماعية، كما استشرفت مستقبل التنمية الاجتماعية التي تنشدها الدول وتسعى لتحقيقها في بلدانها وفي العالم أجمع. فاصلة أخيرة نفخر كمسلمين بأن العدالة الاجتماعية من الركائز الرئيسية التي قام وحث عليها ديننا الحنيف منذ أكثر من 14 قرناً، والتي تمثلت بقول الخالق عز وجل: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النحل، آية:90.

531

| 12 نوفمبر 2025

(التخبيب ) وآثاره المدمرة للأسرة والمجتمع

ريم سيدة خليجية في منتصف الثلاثينيات وهي أم لولدين تعيش معهما ومع زوجها في بيت منفصل عن عائلة زوجها، ريم لا تعمل وكرّست كل وقتها من أجل القيام بواجباتها المنزلية لخدمة زوجها وأولادها، لكنها في نفس الوقت تحس بضعف كبير في تقدير زوجها لها، وفي يوم من الأيام قررت ريم أن تحضر دورة في التنمية البشرية بعنوان « أطلقي طاقتك الأنثوية وتحرري من القيود « وكانت المدربة في هذه الدورة تتحدث بحماس لا مثيل له وكانت دائماً ما تكرر عدة جمل ومصطلحات تعي جيداً بأنها تلامس وجدان ومشاعر كل من حضر الدورة مثل: « كل من لا يفهمك لا يستحقك « و « أنتِ تستحقين الأفضل.. تحرري من القيود « و « لا تعيشي تحت ظل أحد «، ريم خرجت من هذه الدورة بحماس وفكر جديد ولّدت لديها رغبة بأن تغيّر شخصيتها من أم تحمل على عاتقها أعباء البيت ولا أحد يقدّر ما تقوم به بزعمها، فأرادت أن تفرض شخصيتها من خلال ما تعلمته في هذه الدورة، بعدها بفترة قامت نفس المدربة بالإعلان في منشور لها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات مماثلة لتلك التي أطلقتها في دورتها التي قدمتها سابقاً بعناوين مثل « اختاري لنفسك ولو خسرتِ الجميع «، بدأت بعدها ريم بالبحث عن دورات تتناول نفس هذه المواضيع التي تظن بأنها تعطيها قدرا كافيا من الثقة بالنفس والاستغناء عن الجميع وغيرها من الأفكار الهدامة التي لا طائل منها إلا هدم البيوت وخرابها، وصل الحال بريم بأن بدأت تهمل بيتها وأبناءها وكلما ناقشها زوجها بالتغيّر الذي حدث لها وبإهمالها بيتها ترد عليه بكل ثقة قائلة: « أنا أبحث عن ذاتي وما أبغي أعيش تحت ظل أحد « ! بعد عدة أشهر من معاناة زوجها معها ومحاولة إعادتها لصوابها وعقلها كأم وسيدة المنزل زاد التوتر بينهما ولم يستطع زوج ريم أن يتحمل الضغط عليه من قبل زوجته وهذه التغيرات التي فجأة حدثت لزوجته حتى قلبت حياتهم رأساً على عقب، فقرر للأسف الشديد أن يُطلّق زوجته أم أبنائه حتى يخرج من دوامة المشاكل التي حلّت بينهما ولم يستطع أن يجد الحل اللازم سوى اتخاذ قرار الانفصال، هنالك العديد من القصص التي تعيشها الكثير من البيوت في مجتمعاتنا لا تختلف كثيراً عن قصة ريم سوى ببعض التفاصيل، وغالباً ما يكون الطرف « الهادم « فيه هو من يرى سعادته ومتعة حياته بأن يُخرّب العلاقة بين زوجة وزوجها وهو ما يسمى بـ ( التخبيب ) وهو في اللغة يعني الإفساد والإغراء، واصطلاحاً « تحريض شخص على ترك سيده أو زوجته أو إثارة الشقاق بينهما، والتخبيب حرام شرعًا، وهو من كبائر الذنوب، وهو من فعل السحرة، ومن أعظم أفعال الشياطين، كما في صحيح مسلم « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها» ولعل هذه الظاهرة هي من أفرزت لنا العديد من المخاطر على مجتمعاتنا الخليجية بصفة عامة ومجتمعنا القطري بصفة خاصة، فآخر التقارير الديموغرافية تشير إلى أن دولة قطر من الدول التي بدأت تشهد انخفاضاً في معدلات الخصوبة مما أدى إلى اقترابها من « خط الخطر « في عدد المواليد، ومن هنا يجب أن نحمي هذا المجتمع ممن يزرعون الأفكار المسمومة في عقول الفتيات اللاتي يرين بأن الاكتفاء وعدم الاقتران بزوج وإظهار الأمومة كأنها عبودية للرجل وبأن العمل أقدس وأهم من الزواج حتى تذبل ويفوتها قطار الزواج تحت بند « التحرر والاكتفاء ولن أعيش في جلباب زوجي «، فلا بد من حماية المجتمع بتشديد العقوبة على كل من يحاول بث سمومه والاستجابة إلى نداء الفطرة التي خلقنا الله عليها بالتزاوج وكثرة الأولاد. وحتى نتجاوز أزمة تراجع نسبة الخصوبة وتراجع عدد السكان، علينا أن نضع أيدينا على أساس المشكلة ونضع لها الحلول الناجعة، كتشديد العقوبة على « المخببين “، وعدم إنهاك كاهل الشاب عندما ينوي الزواج، وتخفيف العمل على الزوجة العاملة وإن اقتضت الحاجة أن تُعفى منها من أجل أن تُنجب المزيد من الأبناء وتتفرغ لأسرتها، فالمرحلة التي وصلنا إليها تستلزم أن تقدّم الدولة العديد من الامتيازات الإضافية في سبيل التشجيع على زيادة عدد مواطنيها.

