رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات alsharq
القره داغي: العالم الغربي يتعامل بازدواجية تجاه ما يحدث في تركيا

قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، محي الدين القره داغي، إن "السياسة الغربية قائمة على الميكافيلية والازدواجية في المعايير خاصة تجاه ما يحدث في تركيا"، مشيرا إلى أن الانقلابات على السلطات الشرعية حرام شرعًا. وأضاف القره داغي في مقابلة مع الأناضول، أن "هذه السياسة (الغربية) تعانى ازدواجية، وأصحاب هذه السياسات لا يخجلون من أنفسهم.. ألمانيا على سبيل المثال انتقدت تركيا على إعلان حالة الطوارئ وهي اتخذت الإجراء نفسها بعد الاعتداءات الحاصلة في ميونيخ (قبل أيام)". وأشار القره داغي، إلى أن "المجتمع الدولي لم يقف موقفًا مشرفًا تجاه ما يحدث في تركيا وأن معظم الدول لم تكن على المستوى المطلوب لأنهم لم يقفوا مع الحق". وأكمل حديثه قائلا: "هذا انقلاب واضح جدًا متكامل الأركان والشروط، وهو ضد السلطة المنتخبة انتخابًا نزيهًا لم يعترض عليه أحد، وكان من الواجب ديمقراطيًا وإنسانيًا أن يقفوا مع الشرعية لكنهم لم يفعلوا". وفيما يتعلق بدور المؤسسات الدينية في تركيا، أشاد القره داغي بالدور الذي لعبته هيئة الشؤون الدينية التركية في التصدي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، موضحا أن "الشؤون الدينية (التركية) نشطت نشاطًا كبيرًا جدًا، ونشّط العلماء والخطباء والمنتسبين في أن يحركوا الجوامع لتوعية الجمهور". وأضاف: "ساعدت هذه الحركة (حركة الشؤون الدينية) على تجميع الناس وحثهم على الخروج إلى الشوارع وأوصلت الجوامع الرسالة التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالخروج لحماية الدولة على أكمل وجه". واستدرك القره داغي: "بعض المؤسسات الدينية في عالمنا الإسلامي تخضع للحكومات ويُختار لها أشخاص بمعايير محددة، وبالتالي ينعكس ذلك على مواقفها تجاه الأحداث السياسية، والمثال الأبرز هو الأزهر الشريف في مصر ودار الإفتاء المصرية اللذان انحازا إلى الانقلاب العسكري (في 3 يوليو 2013) حيث وقفا مع الباطل ولم ينحازا إلى الحكم الشرعي للبلاد". ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الأزهر أو دار الإفتاء المصرية حول ما جاء على لسان الأمين العام للاتحاد. وعن موقف الاتحاد العالمي الداعم للحراك الشعبي التركي ضد محاولة الانقلاب الفاشلة، قال القرة داغي: "العسكر ليس مهمتهم أن يحكموا وأن ينقلبوا على الحكم، مهمتهم الأساسية هي حماية الحدود وحماية أمن الدولة، ولذلك موقف الاتحاد كان واضحًا منذ اللحظة الأولى، الانقلابات على السلطات الشرعية حرام شرعًا وتسعى إلى البغي والعدوان". وعن زيارته قبل أيام إلى إسطنبول، أشار القره داعي إلى أن "موقف الحكومة التركية من قضايا المسلمين في فلسطين وميانمار والصومال واليمن كان موقفًا مشرفًا وداعمًا للمظلومين بكل قوة، وكان لابد من مقابلة الإحسان بإحسان مثله، ولذلك حرص ممثلو الاتحاد أن يكونوا في مقدمة الداعمين لشرعية الحكومة التركية لأن العلماء هم قلب الأمة النابض". وقال: "أتيت خصيصًا إلى تركيا لأحضر جنازة الشهداء (شهداء محاولة الانقلاب) وأصلي عليهم ولنزفهم إلى مثواهم الأخير.. تركيا نصرت المظلومين والمستضعفين، ودفعت ثمنًا كبيرًا نتيجة إيمانها وقيم العدالة والإنسانية، والتكاتف مع المستعفين ومناصرة قضاياهم، ولا تزال تدفع هذا الثمن ولذلك لن يضيعهم الله عز وجل".

435

| 27 يوليو 2016

محليات alsharq
"اتحاد العلماء": الانقلاب على إرادة الشعب التركي حرام

قال "الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين" إن الإنقلاب (الفاشل) الذي شهدته تركيا ومحاولة الإنقضاض على إرادة الشعب التركي حرام شرعاً، إذ إن فرض الاستبداد على الشعوب بقوة السلاح محرم وفقاً للنصوص الآتية فى القرآن الكريم و السنة النبوية. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مجموعة من علماء الأمة الإسلامية، اليوم، فى مسجد الفاتح بمدينة إسطنبول، مؤكدين أن "الإتحاد يحرم ما جرى في تركيا، كما حرم المحاولة الإنقلابية فى مصر واليمن". وجاء في البيان الذي تلاه الأمين العام للإتحاد، علي محي الدين القرة داغي، "تابع العلماء مع شرفاء العالم الحر ما يجري فى تركيا لتنفيذ مؤامرة عليها وعلى للأمة الإسلامية لكن الله سلم ورد المجرمين بغيظهم لم ينالوا خيراً". وأضاف، "يتوجه العلماء إلى الحكومة التركية والشعب التركى وإلى الشرفاء العالم بالتهنئة بهذا النصر المتمثل بالقضاء على هذه المؤامرة الكبيرة " مثمناً " دور الأحزاب التركية و رباطة جأش الحكومة التركية لإفشال هذه المؤامرة و كل المؤسسات للحفاظ على الشرعية". وأشاد القره داغي بدور المساجد الذى كان بارز جداً فى مواجهة الإنقلاب العسكري، موجهاً تحية لرئاسة الشؤون الدينية التركية التى أعادت دور المساجد في دعمها للشعب لمواجهة التحديات. ودعا البيان الشعب التركي إلى رفض أى صوت يدعو للتحالف مع الانقلاب، لأن هذا محرم شرعاً حتى لو ادعى أصحاب هذه الأصوات الاسلام (وفقاً للبيان). واستنكر العلماء ما أسموه بالازدواجية من بعض الدول تجاه ما يحدث فى تركيا، إذ غضت الطرف عن المحاولة الإنقلابية، وأدانت تحركات الحكومة التركية على ممارساتها الطبيعية في التصدي لللانقلابيين. من جهة اخرى، قال جاسم سلطان المفكر القطري "إن ما حدث من محاولة انقلابية فاشلة في تركيا سوف يساهم في تعطيل ماكينة القوى المعادية لأنقرة لفترة من الزمن؛ يعيدون فيها حساباتهم بعد هذه الصدمة"، لافتاً إلى أن تركيا "تنتقل رسمياً من الهيمنة العسكرية إلى الديموقراطية الحقيقية". وتوقع سلطان في حوار مع "الأناضول" أن "تعود تركيا للمشهد الإقليمي، بعد ترتيب بيتها، وهي أكثر قوة وحكمة"، مضيفا أنها "بدأت سياسة جيدة، مع رئيس وزرائها الجديد(بن علي يلدرم)، وستواصلها حتى تحقق النتائج المرجوة منها". ومن بيان النتائج الأخرى التي أفرزها فشل الانقلاب، أشار سلطان إلى "النموذج الأخلاقي، الذي قدمه الشعب التركي، في حماية ديموقراطيته، وفي وعيه بمستقبله". وأوضح المفكر القطري "أن لدى أنقرة ثلاثة مستويات ستحكم المسار الاستراتيجي لها في المرحلة المقبلة؛ الأول: كيفية إدارة ملف ترتيب مؤسسات الدولة (برلمان، جيش، وزارات، أحزاب، دستور) على أسس جديدة. والثاني: هو كيفية إخراج ملف، الموقوفين من الانقلابين، بصورة تخدم صورة تركيا المستقبل، وترتقي للمستوى الأخلاقي لقيادتها. أما المستوى الثالث، فهو إدارة ملف العلاقات الإقليمية والدولية، بشكل يخدم مصالح البلاد، بتقليل الخصوم وزيادة الأصدقاء". جاسم سلطان، اعتبر أن الانقلاب الفاشل "شهادة عبور تركيا من دول العالم الثالث، بنظمها العسكرية المهيمنة، إلى الدول الديموقراطية التي تحتكم لإرادة الشعوب؛ وشهادة بنجاح مجتمعها في هذا الاختبار الكبير، وأثبت جدارته كشعب متحضّر، يعرف مصالحه ويدافع عنها، وأي قوة لن تستطيع إرجاعه إلى الوراء". وأكد المفكر أن "البلاد تسير في طريق تطورها الطبيعي، من حيث نظامها السياسي، والاجتماعي، والثقافي، وتوجد في منطقة وسط، بين معانقة طموحها، بأن تصبح من أعظم دول أوروبا، والجسر الواصل بين الشرق والغرب، وبين قيود الماضي الثقافي، الذي ساد مرحلة ما قبل القرن الجديد". وحول الموقف الغربي والإقليمي، أوضح سلطان "أنه ليس متوقعا منه غير ما قام به"، مضيفا "أن الدول لا تتصرف في سياساتها على أنها جمعيات خيرية، بل وفق مصالح تستخدم في تحقيقها كل أدوات القوة الناعمة والصلبة، ولا يسلم منها أحد، والسبيل الوحيد لمواجهتها يكمن في ثلاثة أمور؛ معرفة طبيعتها، والاستعداد الأقصى، هو الطريق لتقليل مخاطرها، والتوازن في ردود الأفعال حيالها".

