رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رياضة محلية alsharq
د. خالد الخاطر: من لا يحترم قوانيننا في المونديال فليبقَ في بلاده

انتقد الدكتور خالد بن راشد الخاطر- متخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي- الحملة الإعلامية الشعواء التي تشنها بعض الدول الغربية على قطر، بمزاعم حقوق الإنسان والعمال، معتبراً هذه الهجمات الممنهجة، ما هي إلا تعبير عن شعور بفوقية العرق الأوروبي الأبيض وعنصريته وغيرته تجاه كل ما هو عربي وإسلامي. وأوضح د. خالد الخاطر في حوار مع قناتي ARTE الألمانية الفرنسية، وروسيا اليوم، حول تنظيم قطر لبطولة كأس العالم والانتقادات التي توجه لها بشأن حقوق الإنسان والعمال والمثليين، أن الغرب يستخدمون حقوق الإنسان عندما يكون ذلك مناسبا لهم ويحقق أهدافهم ويخدم مصالحهم، ولذلك بطبيعة الحال هم يرحبون جداً بنفطنا وغازنا واستثماراتنا حتى الرياضية منها، ويشجعونها. وقال: من يريد أن يحضر هذه البطولة، فأهلا وسهلا به، طالما احترم قوانيننا وثقافتنا، كما يُراد ويتوقع منا ومن غيرنا من زوار لأوروبا أن نحترم قوانينهم، ومن لا يرغب في ذلك، فليبقى في بلاده ويشاهد المباريات من هناك... وإلى تفاصيل الحوار: عرضت صحيفة فرنسية مؤخرا رسوما كارتونية تظهر أعضاء المنتخب القطري كإرهابيين.. كيف ترى ذلك؟ هل هو مسيء أو عنصري؟ - نعم لقد اتضح لنا أكثر الآن أن معظم تلك الانتقادات، بل الهجمات، على قطر ليس لها علاقة بحقوق الإنسان، ولكنها في الحقيقة تعبر عن شعور بفوقية العرق الأوروبي الأبيض وعنصريته وغيرته، فلماذ لم نسمع على سبيل المثال، مثلها من الدول الأفريقية أو الآسيوية، أو دول أمريكا اللاتينية؟ وقد عبر عن شيء من ذلك مؤخراً أكبر مسؤول في السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إذ قال إن أوروبا حديقة متحضرة، ومعظم بقية العالم أدغال، فقد عبر عن الذهنية الأوروبية، وعقلها الباطني. فهل هذه الرسوم الكاريكاتورية الفرنسية، التي تهاجم قطر بدون سبب ولا وجه حق، وقبلها أيضا مجلة الإيكونوميست، وقبلهم الرسوم المسيئة للمسلمين في أقدس مقدساتهم، النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تعبر عن وجه أوروبا المتحضر المتسامح الذي يتقبل الآخر ولا يحرض على الكراهية والعنصرية والإسلاموفوبيا، ولا يعزز صورة نمطية كاذبة ومضللة. لقد تعودنا على انحطاط من يقوم بهذه الممارسات، من الفرنسيين وغيرهم في أوروبا، وممن يدعمهم ويؤيدهم، بالإساءة للمسلمين كافة في شخص الرسول الأعظم، نفاقا باسم حرية التعبير والرأي وحقوق الإنسان، وهو أول من وضع مبادئ حقوق الإنسان منذ 1400 سنة، وأوضح أن لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود…كلكم لآدم، وآدم من تراب. ودعنا ننظر لبعض سجل أوروبا في حقوق الإنسان. من استعبد شعوب أفريقيا ونهب خيراتها ومواردها الطبيعية وأفقر شعوبها حتى اليوم، وفعل مثل ذلك بالهند، ومعظم شعوب العالم الثالث في آسيا وأمريكا اللاتينية؟! من أباد الهنود الحمر، ومواطني أستراليا الأصليين، وقتل أكثر من مليون جزائري، وأجرى عليهم التجارب النووية؟! كم مات، وكم من أسيء معاملتهم من العمال غير الإنجليز في حفر أنفاق لندن؟!