594

| 28 أكتوبر 2025

أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد البشرية ولائحته التنفيذية تطلعات الموظفين القطريين والتي تهدف إلى الارتقاء بالعمل الحكومي لتحقيق رسالته في خدمة المجتمع والدولة، كما أنها جاءت بلا شك لتعكس توجهاً استراتيجياً للدولة في الاستثمار في رأس المال البشري وتمكينه في التعامل والتفاعل مع الاقتصاد القائم على المعرفة والتنافسية. ولم تتغافل هذه التعديلات عن أهمية دور الأسرة القطرية وترجمتها إلى أدوات فعالة لتعزيز الاستقرار الأسري ودعمه لإيمانها بأن من شأنها أن ترفع من مستوى الأداء الحكومي وانتاجيته، والتأكيد على التزام الدولة بتعزيز هذا الاستقرار بتلبية الاحتياجات الفعلية للموظفين لدعم بيئة العمل، حيث تم رفع الإجازة العارضة إلى 10 أيام سنويًا، وزيادة ساعات الاستئذان الشهرية إلى 10 ساعات، بما لا يزيد على 3 ساعات في اليوم، فضلًا عن تمكين أحد الأبوين القطريين من مرافقة الابن أثناء العلاج في المستشفى داخل الدولة. كما تضمنت التعديلات صرف علاوة اجتماعية بفئة «متزوج» لكلا الزوجين القطريين، واستحداث حافز زواج سنوي بقيمة 12000 ر.ق. لكل من الزوج والزوجة القطريين، وفقًا لشروط محددة. وتم تعديل إجازة الوضع للموظفة حيث تُمنح لمدة 3 أشهر براتب إجمالي، وتصل إلى 6 أشهر في حال وضع التوأم أو طفل من ذوي الإعاقة، ويُترك للموظفة تحديد الإجازة بدءًا من الشهر الثامن من الحمل. ويجوز بناءً على طلب الموظفة القطرية، مدّ إجازة الوضع لمدة لا تجاوز 3 أشهر أخرى، وتكون الإجازة خلال تلك المدة براتب أساسي وعلاوة اجتماعية وبدل سكن. ويُتاح لها كذلك العمل عن بُعد من الشهر السابع وحتى موعد الوضع، وفقًا للضوابط المعتمدة. ويُصرف بدل سكن بفئة أعزب للزوجات غير المقيمات مع الزوج في السكن الحكومي في حال تعدّد الزوجات وتخصيص سكن حكومي للزوج. كل ما سبق من تعديلات وامتيازات هي مهمة وضرورية بالفعل لتعزيز استقرار الأسرة ودعمها، ولكن كنّا نتمنى لو أن القانون لم يغفل عن شريحة مهمة في المجتمع ولها دور كبير في دعم الاستقرار الأسري وهم (ربات البيوت) من الأمهات القطريات اللاتي ضحّين بأعمارهن وصحتهن من أجل تربية أبنائهم، وتنازلن عن حقهن في العمل وتحقيق المكاسب المالية والرفاه من أجل التفرغ لتربية أبنائهن وتخصيص كل اوقاتهن من أجلهم لقناعتهن بأن دورهن كربات بيوت أهم بمراحل من انخراطهن في سوق العمل رغم امتلاكهن لكل مقومات التميز في الوظيفة وحصول العديد منهن على شهادات ومؤهلات عالية تؤهلهن للحصول على أفضل الوظائف. هذه الشريحة لم يلتفت لها القانون لا من قريب ولا من بعيد رغم أهمية الدور الذي يقمن به في المجتمع ومساهمتهن الفعالة في دعم استقرار الأسرة وحمايتها من أي عوامل قد تكدر من صفو استقرارها وتماسكها، كنّا نتمنى من المشرّعين لو كرّموا ربة البيت القطرية بتخصيص إعانة شهرية مجزية تساعدها على توفير احتياجاتها واحتياجات أسرتها، وتُشعرها على الأقل بأن دورها ليس أقل من دور أختها الموظفة القطرية العاملة في القطاعات الحكومية بالدولة، وفي نفس الوقت تشجع المرأة القطرية بانتهاج نهج ربة البيت القطرية وبإعطاء أسرتها كل الاهتمام والرعاية. فاصلة أخيرة ربات البيوت القطريات يستحققن أن يكُنّ على رأس اهتمام الدولة، فهؤلاء ثروة وقدوات يستحققن بأن يتلقين الدعم والرعاية.

