رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
استعادة نظام الأسد السيطرة على مدينة حلب، بدعم من روسيا وإيران، كان أكبر حدث وقع منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. سقوط حلب، يعني انتهاء الحرب بين المعارضة ونظام الأسد. المعارضة خسرت هذه الحرب. علينا رؤية هذه الحقيقة المرّة.
تركيا، التي هي البلد الأكثر تضررًا منذ بداية الحرب في سوريا، بدأت بانتهاج سياسة جديدة في سوريا خلال الحرب الأهلية. عقد قمة ثلاثية مع روسيا وإيران. ضمنت تلك القمة الثلاثية، تسليم حلب للأسد، وخروج المعارضة من المدينة، وضمان حماية وحدة الأراضي السورية. وتخلت تركيا بذلك عن بعض أطروحاتها التي استمرت خلال الحرب الأهلية في سوريا.
لماذا وقعت تركيا هذا القرار؟
في الواقع، تركيا لم تستطع وحدها تحويل الوضع في سوريا. الولايات المتحدة الأمريكية، ترأس الإطاحة بالأسد، لكنها تركت تركيا في منتصف الطريق. ومما زاد الطين بلة، سعت واشنطن لدعم إقامة دولة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية المعادية لتركيا شمالي سوريا، وقدمت لتلك المنظمة الدعم بالسلاح والدعم اللوجستي. رأت تركيا في ذلك خيانة ترتكب من "حليف".
حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، سحب أنظمة الدفاعات الجوية من تركيا، في الوقت الذي كانت تلقي فيه صواريخ بشكل مستمر نحو هذا البلد انطلاقًا من الأراضي السورية. الأمر الذي ترك تركيا هائمة على وجهها في هذه المرحلة الحرجة.
في الوقت الذي كانت فيه تركيا تخوض مخاضًا عسيرًا بسبب الأزمة السورية، صعّد الاتحاد الأوروبي من دعمه المكثف لمنظمة "بي كا كا " الإرهابية، واتخذ خطوات فعلية تسببت في تشويه صورة تركيا لدى الرأي العام الأوروبي وتدهور الاقتصاد. كما شكلت مأوى لأعضاء منظمتي "فتح الله كولن" و"بي كا كا" الإرهابيتين، اللتين نفذتا عمليات إرهابية داخل تركيا.
الدول الإسلامية، لم تتبع سياسة موحدة. كل بلد دعم فصيلا مختلفًا داخل المعارضة. تلك الفصائل والجماعات اشتبكت فيما بعد مع بعضها البعض. وهكذا، لم تتوحد أو تتجمع المعارضة تحت سقف واحد، وبالتالي ضعفت قوتها. تركيا بدورها لم تتمكن من توحيد الفصائل المعارضة التي تقاتل ضد الأسد، كما لم تتمكن من السيطرة عليهم.
من ناحية أخرى، قامت روسيا التي عملت جاهدة من أجل تحسين علاقاتها مع تركيا، بقصف حلب واستباحتها. قصفت المدارس والمستشفيات والمخابز والمناطق السكنية، قصفًا لا رحمة فيه ولا هوادة، دافعين المعارضين لتسليم حلب. في نهاية المطاف، تم تسليم حلب بعد عدد لا يحصى من الضربات الجوية الروسية، والهجمات البرية التي شنتها الميليشيات الشيعية الإيرانية. لقد انتهت الحرب فعليًا.
خسرت القوى المناهضة لإيران في العالم الإسلامي كله، والولايات المتحدة وأوروبا، أمام حلف دمشق وإيران وروسيا والصين، وسَلَّمت سوريا لهم.
الحرب وضعت أوزارها لكن ما مصير المشاكل التي خلفتها؟
ورغم انتهاء الحرب بنسبة كبيرة، هناك العديد من المسائل العالقة، فما مصير قوات المعارضة والشعب السنّي في سوريا؟
هؤلاء الآن محصورون في مناطق أطمة وأعزاز وشمالي محافظة إدلب، ومن المتوقع أنّ عددهم يقارب المليونين. لم يتضح وضع ومصير هؤلاء حتّى الآن، علاوة على وجود بعض مناطقهم تحت سيطرة منظمة "بي كا كا" الإرهابية.
أوشكت المنظمة الإرهابية المذكورة أن تعلن عن دولتها في مناطق واقعة بشمال سوريا مثل عين العرب (كوباني) ومنبج وعفرين والحسكة، غير أنّ هذا المشروع باء بالفشل نتيجة الحملة العسكرية التركية على مدينة جرابلس.
منظمة "بي كا كا" الإرهابية عملت على تهجير كافة الشرائح الكردية والعربية والتركمانية التي تعارض أهدافها وتمتنع عن دعمها من المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأُرغم سكان هذه المناطق على الرحيل إلى إقليم شمال العراق، فيما فضّل آخرون اللجوء إلى تركيا.
مصير هذه المناطق والذين هجّروا منها عنوةً ليس معروفاً إلى الآن، إضافة إلى أنّ وجود "بي كا كا" التي سيطرت على الأراضي أيضاً غير معروف، ومن المسائل المجهولة أيضاً، هي مصير تنظيم داعش الإرهابي في كل من محافظة الرقة ومدينة الباب بريف حلب الشرقي.
تركيا عرضت على الولايات المتحدة الأمريكية إجراء حملة عسكرية مشتركة على هاتين المدينتين، إلّا أنّ واشنطن رفضت ذلك، الأمر الذي دفع بأنقرة إلى القيام بحملة عسكرية على الباب بمفردها.
فالدول الـ 35 التي ادعت أنها أتت إلى الشرق الأوسط من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لمحاربة تنظيم داعش، امتنعت عن تقديم الدعم لتركيا في محاربة داعش، لكن الجميع يتوقع بأنّ داعش والنظام السوري وإيران سيقعون في مواجهة حقيقة، وأعتقد أنّهم ينتظرون الآن ويقولون "لندع تركيا تتصارع مع داعش وتفقد قوتها".
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4149
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1599
| 02 ديسمبر 2025