552

| 21 يوليو 2016

محليات alsharq
"علماء المسلمين" يطالب السلطة في كشمير بعدم استهداف المواطنين

ارتفاع قتلى مظاهرات الكشمير و"الاتحاد" يستنكر قمع حريات الأبرياء استنكر الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محيي الدين القره داغي ما يتعرض له المسلمين بإقليم "جامو وكشمير" شمالي الهند من قمع واعتداء على أيدي القوات الأمنية الهندية منذ بداية الاحتجاجات التي شهدها الإقليم منذ الأحد الماضي. وأكد القره داغي على حرمة الدماء البريئة المطالبة بحقها في الحياة والحرية والعيش الكريمة واستهدافهم بالسجن والاصابة وكبت حرياتهم. وندد بحالة الصمت التي يعيشها المجتمع الدولي تجاه المسلمين في شتى البلدان من بينها كشمير، والتي تعاني من منذ سنوات طويلة من الاعتداءات على الكشميريين في الجزء التابع للهند والمتنازع عليه مع باكستان. وطالب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السلطات في كشمير بالتوقف عن استهداف المواطنين وقمع حرياتهم داعياً الجميع الى تقديم المصلحة العامة للبلاد، وإيجاد حلول للأزمات التي تمر بها كشمير وتوصلها الى بر الأمان والاستقرار، والتفرغ للبناء والتعمير و ارساخ الأمن والأمان في البلاد. وجاءت هذه المظاهرات والاحتجاجات عقب مقتل قيادي بتنظيم "حزب المجاهدين" يدعى "برهان واني" ما أدى الى مقتل أكثر 30 متظاهراً وإصابة المئات، حسبما ذكرت وسائل اعلامية. ووصل الأمر إلى استهداف النساء بالاعتداء وضربهن كما أظهرتها صوراً نشرها عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والكاتب الباكستاني عبدالعزيز غفار على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر .@AGAZIZ1

493

| 14 يوليو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: الشريعة جمعت بين الثوابت التي لا تقبل التغير

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :التاسعة والعشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ، أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة التاسعة والعشرون: الأمة الإسلامية اليوم هي أحوج ما تكون إلى البحث عن المشتركات فيما بينها ، وهي كثيرة جداً ، فجميع المذاهب والطوائف الإسلامية تشترك في أصول العقيدة من الإيمان وأركانه الأساسية من "الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى"، والأركان الخمسة للإسلام من (الشهادتين ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج) وفي التوجه إلى قبلة واحدة ، وإلى اعتماد مصحف واحد دون الخلاف عليه ، وفي العدو المشترك والمصالح المشتركة ، حيث إنهم جميعاً يتفقون على أن الصهيونية والصليبية والعلمانية والإلحاد والتحلل الجنسي أشد أعدائهم ، وأنهم يعتبرون قضايا الأمة الرئيسية (كفلسطين والقدس) القضية التي هم جميعاً مستعدون للتضحية في سبيلها ، وأنهم جميعاً يعرفون حق المعرفة أن أعداءهم لا يفرقون فيما بينهم ، وهذا هو التقرير الأخير الصادر من معهد راند الاستراتيجي الذي له دور كبير في صياغة القرار الأمريكي ، ينص على أن جميع المسلمين (التقليديين ، والأصوليين ، والليبراليين ، والصوفية ، والشيعة والسنة....) لا يعتمد عليهم ، ولا ينبغي للسياسة الأمريكية أن تتحالف معهم إلاّ تكتيكاً للقضاء من خلالهم على جماعة أخطر ، فقد جعلهم كلهم في سلة واحدة ، ثم اقترح إسلاماً جديداً سماه الإسلام الديمقراطي المدني الذي يقبل بجميع القيم الغربية وضرب المثل لهذا الإسلام الجديد بأفكار مصطفى كمال اتاتورك الذي فرض العلمانية الإلحادية ، وحارب الإسلام ، ومنع الأذان باللغة العربية ، وأعدم كثيراً من الدعاة أو حاكمهم . هذا هو الإسلام الذي يقبله المشروع الصهيوني ، واليمين الأمريكي المتصهين . أو ما تكفي كل هذه المشتركات بين المسلمين جميعاً ؟ او ما تجمعهم الشدائد والمخاطر والأعداء الكثيرون الذين تداعوا على هذه الأمة كما تداعت الأكلة على قصعتها ؟ . علاج الأمة في الالتفاف حول الثوابت وقبول الاجتهادات المخالفة في المتغيرات : فقد جاءت نصوص الشريعة مركزة في نصوصها القطعية على الأسس والأركان التي يبنى عليها هذا الدين ، وتوضيح العقيدة الصحيحة ، والقيم والأخلاق الراقية ، وأسس المعاملات والتعامل مع الناس جميعاً تاركة التفاصيل في معظم الأشياء للأدلة الظنية ، أو للاجتهادات الإنسانية في ظل المبادئ العامة والقواعد الكلية . وبذلك جمعت الشريعة بين الثوابت التي لا تقبل التغير (أي بمثابة الهيكل العظمي للإنسان ) ، والمتغيرات التي تشبه أحوال الإنسان العادية القابلة للتغير وبذلك انسجمت الشريعة التي أرسلها للإنسان مع الإنسان الذي نزلت عليه : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ). فالإنسان ثابت في حقيقته وجوهره وأصل عقله وروحه ونفسه ومكوناته وضرورياته وحاجاته العامة إلى المأكل والملبس والمشرب ( وإن كانت النوعيات مختلفة لكن الأصل العام لم يتغير منذ خلق الإنسان إلى يومنا هذا ) ، ولكن الإنسان متغير في معارفه ، وفي إمكاناته للتسخير وعلومه ، وفي أنواع ملابسه ومشاربه ومآكله ومساكنه. وبهذه الصفة العظيمة الجامعة بين الاستفادة من النقل والعقل ، وبين الثوابت والمتغيرات يجتمع في الإنسان خير الدنيا والآخرة ، ويتحقق له التآلف والمحبة والتقارب الحقيقي ، لأننا حينئذٍ نتعاون ونتحد فيما أجمعنا عليه من الثوابت ، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه ، لأنه من المتغيرات الاجتهادية التي تقبل أكثر من رأي . فالمقصود بالثوابت هنا الأحكام الإسلامية التي ثبتت بأدلة قطعية الدلالة والثبوت أو بالإجماع الصحيح الثابت الذي مضت عليه الأمة في قرونها الثلاثة الأُوَل . وعلى ضوء ذلك فالثوابت تشمل أركان الإيمان الستة ( الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره من الله تعالى ) ، وأركان الإسلام الخمسة ( الشهادة والصلوات الخمس ، والزكاة والصوم والحج لمن استطاع إليه سبيلا ) ، وتشمل كذلك القيم والأخلاق الثابتة ، والأحكام الأسس العامة لأحكام الأسرة في الإسلام ، والأحكام والمبادئ العامة للمعاملات والجهاد ، والعلاقات الدولية ، والقضاء ونحو ذلك ، والخلاصة أن كل حكم من أحكام الإسلام في جميع مجالات الحياة إذا ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة أو بإجماع الأمة إجماعاً صحيحاً قائماً على الدليل وليس العُرف فهو من الثوابت التي يجب الالتزام بها ، وعدم التهاون في حقها ، إلا ما هو من قبيل الضرورات التي تبيح المحظورات . وأما المتغيرات فالمقصود بها هنا هي الأحكام التي تثبت بدليل ظني ( سواء أكانت الظنية في دلالة النص وثبوته ، أم في أحدهما ) أو باجتهاد قائم على القياس أو المصالح المرسلة ، أو العرف ، أو مقاصد الشريعة أو نحو ذلك . فنطاق المتغيرات في الفتاوى والأحكام الفقهية الظنية واسع جداً وهو يشمل كل الاجتهادات الفقهية السابقة، إضافة إلى منطقة العفو التي تقبل التغييرات بشكل واضح حسب الاجتهادات الفقهية . يقول إمام الحرمين : (إن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد ، ولا تفي النصوص بعشر معشارها). وذلك لأن الاجتهادات الفقهية السابقة لفقهائنا الكرام ـ ما دامت ليست محل إجماع ـ تقبل إعادة النظر، بل ينبغي إعادة النظر فيها وغربلتها بكل تقدير واحترام من خلال الاجتهاد الانتقائي، والترجيح فيما بينها للوصول إلى ما هو الراجح، ثم تنزيله على قضايا العصر بكل دقة ووضوح . بل يمكن إعادة النظر في فهم هذه النصوص الظنية مرة أخرى على ضوء قواعد اللغة العربية وأصول الفقه ، والسياق واللحاق وحينئذٍ يمكن الوصول إلى معان جديدة وأحكام جديدة لم ينتبه إليها السابقون ، أو لم يخترها الجمهور ، بل ذكرها قلة قليلة من السابقين . وأما منطقة العفو فيكون الاجتهاد فيها اجتهاداً انشائياً لابد من توافر شروط الاجتهاد وضوابط من يتصدى له . الثبات والتغير أو التطور عند السلف وأثر ذلك على الوحدة : المقصود بالسلف هم أهل القرون الثلاثة الأولى من عمر هذه الأمة الإسلامية ؛ اعتماداً على حديث عبدالله بن مسعود في الصحيحين : (خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم....) وقد بيّن العلماء أن الخيرية تعود إلى القرب من ينبوع النبوة وتربية الرسول صلى الله عليه وسلم ، والصفاء والنقاء ، فالسلف ليس مذهباً معيناً ، ولا حكراً على فئة معينة ، وإنما أهل السلف هم أهل المذاهب والآراء المعتمدة في إطار الكتاب والسنة. وشاء الله تعالى أن تتكامل أصول الفقه للمذاهب الفقهية ، وللفكر في هذه القرون وأن يكون أئمة الفقه في هذه العصور الثلاثة ، وأن تتقدم الأمة ، وتتحقق الحضارة العظيمة لهم خلال هذه القرون الثلاثة ، فأصبحت الأمة خلال القرون الثلاثة الأولى أمة قوية البنيان مرعوبة الجانب ، متقدمة في العلوم والثقافة والفنون حققت أعظم حضارة في وقت قصير ، وغدت رائدة العالم وقائدته ، وتطور السلف خلال القرون الثلاثة أكثر مما تطور الخلف في عصورهم الطويلة ، وتطور الفقه الإسلامي النظري والعملي تطوراً عظيماً حيث استطاع أن يستوعب كل الحضارات والأفكار من خلال صياغتها بما يتفق ومبادئ الإسلام وقواعده وأحكامه ، فلم يعجز عن إيجاد أي حل فقهي لأية مسألة أو نازلة أيا كانت درجة حداثتها وتعقيدها ، كما استطاع الفكر الإسلامي أن يبقى صامداً بثوابته ، وأن يتطور من خلال البناء والرد على كل الأفكار المخالفة والزندقة ، والسفسطة ، مستعيناً بالنقل الصحيح والعقل السليم للوصول إلى القناعة الكاملة والاطمئنان التام ، والأخذ بعنق النصوص وليها في سبيل دعم رأي معين .

