رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. حمد بن عبد العزيز الكواري

مساحة إعلانية

مقالات

120

د. حمد بن عبد العزيز الكواري

رعاه صاحب السمو، فأحاطه بالرؤية والدعم ووفر له الإمكانات، حتى خرج صرحا علميا مكينا

28 ديسمبر 2025 , 01:14ص

- المقامةُ القَطَرِيَّةُ في مُعْجَمِ الدَّوْحَةِ الأَبِيَّةِ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ

- مُعْجَمٌ خَاضِعٌ لِلتَّحْدِيثِ، لِأَنَّ اللُّغَةَ الَّتِي لَا تُحَدَّثُ تَجْمُدُ، وَالَّتِي تَجْمُدُ تَتَخَلَّفُ عَنِ الحَيَاةِ

- اجْتَمَعَ العُلَمَاءُ مِنْ أَقْطَارٍ شَتَّى، وَامْتَدَّ العَمَلُ سِنِينَ، حَتَّى اكْتَمَلَ البُنْيَانُ وَآنَ الحِصَادُ

- المُعْجَمُ سَيَكُونُ مَصْدَرًا رَئِيسًا لِإِثْرَاءِ العَقْلِ الصِّنَاعِيِّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ. فَالآلَةُ لَا تَفْهَمُ اللُّغَةَ بِالذَّوْقِ، بَلْ بِالمُدَوَّنَاتِ، وَلَا تُدْرِكُ الفُرُوقَ الدِّلَالِيَّةَ إِلَّا إِذَا عُرِّفَتْ بِالتَّارِيخِ وَالسِّيَاقِ.

- العَرَبِيَّةُ لُغَةُ عَقِيدَةٍ؛ بِهَا نَزَلَ القُرْآنُ، وَبِهَا تَشَكَّلَ الوَعْيُ الإِيمَانِيُّ. وَهِيَ لُغَةُ أَدَبٍ صَاغَ الذَّوْقَ وَالخَيَالَ.

- طُوبَى لِقَطَرَ إِذْ جَعَلَتِ العَرَبِيَّةَ ذَاكِرَةً حَيَّةً، وَجَعَلَتِ المُعْجَمَ جِسْرَ زَمَانٍ، وَفَتَحَتْ لِلُّغَةِ بَابَ الغَدِ وَهِيَ ثَابِتَةُ الأَصْلِ، وَاضِحَةُ المَعْنَى.

- إِذَا صِيْنَتِ اللُّغَةُ صَانَتِ الهُوِيَّةَ، وَإِذَا ضَاعَتِ اللُّغَةُ تَشَتَّتَ المَعْنَى

- بِهَذَا المُعْجَمِ تَدْخُلُ العَرَبِيَّةُ عَالَمَ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ لُغَةً كَامِلَةَ الأَهْلِيَّةِ، لَا مُخْتَزَلَةً وَلَا مُشَوَّهَةً

- دوْلَةُ قَطَرَ تَعِي أَنَّ اللُّغَةَ الحَضَارِيَّةَ أَسَاسُ السِّيَادَةِ الثَّقَافِيَّةِ، وَأَنَّ الأُمَمَ الَّتِي تُهْمِلُ لُغَتَهَا تُهْمِلُ ذَاكِرَتَهَا

هذه مقامةٌ كُتِبَتْ حينَ اكْتَمَلَ المُعْجَمُ، وشَهِدَ الزَّمَانُ أنَّ لِلُّغَةِ دَوْلَةً تَحْمِلُهَا، وَلِلدَّوْلَةِ لُغَةً تَحْفَظُهَا.

قالَ الرَّاوِي:

لَمَّا حَضَرْتُ يَوْمَ الخِتَامِ، وَشَهِدْتُ اكْتِمَالَ مَا طَالَ انْتِظَارُهُ، وَسَمِعْتُ الكَلِمَاتِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ صُدُورِ العَارِفِينَ لَا مِنْ أَوْرَاقِ المُتَحَدِّثِينَ، وَتَابَعْتُ الأَفْلَامَ القَصِيرَةَ تَخْتَزِلُ سِنِينَ العَمَلِ فِي دَقَائِقَ مِنَ البَيَانِ؛ أَدْرَكْتُ أَنَّنِي أَمَامَ حَدَثٍ لَا يُحْتَفَلُ بِهِ فَقَطْ، بَلْ يُسْتَأْنَفُ بِهِ. وَكَانَتِ العَرَبِيَّةُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لَا تُكَرَّمُ، بَلْ تُسْتَعَادُ.