، انظر كيف يعامل كثير من الأوروبيين اللاجئين والعمالة المهاجرة، ويفرقون في التعامل حتى بين مواطنيهم بناء على العرق والدين، ليس في فرنسا فحسب، بل في السويد والدنمارك، وألمانيا وغيرها من دول أوروبا، وألمانيا، من أكثر الدول عنصرية، ويبدو أن لديها إرثا عنصريا ثقيلا منذ فترة النازية، ويبدو أن لديها صعوبة في التخلص منه. لذلك فإن الأوروبيين ليسوا في وضع يؤهلهم لإعطائنا دروسا في حقوق الإنسان. وأختم بالقول من يريد أن يحضر هذه البطولة، فأهلا وسهلا به، طالما احترم قوانيننا وثقافتنا، كما يراد ويتوقع منا ومن غيرنا من زوار لأوروبا أن نحترم قوانينهم، ومن لا يرغب في ذلك، فليبقى في بلاده ويشاهد المباريات من هناك. عنصرية لكل ما هو عربي تعرضت مجلة الإيكونوميست لانتقادات لعرضها مشهدا وُصف بالعنصري، لمرتدي زي عربي تقليدي يحمل قنابل ورصاصا وغيرهما من أدوات عنف.. هل تتخيل أن يكون ذلك الزي والمشهد لأية مجموعة عرقية أخرى غير العربية؟ - للأسف إن مجلة الإيكونوميست لديها سجل عنصري ومتحيز ضد القضايا العربية والإسلامية وقضايا العالم الثالث عموما، وكأنها تتحدث بلسان العرق الأوروبي الأبيض، المتسامي على خلق الله وشعوب الأرض الأخرى، وهذا أمر مستغرب من مجلة علمية متخصصة، يفترض فيها الحيادية والمهنية التي تعزز من مصداقيتها، لا تعزيزها لصورة نمطية متطرفة تحرض على الكراهية وتحط من قيمتها ومستواها. لقد دأب الإعلام الغربي العنصري المتطرف، ومنهم مجلة الإيكونوميست، على إظهار العربي إما كإرهابي يحمل متفجرات وأسلحة، أو كشخص بزي عربي يحمل خرطوما لدى محطة وقود، ومطلوب منه تزويد السيارات بالنزين. هذا هو الدور المطلوب من العربي تماما من وجهة نظرهم، تلبية طلبهم على النفط والطاقة، وبالسعر الذي يرتضونه، فقط. وهذا كان شرط النفط مقابل الحماية القديم. في حين ينتقد الأوروبيون قطر بشأن حقوق الإنسان، فإنهم لا يجدون غضاضة في شراء غازها، ويجدون أنه من الأخلاقي الدخول معها في شراكات معها في الطاقة، فلا توجد هناك مشكلة في ذلك، ولكن عند استضافة كأس العالم، فهناك مشكلة.. كيف تفسر ذلك؟ وهل هو من المعايير المزدوجة؟ - طبعا هذا نفاق، ولأن هؤلاء يعلمون أن هذه الانتقادات- إن صح أن نطلق عليها ذلك - فهي لم تعد انتقادات، بل هجمات، لا أساس لها. وهل تصدق أن الغرب تهمه حقوق الإنسان؟ إن الغرب وأنظمته لا تهمه حقوق الإنسان، ونحن أكثر من يعرف ذلك، فنحن العرب والمسلمين كأمة أكثر من عانى من الغرب في ذلك، سواء كان في فترة الاستعمار، من طغيان وظلم، واستعباد، ونهب ثروات، أو بعدها، بتفرقة عنصرية ومعايير مزدوجة، ودعم الاحتلال الإسرائيلي، والأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية وتثبتها لخدمة مصالحة، فإن حاولت شق عصى الطاعة عليه، استخدم حقوق الإنسان لابتزازها. إن الغرب يستخدمون حقوق الإنسان عندما يكون ذلك مناسبا لهم ويحقق أهدافهم ويخدم مصالحهم، ولذلك بطبيعة الحال هم يرحبون جداً بنفطنا وغازنا واستثماراتنا حتى الرياضية منها، ويشجعونها، فهذا هو الدور المطلوب منا، رغم أن سجلنا في حقوق الإنسان سيئ، ورغم أننا إرهابيون في وجهة نظرهم، وهذا نفاق. إساءة فرنسية رغم الشراكة الاقتصادية خصت قطر شركة توتال الفرنسية العملاقة بمشروع تسييل غاز بثلاثين مليار دولار، كأول شريك أجنبي في يونيو الماضي، ثم بمشروع آخر في سبتمبر بتكلفة 1.5 مليار دولار لزيادة إنتاج الغاز.. بعد كل هذا التعاون المثمر، كيف يسيء الفرنسيون لأعضاء الفريق القطري بتلك الرسوم؟ - تصور لو أن قطر سحبت هذا المشروع من شركة توتال ومنحته لشركة صينية، أو لأية شركة من بلد آخر، هل تعتقد أن تتجرأ هذه الصحيفة أو غيرها على ذلك، أو أن يسمح لها بذلك تحت أية ذريعة؟ هل تريد الحقيقة؟ نحن سمحنا لهم بذلك، عندما تعدوا على أقدس رموزنا الدينية، وهو الرسول الأعظم، سكتنا جميعا كدول، واستمررنا في التعامل التجاري والاقتصادي، وحتى العلاقات السياسية. فاليوم قطر، وغداً السعودية، وبعدها مصر أو الجزائر وهكذا، فلا فرق بين هذا العربي أو ذاك. وعندما يتم التعدي على أقدس مقدساتك، ولا تفعل شيئا، فما بعد ذلك أهون على المعتدي. فلو كانت هناك مواقف حاسمة من الدول العربية والإسلامية، لأن الأمر يعنيها جميعا، كإيقاف التعامل التجاري والاقتصادي، وحرف الاستثمارات ونحو ذلك لما تجرأ أحد، ولأتوا لاسترضائك داخرين، كما يفعل الرئيس الفرنسي الآن مع الرئيس الفنزويلي. هذه هي اللغة التي تفهمها المادية النفعية، لغة المصالح. وإلا فما دخل رسوم تسيء لأقدس مقدسات أمة، وهذه الرسوم الأخيرة بحرية الرأي، وما هي الرسالة التي تريد إيصالها. ربما كان يفترض أن نعاملهم كما يعاملهم الروس، ونحرف بعض نفطنا وغازنا واستثماراتتا، إلى دول وشعوب تكن لنا ولحضارتنا، ولثقافتنا احتراما أكبر. قبل كأس العالم عام 2018، تعرضت روسيا لانتقادات لاذعة من الغرب لموقفها من المثليين.. هل تجد ذلك خطابا غريبا موحداً ضد الدول غير الغربية التي تنظم كأس العالم؟ ولماذا؟ - نعم، لأن الشعور بفوقية العرق الأوروبي الأبيض، هو العامل المشترك، ويدفع نحو محاولة فرض الهيمنة الغربية على شعوب الأرض الأخرى، ليس فقط اقتصادياً وسياسياً، بل حتى ثقافياً، وإن كانت ثقافته لا تتناسب مع ثقافات الشعوب الأخرى، بما فيها من انحرافات وانحلال أخلاقي وشذوذ ورذيلة، وهذا نتيجة الاستعلاء على خلق الله وازدرائهم. محاولات تطبيع المثلية هناك تقارير تفيد بأن قادة بعض الفرق الأوروبية تعتزم ارتداء شعار المثليين على الذراع خلال البطولة.. إن حدث ذلك كيف ستتصرف السلطات القطرية؟ - لا أعلم، ولكن يذكر أن قائد الفريق الإنجليزي أحدهم، وكنت أتمنى لو يركز على لعب كرة القدم وإمتاع جماهيره، عوضاً عن محاولة نشر الشذوذ وتطبيعه، أو على الأقل تنبي قضية أكثر شرعية، كحقوق الإنسان الفلسطيني، الذي سرقت بلاده هو، بلدهم، وأعطته للمحتل الإسرائيلي، فهو ما زال يرزح تحت الاحتلال، ويعاني صنوف الظلم والتمييز والاضطهاد واللاإنسانية حتى يومنا هذا. دور الفيفا للحماية من الاعتداءات هل تعقد أن يتخذ الفيفا إجراءات صارمة ضد ذلك، أم يتجاهلها؟ أتمنى أن يتخذ إجراءات صارمة، ولن أتفاجأ إن تجاهلها. قررت عدد من الدول الأوروبية مقاطعة بث البطولة مع أن فرقها تشارك فيها.. أين المنطق في ذلك؟ وهل تعتقد أن يلتزموا بكلمتهم؟ - طبعا لا يوجد منطق هنا، وهذا مضحك، ففرقهم تشارك في البطولة! وماذا لو تأهلت فرقهم للنهائيات؟ ماذا سيفعلون؟ على الأرجح ألا يلتزموا بذلك، والبطولة ستمضي، وربما يكون ذلك في إطار الدعاية السياسية.