1401

| 03 يوليو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: حظر دماء السنة والشيعة وبذل كل الجهود لمنع الاقتتال

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :الثامنة والعشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ، أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الثامنة والعشرون: إن حظر دماء السنة والشيعة وأموالهم وأعراضهم، وبذل كل الجهود الممكنة لمنع الاقتتال والاعتداء المتبادل، واستحضار ما أكده القرآن الكريم من حرمة الاعتداء أمر واجب، ومما زاد الطين بلة وصنع مع الأسف الشديد هوة واسعة بين السنة والشيعة المواقف والتصرفات وما حدث في العراق، وفي سورية أيضاً، فهذه مشكلة كبيرة ومثيرة جداً، حيث إن أهل السنة يقولون عن عائشة أنها: الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين راوية الأحاديث، ويترضون عنها، في حين أنها في نظر جمهور إخواننا الشيعة متهمة وتنال اللعن والكراهية. 2 — الصحابة الكرام في مجموعهم إلاّ عدداً قليلاً منهم ولا سيما الخلفاء الراشدون الثلاثة (أبوبكر وعمر وعثمان) رضي الله عنهم، حيث ينالون اللعن والطعن والاتهامات الكثيرة من إخواننا الشيعة، بينما هم لدى أهل السنة خيار الأمة مع الآل بعد الرسل والأنبياء، ويترضون عنهم فحينما يذكر أبوبكر يسمى الخليفة الراشد الصديق أبابكر رضي الله عنه، هكذا عمر وعثمان، وكذلك الصحابة. فهنا إشكالية كبرى مثيرة حينما يكون شخص بهذه المنزلة عند أهل السنة مثل هؤلاء في حين يكونون عند جمهور الشيعة ظلمة ملعونين؟! فلا بدّ من العلاج. 3 — انتقال السلطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، حيث إنه في نظر أهل السنة كان انتقالاً طبيعياً اختار أهل الحل والعقد أبابكر ليكون خليفة المسلمين وكان لهم استرشاد بإصرار الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على أن يؤم الصحابة في أوقات مرضه أبوبكر رضي الله عنه، في حين أن لجمهور الشيعة موقفاً مناقضاً لهذا الموقف يقوم على الوصاية والأحقية، وان أبابكر تآمر مع عمر لاغتصاب هذا الحق الثابت بالنص لأبي بكر رضي الله عنهم جميعاً. 4 — الأمر الآخر المثير للفتنة أكثر، هو أن هذه الخلافات بل إن هذه الشتائم واللعن والطعن تنشر في القنوات الفضائية ليلاً ونهاراً من قبل وسائل الاعلام للطرفين. 5 — كما تنال الشيعة من بعض أهل السنة والمتشددين من اللعن والطعن والتكفير والتفسيق، حيث يتهمونهم بأنهم يؤمنون بمصحف فاطمة الذي هو أكبر بكثير من المصحف الموجود الذي جمع في عصر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ثم في عصر الخليفة أبي بكر رضي الله عنه، ثم نشر في الآفاق في عصر الحليفة عثمان رضي الله عنه، وهكذا.. ولست بصدد استعراض هذه التفاصيل ولكن الواقع مشاهد ومعروض في وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمكتوبة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ينهال عليهم سيل من الشتائم واللعن والطعن. 6 — والأكثر إثارة هو سعي كل طرف على الأرض لتغيير مذهب الاخر، فهناك جهود منظمة مدعومة بميزانيات كبيرة للتشييع أو التسنين، فعلى سبيل المثال كان المسلمون في أفريقيا يدينون بالإسلام على المذهب المالكي دون أن ينافسهم احد، ولذلك كانوا متحدين أمام تحدي التنصير على الرغم من فقرهم، وخلال العقود الأخيرة تمزق المسلمون — مع الأسف الشديد — على السنة والشيعة وحدثت مشاكل في نيجيريا وغيرها. 7 — ومما زاد الطين بلة وصنع مع الأسف الشديد هوة واسعة بين السنة والشيعة: المواقف والتصرفات وما حدث في العراق، وفي سورية أيضاً، ففي العراق يعتقد أهل السنة على أن حكام الشيعة قد قاموا بالاجتثاث والتهجير القسري والاقصاء، وما المظاهرات السنية العارمة في محافظات الأنبار، والموصل، وصلاح الدين اليوم إلاّ دليلاً على ذلك. وأما موقف الشيعة في إيران والعراق، ولبنان والخليج فمتناقض تماماً مع موقف السنة، بل المسألة لم تعد مسألة مواقف، بل إن جمهورية إيران والقوى الشيعية تدعم مادياً ومعنوياً وعسكرياً بالسلاح والرجال نظام بشار أسد، او الحكومة السورية — لأي سبب كان — في حين أن جماهير السنة يقفون مع الشعب السوري الذي يتعرض للتقل والابادة والتهجير، والمواقف حول البحرين أيضاً متباينة. وأمام هذه المثيرات للفتن يتعين علينا الالتزام بثوابت التقارب والوحدة، ومستحقاتهما ومقتضاياتهما، وهي: ‌أ — امتناع الطرفين عن إثارة الأمور الستة المذكورة السابقة، والالتزام بدرئها ومنعها، وتوجيه كل الجهود الممكنة للقضاء على أسباب الفتن وإثارتها، وام الفقرة السابعة فتحتاج إلى علاج أكثر تفصيلاً. ‌ب — حظر دماء السنة والشيعة وأموالهم وأعراضهم، وبذل كل الجهود الممكنة لمنع الاقتتال والاعتداء المتبادل، واستحضار ما أكده القرآن الكريم من حرمة الاعتداء، وأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد جعل حرمة الاعتداء على دماء المسلمين واموالهم وأعراضهم كحرمة ذلك في البلد الحرام والشهر الحرام. ‌ج — الانتقال من الامتناع السلبي من الطرفين إلى العمل المشترك، والكتب النافعة، والمشاريع الجامعة، والندوات والمؤتمرات الفعالة للتقارب الحقيقي والتعاون البناء للوصول إلى التكامل والوحدة. ‌د — الاستفادة القصوى من القرارات والتوصيات التي صدرت عن مؤتمرات التقريب التي قام بها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، بل وتفعيلها، وكذلك قرارات المجامع الفقهية. ‌ه — إبراز القدوات الصالحة للتقارب. ‌و — القيام بالتوعية الشاملة لخطورة الحروب الطائفية التي يريدها المشروع الصهيوين الأمريكي، وإيجابيات التقارب الحقيقي الصادق، ومنافعه العظيمة على الأمة، من خلال الدراسات الجادة والتربية داخل البيت والمسجد، ومن الحضانة إلى الجامعة. ‌ز — الانتقال من التوعية الشاملة إلى الثقافة الواعية التي تصبح جزءاً من كيان المسلم. ‌ح — تأليف كتب تجمع المشتركات بين الطئفتين، وتعالج المختلف فيه بينهما بروح صادقة، ونية خالصة، وأسلوب جذاب هادئ وهادف.