وَبَيْنَمَا أُقَلِّبُ مَا سَمِعْتُ بِعَقْلِ البَاحِثِ، وَأَزِنُهُ بِقَلْبِ الحَرِيصِ، إِذْ بِطَارِقٍ يَطْرُقُ بَابَ المَعْنَى قَبْلَ بَابِ المَكَانِ؛ فَإِذَا هُوَ أَبُو زَيْدٍ السَّرُوجِيُّ، قَدِ احْتَفَّ بِهِ السُّؤَالُ، وَتَلَبَّسَهُ العَجَبُ.

قَالَ وَقَدِ اسْتَقَامَ سَجْعُهُ وَانْتَظَمَ قَوْلُهُ:

يَا صَاحِبَ العَرَبِيَّةِ غَيْرَةً وَوَعْيًا، وَيَا شَاهِدَ يَوْمٍ صَارَتْ فِيهِ اللُّغَةُ خَبَرًا كَبِيرًا؛ بَلَغَنِي أَنَّ مُعْجَمَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ التَّارِيخِيَّ قَدِ اكْتَمَلَ، وَأَنَّ قَطَرَ جَمَعَتْ شَتَاتَ القُرُونِ فِي سِفْرٍ وَاحِدٍ؛ فَحَدِّثْنِي: مَا حَقِيقَةُ هَذَا الأَمْرِ؟ وَمَا شَأْنُ هَذَا المُعْجَمِ بَيْنَ مَعَاجِمِ العَرَبِ؟

فَقُلْتُ وَأَنَا أُجِيبُ جَوَابَ مَنْ حَضَرَ فَوَعَى، لَا مَنْ سَمِعَ فَنَقَلَ:

يَا أَبَا زَيْدٍ، إِنَّ الَّذِي اكْتَمَلَ لَيْسَ كِتَابًا يُضَافُ، بَلْ مُدَوَّنَةُ المُفْرَدَةِ العَرَبِيَّةِ؛ مُدَوَّنَتُهَا مِنْ أَوَّلِ نُطْقِهَا عَلَى أَلْسِنَةِ العَرَبِ، إِلَى مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ فِي لُغَتِنَا اليَوْمَ. هُوَ سِجِلٌّ لِلَّفْظِ فِي جَمَالِهِ، وَلِلمَعْنَى فِي تَطَوُّرِهِ، وَلِلسِّيَاقِ فِي تَغَيُّرِهِ؛ يَشْهَدُ انْتِقَالَ الكَلِمَةِ مِنَ البَادِيَةِ إِلَى الحَاضِرَةِ، وَمِنَ الشِّعْرِ إِلَى العِلْمِ، وَمِنَ الفِقْهِ إِلَى الفِكْرِ.

وَهُوَ - يَا أَبَا زَيْدٍ - أَوَّلُ مُعْجَمٍ يَسْعَى إِلَى اسْتِيعَابِ كُلِّ أَلْفَاظِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، لَا يَنْتَقِي دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا يُقْصِي مَا قَلَّ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا يَقْصُرُ نَظَرَهُ عَلَى المَشْهُورِ دُونَ المَهْجُورِ. وَمِنْ حِكْمَتِهِ أَنَّهُ مُعْجَمٌ خَاضِعٌ لِلتَّحْدِيثِ، لِأَنَّ اللُّغَةَ الَّتِي لَا تُحَدَّثُ تَجْمُدُ، وَالَّتِي تَجْمُدُ تَتَخَلَّفُ عَنِ الحَيَاةِ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَمَا الَّذِي يُمَيِّزُهُ عَمَّا سَبَقَهُ؟

فَقُلْتُ:

يُمَيِّزُهُ أَنَّهُ قَامَ عَلَى التَّأْثِيلِ؛ فَلَا يَذْكُرُ اللَّفْظَ إِلَّا بَعْدَ بَحْثٍ فِي أَصْلِهِ، وَتَتَبُّعٍ لِجُذُورِهِ، وَتَحْقِيقٍ فِي مَسَارِهِ الدِّلَالِيِّ، حَتَّى تُوضَعَ الكَلِمَةُ فِي تُرْبَتِهَا الأُولَى، وَتُقْرَأَ قِرَاءَةً جِذْرِيَّةً لَا سَطْحِيَّةً.

