رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صمتت شحرورة لبنان فصدح اسم صباح تغريداً في جميع مواقع التواصل الاجتماعي حيث انتشرت التغريدات من كل حدب وصوب من لبنان والوطن العربي من الشرق والغرب.. الكل يرثي صباح مغرداً باسلوبه.. زعماء لبنان، كبار الفنانين في الوطن العربي، جميع متذوقي هذا الصوت الساحر، الذي ملأ حياتنا فرحاً وطرباً على مدى ثمانية عقود.
صباح ملأت الفن العربي إشراقاً ورحلت فجر يوم ماطر
لا يمكن لأحد اختزال صباح بكلمات وسطور فهي ظاهرة فنية لا تتكرر فقد رحلت عن ثلاثة آلاف أغنية و83 فيلماً و27 مسرحية كما أنها ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم التي غنت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية، وذلك في منتصف سبعينيات القرن العشرين، كما وقفت على مسارح عالمية أخرى، كأرناغري في نيويورك، ودار الأوبرا في سيدني، وقصر الفنون في بلجيكا، وقاعة ألبرت هول بلندن، وكذلك على مسارح لاس فيغاس، وغيرها.
كان من مفارقات القدر، أن تغادرنا صباح يوم ماطر، ليتكامل الصبح في حضورها وغيابها. فقد أدركت أن اللحظة المنتظرة تدنو منها، فاشترطت أن تكون موعداً للفرح، وليس للحزن، هكذا أوصت وطلبت من أقاربها أن يزفوها في رحيلها بالفرح والدبكة. لا أن يبكوها ويذرفوا الدموع، فالتزمت العائلة ونقابة الفنانين اللبنانيين المحترفين بالوصية حيث بدأ النعي بعبارة: "بفرح كبير تعلن نقابة الفنانين رحيل الأسطورة شحرورة لبنان".
أسطورة صباح، تكمن في حجم عطائها الغزير، في الأغاني والسينما والمسرح، وتكمن أيضاً في نجوميتها المميزة التي تجمع بين الحنجرة الذهبية والموهبة الاستعراضية والقدرات التمثيلية.. أمّا سر الأسطورة، فهو أولاً في تفانيها في العطاء لأجل محيطها.
فقد أنفقت الكثير من الأموال لمساعدة أسرتها وأقاربها والعاملين معها، لا بل أنها نموذج في نكران الذات حيث لم تحتفظ لنفسها بأي ثروة ولا حتى بفيلا أو شقة سكنية، لتختم حياتها في شقة فندقية تكفل محبوها بتغطية نفقاتها.
وسر الأسطورة أيضاً في النعمة الربانية التي جعلتها تستعصي طويلاً على الشيخوخة، وظلت تروضها بتلك الطلة الشرقية الباهرة التي بقيت تجذب لها العرسان حتى بعدما تجاوزت الخامسة والسبعين من العمر. لكنها استسلمت لزحف الشيخوخة على مشارف التسعين والتزمت الفراش بانتظار لحظة الرحيل التي استعجلتها الشائعات منذ ثلاث سنوات.
لقد استأثرت صباح بمساحات كبيرة من ذاكرة الفن اللبناني والعربي، وحتى العالمي حيث ارتبط اسمها بالعصر الذهبي للسينما المصرية، وبالعصر الذهبي للمسرح الغنائي اللبناني، ومهرجانات بعلبك فكانت النجمة الشاملة التي تتربع على قلوب الجمهور العربي في الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات.
صباح اعتمدت البساطة في الكلمة والتعبير وغنت بعدة لغات ولهجات لكنها أبدعت في اللهجتين اللبنانية والمصرية وصارت رمزاً من رموز مصر ولبنان. ومثلما غنت في الحب والحياة والمجتمع لم تغب عن الشأن العربي والهم السياسي وشاركت مع كبار المغنين من أبناء جيلها في أوبريت "الوطن الأكبر" من ألحان محمد عبد الوهاب، وبرسالة بعثتها صباح للجيش المصري بعد نصر أكتوبر.
إستحقت صباح صباح تقدير الشعوب العربية مثلما حازت على تقدير الزعماء ونالت أوسمة من ملك الأردن الحسين بن طلال والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، وكذلك الرئيس السنغالي، الشاعر ليوبولد سينغور، كما كرمها الرئيس المصري أنور السادات.
الحديث عن فنانة عملاقة من طراز صباح هو حديث ثقافي بامتياز. ذلك أنها طبعت بفنها مرحلة مهمة من ذاكرة المبدعين العرب حيث أثرت الساحة الشعرية عندما غنت أكثر من ثلاثة آلاف قصيدة بالعامية اللبنانية والعامية المصرية والفصحى لعدد كبير من الشعراء نذكر منهم: الأخوان رحباني، أسعد سابا، أحمد شعيب، وأسعد السبعلي والياس الرحباني وبيرم التونسي وأنور عبد الله وتوفيق بركات وجورج خليل وحسن توفيق ورميو لحود وحسين السيد، وزكي ناصيف وطلال حيدر وعبد الجليل وهبي وزين شعيب وشفيق المغربي وسميرا مسعود وصالح جودت وعبد العزيز سلام وفتحي قورة ومأمون الشناوي ومحمود بيرم التونسي ويونس الابن وموريس عواد وغيرهم.
لقد أثرت الشحرورة الساحة الثقافية بكثرة الأشعار التي غنتها، مثلما أثرت الفلكلور الشعبي اللبناني مما جعلها متجذرة في التراث الشعبي والفن والثقافة. ويندر أن يستعيد اللبنانيون لحظاتهم التراثية بدون حضور صباح سواء عبر صوتها الجبلي الذي يصدح بالميجانا والعتابا وأبو الزلف والمواويل، كما يندر أن يخلو احتفال وطني في لبنان بدون الدبكة على إيقاع أغاني الصبوحة.
صباح توازي في عطائها المطرب الراحل وديع الصافي وكأنهما من أعمدة بعلبك حيث انطلق صوتها عبر حجار القلعة التاريخية ليتردد صداهما في أرجاء العالم ولذلك ليس كثيراً القول بأن صباح أحد أبرز الوجوه التي أطل بها لبنان على العالم وأبهى رموزه الوطنية حتى تكاد تكون أرزة لبنان مثلما هي أيضاً نجمة الفن العربي.
قضايانا المتسارعة تباعاً
السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد
159
| 29 أكتوبر 2025
قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب
في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد
180
| 29 أكتوبر 2025
المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟
منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد
87
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6546
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3144
| 23 أكتوبر 2025