رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صدرت توقعات جديدة من البيت الاستشاري الأمريكي "بيرا"، وتؤكد على اختلال ميزان الطلب والعرض في سوق النفط بالنسبة لعام 2014 بشكل واضح كما يلي، حيث يرتفع الطلب العالمي على النفط فقط بمقدار 610 آلاف برميل يوميا مقابل الزيادة الطبيعية والتي تفوق مليون برميل يومياً، بينما ارتفعت الإمدادات من خارج الأوبك بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً، منها 1.6 مليون برميل يومياً من الولايات المتحدة الأمريكية، ولعل من الأمور التي تستحق التنبيه عليها أن الزيادة في النفط الأمريكي كان يقابلها خلال السنوات الماضية خفض كبير في إنتاج النفط في أماكن أخرى في العالم وأن هذا لم يعد له تواجد في سوق النفط حاليا بصورته السابقة.
وهذا يعبر عن اختلال في ميزان الطلب بوجود فائض من إمدادات النفط في سوق النفط يقدر بنحو 1 – 1.5 مليون برميل يومياً مع نهاية عام 2014، وهذا الفائض يستمر بضغوطه على الأسعار خلال عام 2015، ومن الصعوبة سحب ذلك الفائض من السوق.
تتفاقم معالم الصورة مع قدوم عام 2015، وتكون أكثر صعوبة في ضوء الفائض من عام 2014، والذي سيكون واضحا في ارتفاع مستويات المخزون النفطي والمحزن النفطي العائم، ثم الزيادة المتوقعة خلال عام 2015 من الطلب العالمي من النفط عند 1.35 مليون برميل يومياً، بينما كانت الزيادة من إمدادات النفط وسوائل الغاز من خارج الأوبك عند 1.26 مليون برميل يومياً، أي هذه الصورة لا تقدم مجالا لأوبك أن ترفع من إنتاجها والذي يقدر بـ30.5 مليون برميل يوميا خلال شهر سبتمبر 2014.
تتوقع بيرا أن أوبك لن تتوصل إلى توافق بخصوص خفض الإنتاج والتزام بما يتناسب مع حاجة السوق لإعادة التوازن، وهذا الأمر يبدو صعبا مع آفاق ارتفاع إنتاج النفط من بعض بلدان الأوبك ومن بينها إيران، والعراق، وليبيا، ورغم ذلك فإن أي اتفاق لخفض في السقف الإنتاجي سيكون له تأثير إيجابي في السوق، خصوصا إذا تبين أن الخفض فعلي لاحقا في سوق النفط من خلال متابعته وتصريحات الزبائن.
ويعتقد "بيرا" أنه حتى عند افتراض خفض بمقدار مليون برميل يوميا خلال عام 2014، فإن السوق تحتاج إلى خفض إضافي بمقدار 1 – 1.5 مليون برميل يوميا من النفط، خصوصا خلال النصف الأول من عام 2015،
تتوقع "بيرا" هبوط أسعار نفط خام برنت لتكون في المتوسط عند 75 دولارا للبرميل خلال الربع الأول من عام 2015، وأنه على وجه العموم بقاء الأسعار عند مستويات ما بين 75 – 85 دولارا للبرميل خلال عام 2015، ربما تكون كفيله بإعادة التوازن في سوق النفط ويشارك هذا الرأي بعض المراقبين.
هناك مخاطر تجعل ربما التوافق بصورة جماعية حول الالتزام بسحوبات من السوق النفطية أمراً صعباً، وهي ذات علاقة بتوقعات أداء الاقتصاد العالمي والتي يعبر عنها تعديل صندوق النقد الدولي لتوقعات النمو، ارتفاع إنتاج النفط الخام في عدد من البلدان المنتجة للنفط، تركز الزيادة في الطلب على النفط في أسواق بعينها، مثل الصين، وعليه فإن هبوط أسعار النفط الخام ربما يكون مطلوباً في وقت تتقلص فيه الزيادة السنوية على النفط إلى معدلات، لا يتناسب مع الزيادة مع إمدادات النفط.