1701

| 21 أكتوبر 2025

قطر تنتصر لغزة

انتصرت أخيراً غزة وأثبت شعبها الأبي بأنه لن يتزحزح من أرضه ولن يقبل الضغوطات مهما عظمت واستفحلت، وضرب بفعل إرادته الصلبة أروع الصور في صبره وجلده أمام طغيان العدو الصهيوني واجرامه، انتصرت غزة ووصل صدى معاناتها للعالم أجمع مع ما تفعله آلة القتل اليومية التي دارت على مدى عامين كاملين لم يترك فيها العدو وسيلة إجرام وقمع إلا واستخدمه ليحاول أن يُخضع المقاومة ويذل سكان غزة، ولكن هيهات منهم الذلة فرغم آلاف القتلى والجرحى والدمار الذى لم يترك حجراً على حجر إلا أن أهل غزة سحقوا كل مخططات العدو الصهيوني لتهجيرهم واحتلالهم أرضهم. وها هو الفرج يأتي بعد الضيق والمعاناة بإعلان وقف إطلاق النار ليتنفس أهل غزة الصعداء ويتجاوزوا محنتهم التي لم يمرّ على شعب كما مرّوا به من ظلم وطغيان، فبعد مفاوضات غير مباشرة بين وفدي حركة حماس وإسرائيل، برعاية أمريكية مصرية قطرية، أُعلن فجر يوم الخميس 9 سبتمبر في مدينة شرم الشيخ المصرية عن التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في قطاع غزة. وقال حينها ترامب إن اتفاق إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من الخطة يعني أنه سيتم إطلاق سراح جميع الرهائن وستسحب إسرائيل قواتها إلى الخط المتفق عليه، وهي الخطوات الأولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي، فيما أكدت حماس أنها توصلت إلى اتفاق ينهي الحرب، يتضمن انسحاباً إسرائيلياً من غزة وتبادل الأسرى، لكنها دعت ترامب والدول الوسيطة إلى ضمان أن تنفذ إسرائيل وقف إطلاق النار بالكامل. ومع البدء بتنفيذ خطة ترامب على أرض الواقع في غزة، فقد أشاد ترامب وكل دول العالم بدور دولة قطر كوسيط مهم ساهم منذ اندلاع هذه الحرب قبل عامين في إيقافها وبذل كل الجهود الدبلوماسية من أجل الوصول إلى سلام يرفع عن معاناة سكان قطاع غزة ويحقن دماءهم، عامان وقطر تُسخّر كل جهودها وامكانياتها وعلاقاتها الوثيقة بالدول ذات العلاقة بهذه القضية من أجل وضع حد لمسلسل القتل والدمار الذي طال أمده في غزة. ولا شك أن ما تتمتع به دولة قطر من سمعة عالمية كوسيط محايد وموثوق لدى الأطراف المتنازعة، ساعدها كثيراً في حل العديد من الأزمات ونزع فتيل حروب أوشكت أن تقع لولا عناية الله ثم تدخل الدوحة فيها، فمنذ عام 2004 وهي تنتهج هذا النهج المبارك الذي ساهم في إيقاف نزاعات وحروب كانت ولا زالت محل إشادة أممية ودولية وإقليمية، ورغم تعقيد العديد من هذه الملفات إلا أن هذه الحرب ضد قطاع غزة من أعقد الملفات وأكثرها تشعباً واحتقاناً لاسيما وأن الطرف الأقوى فيه هو الكيان الصهيوني المحتل الذي دأبت حكومته المتطرفة على خرق بنود اتفاقه في كل مرة حتى وصل بها الحال القيام بالاعتداء السافر على أراضي الدولة الوسيطة لظنها بأنها ستقضي على المفاوضات برمتها وتفرض هيمنتها عليها !! في النهاية لا يصح إلا الصحيح وحتى لو اختلفت موازين القوة، فقد انتصرت غزة بعدم تهجير سكانها واحباط خطط الصهاينة في احتلال غزة، انتصرت غزة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، انتصرت غزة بعد أن فضحت اسطورة الكيان المحتل وصورته أمام العالم وكشفت مدى إجرامه ووحشيته، انتصرت غزة ومعها قطر وكل الدول الحرة التي دعمتها وساندتها ونادت بحريتها ورفضها للاستبداد والطغيان. فاصلة أخيرة ليلة حزينة على قطر بفقدها ثلاثة شبان من خيرة شبابها أثناء تأديتهم لمهامهم إثر حادث مروري في مدينة شرم الشيخ، نسأل الله أن يتغمدهم برحمته وينزلهم منازل الأبرار مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

471

| 14 أكتوبر 2025

يريدون أن يغيّروا قناعات الأحرار بأموالهم !

لا ريب أن لمواقع التواصل الاجتماعي الفضل الكبير في كشف وفضح كيان الاحتلال الصهيوني أمام العالم منذ حربه البربرية المجرمة وجرائم الإبادة التي اقترفها في غزة منذ عامين وحتى ساعتنا هذه، وهي التي كانت تُوظّف كل علاقاتها وأموال داعميها منذ عقود طويلة لخلق رواية الدولة التي تعيش ضحية إرهاب الفلسطينيين والعرب لتأتي حربها ضد غزة وتنسف كل ما بنته من أساطير وروايات كاذبة تدعي فيها مدنيتها وديمقراطيتها وبأنها حمامة سلام تعيش وسط عقبان ونسور ومتوحشة !! لم يسبق لإسرائيل منذ احتلالها لفلسطين وإعلانها قيام دولتها عام 1948 أن عاشت في عزلة حقيقية كما هو حالها بعد جرائمها في غزة، ولعل اعتراف دول بحجم بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال بدولة فلسطين لهو أكبر دليل على مدى العزلة التي تعيشها إسرائيل واضمحلال نفوذها وقوتها وانهيار سمعتها لاسيما في القارة الأوروبية التي شاهدنا الملايين من شعوبها يتعاطفون مع غزة المكلومة ويخرجون في مظاهرات منددة بالجرائم الصهيونية في غزة ! ومن الواضح بأن هذه الأحداث فرضت نفسها على أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أثناء تواجده في نيويورك واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اختتمت قبل أيام وشكّلت صفعة لنظام نتنياهو بعد ردود الأفعال الدولية حول الأحداث في غزة واستنكارها للجرائم الإسرائيلية، حتى باتت الدورة الثمانون من اجتماع مجلس الأمن وكأنها عُقدت من أجل غزة والتضامن والتعاطف معها، وهو الأمر الذي دعا نتنياهو إلى الاجتماع مع مؤثرين أمريكيين وحثهم على استخدام منصتي «تيك توك» و «إكس» بوصفهما «سلاحاً» لتلميع صورة إسرائيل أمام العالم. يعي نتنياهو جيداً بأن هاتين المنصتين تستحوذ عليهما أمريكا ولاسيما بعد أن تمكنت من الاستحواذ على «تيك توك» وتمكنها من الوصول إلى ملايين الأمريكيين الذين تغيرت نظرتهم كلياً عن إسرائيل عما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023، وباتوا غالبيتهم يدركون بأن المُعادي هو إسرائيل والمعتدى عليه هو الشعب الفلسطيني. وهو ما ركّز عليه نتنياهو بأهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وشبهها بـ «أدوات المعركة» في دعم موقف إسرائيل لتنتصر في حربها على غزة، ولا سيما بعد أن كشفت الكثير من استطلاعات الرأي تعاطفهم مع الفلسطينيين وتنديدهم بالجرائم الإسرائيلية، كما كشف موقع نيويورك بوست الشهر الماضي دراسة تؤكد أن أكثر من 60 % من جيل زد في الولايات المتحدة يُعبّرون عن دعمهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد إسرائيل. الأمر الخطير في صفقة التيك توك أن من اشتراها هما الملياردير لاري إليسون مالك شركة أوراكل وقطب الإعلام الملياردير روبرت مردوخ، وكلاهما داعمان رئيسيان لإسرائيل وصهيونيان حتى النخاع، وما يسعيان له الآن هو التحكم في بيانات ومعلومات مستخدمي «تيك توك» والتأثير عليهم من أجل تحسين صورة إسرائيل وداعميها والتضليل على كل ما يخالفها، يعني بكل لغات العالم ما لم يتمكنوا من تغييره بدس السم في العسل يريدون أن يُغيّروه بأموالهم !! ومن هنا يأتي دورنا كعرب ومسلمين وأحرار العالم بأن نقف أمام محاولاتهم الخبيثة لتغيير الواقع المرير الذي يحدث في غزة وفي كل فلسطين وجعل إسرائيل ضحية والفلسطينيين إرهابيين وقتلة وإعادة الحال إلى ما هو عليه قبل السابع من أكتوبر واستمرار تزييف الحقائق والكذب بشأن ما يحدث في الأراضي المحتلة من قتل وتدمير وتجويع وتهجير، لذا وجب علينا أن نواجههم ونرد على كذبهم ولا نترك الساحة لهم حتى يغسلوا أدمغة الناس كما فعلوها معهم طوال العقود الماضية !