739

| 02 يوليو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: الخلاف بين السنة والشيعة ليس في الفروع الفقهية

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :السادسة و العشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة السادسة والعشرون: الثبات والتغير أو التطور عند السلف وأثر ذلك على الوحدة: المقصود بالسلف هم أهل القرون الثلاثة الأولى من عمر هذه الأمة الإسلامية؛ اعتماداً على حديث عبدالله بن مسعود في الصحيحين (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم..) وقد بيّن العلماء أن الخيرية تعود إلى القرب من ينبوع النبوة وتربية الرسول صلى الله عليه وسلم، والصفاء والنقاء، فالسلف ليس مذهباً معيناً، ولا حكراً على فئة معينة، وإنما أهل السلف هم أهل المذاهب والآراء المعتمدة في إطار الكتاب والسنة. وشاء الله تعالى أن يتكامل أصول الفقه للمذاهب الفقهية، وللفكر في هذه القرون وأن يكون أئمة الفقه في هذه العصور الثلاثة، وأن تتقدم الأمة، وتتحقق الحضارة العظيمة لهم خلال هذه القرون الثلاثة، فأصبحت الأمة خلال القرون الثلاثة الأولى أمة قوية البنيان مرهوبة الجانب، متقدمة في العلوم والثقافة والفنون حققت أعظم حضارة في وقت قصير، وغدت رائدة العالم وقائدته، وتطور السلف خلال القرون الثلاثة أكثر مما تطور الخلف في عصورهم الطويلة، وتطور الفقه الإسلامي النظري والعملي تطوراً عظيماً حيث استطاع أن يستوعب كل الحضارات والأفكار. علاقة فقه الثوابت والمتغيرات بتوحيد الأمة تظهر علاقة فقه الثوابت والمتغيرات بتوحيد الجماعات والمذاهب والأحزاب الإسلامية من خلال ما يأتي: أولاً: أن تلك الثوابت القواطع بمثابة المبادئ المشتركة والمنهاج السليم، والشرعية المتفق عليها عند جميع الطوائف الإسلامية والجماعات الإسلامية، وبمنزلة الدين المشترك، وأن من لم يعترف بهذه الثوابت فهي خارجة عن الإسلام مارقة في الضلالة، وليس حديثنا مع هؤلاء الذين لا تجمعهم تلك الثوابت والقواطع، وإنما حديثنا مع من يلتزم بهذه الثوابت القاطعات في الإسلام ولكنه يختلف في الفروع والوسائل ونحوها. ثانياً: من خلال فقه الثوابت والمتغيرات يتم اعتراف كل جماعة بالأخرى وكل طائفة بالثانية ما دامت الثوابت مشتركة، وما دامت المتغيرات مقبولة ومشروعة بل مطلوبة، وبالتالي يكون من الطبيعي أن يعذر بعضهم بعضاً،أو يسعى بالحوار والجدال الأحسن للوصول إلى الأحوط والأفضل، فأعظم المشاكل بين المسلمين أن بعضهم لا يعترف بالآخر، فإذا وجدت التوعية بفقه الثوابت والتغيرات لاعترف بعضهم ببعض، كما أن هناك عدم المعرفة بالحقائق الموجودة لدى المذهب أو الجماعة الأخرى، وإنما وصلت معلومات مغلوطة أو قديمة، أو غير دقيقة، أو تخص فئة منهم، أو أشخاصاً معينين لا يجوز تعميم آرائهم ورؤاهم على جماعة بعينها، أو مذهب بعينه. ثالثاً: أنه من خلال فقه الثوابت والمتغيرات يعلم أن الخلافات الكثيرة ما دامت في نطاق المتغيرات مقبولة شرعاً. الإشكالية في فقه التنزيل وليست في معيارية الوحي: إذا اعتبرنا أن تنزيل النص على واقعة مستجدة هو اجتهاد وعمل المجتهد، وليس هو النص نفسه فحينئذٍ تتسع دائرة القبول، وميدان المتغيرات، وذلك لأن قيم الوحي هي قيم معيارية لضبط المسيرة وتأطيرها، وهي أدلة وموازين، ولكنها ليست برامجَ وخططاً في مجالات الحياة العادية، ومن هنا تصبح البرامج والخطط والتدابير الإدارية اجتهادات يمكن مناقشتها، والاختلاف فيها، ولا تعتبر ديناً لا يمكن مناقشته ونقده وتغيره، بل يدخل فيما ذكره الفقهاء من تغيير الفتاوى بتغير الزمان والمكان. غير أن أهم إشكالية هي في الخلط بين النص نفسه، وبين تنزيله على واقع لم يرد في النص، وبين القيمة، والبرنامج، وبين المعيار والاجتهاد، وبين الدليل المعصوم، والاجتهاد القابل للخطأ، وبين المطلق والنسبي، والمجرد والمجسد. تنزيل التفرق المذموم والخلاف المشروع (تحرير محل النزاع): إذا نظرنا إلى أمتنا الإسلامية من حيث التفرق المذموم، والخلاف المشروع فنراها كالآتي: 1 — إن الخلاف الفقهي السائد بين جميع المذاهب الفقهية مندرج — من حيث المبدأ العام — في الخلاف المشروع ما دام في إطار عدم المخالفة للنصوص قطعية الدلالة والثبوت، ولما علم من الدين بالضرورة. 2 — إن الحركات السياسية الإسلامية (وكذلك الأحزاب الإسلامية) على الرغم من اختلاف برامجها ليس الخلاف فيها من التفرق المذموم — من حيث المبدأ العام — فالإخوان والسلف والتبليغ والجماعة الإٍسلامية في الهند وباكستان وبنغلاديش وغيرها، وكذلك الأحزاب والحركات المنبثقة في دائرة البرامج السابقة في العالم الإسلامي، يعد الخلاف بينها في دائرة البرامج وليس في دائرة التكفير والتفسيق. 3 — لكن التفرق المذموم فيما يخص الفقرة السابقة هو بين الامة الإسلامية وبين الحركات والتيارات السلفية الجهادية المتشددة والقاعدة التي تنطلق من التفسيق والتكفير لمعظم الأمة لتصل إلى العنف والهدم والتفجير. فهؤلاء لا بد أن نضع لهم علاجاً آخر يبنى على أساس التحاور والتوعية ومعايشة العلماء لهم ليعودوا إلى رشدهم كما عاد أكثر الذين خرجوا على سيدنا علي — رضي الله عنه — إليه بعدما ذهب إليهم ابن عباس رضي الله عنه فناقشهم وحاججهم في آرائهم، فهدم بنيانها فخرّ السقف وانجلى الحق وزالت الشبهة فعادوا إلى الحق، وكما حدث مثل ذلك في مصر بعد مقتل السادات على أيديهم، فدخل شباب الجماعة الإسلامية وغيرهم فذهب إليهم العلماء أمثال الشيخ محمد الغزالي، والشيخ الشعراوي رحمهم الله، فناقشوهم وحاوروهم وأعطيت لهم فرصة في السجن لقراءة كتب العلماء من السابقين والمعاصرين فتأثروا بهم وكتبوا مراجعاتهم في عدة مجلدات، والحمد لله فهم اليوم يمثلون أيضاً التيار المعتدل في مصر. 4 — إن التفرق المذموم — الذي يخاف منه أن يؤدي إلى الصدام والحروب — يكاد يظهر — مع الأسف الشديد — بين السنة والشيعة في ظل بعض القنوات الفضائية التي تبث السموم، وتثير الفتنة من خلال الهجمات العنيفة، وكشف المستور... وفي ظل إصرار البعض على الطعن في مقدسات الآخر، واللعن لرموزه، وفي ظل إصرار البعض على نشر مذهبه في البلاد التي يسود فيها مذهب الآخر، وفي ظل التفرق الكبير في مواقف العالم الإسلامي حول ثورة الشعب السوري المظلوم، حيث تقف جمهورية إيران الإسلامية وجماهير الشيعة في لبنان والعراق، والخليج مع نظام بشار الأسد بكل قوتهم، في حين يقف بقية العالم الإسلامي مع الشعب السوري وثورته الحقة.