3554

| 15 نوفمبر 2022

محليات alsharq
د. خالد الخاطر: توقعات باتفاق غاز بين قطر وأوروبا

قال الدكتور خالد الخاطر إنه من الممكن الوصول لاتفاق بين قطر والاتحاد الأوروبي حول إمدادات الغاز نظرا لوجود أرضية مشتركة للتعاون بين الطرفين، وأوضح الدكتور الخاطر في مقابلات مع قناة روسيا اليوم حول أزمة الطاقة في أوروبا، وموقف قطر ودول أوبك + منها، تنشر الشرق الحلقة الأولى منها اليوم، إن قطر تواجه طلبا عالميا متناميا على مصدر موثوق للطاقة النظيفة خلال العقدين القادمين، وأوروبا في أمس الحاجة إلى الطاقة، والبدائل أمامها قليلة، وحتى إن لم تقاطع روسيا، فمن الحكمة تنويع مصادر استيرادها وعدم تركزها في جهة واحدة. ولذلك، يقول الدكتور الخاطر، تبقى قطر هي الأوفر حظا بين منافسيها، لأنها الأقل تكلفة عالميا من حيث الإنتاج، وهذا يعطيها مرونة أكبر في تحمل الصدمات والأزمات، وبالتالي يجعلها أيضا أكثر استقرارا واستمرارية، في إمداد العالم بالطاقة. وقد أثبتت قطر أنها ممول موثوق ويعتمد عليه في إمدادات الطاقة، والالتزام بالعقود، في ظل الأزمات، وفيما يلي الحلقة الأولى من الحوار: ما مدى سوء أزمة الطاقة في أوروبا، كيف تقيمون الوضع؟ إنه سيئ. تعلمون أن أوروبا كانت تخطط لخفض وارداتها من الطاقة (النفط والغاز) الروسية بالثلثين مع نهاية هذا العام قبل أن تصل بها إلى صفر بحلول عام 2030، ولكن السيد بوتين اختصر ذلك عليهم في ثلاثة أشهر. فبدأ بخفض الإمدادات تدريجيا منذ شهر يونيو حتى أوقفها تماما مع بدايات سبتمبر، ولم يعد يصل أوروبا سوى %7.5، من أصل %40، من إمدادات الغاز الروسي قبل هذه الأزمة. دول الاتحاد الأوربي تقول ان خزاناتها شبه ممتلئة أكثر من %80)، ولكن لكم ستكفي هذه المخزونات، وماذا بعد نفادها، مع وقف الإمداد من روسيا؟ وأسعار الغاز قد ارتفعت حتى الآن بنسبة %600، عن معدلها االعام الماضي، وهذا يغذي تضخم أسعار الطاقة، ويؤدي إلى انتشاره إلى تضخم عام، يثير استياء الجماهير ويزعزع الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ويسقط الحكومات. وقد تقدمت وكالة الطاقة الدولية بخطة لتعظيم استخدام مصادر الطاقة غير الأحفورية، كالشمسية والهوائية، والعضوية، والنووية، وتطبيق معايير الكفاءة وتوفير الاستهلاك في القطاعيين، العائلي (المنزلي)، والعام. وبحسب الوكالة فإن خطتها ستخفض الاعتماد على الغاز الروسي بالثلث. ثم يمكن العودة للخيارالأسرع، وهو الوقود الأحفوري، النفط والفحم، بإعادة تشغيل محطات الفحم واستخدام ما هو متوفر من بنى تحتية في هذا القطاع، وهذا سيزيد من خفض الاعتماد على الغاز الروسي إلى النصف، ولكنه يأتي بثمن وهو زيادة التلوث، وسيعيد أوروبا للمربع الأول الذي كانت تريد تنجنبة، ولكن يبدو أن لا مناص منه في ظل أزمة خانقة في الأجل القصير، ويظل هناك نقص كبير في إمدادات الطاقة في أوروبا. أما مصادر الاستيراد البديلة، فهي محدودة. النرويج يمكنها زيادة الإنتاج لتعويض 30 مليار مترمكعب (م م م) من الغاز الروسي، و لكن ذلك سينخفض مع تأخير أعمال الصيانة. هناك خط إمداد من أذربيحان ولكنه محدود، وآخر من