438

| 07 أكتوبر 2025

آن الأوان لإيقاف عربدة كيان الإرهاب

ليست حادثة الاعتداء الصهيوني السافر والغادر يوم التاسع من سبتمبر على الدوحة بمستغرب، فهذا العدو المارق أسرف ولا يزال في قتل الأبرياء في غزة منذ سنوات طويلة وزاد سعاره بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، فمارس أعتى وأقسى صور القتل والتنكيل في أهل غزة حتى يُجبرهم على الرحيل من أرضهم ويضم غزة إلى باقي الأراضي المحتلة، وقد أعلنها أمام الملأ بأنه يتحكم في منطقة الشرق الأوسط ويستطيع أن يضرب أي موقع فيها متى ما أراد وفي أي وقت طالما أن هذا يخدم سياساته التوسعية في المنطقة، في نفس اليوم الذي ضرب فيه الدوحة نفّذ غارات على لبنان واليمن وأسطول الصمود العالمي على السواحل التونسية، عربدة وطغيان صهيوني لا مثيل له يؤكد أن هذا الكيان مستمر على نهجه الإرهابي طالما أنه لا يُحاسب على أفعاله وفي كل مرة يفلت من العقاب الأممي! ولا ريب أن هذه العقلية والممارسات الصهيونية نحن المسلمين أجدى بأن نعرفها جيداً، لو كانت الأمة على قلب رجل واحد ولو لم نكن مقسمين غير متحدين لما مارس هذا الكيان المصطنع عربدته وطغيانه على دولنا، ولما رأيناه يضرب من الخليج إلى المحيط دون أن يُراعي أي حدود قانونية ولا أخلاقية، فكل شيء أمامه مستباح ولا سيما منطقتنا العربية، لأنه وكما يردد على لسان جيشه بأن الشرق الأوسط تحت سيطرته، ورئيس وزرائه يتشدق منذ زمن بأنه سيُغيّر وجه الشرق الأوسط. فكيف لنا بعد كل هذه المعطيات أن نثق بهذا الكيان المجرم ومن يقف وراءه من قوى ما زلنا نصدّق كلامهم بأنهم حلفاء لنا، ولكن الحقيقة تنافي ذلك تماماً، فكل دولنا متحالفة معها قولاً ولكنها فعلاً ليست حليفة أمام رغبات الكيان الصهيوني المحتل في الهيمنة والتوسع في المنطقة، ولعل تكرار تلويح الفيتو الأمريكي أمام أي مشروع قرار يُدين جرائم إسرائيل هو الدليل الدامغ على أن التحالف ليس إلا كذبة لا ترغب دولنا في استيعابه!. وأما تداعيات هذه الضربة الصهيونية الغادرة على قطر فقد أثبتت قطر أنها ثابتة على نهجها الذي لن تحيد عنه حتى يُرفع الظلم عن غزة، كما أثبتت مكانتها على الصعيد الدولي بتعاطف العالم أجمع معها ورفضها وشجبها لهذا الهجوم الصهيوني الغادر، كما أنها خلال الأيام القليلة الماضية كثفت قطر من مساعيها الدبلوماسية لكسب تأييد أعضاء مجلس الأمن لإدانة هذا الهجوم وتحميله مسؤولية اعتدائه السافر على دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة ويقوم بدور الوسيط النزيه والمتوافق عليه بشأن ملف الأزمة في غزة والوساطة بين حماس والكيان المحتل لإنهاء الحرب وأزمة الرهائن، ويبدو أن التقدم في هذه المفاوضات لا يسير في اتجاه رياح نتنياهو الذي يسعى من خلال محاولته الفاشلة لاغتيال وفد حماس المفاوض والسعي لتنفيذ أهدافه الخبيثة للسيطرة على غزة وتهجير سكانها وكسب رضا ائتلاف حكومته الهشة ومنع انهيارها. فاصلة أخيرة نأمل أن تخرج قمة الدوحة الطارئة بقرارات تفضي إلى توحيد وجهات النظر بين الدول العربية والإسلامية لاتخاذ موقف جماعي فعّال وصارم تجاه السياسات الإسرائيلية العدائية لدول المنطقة، بعيداً عن بيانات التنديد والشجب التقليدية.