3363

| 30 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: وحدة الأمة لن تتحقق دون حقوق وواجبات

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :الخامسة و العشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الخامسة والعشرون: أكد القرآن الكريم على أن هذه الأمة أمة واحدة ، وأنها أمة وسط شهيدة على العالم ، وأنها خير أمة أخرجت لمنفعة الناس ، وتحقيق الخير للناس ، وأنها أمة أخرجها الله تعالى بقدرته ورحمته . إن هذه الوحدة لن تتحقق دون حقوق وواجبات ، وجهود وتضحيات . إن مما لاشك فيه أننا إذا أردنا أن ننجح إقامة علاقة متوازنة محترمة مع غير المسلمين والحوار معهم ، فلا بدّ أن نقوي ونؤصل العلاقة بين المسلمين بعضهم مع بعض على مختلف مذاهبهم وطوائفهم التقليدية ، وعلى مختلف الجماعات الفكرية الحالية من الإخوان والسلفية ، والتبليغ ونحوها . فإذا لم نجتمع نحن المسلمين على مجموعة من الثوابت ولم يتسامح ، أو يعذر بعضنا البعض في المتغيرات الاجتهادية المختلف فيها فحينئذٍ لا يكون لنا وزن وقوة في الحديث مع الآخر، والحوار معه ، وهذا ما يتشدق به ممثلو الكنائس والأديان الأخرى ، حيث يحاولون توزيع الإسلام وتقسيمه حسب المذاهب والطوائف والجماعات ،بل والأشخاص فيقولون : الإسلام السني والإسلام الشيعي ، والإسلام الأصولي والإسلام التقليدي ، والإسلام الحداثي والإسلامي الديمقراطي ، والإسلام الإخواني ، و الإسلام السلفي ، والإسلام التبليغي وهكذا . وفي التأريخ الحديث تنازل الفاتيكان عن أهم عقيدة ظل النصارى يؤمنون بها طوال القرون الماضية ، وهي أن اليهود هم الذين قتلوا المسيح عليه السلام ، حيث برأ اليهود في ع ام 1965 عن دم المسيح تميهداً للوحدة ، وتعاون الشعوب المسيحية مع اليهود في حربها ضد الغرب والمسلمين ، بل ظهرت المسيحية المتصهينة التي هي أخطر من الصهاينة أنفسهم في حربهم ضد الاسلام والمسلمين . لماذا الذات المتحدة قبل البحث عن مؤامرات الخارج : إن منهج الإسلام منهج واقعي حكيم يعالج الموضوع عن جذوره ، ولذلك حينما تحدث عن بعض هزائم المسلمين في عصر الرسالة أسند أسبابها إليهم أنفسهم ، فلم يحولها إلى الغير ولم يجعل الغير شماعة لتعليق كل المصائب ، فقال تعالى : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) . وعلى ضوء ذلك لا طريق لنا لتحقيق ذلك إلاّ من خلال تفعيل القواعد والمبادئ التي تحكم العلاقة بين المسلمين وهي : القاعدة الأولى : تفعيل الولاء والنصرة للمؤمنين : إن هذه القاعدة تعني أن يكون ولاء المؤمن لله تعالى ولرسوله ثم للمؤمنين وجماعتهم ، فقال تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) وقال : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) . والمقصود بولاء المؤمن للمؤمنين وجماعتهم هو أن يكون حبه لهم ، بأن يحب نصرهم على غيرهم ، ولا يؤثر غيرهم عليهم ، وأن يكون نصرته لهم عند حاجتهم إليه ، فالولاء : هو الحب والتعاون ، والنصرة ، والاتحاد والوقوف مع المؤمنين وقوفاً ثابتاً راسخاً. عدم تفعيل الولاء بين المؤمنين فتنة : وقد بيّن الله تعالى أن عدم تفعيل الولاء والنصرة بين المؤمين يؤدي إلى فتنة كبيرة ؛ لأن أهل الكفر والشرك والالحاد أمة واحدة ، وهم ولاء بعضهم لبعض أمام المسلمين ، فقال تعالى : (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) . وهذا الولاء والحب والنصرة للمؤمنين على ميزانين : أ – ميزان الحرب ، فيجب على المؤمن نصرة المسلمين ، ومقاطعة المعتدين ، والغلظ عليهم ، والبراءة منهم ، وعدم إظهار المودة والمحبة لهم ، وهذا ما بينه القرآن الكريم . ب – ميزان السلم ، حيث يجب على المؤمن البر والاحسان ، ويجوز له التعايش ، والتعامل مع الآخر كما حدد هذه العلاقة قوله تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) . ولذلك فلا تعارض بين الولاء لله وللمؤمنين والبراء من الأعداء والمعتدين مع الاحسان والبر إلى غير المعتدين ، ولا مع المودة الشخصية " الحب على أساس العلاقات الشخصية " وليس على أساس الكفر . القاعدة الثانية : تحقيق قاعدة الاخوة الإيمانية وآثارها : دلت النصوص الشرعية على أن أسس العلاقات بين المسلمين تقوم على أخوة قائمة على الدين مقدمة على جميع الوشائج ، دون أن تلغيها ، ولكنها تتقدم عليها بحيث إذا تعارضت الاخوة الإيمانية مع وشائج القربى من الأبوة والبنوة والقرابة الأخرى ولم يمكن الجمع بينهما) فإن الاخوة الإيمانية هي التي يجب أن تتقدم ، وعلى هذا تكاثرت الآيات والأحاديث الكثيرة ، وإجماع المسلمين ، وتربية رسول الله للجيل الأول ، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون ، والصحابة الكرام (رضوان الله عليهم أجمعين . وقد أولى الإسلام عناية منقطعة النظير بالوحدة بين المسلمين فوردت مئات الآيات والأحاديث تؤكد ضرورة وحدة المسلمين وأنها فريضة شرعية ، وضرورة واقعية ، وأن الاختلاف والتفرق محرم ، وأنه يؤدي إلى التمزق والضعف ، والهوان فقال تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وقال تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لكم لعلكم تهتدون) . 4. الجسد الواحد متراحم ومتعاون يراعي الحقوق : ويترتب على كون المسلمين إخوة كجسد واحد أن لا يظلم بعضهم بعضاً ، ويراعي حقوق أخيه الذي هو بمثابة جزء منه فلا يظلمه ولا يخونه ولا يغشه ولا يحسده ولا يبغضه ، ولا يخذله ولا يحقره ، ولا يعتدي عليه ، لا على ماله ، ولا على عرضه ، ولا على نفسه وأعضائه ، ولا يهجره ، بل ينصره ، ويحب له ما يحب لنفسه ، وينصحه ويزوره ، ويعوده ، ويستر على عوراته ولا يفضحه ، بل يقضي حوائجه ، ويشفع له ، ويقوم بالإصلاح فيما بينه وبين الآخر .

