رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تساؤلات كثيرة تستثير المراقب للشأن الفلسطيني، كيف أن حركتي فتح وحماس استطاعتا توقيع اتفاق مصالحة بالأحرف الأولى يوم الأربعاء 26-4-2011 بعد أن ظلّت المصالحة تراوح مكانها سنوات، ويذهب لقاء ويعقد آخر ثم ما يلبث الطرفان أن يعودا للمربع الأول من جديد.
فما الذي استجد بشكل جوهري حتى جعل من الإمكان التوقيع على اتفاق المصالحة بهذه السرعة؟ وهل لهذا الاتفاق أن يصمد طويلاً طالما أن الحديث هو عن مشروعين فلسطينيين متناقضين تماماً لبعضهما البعض، مشروع السلطة الذي آمن بالتفاوض طريقاً وحيداً للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة ونبذ كل أشكال المقاومة، ومشروع آخر آمن بكليته بالمقاومة المسلحة طريقاً للحل ورفض كل أشكال التفاوض.
الاتفاق بالأحرف الأولى شمل خمس نقاط منها دمج قوات الأمن وتشكيل حكومة مؤلفة من شخصيات وطنية على أن يبدأ تنفيذ الاتفاق عقب حفل التوقيع الرسمي المقرر في القاهرة مطلع الشهر المقبل، وقد جاء عقب انهيار محادثات السلام بين السلطة وإسرائيل العام الماضي، الأمر الذي دفع الرئيس الفلسطيني للتهديد بالذهاب إلى الأمم المتحدة من جانب واحد للحصول على تأييدها في سبتمبر المقبل إنشاء دولة مستقلة على جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وقد عزز من هذا الاحتمال تأييد عدد كبير من دول العالم لمثل هذا التوجه ومن بينها دول في الإتحاد الأوروبي.
وبناء عليه فإن السلطة التي خسرت كامل رصيدها في الرهان على التفاوض مع الحكومات الإسرائيلية التي كانت ترفض أن تضع سقفاً زمناً لجولات التفاوض لم تجد أمامها إلا الذهاب إلى الأمم المتحدة لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية.
ومن هنا فإن السلطة تحتاج إلى وحدة الصف الفلسطيني الداخلي حتى تنال هذا الاعتراف الذي يحتاج بدوره إلى دعم عربي وإسلامي تام، وهذا لا يمكن في حال كان الانقسام السياسي الفلسطيني على حاله، فضلاً عن أن السلطة التي لا تربطها علاقات جيدة مع الحكومة الإسرائيلية الحالية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو فإنها على ما يبدو بدأت تتجه إلى استعمال ما لديها من أوراق للضغط على كل من إسرائيل التي حاولت نسف كل ما أنجزته السلطة من تفاهمات مع الحكومات الإسرائيلية السابقة والضغط في ذات الوقت على واشنطن والرئيس أوباما الذي بدا عاجزاً تماماً أمام جموح حكومة نتياهو في تسريع وتيرة الاستيطان الذي يهدد قيام دولة فلسطينية مستقلة.
أما بالنسبة لحركة حماس فإنها بحاجة إلى تخفيف الخناق المفروض على قطاع غزة كما أنها تريد بناء علاقات جديدة مع الحكومة المصرية الجديدة التي بدت أكثر توازناً في التعاطي مع الملف الفلسطيني عما كان عليه نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي كان يمارس ضغوطا على حماس أكثر مما كان يتوقعه الإسرائيلي كي تقبل بشروط رباعي الوساطة الدولي
حماس وفتح اليوم تريدان أن تعطي الحكومة المصرية دفعة أمل في إعادة الإمساك بالورقة الفلسطينية وأنها طرف مرغوب به بل والحاجة إليه ضرورية في إدارة الصراع مع إسرائيل للحصول على دولة فلسطينية مستقلة لاسيَّما وأن مصر وعلى لسان وزير خارجيتها نبيل العربي أكدت أنها راغبة في الدعوة إلى مؤتمر دولي لإطلاق مفاوضات السلام والوصول إلى "حلّ للصراع" وليس إلا "إدارة الصراع" كما كانت تجري المفاوضات السابقة، وهذا الكلام بحد ذاته مفيد لكل من حماس وفتح ومعهما بقية الفصائل الفلسطينية.
كما لا يخفى على أحد تطورات أحداث الثورات العربية وما تلقيه بظلالها على الوضع الفلسطيني وقيادات فصائله الموجودة في عدد من الدول العربية، وهذا يستدعي من كل الأطراف الفلسطينية إعادة نظر في سياساتها ومناهجها بما يتفق مع المرحلة القادمة حتى لا تصبح جزءاً من منظومة طوتها الأحداث وتجاوزتها الثورات العربية، وهذا كما ينطبق على حركة فتح التي كانت تلقى دعماً قوياً من نظام حسني مبارك ينسحب أيضاً على حركة حماس التي هي بحاجة أيضاً لاستثمار التطورات العربية لصالحها.
لكن هل بإمكان هذا الاتفاق أن يستمر؟ الإجابة -على ما أعتقد - صعبة، فالسلطة الفلسطينية التي تعتمد بشكل تام على المعونات الغربية في بناء الدولة المرتقبة هل هي قادرة على مواجهة واشنطن ومعها الإتحاد الأوروبي الذي لا يقبل بحال من الأحوال بحكومة فلسطينية تشارك فيها حماس إذا أصرت على موقفها بعدم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ولم تنبذ المقاومة المسلحة للوصول إلى دولة فلسطينية، ثم هل السلطة قادرة ومستعدة لتحمل احتمالية عودة الاحتلال لكامل الضفة الغربية في حال قررت إسرائيل قلب الطاولة على الجميع؟.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4176
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1605
| 02 ديسمبر 2025