288

| 16 سبتمبر 2025

خراب البيوت مهنة وكلاء الشيطان

يحكي لي أحد الأصدقاء قصة حدثت لأحد أبنائه الذي كان يشغل وظيفة متميزة في أحد القطاعات المهمة في الدولة وراتبها مرتفع مقارنة بالوظائف الأخرى التي يحمل أصحابها نفس مؤهلات هذا الشاب، وكان بارعاً في أداء مهامه على أكمل وجه، وعندما كُتب له أن يخسر هذه النعمة قيّض له الشيطان أحد أصدقائه الذي يبدو أنه من النوع المؤثر، أقنعه بطريقة ما بأن هذه الوظيفة لا تناسبه وعليه أن يتجه إلى وظيفة أخرى مهامها أقل وأسهل حتى يتمكن من الخروج متى أراد ويبتعد عن المحاسبة في حال بدر منه أي تقصير، رغم أن الشاب محب لعمله وملتزم ومنضبط ويحبه ويوقره كل رؤسائه وزملائه، ولكنه تأثر بكلام صديقه فما كان منه إلا أن قدّم استقالته، وعند البحث عن تلك الوظيفة التي يمنّيها له صديقه اضطر إلى أن يجلس في بيته لأكثر من عام بدون عمل، وعندما حصل على الوظيفة الجديدة تفاجأ بأنها أقل راتباً من وظيفته التي كان يشغلها بآلاف الريالات وسيضطر إلى بناء علاقات جديدة مع زملاء ورؤساء جدد، ندم أشد الندم بأنه جعل أحدهم يؤثر عليه لاتخاذ قرار مصيري سيغير من حياته، ولو أنه استشار قلبه وعقله لأعاناه على اتخاذ القرار السليم. القصص كثيرة ومتنوعة وأصحابها تدمرت حياتهم وانقلبت رأساً على عقب والسبب كان باتخاذهم القدوات والمستشارين الذين لا يأتي منهم إلا الشر، لأنهم ليسوا أهلاً للاستشارة والقدوة، فكم من امرأة تطلّقت لأنها أرادت أن تعيش حياة المشهورة الفلانية في مواقع التواصل الاجتماعي والتي يعلم العقلاء أن حياتها ويومياتها التي تصورها ليست إلا كذباً وتمثيلاً وضحكاً على ذقون متابعيهم، وأيضاً تلك الفتاة التي تطلقت بعد أن رزقها الله بمولودها الأول، فسألتها إحدى قريباتها؛ ماذا قدم لكِ زوجك بمناسبة الولادة؟ قالت لها: لم يقدم لي شيئاً، فقالت لها هذه الشيطانة والاندهاش بادياً على ملامحها: أمعقول هذا؟ أليس لكِ قيمة عنده؟ وعندما عاد زوجها إلى البيت تشاجرت معه وتلاسنا حتى وصل بهم الأمر إلى الطلاق، كلمات بسيطة من هذه الشيطانة تسببت في هدم كيان أسرة! ولو تفحصنا وتمعنّا في العديد من حالات الطلاق والخلافات بين الأشقاء والآباء مع أبنائهم لوجدنا معظمها تولدت من شرارة أطلقها أو أطلقتها شياطين من الإنس لا همّ لهم إلا خراب البيوت ودمارها، وللأسف أن هذه النوعية تتمتع بحظوظ وحظوة بين أفراد مجتمعنا، لهم ألسنة تقطر عسلاً وحضور مقدر وقبول لا نظير له، لأن المجتمع للأسف سمح لهم بأن يتسللوا لقلوبهم ويتحكموا في قراراتهم ومقدراتهم، وهم ليسوا إلا آفة يجب أن يقف الجميع صفاً لمواجهة خطرهم ودسائسهم. فاصلة أخيرة قيل: أن تُحافظ على وعيك في زمن تتخطف فيه العقول من حولك فأنت بخير فلله در من كان منهم!.

804

| 09 سبتمبر 2025

زيادة معدلات النمو السكاني

لا شك أن الثروة البشرية تعد هي عماد أي دولة أو كيان يسعى إلى البقاء والوجود، وهي طبيعة فطرية فطر الله خلقه عليها وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويزدادوا ليعمّروا الأرض التي خُلقت من أجلهم، وحمّلهم الأمانة ليقسطوا فيها ويعدلوا ولا يُغيّروا من طبيعتهم التي خُلقوا عليها، وبين التكاثر بمفهومه الطبيعي الغريزي وما جاء بعدها من تعريفات ومصطلحات حول الحالة الوجودية للإنسان، اختلت موازين الحياة وأصبحت المجتمعات العربية والمسلمة في وقتنا الحاضر أسيرة للنظريات والمعتقدات الغربية التي تنادي بتحديد عدد النسل وعدم الإكثار من الإنجاب ! ورغم سعي دولة قطر ودول الخليج لزيادة معدلات النمو السكاني لديها لرفع نسبة المواطنين من إجمالي السكان إلا أنها لا زالت ومنذ سنوات تعاني من انخفاض معدلات الإنجاب، وهو الأمر الذي يكتنفه العديد من الإشكاليات المركبة والمتراكمة التي تحتاج إلى وقفة جادة واستنفار على كافة الأصعدة لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المعضلة. ففي أحدث دراسة أُجريت في دولة قطر حول هذا الموضوع أثبتت أن المعدلات في قطر تراجعت إلى 2.9 % عام 2017، حيث تبين الإحصائيات تراجع المعدل بنسبة 5.3% عام 1986 إلى 4.6% عام 1997، ثم إلى 4.5% 2004، ثم شهدت الأعوام الستة