1089

| 29 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: الاختلاف وارد حتى داخل الأمة الواحدة

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :الرابعة و العشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الرابعة والعشرون: عصمة الإمام: إن الإمام في عقيدة الإمامية كالنبي، فيجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها ما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً أو سهواً). صفات الإمام وعلمه: يقول علماؤهم: (نعتقد أن الإمام كالنبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال، ...... وأمّا علمه؛ فهو يتلقّى المعارف والاَحكام الاِلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الاِمام من قبله، وإذا استجدّ شيء لا بدَّ أن يعلمه من طريق الاِلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإنْ توجّه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطىَ فيه ولا يشتبه). وجماهير الشيعة الإمامية لا يعتقدون في الأئمة ما يعتقده الغلاة والحلوليون، بل عقيدتهم أنهم بشر مثلنا، ولكن عباد مكرمون معصومون، وأن عددهم اثنا عشر إماماً خاتمهم أبو القاسم محمد بن الحسن المهدي الذي ولد في 256هـ الذي يعتبرونه الإمام الغائب المنتظر الحجة. ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة هذه العقائد، وإنما يهمنا أن هذا الخلاف في العقيدة وأصولها داخل المذهب، ولا يترتب عليه كفر المخالف، فإن الظاهر من هذا الخلاف العقدي أن من لم يؤمن بالإمامة، وبالعصمة، والوصاية فليس مؤمن لدى الشيعة؟ وهذه النتيجة هي أخطر الآثار، ولذلك يجب أن نعالج هذه الأمور أو الأصول العقدية بمنهتى الحكمة والحذر، والله المستعان. وكذلك الإشكال في المواقف الخاصة بهم نحو الخلفاء والراشدين الثلاثة (ما عدا علياً رضي الله عنهم) وجمع من الصحابة، مثل: أبي هريرة، وخالد رضي الله عنهم جميعاً، ونحو أمهات المؤمنين، وبخاصة الشيدة عائشة وحفصة رضي الله عنهن جميعاً. ولذلك يجب أن تعالج هذه المواقف بالحكمة من الطرفين. ثم إن الاختلاف أيضاً وارد حتى داخل الأمة الواحدة، ولكن يجب أن لا يكون الاختلاف في الثوابت، وأن لا يؤدي إلى الاقتتال والتفرق المذموم وإلى تفرقة الأمة شيعاًَ وأحزاباً يبغض بعضها بعضاً ليصل إلى الاقتتال الداخلي. هذا هو الاختلاف المذموم الذي يخالف الثوابت والقواطع وهو الخلاف الذي يكون في أصول الدين وثوابته، أو الذي يوجب البغضاء والمنكر والتفرقة. أما الخلاف المشروع فهو الخلاف في الفروع، لا من الأصول، وفي الوسائل لا في المقاصد وفي الآليات لا في الغايات، وفي تنوع السبل إلى الخير لا في الأهداف العامة للشريعة، وفي المناهج العملية، والآليات والأولويات لا في المرجعية والمنهجية العلمية العامة. اختلاف تنوع لا تضاد: بما أن الثوابت متفق عليها بين جميع المسلمين فإن اختلافهم إذا كان نابعاً عن الاجتهاد المنضبط فهو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وقد جعل الشاطبي الاختلاف الذي يؤدي إلى الفرقة والتباغض من علامات كونه اختلافاً نابعاً عن الهوى، غير مقبول في الإسلام حيث يقول: (ومن هنا يظهر وجه الموالاة والتحاب والتعاطف فيما بين المختلفين في مسائل الاجتهاد، حتى لم يصيروا شيعاً، ولا تفرقوا فرقاً، لأنهم مجتمعون على طلب قصد الشارع، فاختلاف الطرق غير مؤثر)، ثم قال: (وبهذا يظهر ان الخلاف الذي يؤدي إلى التفرقة هو في حقيقته خلاف ناشئ عن الهوى المضل، لا عن تحري قصد الشارع باتباع الأدلة على الجملة والتفصيل، وهو الصادر عن أهل الأهواء، وإذا دخل الهوى أدى إلى اتباع المتشابه حرصاً على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف، وأدى إلى الفرقة والعداوة والبغضاء، لاختلاف الأهواء، وعدم اتفاقهما، وإنما جاء الشرع لحسم مادة الهوى بإطلاق). ومن المعلوم أن هذه الاختلافات الفقهية الكثيرة داخل الفقه الإسلامي دليل على يُسر الشريعة وسعتها ومرونتها وعظمتها، لأنها استوعبتها نصوصها كل هذه الخلافات مرونة ورفع للحرج. بل الخلافات الفقهية والفكرية والسياسية ضرورية ما دام الاجتهاد مشروعاً، فتكون الخلافات الفقهية ناتجة من ذلك فهي تدور معه وجوداً وعدماً ، لاختلاف العقول والتصورات والأعراف والتأثيرات الخارجية والداخلية. ومن هنا فالمسلمون عندما يكون لديهم هذا الوعي لا يؤدي الاختلاف إلى التباغض يقول ابن تيمية: (وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة)، حتى وسع شيخ الإسلام الدائرة لتسع بعض الفرق أو الأشخاص الذين تصدر منهم أقوال خطرة، ومع ذلك لا يجوز تكفير شخص معين منهم، حيث يقول: (وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفراً، ينطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قاله له لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة ...وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد تكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام). عدم الإنكار في المسائل الخلافية: ومن المعلوم شرعاً أن إنكار المنكر باللسان، أو باليد لمن له سلطان خاص بالمنكرات المتفق عليها، أما المختلف فيها (ضمن الاختلاف المشروع) فلا يكون فيها الإنكار، وإنما يكون فيها الحوار والنقاش والحكمة والموعظة الحسنة، والأسلوب الراقي الجميل، والجدال بالتي هي أحسن للإرشاد إلى ما هو الأفضل والأرجح أو الراجح. الاختلاف في الفروع رحمة: وقد جرى هذا الشعار على ألسنة السلف الصالح، فقال عمر بن عبدالعزيز: (ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم يكن لنا رخصة).

575

| 28 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: اتحاد الأمة فريضة شرعية يفرضها الدين الحنيف