توضح أرقام واردات الصين من النفط الخام الرسمية ارتفاعها من 6.2 مليون برميل يومياً خلال سبتمبر 2013 إلى 6.7 مليون برميل يومياً خلال سبتمبر 2014، أي زيادة مقدارها 500 ألف برميل يومياً، فقد ارتفعت مبيعات الدول الآتية إلى الصين من النفط الخام على الترتيب حسب حجم الزيادة: (1) كولومبيا 310 آلاف برميل يوميا، (2) روسيا 250 ألف برميل يوميا، (3) عمان 142 ألف برميل يوميا، (4) الكويت 112 ألف برميل يوميا، (5) الإمارات 88 ألف برميل يوميا، (6) العراق 46 ألف برميل يوميا، (7) إيران 28 ألف برميل يوميا، بينما شهدت مبيعات السعودية انخفاضا طفيفا.
والشاهد من كل هذا هو ارتفاع وتيرة التنافس والتي تشير إلى فترة تكون فيها مبادرات وشراكات تعزز فرص المحافظة على الزبائن في الأسواق المختلفة.
بلا شك فإن هيكلة أسعار نفط خام برنت، والتي تقوم على أساس ضعف الأسعار الحالية في السوق مقابل المستقبل "الكونتانجو"، تشجع دولا كثيرة ومنها الصين في بناء المخزون مع وفرة في النفط الرخيص وهو ما يعني رفعا في الطلب على النفط.
وفي هذا السياق يتوقع بنك دويتشي، أنه وفي غياب شتاء بارد، وغياب خفض فعلي في إنتاج أوبك، فإن مخاطر استمرار ضعف الأسعار لفترة طويلة حقيقية، ومما يزيد الأمر سوءاً بقاء سعر صرف الدولار قويا مقابل العملات الدولية لسنوات قادمة.
كما يعتقد بنك دويتشي قبول السعودية بقاء أسعار النفط الخام عند مستويات منخفضة ما بين 80 – 90 دولارا للبرميل خلال سنتين على الأقل، لأنه يحقق هدفين، (1) يقلل وتيرة الزيادة في النفط الصخري، (2) يشكل ضغوطا على بلدان الأوبك لقبول توافق والتزام جماعي لخفض الإنتاج من النفط الخام بما يحقق توازن السوق.
يعتقد العديد من المراقبين، ومن بينهم بنك دويتشي، أن احتمالات أوبك في الوصول إلى اتفاق في الاجتماع المقرر في 27 نوفمبر 2017 تتضاءل في ضوء ما يلي، (1) إستراتيجية المحافظة على الأسواق في أوقات التنافس وارتفاع المعروض، (2) تصريحات العديد من الوزراء ومن بينهم الوزير الإيراني، والتي أوضح فيها أنه لا داعي لاجتماع طارئ وأن الضعف الحاصل في سوق النفط يعكس أسبابا موسمية وقوة الدولار الأمريكي، (3) صعوبة التوصل داخل أوبك إلى توافق على حصص جديدة لكل دوله بما يتناسب مع دواعي توازن السوق.
كما أن هناك تطورات ستؤثر على مسار السوق خلال الفترة القادمة ومنها دخول الصين في تحديد أسعار النفط، حيث وقعت شركة شنغهاي للطاقة مع دبي اتفاقا يقضي بالمساعدة في تطوير عقد خاص بتداول النفط الصيني في البورصة، بدء تشغيل عدد من المصافي في منطقة الخليج العربي.
واستجابة للسوق وتنوع جودة النفط العراقي فقد قرر العراق بيع أكثر من نوع للنفط وهذا سيؤثر على التسعير بصفة عامة في أسواق الشرق، التنافس ما بين البلدان المنتجة من خلال تقديم حسومات تعكس في مجملها معطيات السوق وإستراتيجية المحافظة على الأسواق، ويبقى السوق يراقب تحركات السعودية، لأنها أكبر منتج للنفط، ليستلهم مسار الأسعار خلال الفترة القادمة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16554
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7557
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
3810
| 10 نوفمبر 2025