التالية حتى عام 2010 أكبر معدل للتراجع إلى وصولها إلى هذه النسبة الضعيفة في عام 2017، وتزامن هذا التراجع مع ارتفاع في معدلات الطلاق، وانخفاض في معدلات الزواج لدى المواطنين القطريين، وأما متوسط العمر عند الزواج الأول فلم يشهد خلال العقدين الأخيرين تغيرات كبيرة، وإن كان اتجاهه العام يميل نحو الارتفاع. وأوضح معهد الدوحة الدولي للأسرة عضو مؤسسة قطر الذي أجرى الدراسة التي جاءت بعنوان « المحددات الاجتماعية للخصوبة في دولة قطر « أن هناك 6 عوامل تشكل محددات لقرار الإنجاب في قطر، وهي عوامل الاختيارات الشخصية والاقتصادية والهيكلية أو المتعلقة بمنظومتي التعليم والعمل والعوامل الصحية، وقد أكد غالبية المشاركين في هذه الدراسة على تفضيل تحديد النسل والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على الأكثر، وأن الإناث يملن بشكل أكبر لتحديد النسل، وذلك لعدة أسباب، منها الاعتناء بالرفاه العام للأسرة وأفرادها. وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات، من بينها تعديل قانون العمل ليمنح الموظفة الحامل في جميع القطاعات إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 6 أشهر، وأن تعود الموظفة إلى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية ناتج عن إجازة الأمومة، وضرورة منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين من استحداث إجازة والدية، وإلزام أصحاب العمل في كافة القطاعات الذين يبلغ تعداد موظفاتهم 20 موظفة أو أكثر بإنشاء دار للحضانة في مكان العمل تستوعب الأطفال في عمر الحضانة، كما أوصت الدراسة بضرورة إنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية ترتفع قيمتها كلما زاد عدد الطفال في الأسرة، ومنح العائلات مساعدات مالية لتغطية تكاليف رعاية الأطفال وخاصة تكاليف الحضانات ورياض الأطفال والمدارس الخاصة، وضرورة التوسع في إنشاء قاعات الأفراح لتشمل جميع مناطق الدولة والارتقاء بالخدمات المقدمة فيها. ونوهت الدراسة إلى جانب مهم جداً وهو وجود علاقة بين نمط الحياة الصحي ومعدلات الإنجاب، حيث اتفقت عينات الدراسة على أن نمط حياة الأسرة يؤثر على معدلات الإنجاب، وبأنه لا بد من أهمية ممارسة الرياضة لتحسين الصحة بشكل عام، والتي تساعد في إنجاب أطفال أصحاء، بينما من الممكن أن يؤثر الكسل والسمنة سلباً على معدلات الإنجاب، كما أُشير في الدراسة إلى دور التكنلوجيا البيولوجية الحديثة في المساهمة في علاج العديد من حالات العقم وتأخر الإنجاب. ولا ريب أن معادلة (عدم الإنجاب) تساوي في قيمتها (شيخوخة السكان) وهو ما يعني (دق ناقوس الخطر) الذي يؤدي لا قدّر الله لـ (كارثة) لا يحمد عقباها، وهي المرحلة التي تكافح الدولة من أجل القضاء على مسبباتها، ليكون الهدف هو تحقيق ما يسمى علمياً بـ (فتوة السكان) من خلال زيادة نسبة الشباب والأطفال في التركيبة السكانية، وهي المرحلة الديموغرافية التي تمر بها المجتمعات عندما ترتفع نسبة السكان في سن العمل من ( 15-64 ) مقارنة بنسبة الأطفال (أقل من 15)، بمعنى آخر، هي الفترة التي يصبح فيها الغالبية العظمى من السكان في سن الإنتاج والعمل وتوافر قوة عمل شابة ومنتجة، مع انخفاض الأعباء النسبية لإعالة الأطفال وكبار السن، وزيادة فرص الادخار والاستثمار، وارتفاع معدل النمو الاقتصادي إذا ما تم استثمار الموارد البشرية استثماراً جيداً. ومن أمثلة المعاناة مع شيخوخة السكان مع دولة اقتصادها من أعظم اقتصاديات العالم كألمانيا جعلها تلجأ للمهاجرين لإنقاذ اقتصادها، وهو ما انتهجته مع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين لتعويض التراجع الديموغرافي وحماية اقتصادها، فالتقديرات الرسمية توضح أن البلاد بحاجة إلى 400 ألف مهاجر سنويا للحفاظ على حجم القوى العاملة في ظل الشيخوخة وتناقص السكان. فاصلة أخيرة تخيّلوا معي لو قَبِلَ المجتمع وشجّع وحث على الزواج مبكراً والإكثار من الإنجاب، وزاد ذلك على التشجيع على التعدد، هل سنعاني من قلة السكان والإنجاب ؟! إذن المشكلة تكمن فينا كمجتمع ونظرته إلى أن التحضر والرقي في تحديد النسل حتى نضمن لهم بزعمهم حياة سعيدة !

