رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المحامي عبد الله نويمي الهاجري

إنستغرام: @9999

مساحة إعلانية

مقالات

261

المحامي عبد الله نويمي الهاجري

العقود.. عيوب الرضاء وقابلية الإبطال

29 سبتمبر 2025 , 02:40ص

عند الحديث في إطار القانون المدني عن التعاقد فإن الأمر يتعلق باتفاق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين، مثل الاتفاق على إبرام عقد بيع، أو توكيل محام للدفاع في قضية منظورة أمام المحكمة أو غيرها من التصرفات التي يتطلب نفاذها التعبير عن الإرادة السليمة. ولأجل ذلك ينبغي أن يكون الشخص المقبل على العقد راضيا على جميع شروطه والالتزامات المضمنة فيه وأن يكون رضاه توجهاً إلى إنشاء الالتزام على وجه صحيح دون تدخل أجنبي، أو عيباً شابَ إرادته، لكن قد يحدث أن يتخلل رضاء الشخص عيب من العيوب المنصوص عليها في المواد من 130 إلى 147 من القانون المدني، والتي حددها المشرع في الغلط، التدليس، الإكراه، الاستغلال والغبن. يعتبر الشخص قد وقع في الغلط المعيب للرضاء إذا أخطأ في تقدير حقيقة الشيء وجهل حقيقته وقت إبرام العقد جهالة فاحشة يتعذر التعرف عليها وقتئذ، ويشترط لاعتبار الشخص قد وقع في الغلط إذا كان موضوعه هو الدافع إلى التعاقد، وإذا كان المتعاقد الآخر قد وقع في نفس الغلط بدوره أو كان يسهل عليه تداركه، مثل إبرام شخصين لعقد بيع قطعة أرض وهما معا لا يعلمان أنها موضوع نزع ملكية للمنفعة العامة، ففي هذه الحالة يمكن للمشتري بعد اكتشاف الوضعية الحقيقية للعقار أن يدفع بإبطال العقد لعيب الغلط، لكن شريطة أن يكون البائع بدوره لا يعلم بوجود نزع ملكية العقار، أما إذ كان البائع قد أعلن بذلك ويعلم بالموضوع عند التعاقد فلا يعتبر ذلك غلطا، بل يعتبر تصرفه بمثابة بيع ملك الغير وتطبق بشأنه مقتضيات قانونية أخرى. ويقصد بالتدليس كعيب من عيوب الرضاء استعمال وسائل احتيالية وإيهام الشخص بأمور مزيفة على أنها حقائق من أجل دفعه على التعاقد، مثل قيام شخص بتوكيل شخص آخر لتمثيله أمام القضاء بعد إيهامه بأنه محامٍ ويحق له الترافع أمام المحاكم، ويشترط للتمسك بعيب التدليس أن يكون هو الدافع الوحيد للتعاقد وأن يكون قد صدر من طرف الشخص الآخر أو من ينوب عنه. أما الإكراه فهو بعث الرهبة في نفس الشخص عن طريق التخويف أو استعمال وسائل تهديدية وإجباره على إبرام العقد تحت وطأة ذلك، مثل توقيع امرأة عقدا مع زوجها تتنازل بموجبه على جميع حقوقها بسبب تهديدها بالهروب بالأولاد خارج البلد، ويشترط للتمسك بالإكراه أن يكون قد صدر من المتعاقد الآخر أو من يمثله وأن يكون التهديد غير مشروع مثل التهديد بتلفيق تهم أو بالتعنيف، أما التهديد مثلا باللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحقوق المشروعة فهو لا يعد إكراها لأنه تهديد باستعمال أمر لا يمنعه القانون. ومن عيوب الرضاء أيضا الاستغلال، أي إقدام الشخص على إبرام عقد من خلال استغلال حاجته الملحة لشيء معين أو هواه الجامح أو طيشه البين أو ضعفه الظاهر، مثل توقيع شخص عقد عمل براتب بخس لمجرد حاجته إلى سداد دين حال. والعيب الآخر المنصوص عليه ضمن القانون المدني القطري هو الغبن، ويقصد به العيب الذي طال الرضاء وبسببه لم يحدث تناسبا بين البدلين، مثل بيع قطعة أرض بثمن 100 ألف ريال في حين أن قيمتها حسب سعر السوق مليون ريال، ويشترط في هذه الحالة أن يكون البائع سيء النية وعلى دراية كافية بسعر السوق الحالي. ومن الناحية العملية، فإنه من الصعوبة بمكان التمسك أمام القضاء بطلب الإبطال لوجود عيب من عيوب الرضاء، لأن هذه العيوب تعد من المسائل الجوهرية المرتبطة بالحالة النفسية للشخص عند التعاقد، وهو ما يصعب معه تقديم إثباتات بذلك للمحكمة.

مساحة إعلانية