قَالَ: وَمَنْ حَمَلَ هَذَا العِبْءَ؟

قُلْتُ:

حَمَلَتْهُ دَوْلَةُ قَطَرَ، وَهْيَ تَعِي أَنَّ اللُّغَةَ الحَضَارِيَّةَ أَسَاسُ السِّيَادَةِ الثَّقَافِيَّةِ، وَأَنَّ الأُمَمَ الَّتِي تُهْمِلُ لُغَتَهَا تُهْمِلُ ذَاكِرَتَهَا. وَقَدْ رَعَاهُ حَضْرَةُ صَاحِبُ السُّمُوِّ الشَّيْخُ تَمِيمُ بْنُ حَمَدٍ آلُ ثَانِي، أَمِيرُ البِلَادِ المُفَدَّى، فَأَحَاطَهُ بِالرُّؤْيَةِ وَالدَّعْمِ، وَوَفَّرَ لَهُ الإِمْكَانَاتِ، حَتَّى خَرَجَ صَرْحًا عِلْمِيًّا مَكِينًا.

وَمِنْ خِلَالِ مَعْهَدِ الدَّوْحَةِ لِلدِّرَاسَاتِ العُلْيَا، الْتَقَتِ الفِكْرَةُ بِالمُؤَسَّسَةِ، وَالعِلْمُ بِالتَّنْظِيمِ، فَاجْتَمَعَ العُلَمَاءُ مِنْ أَقْطَارٍ شَتَّى، وَامْتَدَّ العَمَلُ سِنِينَ، حَتَّى اكْتَمَلَ البُنْيَانُ وَآنَ الحِصَادُ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَمَا مَكَانُهُ فِي عَصْرِ العَقْلِ الصِّنَاعِيِّ؟

فَقُلْتُ:

هُنَا يَا أَبَا زَيْدٍ تَبْدُو عَظَمَةُ الإِنْجَازِ؛ فَهَذَا المُعْجَمُ سَيَكُونُ مَصْدَرًا رَئِيسًا لِإِثْرَاءِ العَقْلِ الصِّنَاعِيِّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ. فَالآلَةُ لَا تَفْهَمُ اللُّغَةَ بِالذَّوْقِ، بَلْ بِالمُدَوَّنَاتِ، وَلَا تُدْرِكُ الفُرُوقَ الدِّلَالِيَّةَ إِلَّا إِذَا عُرِّفَتْ بِالتَّارِيخِ وَالسِّيَاقِ. وَبِهَذَا المُعْجَمِ تَدْخُلُ العَرَبِيَّةُ عَالَمَ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ لُغَةً كَامِلَةَ الأَهْلِيَّةِ، لَا مُخْتَزَلَةً وَلَا مُشَوَّهَةً.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: فَحَدِّثْنِي عَنِ الرُّوحِ بَعْدَ العِلْمِ.

قُلْتُ:

العَرَبِيَّةُ يَا أَبَا زَيْدٍ لُغَةُ عَقِيدَةٍ؛ بِهَا نَزَلَ القُرْآنُ، وَبِهَا تَشَكَّلَ الوَعْيُ الإِيمَانِيُّ. وَهِيَ لُغَةُ أَدَبٍ صَاغَ الذَّوْقَ وَالخَيَالَ، وَلُغَةُ تَارِيخٍ حَفِظَ سِيرَةَ الأُمَّةِ. فَإِذَا صِيْنَتِ اللُّغَةُ صَانَتِ الهُوِيَّةَ، وَإِذَا ضَاعَتِ اللُّغَةُ تَشَتَّتَ المَعْنَى.

فَقَالَ أَبُو زَيْدٍ وَقَدْ أَطْرَقَ:

إِذَنْ هَذَا مُعْجَمُ أُمَّةٍ لَا مُعْجَمُ لُغَةٍ فَحَسْبُ.

قُلْتُ: صَدَقْتَ.

فَقَامَ وَخَتَمَ قَوْلَهُ:

طُوبَى لِقَطَرَ إِذْ جَعَلَتِ العَرَبِيَّةَ ذَاكِرَةً حَيَّةً، وَجَعَلَتِ المُعْجَمَ جِسْرَ زَمَانٍ، وَفَتَحَتْ لِلُّغَةِ بَابَ الغَدِ وَهِيَ ثَابِتَةُ الأَصْلِ، وَاضِحَةُ المَعْنَى.

قَالَ الرَّاوِي:

فَوَدَّعْتُ أَبَا زَيْدٍ، وَقَدْ أَدْرَكْتُ أَنَّ هَذِهِ المَقَامَةَ لَمْ تُكْتَبْ لِلتَّفَاخُرِ، بَلْ لِتُقْرَأَ كُلَّمَا سُئِلَ: مَتَى نَهَضَتِ العربيّةُ من جَديدٍ؟.

 

مساحة إعلانية