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :الثالثة و العشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الثالثة والعشرون: يعتبر من ثوابت هذا الدين وقواطعه وجوب الاتحاد والوحدة والترابط بين المسلمين ، وحرمة التفرق والتمزق فيما بينهم ، فاتحاد الأمة فريضة شرعية يفرضها الدين الحنيف وضرورة واقعية يفرضها الواقع الذي نعيشه ، حيث أصبحت بسبب تفرقها وتمزقها ضعيفة مهددة في وجودها وكيانها وسيادتها طمع فيها الطامعون ، وغلب على معظمها المستعمرون والحاقدون، ولا سيما عالمنا اليوم الذي تكتلت فيه القوى وأصبح الإسلام الهدف الأساس لها . ولا نجد ديناً ولا نظاماً أولى عنايته بالاتحاد وخطورة التفرق مثل الإسلام حيث توالت الآيات الكثيرة والأحاديث المتضافرة على وجوب التعاون والاتحاد ، وحرمة التفرق والاختلاف . فمنها قوله تعالى: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم). حيث دلت هذه الآيات على ما يأتي : 1 ـ أن أعداء الإسلام يبذلون كل جهودهم لتفريق الأمة الإسلامية وأنهم وراء ذلك وبالأخص الصهاينة والصليبيون ، والاستعمار الذي رفع شعار (فرق تسد) . 2 ـ أن اتباع هؤلاء الأعداء وطاعتهم في ذلك كفر ( يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) وهذا أعظم هجوم على التفرق وبالأخص إذا كان بسبب التبعية لأهل الكفر حيث سماه الله تعالى كفراً. 3 ـ هناك علامة تعجب واستغراب لمن يتفرق عن الجماعة المسلمة ويكفر مع وجود القرآن الكريم ، والرسول في حال حياته ، وسنته في حالة موته ، وهذا يعني أن سبيل هذه الأمة هو الاتباع للكتاب والسنة المطهرة ، وان طريق الوحدة ميسور إذا توافرت الإرادة والعزيمة ، حيث أن أسباب وحدة السلمين لا زالت قائمة . 4 ـ أهمية التقوى والاخلاص والتجرد عن الأهواء وخطورة التعصب والعصبية القومية ، والقبلية والطائفية والمذهبية في إيجاد الاختلاف المذموم والتفرق المشئوم فهذه هي الأمراض القاتلة التي فتكت بالأمة ، ونخرت في عظامها. 5 ـ العناية القصوى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإصلاح الناس وفعل الخير ، والدعوة إليه ، ونشر الإحسان والتكافل بين المسلمين ، فهذه وسائل عظيمة لحماية الأمة وجمعها على الطريق المستقيم والهداية والفلاح . 6 ـ أهمية الاعتصام بحبل الله المتين ، والانشغال بالدعوة والجهاد لتوحيد الأمة ، حيث وردت بذلك آيات كثيرة : منها قوله تعالى : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).ومنها قوله تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) . وأما السنة النبوية فمنها ما رواه الشيخان بسندهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من فارق الجماعة شبراً فمات فيمتته جاهلية ). وكما أن الوحدة فريضة شرعية فهي كذلك ضرورة ومصلحة ملحة لتحقيق النهضة والتنمية الشاملة ، والحضارة والتقدم. بين الوحدة على الثوابت ، والاختلاف المشروع والتفرق المذموم : إن الوحدة الإسلامية على الثوابت هي الأًصل والمبدأ العام ، ولكنها لا تمنع من وجود اختلافات في دائرة الفروع والاجتهادات ( المتغيرات ) ، ومن المعلوم في هذا الدين أن من سنن الله تعالى اختلاف الناس في العقائد والأفكار والتصورات والشعائر والمشاعر ولذلك أرسل الرسل والأنبياء ، فهي سنة دائمة فقال تعالى : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) . تلك هي الغاية من خلقا لإنسان فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ولذلك يكون الأصل والمطلوب أن يجتمع الناس على عبادة الله ، ويتجدد على الإسلام له ، ولكنهم اختلفوا بسبب البغي واتباع الأهواء والشهوات ، وتأثروا بالبيئة والتقاليد والعادات ،. إذن فالاختلاف والتفرق سنة لازبة ولازمة لا محيص منه ، وبالتالي يجب التعامل معه ، ولكن هذا التعامل تختلف كيفيته وقوته وضعفه : أ- فإن كان الاختلاف حول العقائد والأصول والثوابت وما علم من الدين بالضرورة فإنه داخل في الاختلاف المذموم ، والتفرق المحرم الذي جاءت الآيات الكثيرة والأحاديث الشريفة بالنهي عنها ، والحذر منها ، والابتعاد عنها . وفي هذا النطاق فإن الإسلام يطبع لنا منهجاً عظيماً وأسلوباً حكيماً في التعامل مع هذه الاختلافات في الأديان والملل والنحل ، وداخل الفرق الضالة ، يكمن فيما يأتي : (1) بيان الحقائق الثابتة فيما يتعلق بالعقائد والشعائر والقيم وعالم الغيب ونحوها بالحكمة والموعظة الحسنة وبالجدال والحوار بالتي هي أحسن . (2) الالتزام بكل ما يؤدي إلى التعايش السلمي مهما اختلفت الأديان والآراء من الالتزام بأسس التعامل ومبادئه وقيمه العظيمة التي أرساها الإسلام . ب- الاختلاف الداخل في إطار الإسلام بين المسلمين أنفسهم ممن يتشركون في الإيمان والعمل على الثوابت العامة للإسلام وأصوله العامة التي سنذكرها – إن شاء الله . وهذا الاختلاف أيضاً منه ما اختلاف فقهي فقط فهذا تنوع وثراء لفقهنا الإسلامي العظيم كالاختلاف بين جميع المذاهب الفقهية المعتمدة مثل الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، والظاهرية ، والإمامية ، والزيدية ، والإباضية ، والمذاهب الفقهية المندثرة مثل مذاهب أبي ثور ، والأوزاعي ، والطبري... . فهذه المذاهب الفقهية كلها من حيث هو مذهب فقهي ليس هناك إشكال في قبولها ، وإنما الإشكال في الجانب العقدي والأصولي لدى بعضها ، فمثلاً إن الشيعة تتوزع على عدة فرق فمنهم الغلاة فلا نتحدث عنهم ، وإنما نتحدث عن الشيعة الإمامية الذين يؤمنون ببعض الأصول زيادة على أركان الإيمان المعترف بها لدى المذاهب السنية والإباضية والزيدية . وبهذه النصوص وغيرها في تكفير من لا يؤمن بإمامة هؤلاء الأئمة الأطهار تكون حائلاً آخراً وحاجزاً للتقارب الحقيقي إلاّ على المصالح المشتركة التي تقتضيها حالة الأمة في جميع الأحوال ، ولكن من باب الأمانة فإن التكفير لأهل السنة ليس مذهب جميع الإمامية ، وبخاصة المعاصرون الذي يدعون التقريب ، ومهما يكن فلا بدّ من العلاج إذا أردنا التقارب ، والوحدة .

1547

| 27 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: الأمة الإسلامية ابتليت بعد فتنة الخليفة عثمان بفتن كبرى

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة :الحادية و العشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الحادية والعشرون: النواصب هم فرقة ظهرت في أيام الخوارج والأمويين ، وأن اتهام الروافض للخلفاء الراشدين (أبي بكر، وعمر وعثمان ) وبعض أمهات المؤمنين كعائشة، أو بعض كبار علماء السنة مثل الإمام أحمد .. اتهام باطل لا أساس له، فقد كان علي مستشاراً لدى أبي بكر وعمر، وكانوا يحب بعضهم بعضاً بدليل المصاهرة بينه وبين عمر، وتسمية بعض أبنائه وأحفاده بأسماء الخلفاء الثلاثة. ومعظم الشيعة يعرفون الناصبي بأنه : العداء للنبي صلى الله عليه وسلم أو لفاطمة ، أو لعلي ، أو للأئمة من ذريتهم ، أو لشيعتهم ، وأن معظم مراجعهم ـــ وبخاصة السيستاني ـ على أن هذه التهمة لا يجوز إطلاقها على أحد إلا بالبينة". ولكن بعضهم يجعلون كل من قدَّم أبا بكر وعمر على عليٍّ ناصبياً، وبالتالي فجميع أهل السنة نواصب، بل إن الزيدية أتباع زيد بن علي من النواصب، فقد رووا في ذلك روايات عن أئمتهم تدل على ذلك. والروافض هي لغة جمع الرافضي من الرفض بمعنى الترك، والرمي، والطرد. وفي الاصطلاح اختلف في معناها بناءً على معنى الرفض، فذهب جمهور علماء السنة إلى أن سبب هذه التسمية يعود إلى زمن خروج زيد بن علي، حيث سئل عن أبي بكر، وعمر فترحَّم عليهما، وعندئذ رفضه جماعة منهم فقال لهم رفضتموني، فسموا هؤلاء الذين رفضوا زيداً في مذهبه هذا بالرافضة ومن بقي معه سموا شيعة زيد. وبناءً على ذلك فإن الرافضة تشمل جميع فرق الشيعة ما عدا الزيدية. ولذلك فالمصطلح يحتمل الكثير من المعاني، وحسب المراد يحدد الحكم، فإذا كان المراد بالروافض هم الذين يرفضون إمامة أبي بكر وعمر فلا شك أنهم مذمومون لدى أهل السنة، وأن الأدلة تدل على ذم ذلك، أما إذا كان المراد بالروافض الرافضين للنصب والظلم، والمحبين لعلي، وآل البيت الكرام فإن أهل السنة معهم ، ولذلك يقول الشافعي: إن كان رفضاً حب آل فليشهد الثقلان أني رافضي وقال في قصيدة أخرى: إن نحن فضَّلنا علياً فإننا روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل وفضل أبو بكر إذا مـــا ذكرته رميت بالنصب عند ذكري للفضل فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما بحبيهما حتى أوسد في الرمل وقال أيضاً: إن النبي ذريعتي وهم إليه وسيلتي أرجو بأن أعطى غداً بيدي اليمين صحيفتي ولكن لو أردنا تحديد المصطلح فما ذكره جمهور العلماء له وجاهته ، حيث تكررت هذه القصة في كتب السنة والشيعة بأن كلمة "الرافضة" أو "الروافض" اشتهرت بعد إطلاق زيد هذا المصطلح على من رفضه من شيعة الكوفة، فبالإضافة إلى المصادر السنية التي ذكرت ذلك فإن مصادر شيعية أيضاً ذكرت ذلك، فقال الشيخ المفيد : "ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة" أي صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل "من زيد، وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين رفضوه حتى أتى قدره عليه ، فسميت رافضة". وهذا لا يمنع من إطلاق هذه الكلمة على كل من يرفض إمامة أبي بكر وعمر قبل زيد، لأن حديثنا عن اشتهارها بصورة واضحة، فقد استعمله الخليفة الأموي عبد الملك (ت 86 هـ) على الشاعر المعروف فرزدق الذي أنشد قصيدة رائعة في الإمام زين العابدين، فقال له: "أرافضي أنت يا فرزدق". ولذلك نستطيع تعريف الرافضي بأنه هو الذي يرفض إمامة أبي بكر وعمر، ويبغضهما، ويُظهر حب علي وآل البيت الكرام دون التحديد بزمن الإمام زيد ( رضي الله عنه). والخلاصة أن الأمة الإسلامية ابتليت بعد فتنة الخليفة عثمان (رضي الله عنه) بفتن كبرى، من أخطرها تفرق الأمة وظهور الفرق المفرطة ـ بسكون الفاء ـ والمفرطة ـ بفتح الفاء والراء المشددة المكسورة ــ فالعلاج لا يمكن أن يكمن في التكفير، والسباب والشتائم، وإنما العلاج هو ترك كل جماعة على ما هي عليه سوى النصح بالحكمة والموعظة الحسنة، والحوار والجدال بالتي هي أحسن للوصول إلى التسامح، والتعايش، والتعاون على البر التقوى البعيد عن الصراعات المدمرة. معالم الوسطية ودعائمها: فقد كتب عن الوسطية الكثيرون، ولكن العلامة الشيخ يوسف القرضاوي (حفظه الله) أولى عناية قصوى بها، ثم لخص دعائمها في عشرين دعامة منها: ــــ الملاءمة بين ثوابت العشر ومتغيرات العصر ــــ فهم النصوص الجزئية للقرآن والسنة في ضوء مقاصدها الكلية. وأود أن أذكر ما جلب انتباهي في هذه المسألة، وهو أن الله تعالى جعل الوسط وصفاً للأمة وليس للدين فقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)، وذلك لأن الدين الحق (الإسلام) هو دين واحد، وهو وسط في حد ذاته، ولكن الإشكال يقع دائماً في المتدينين، حيث تميل بهم الأهواء أو الاجتهادات الخاصة نحو اليمين أو اليسار خروجاً عن الصراط المستقيم ونحو الغلو والتشدد، أو التفلت والتقصير، والترخص غير المسدد، فيحدث الخروج عن المنهج الوسط، إن جميع الأديان السماوية كانت وسطاً ولكن الأتباع هم الذين حرفوه، أو لم يطبقوه على الوجه الصحيح، أو أنهم ظلموا فاستحقوا التشدد كما قال الله تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً).