612

| 26 أغسطس 2025

تفاقم الطلاق والعزوف عن الزواج

منذ سنوات عديدة ودولة قطر وسائر دول الخليج تدق نواقيس الخطر في ارتفاع مستوى معدلات الطلاق وما يقابلها من عزوف لدى الشباب عن الزواج، ووضعت هذه الدول التشريعات والقوانين التي من شأنها بحسب رؤيتها أنها ستقضي على هذه المشكلة أو على الأقل ستحد من تفاقمها إلا أنها ما زالت حتى يومنا هذا في ازدياد، قبل فترة أجرت صحيفة الشرق حواراً شاملاً مع الدكتورة شريفة العمادي المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة بمؤسسة قطر وأكدت أن مؤسسات الدولة تعمل وتتكاتف من أجل إيجاد حلول جذرية لمشكلات الطلاق وعزوف الشباب عن الزواج والتقليل من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على الترابط الأسري. ونبهت إلى ضرورة أن تسارع مؤسسات الدولة لدراسة ظواهر بدأت في الظهور، مثل عزوف الشباب من الجنسين عن الزواج، والتأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على الحياة الأسرية وعلى علاقات الزوجين، وتكاليف الزواج الباهظة التي تؤدي إلى فخ الديون والقروض وترهق كاهل الشباب، وحالات الطلاق المرتفعة، وغياب الحوار بين طرفي العلاقة الزوجية، وغياب مفهوم الثقافة الأسرية والزوجية عند الشباب، مؤكدة أهمية الإسراع في عمل دراسات لها بهدف إيجاد حلول مثمرة تقلل من مخاطرها وحدتها. وأوضحت العمادي أن ارتفاع نسب الطلاق ظاهرة عالمية ومنها دول الخليج توجد فيها نسب مرتفعة أيضاً، وقد لاحظنا أن نسبة 22% من حالات الطلاق قبل الدخول في فترة عقد القران (الملكة)، والذي يحسب من نسب الطلاق وأن الخطورة التي لاحظناها أن 46% من الحالات وقع الطلاق فيها قبل إكمال سنة من الزواج وعندما بحثنا في ذلك وفق إحصائية 2019 و2020 أن هذه الحالات ليست لديهم أطفال والمشكلة أن المطلقين بنسبة 66% في هذه الفترة، وهناك نسب طلاق لما بعد العام الأول من الزواج وبعد إجراء دراسات مع جامعة قطر، وكانت العينة من طلاب وطالبات الجامعة ذكرت الأغلبية في حديثها عن أسباب الطلاق عدم التوافق وعدم الانسجام بين شخصية كل من طرفي العلاقة، والاختيار غير الجيد، ودراسة أخرى كشفت عدم التوافق وعدم الاختيار الجيد للشريك وعدم وضوح المفهوم من العلاقة الزوجية في السنة الأولى من الزواج وكيفية التعامل بين الطرفين. كما أن الأسرة اليوم لم تعد تركز على تثقيف الأبناء بمفاهيم الحياة الزوجية كما كان في السابق بسبب طبيعة العصر وسرعته وهذا يتطلب من الأسر والمؤسسات الأسرية والمراكز المعنية بالشباب توعية الأبناء في كيفية تكوين أسرة ووضع منهج عمل أيضاً للحياة الزوجية، لأن دورها هو النهوض بالمجتمع، وأنهم سيكونون في الغد نواة لأسر تخدم مجتمعهم. ومن وجهة نظرها ترى الدكتورة شريفة أن مشكلة العزوف عن الزواج أخطر بكثير من مشكلة الطلاق لأن الدراسات الميدانية والإحصائية بينت أن حالات الطلاق التي وقعت في السنة الأولى من الزواج أو بعد عقد القران تعود للزواج مرة أخرى وهذه نقطة إيجابية جداً، لأنهم يبدؤون حياة زوجية جديدة وهذا أمر إيجابي بكل تأكيد. ولكن الخطورة تكمن في العزوف لأنه بالفعل لا توجد لدينا مشكلة عنوسة بين الفتيات إنما يوجد عزوف من الجنسين عن الزواج، فكل منهما يختار ألا يتزوج، وأسباب ذلك تعود إلى طبيعة العصر الذي نعيشه بكل ما فيه من كماليات ووسائل رفاهية. نحن اليوم نحتاج إلى غرس الثقافة الأسرية والزوجية لدى الجنسين وهذا جرس إنذار ولابد أن تركز كل البرامج المجتمعية اليوم على أهمية الارتباط الزوجي. ولتسمحوا لي كمهتم ومُعايش لهذه المشكلات التي نغّصت على حياة الكثير من أسرنا ومجتمعنا أن أتحدث من منظور المواطن وليس المسؤول أو الباحث في لب المشكلة والتي يضع لها حلولاً علمية ممزوجة بالجوانب النفسية والاجتماعية، وأرى أن مشكلة تزايد نسب معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج سببها المباشر هي الأسرة في المقام الأول، فهذه المشكلات لم تطرأ على مجتمعاتنا وتتفاقم إلا بعد أن تحسنت أحوالنا المادية وصرنا نتقلب بفضل من الله في النعم والرخاء الزائد، مما أفقدنا روح التماسك والترابط بين الأسر في المجتمع الواحد، وصارت الأسرة بنفسها تعاني من التفكك بسبب توفر وسائل التواصل الذكي والمميت في نفس الوقت، صارت العزلة هي حالة الأسرة فكل عاكف على جهازه وعيونه عليه حتى عندما يجتمعون على غداء أو عشاء أو مناسبة اجتماعية، حتى فقدت روح التواصل والألفة والمحبة. وعليه فقد تساهلت الأسرة في هذا الجانب مما خلق سلوكاً لدى أفراد الأسرة بعدم أهمية التواصل بينهم وأن هنالك ما هو أهم من ذلك وهو متابعة من هم خارج محيطهم من مشاهير وفنانين وعارضات أزياء، حتى باتت هذه النماذج تحل محل الوالدين في الاقتداء والتطبع بطبائعهم وسلوكياتهم، وأصبح لديهم قناعة بأنهم مكتفون وليس الزواج ولا بناء أسرة شغلهم الشاغل، فهم بزعمهم الناقص والمشوّه يعيشون حياتهم بكل حرية ولا يريدون أن يُنغّص عليهم أحد! في زمن آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا كانوا بمجرد أن يصلوا إلى أعمار مبكرة تبدأ من 16 عاماً وهم يفكرون بالزواج، وحلم كل واحد أو واحدة منهم أن يبني بيته ويملأه بالأطفال، لأن حياتهم كانت بسيطة ومتواضعة، وكل منهم يتولى مهمته لبناء أسرته ولا وقت لديهم لإضاعة الوقت واللهو، فهم قمة سعادتهم ومتعتهم أن يجتمعوا تحت سقف واحد ويعيشوا حياتهم البسيطة دون أن يعكرها أي معكر، وأما حالنا الآن فيرثى له، فلا الشاب ولا الشابة مقتنعان بهذا الرابط المقدس بأنه هو أساس الحياة ومستقبلها، لأن الحياة المادية طغت على كافة جوانب حياتهما. وأما عن تفاقم حالات الطلاق فلا شك أن للأسرة دورا كبيرا في تفاقمها لأنهم لم يقوموا بدورهم المطلوب في الإصلاح بينهم، بل نرى الكثير منهم يزيدون من تأجيج هذه الخلافات إن لم يكونوا هم السبب الرئيسي في نشأتها، وفي المقابل نرى أن الطلاق هيّن لدى الطرفين لتهاون أسرتيهما وعدم الحيلولة دون حدوثه، فقد ولّدوا لدى بناتهم فكرة الاكتفاء وبأنهم ليسوا بحاجة إلى أزواج طالما أن كل شيء متوفر لهم في بيوت أهاليهم، ولم يعلموا أن الفتاة لا قيمة لها بلا أسرة وأبناء وزوج وكذلك الحال للشاب، فما حالهم بعد سنوات قادمة تتسارع فيه الأعمار ثم يتحسرون على قرارات اتخذوها جعلتهم يعضون أصابع الندم. فاصلة أخيرة لكل ولي أمر وولية أمر، اتقوا الله في أبنائكم ولا تغالوا في الزواج وتُعسّروا عليهم، ولتسهلوا عليهم حتى تروا السعادة تحيط بهم من كل جانب، فما أجمل الحياة وأنت ترى أبناءك وبناتك يعيشون السعادة والطمأنينة وأحفادك يملؤون بيوتهم متعة ودفئاً.