الجزائر، ولكن إنتاج آبارها في انخفاض، واستهلاكها في ازدياد. أما أمريكا، فقد وقع انفجار في تكساس، وخفض إنتاج البلاد بالخمس، ولكن الإشكالية هي في نقص محطات تصدير الغاز المسال من أمريكا، ونقص محطات استقباله وإعادته إلى غاز في أوروبا، وأيضا شبكة أنابيب لإعادة توزيعه من دول الساحل إلى داخل القارة، فأوروبا تفتقر لهذه البنى التحتية. وبالتالي نفس الإشكالية تنطبق على إمكانية تصدير الغاز المسال من منتجين آخرين، ككندا وأستراليا، وقطر، لعدم توفر البنى التحتية لاستقباله في أوروبا. وقطر أساسا لا يمكنها فعل شيء لأوروبا في الأجل القصير. هل تعتقد أنه بإمكان الاتحاد الأوربي عقد صفقة مع قطر؟ من الممكن الوصول لاتفاق بين الطرفين، ولعل شيئا من ذلك يحدث عاجلا أم آجلا. فهناك أرضية مشتركة للتعاون بين الطرفين، كما ذكرنا، قطر تواجه طلبا عالميا متناميا على مصدر موثوق للطاقة النظيفة خلال العقدين القادمين، ويجب أن تستغل الفرصة لتعظم الاستفادة من ذلك لدعم التحول إلى اقتصاد أكثر تنوعاً، وبعيدا عن القطاع الهيدروكربوني وصادماته وتقلبات أسعاره، وأوروبا في أمس الحاجة إلى الطاقة، وتريد مقاطعة جارتها روسيا صاحبة أكبر احتياطي وأكبر مصدر للغاز عالميا، والبدائل أمامها قليل، وحتى إن لم تقاطع روسيا، فمن الحكمة تنويع مصادر استيرادها وعدم تركزها في جهة واحدة. ومن وجة نظري، تبقى قطر هي الأوفر حظا بين منافسيها، لأنها الأقل تكلفة عالميا من حيث الإنتاج، وهذا يعطيها مرونة أكبر في تحمل الصدمات والأزمات، وبالتالي يجعلها أيضا أكثر استقرارا واستمرارية، في إمداد العالم بالطاقة. وقد أثبتت قطر أنها ممول موثوق ويعتمد عليه في إمدادات الطاقة، والالتزام بالعقود، في ظل الأزمات، وقد ثبت ذلك حتى وهي في ذروة خلافها مع أبوظبي، وقد كان يمكنها خلاف ذلك. هل تعتقد أن يزداد الوضع سوءا، وهل بإمكان الاتحاد الأوروبي العثور على موردي الغاز في أي وقت قريب؟ هو سيئ الآن على أية حال، وسيزداد سوءا في حال نفاد المخزونات قبل نجاح الخطط البديلة، من تحول إلى وقود غير احفوري، وإيجاد بدائل للغاز الروسي، وهو ما سيحدث على الأرجح، وبالتالي سيستمر ذلك في تغذية تضخم أسعار الطاقة، وسيواصل انتشاره في أوصال الاقتصاد كتضخم عام، وسيثير ذلك سخط الجماهير، وغيره من تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية. فمن غير المعلوم كم ستستغرق من الوقت وبكم ستسهم هذه الخطط البديلة في حل أزمة الطاقة في أوروبا، ولكن من المؤكد أن يظل هناك نقص كبير في إمدادت الطاقة في أوروبا لفترة ليست بالقصيرة، ولا حلول ناجعة في الأجل القصير. إذن هل الأسوأ قادم؟ إذا لم تضع الحرب أوزارها في الأجل المنظور، ويتوصل لحلول سياسية، فانتظر الأسوأ على كل الأصعدة. فقد كان واضحاً منذ بداية هذا الصراع، أنه كلما اشتد الخناق على روسيا، اقتصاديا أو عسكريا، كان بوتين يلجأ لمحاولة ابتزاز الغرب، بالطاقة، وتارة بالنووي. بالنسبة للأول، قام بخفضه تدريجيا حتى أوقفه تماماً، أما الثاني، فهو يلوح به بين حين وآخر، ابتدأ برفع حالة الاستعداد أو الردع الإستراتيجي، ثم ينشر صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية على تخوم الاتحاد الأوربي، ثم بالتهديد باستخدام أسلحة نووية، وإن كان بمحاولة إيجاد مبررات، ثم باتهام أوكرانيا بالأعداد لاستخدام قنبلة قذرة، وأخيراً، التصريح الروسي بأن الغرب يدفع نحو حرب عالمية، وانتصار روسيا الكامل ضمان ضد الصراع العالمي، وما يفهم من هذا هو إما تتركوني أنتصر، أو عليكم مواجهة حرب عالمية، وستكون نووية بطبيعة الحال. فبالنسبة لروسيا، إن لم تحقق أهدافها في معركة قصيرة الأجل، فهي الخاسرة ولن تكسبها في الأجل الطويل، لأنها ستؤدي إلى استنزافها وإنهاك اقتصادها الهش، ولعل القادة الروس يدركون ذلك. لذلك هم يريدون وقف الحرب الآن بما حققوه من مكاسب على الأرض. ما نشهده منذ فترة هو معركة كسر عظم. فإذا كانت أوروبا تحاول خنق روسيا الآن بالعقوبات الاقتصادية، وخفض واردات الطاقة منها تدريجيا على المدى المتوسط إلى الطويل، فرد روسيا المناسب هو قطع الطريق على أوروبا الآن وخنقها في الأجل القصير وهي تحاول رفع طاقاتها التخزينية استعدادا لشتاء قارس، وذلك لإحداث أكبر أثر أو صدمة ممكنة للضغط على أوروبا، لعل ذلك يحدث صدعا في موقفها الذي لا يزال متماسكا حيال حرب روسيا على أوكرانيا، وهو ما كان يحدث منذ فترة، حتى تراجُع القوات الروسية في بعض الجبهات. فمع طول أمد الحرب، وتدفق كم هائل من أسلحة الغرب المتطورة على أوكرانيا، يُخشى أن يضع ذلك بوتين، الذي لن يتقبل الهزيمة، في زاوية حرجة ومهينة، تدفعه لاستخدام أسلحة غير تقليدية، درءا لهزيمة أو حفظاً لماء وجه أو تحقيقاً لنصر حاسم، أو لكل ذلك معا. وقد فعلت أمريكا ذلك بإلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان في الحرب العالمية الثانية، مما أجبرها على الاستسلام. ولتكون التهديدات ذات مصداقية، وكما تفيدنا نظرية اللعبة game theory، فلابد لبوتين من الإقدام على فعل ما ليبرهن على جديته، من خلال إظهارأو محاولة استخدام، وإن كان محدودا، لأسلحة غير تقليدية، وخلق ظرف مناسب لتبرير ذلك، كحجة الدفاع عن الأراضي الروسية أو أمنها القومي، وهو ما يحدث باتهام روسيا لأوكرانيا بالإعداد لاستخدام قنبلة إشعاعية، وحذرت حلفاء كييف من تبعات ذلك، وهذا أكبر ابتزاز من نوعة حتى الآن، فهو تهديد روسي مبطن باستخدام أسلحة غير تقليدية في محاولة، لتحقيق ما تعجز عن تحقيقه عسكريا. فقد عودنا الروس على أنهم إذا فعلوا أو أرادوا فعل شيء، اتهموا الطرف الآخر بفعله، ليفعلوه هم. وعندما استخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، اتهمت روسيا المعارضة بذلك، مع ان المعارضة لا تملك تلك الأسلحة. فمن غير المنطقي أن تستفز أوكرانيا، روسيا وهي صاحبة إحدى أكبر الترسانات النووية في العالم، بحرب غير تقليدية. فالنصر أقرب لأوكرانيا طالما بقيت الحرب تقليدية. كيف تبرر موقف قطر وأوبك+ من أزمة الطاقة في أوروبا، وهل ترى ذلك عدلاً؟ كما ذكر لي أستاذي يوماً، أن العدالة مسألة نسبية، فما أراه عدلا، قد لا تراه أنت كذلك. مثلا، نحن نرى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ليس عدلاً، كما يرى الغرب، أن الغزو الروسي لأوكرانيا ليس عدلاً، في حين هم يدعمون الأول ويدينون الثاني بشدة، ويدعمون أوكرانيا موحدة ومستقلة، كما غزت أمريكا وبريطانيا، العراق ودمرا ذلك البلد بذرائع مزيفة. وفي هذا تناقض، ومعايير مزدوجة. ومن معايير الغرب الأوروبي المزدوجة أيضا، أنه سكت عن تدمير روسيا لسوريا وقتل شعبها بالبراميل المتفجرة، وظل يمول ذلك بمشترياته من الطاقة الروسية دون اكتراث، وعندما فعلت روسيا شيئا من ذلك في أوكرانيا، تم تطبيق اقسى العقوبات الاقتصادية عليها، ودعمت أوكرانيا، عسكريا واقتصاديا، وسياسيا، مع الفارق بين القضيتين، فالشعب السوري يناضل من أجل قضية مبدئية عادلة، وهي الحرية والتخلص من الدكتاتورية، بينما أوكرانيا، تخل باتفاق سابق وتسعى لجلب النيتو لتخوم روسيا. وأوروبا تشرب الآن من نفس الكأس.

1668

| 07 نوفمبر 2022

عربي ودولي alsharq
د. خالد الخاطر: الخليج بحاجة إلى بناء اقتصادات أكثر تنوعاً

تحت عنوان نموذج النمو الريعي: الآثار الديمغرافية والاقتصادية على دول الخليج نظّمت إدارة الاتصال والعلاقات الخارجية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، الثلاثاء، محاضرة عبر تقنية الاتصال المرئي، ألقاها الدكتور خالد بن راشد الخاطر، باحث في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، وأدارها الدكتور عمرو رجب، أستاذ مساعد ورئيس برنامج ماجستير اقتصادات التنمية في معهد الدوحة للدراسات العليا. وخلال محاضرته، تطرّق الدكتور الخاطر إلى الإشكاليات المصاحبة لعملية التنمية في دول الخليج في ظل الأزمات، ومصدرها الأساسي المتمثل -حسب رأيه- في نموذج النمو الذي تبنته دول مجلس التعاون الخليجي منذ اكتشاف النفط، مشيرا في هذا السياق إلى خصائص النموذج ومخرجاته، ومقدما بعض الاقتراحات لبناء اقتصادات أكثر تنوعا. وقدّم الخاطر تحليلا معمقا حول تميّز اقتصادات النموذج الريعي بخصائص عدة تتمثل في صغرها وانفتاحها على العالم الخارجي، وضيق قاعدتها الإنتاجية وعدم تنوعها بسبب الاعتماد على النفط، إضافة إلى أن آلية الإنفاق الحكومي هي المحرك الأساسي للنمو، سواءً من خلال تحويل عوائد القطاع الهيدروكربوني والإنفاق الجاري على الأجور في القطاع العام، أو الإنفاق الرأسمالي على مشاريع البنى التحتية والمشاريع العامة، وغيرها من الخصائص، لافتًا إلى أسباب فشل التنويع الاقتصادي. وأكدّ المختص في مجال السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، إلى أن هناك نموا اقتصاديا قويا موافقا للدورة النفطية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، مشددا على ضرورة إصلاح مصادر الطلب على بناء رأس المال البشري، علاوة على الإصلاح على مستوى القاعدة، والفصل بين إعادة توزيع الريع على المواطنين وبين الوظيفة العامة، وكذلك إصلاح القطاع الخاص، وأخذ عملية التنمية على عدّة مراحل. وشهدت المحاضرة مداخلات مهمّة حول حالة الانكماش الاقتصادي، والانفجار السكّاني في منطقة الخليج خلال السنوات الماضية، وتوافق السياسات المالية والنقدية مع الدورة المالية، والتنوع الاقتصادي.

2383

| 18 فبراير 2021