1065

| 19 أغسطس 2025

هوس المظاهر وعقدة النقص

من المؤلم أن نرى أبناء خير أمة أخرجت للناس يتسابقون في التفاخر والتباهي بما يملكونه من سيارات ويخوت وساعات وحقائب وذهب وكل ما يشد العين والقلب، وخاصة في سفراتهم وجولاتهم في العديد من العواصم العالمية، ولو كانوا يحتفظون ببذخهم ورفاهيتهم لأنفسهم لاحترمنا عقولهم وإدراكهم ولكن الكثير منهم من المتباهين والمتفاخرين يوثقون سفراتهم على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي منذ دخولهم قاعة الدرجة الأولى وهم يرتدون أغلى الملابس والساعات والحقائب من الماركات العالمية، وعند ركوبهم مقصورة الدرجة الأولى أو رجال الأعمال، وصولاً إلى وصولهم إلى وجهتهم التي يحرصون أن تكون في أغلى الوجهات من حيث أسعار الفنادق والمطاعم والسيارات الفارهة، ليبدأ حينها في رفع نسبة التفاخر والتباهي بما يملكه ويغمره شعور عظيم بأنه ليس هناك في الأرض من هو أعظم ولا «أكشخ» منه، فيمشي في الأرض مرحاً ظناً منه أن الإكبار والإعجاب لا يأتي إلا باستعراض المظاهر والهيئة وبهالة من الغرور والتفاخر. شخّص أحد الاستشاريين النفسيين هذه الحالة بأنه (اضطراب نفسي) يُعرف علمياً باسم هوس المظاهر أو الهوس بالمكانة الاجتماعية (Status Anxiety). وذلك عبر الاستعراض وهو نمط سلوكي يتسم بانشغال مفرط في عرض مظاهر الرفاهية أو الثراء أو النجاح أمام الآخرين، وذلك غالباً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على الإعجاب أو الاعتراف الاجتماعي، حتى لو كان ذلك على حساب الواقع المالي أو النفسي للفرد. ويوضح هذا الاستشاري بأن الأعراض أو المؤشرات التي قد تظهر على الشخص الذي يعاني من هوس إبراز المكانة الاجتماعية عبر الاستعراض تختلف بحسب شدة الحالة، لكنها غالباً تكون على شكل سلوكيات متكررة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر مستمر لصور وفيديوهات تُظهر السفر، الفنادق الفاخرة، المطاعم الراقية، المشتريات الباهظة، والتركيز على إظهار العلامات التجارية الفاخرة أو تفاصيل الدرجة الأولى في السفر، والتقاط الصور بشكل متعمد في أماكن أو أوضاع تدل على الثراء أو المكانة الاجتماعية. كما أن للدوافع الداخلية للشخص دورا كبيرا في هذه الحالة من خلال الشعور بالرضا أو القيمة الذاتية فقط عند الحصول على إعجاب أو تعليقات إيجابية من الآخرين، وحالة من القلق أو الانزعاج إذا لم تلقَ هذه المنشورات التفاعل المتوقع، والسعي للمقارنة مع الآخرين ومحاولة التفوق عليهم في المظاهر. ويرى الاستشاري النفسي أن أنماط تفكير هذه النوعية من البشر تتمحور في عدة أمور؛ بدءًا من اعتقادهم وقناعتهم التامة بأن المكانة الاجتماعية تعتمد أساساً على المظاهر المادية، ثم المبالغة في أهمية رأي الآخرين والانشغال الدائم بكيفية نظرتهم إليهم، وقياس النجاح الشخصي بما يمتلكونه أو يعرضونه لا بما يحققونه فعلياً. أما التأثيرات السلبية المحتملة على هذه العينة فقد لخصها في ثلاثة جوانب؛ مالياً من خلال إنفاق مبالغ كبيرة أو فوق القدرة المالية للحفاظ على الصورة التي يريد إظهارها، ونفسياً عندما يشعر دائماً بعدم الاكتفاء أو الخوف من فقدان الانبهار من الآخرين، واجتماعياً من خلال بناء علاقات سطحية قائمة على الانطباع الخارجي بدلاً من الحقيقي. ومن وجهة نظره العلمية النفسية يرى بأنه لا علاج لهذه العينة إلا من خلال إخضاعهم لبرامج وقائية ونفسية تبدأ من الوعي الذاتي والتثقيف النفسي بمساعدتهم على إدراك أن قيمتهم ليست مرتبطة بالمظاهر أو بآراء الآخرين، وتوعيتهم بمخاطر الإنفاق المفرط لمجاراة صورة اجتماعية معينة، وأيضا العلاج المعرفي السلوكي من خلال تعديل الأفكار المشوهة حول النجاح والمكانة الاجتماعية، وتأتي باستبدال السلوكيات الاستعراضية بسلوكيات مبنية على القيم الحقيقية والإنجازات الواقعية، أو بالعلاج النفسي العميق والذي يُقصد به أنه إذا كان الهوس بالمظاهر مرتبطاً بجروح نفسية قديمة (مثل نقص القبول في الطفولة أو الشعور بالدونية). ومن ضمن البرامج الوقائية تقليل الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال وضع أوقات محددة لاستخدام المنصات الاجتماعية، والتوقف المؤقت عن نشر المحتوى الذي يهدف فقط لإبراز المظاهر، واستبدالها بمتابعة حسابات ملهمة تركز على نشر القيم أو الإنجازات الفعلية. عند تحقيق أهداف هذه البرامج الوقائية سيصل الشخص إلى مرحلة إعادة مفهوم النجاح من خلال التركيز على المهارات والعلاقات الحقيقية والإنجازات العملية بدلاً من إبرازه للمظاهر، وتحديد أهداف شخصية ومهنية لا تعتمد على رضا الجمهور، وكل ما سبق من برامج وقائية لا شك بأنها تحتاج إلى دعم اجتماعي من خلال إحاطة النفس بأشخاص يُقدّرون الجوهر ويتجاهلون المظاهر الزائلة، ويترجمونها من خلال المشاركة في الهوايات والأنشطة التي لا يمكن قياسها بالمكانة المادية مثل (التطوع، التعلم، الرياضة). خلاصة هذه الدراسة تتلخص بحقيقة جلية تؤكد بأن هذه العينة التي زادت أعدادها كثيراً في وقتنا الحاضر ليسوا إلا مرضى نفسيين يعانون من (عقدة النقص) يُعظمون أنفسهم وهم في نظر المجتمع ليس لهم أي قيمة. فاصلة أخيرة لو كانوا يملكون ذرة من حياء وإحساس لما يحدث لأهلنا غزة من تجويع وقتل وإبادة بدلاً من تباهيهم وتفاخرهم بالمظاهر، لكان حالهم أهون، ولكنهم كما وصفهم الشاعر: طأطأوا الرأس ذلة وانكسارا وارتدوا الخزي حُلّة والعارا وتواروا عن شامخات المعاني وتباروا إلى السفوح انحدارا بادروا بالهوان غير كرام إلى الرزايا فما أعز البِدارا

1680

| 15 أغسطس 2025

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

3651

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2661

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1680

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1563

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1344

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1185

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1155

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1146

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

861

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

642

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

630

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

597

| 04 ديسمبر 2025

أخبار محلية