882

| 25 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: الخوارج الجدد أشد باساً وسوءاً وتشويهاً للإسلام والمسلمين

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : العشرون شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة العشرون: النواصب والخوارج والروافض: هذه مصطلحات متعارضة ظهرت في عصر واحد وهو عصر الفتنة الكبرى بعد مقتل سيدنا عثمان (رضي الله عنه ). فالنواصب جمع الناصبي، وهو الذي يعادي سيدنا عليَّاً وأهل بيته الكرام (على نبينا وعليهم السلام) ولكنه لا يكفرهم، وأما الخارجي فهو كان يكفِّر سيدنا عليَّاً، ويتقرب ببعضه (خذلهم الله تعالى )، والروافض جمع الرافضي، وهم (على عكس الفريقين السابقين) يقدسون عليَّاً (رضي الله عنه) وآل بيته، وهم فرق يصل بعضهم إلى جعل علي (رضي الله عنه) إلهاً، أو له سلطة الإله. وهذه الفرق الثلاث شرٌّ كلها وفتنة كلها، كما أنهم من النتائج السلبية للفتنة الكبرى التي لا زالت آثارها الخطيرة جاسمة أمام أعيننا إلى اليوم من التفرق والقتال بين المسلمين. ولكن أولى الفرق ظهوراً من الناحية العملية هي الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي (رضي الله عنه) بسبب قبوله اللجوء إلى التحكيم في معركة صفين بينه، وبين معاوية، ثم عاد بعضهم إلى حكم علي، ولكن بعضهم الآخر رفضوه فقاتلهم، ولكنهم خططوا لقتله على يد الشقي عبد الرحمن بن ملجم عندما كان يؤم الناس في صلاة الفجر. ثم مع مرور الزمن ضعفت شوكتهم، ولكن جفوتهم وقسوتهم التي ظهرت في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأفكارهم التكفيرية بقيت، ثم ظهرت في الجماعات التكفيرية وبخاصة في جماعة جهيمان بالمملكة العربية السعودية التي كانت تسمى " الجماعة السلفية المحتسبة " حيث قامت باحتلال الحرم المكي، وقتلوا فيه عدداً من الشرطة والأمن وبعض الناس في 20/11/1979 م، حتى قضت على شوكتهم الأمنية، ولكن أفكارهم بقيت مع الأسف الشديد. ومن هذه الجماعات التكفيرية المنبثقة من أفكار الخوارج جماعة شكري مصطفى التي اشتهرت بـ (جماعة التكفير والهجرة) بمصر التي كان شبابها مسجونين في سجون جمال عبد الناصر، ورأوا من العذاب والاستهانة بالدين ما دفعهم إلى الحكم بتكفير الدولة المصرية ومن يعاونها، ثم تكفير كل من يتعاون معها، ثم الدعوة إلى هجر المجتمع الجاهلي وتكوين المجتمع الإسلامي، ولكن الشيخ حسن الهضيبي مرشد الإخوان في ذلك الوقت تصدَّى لهم وهو في السجن فكتب كتابه المشهور (دعاة لا قضاة) فتراجع بعضهم ثم انبثقت من أفكار الخوارج الجدد (الجماعة السلفية المحتسبة) بالمملكة ومن جماعة التكفير والهجرة بمصر، والسلفية التكفيرية الجهادية: جماعة القاعدة بأفغانستان على يدي أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري ومن معهم، ثم جماعة داعش التي تسمى " تنظيم الدولة الإسلامية " والتي انتشرت في سوريا وعاثت فيها قتلاً وتدميراً وحرقاً، وساهمت في إفشال الثورة السورية، وأعطت صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين، ثم دخلت العراق وسيطرت على معظم مناطق السنة دون مقاومة بعدما تركتها حكومة نوري المالكي من خلال انسحاب حوالي ثلاث فرق عسكرية منها تاركة وراءها معظم أسلحتها المتطورة من خلال خطة جهنمية لسيطرة متطرفي الشيعة على المناطق السنية أيضاً. فالخوارج الجدد أشد باساً وسوءاً وتشويهاً للإسلام والمسلمين من الخوارج القدماء الذين وصل بهم التطرف إلى أن يقتلوا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج فاطمة الزهراء وأبا الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، ويعدُّوا مقتله تعبداً وتقرباً إلى الله تعالى (سبحان الله ). ولذلك قال في حقهم الرسول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم:" يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فُوقِه " وبداية الجفوة والغلظة حتى مع الرسول صلى الله عليه وسلم ظهرت في بعض الأعراب الذين وصفهم الله تعالى (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) حيث روى البخاري ومسلم وغيرهما بسندهم عن أبي سعيد الخدري قال:" بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله فقال: ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل " قال عمر بن الخطاب:" ائذن لي فأضرب عنقه " فقال:" دعه، فإن له أصحاباً يحقِّر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..، آيتهم رجل إحدى يديه، أو قال: ثدييه مثل ثدي المرأة، أو قال: مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة الناس " قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علياً قتلهم، وأنا معه، جئ بالرجل على النعت التي نعته النبي صلى الله عليه وسلم قال فنزلت فيه (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) وفي رواية صحيحة أخرى بلفظ " إن من هذا، أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد " وفي رواية لأبي داود:".. يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ". وأما الفرقة المكملة للخوارج فهي النواصب الذين عادوا عليَّاً وآل بيته الكرام، ولكن لم يكفروا علياً وإنما حكموا عليه بالفسق، وكانوا يسبونهم، فهذه الفرقة في نظر أهل السنة فرقة فاسقة خارجة عن أهل السنة والجماعة، فآل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق أو فاسق.

685

| 24 يونيو 2016

تقارير وحوارات alsharq
حملة إغاثية قطرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين بغزة

واصلت حملة "رمضان الخير من قطر الخير" والتي يتم تنفيذها بدعم كريم من المحسنين في دولة قطر وبرعاية الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي توزيع المساعدات الإغاثية على الأسر الفقيرة والمحتاجة في محافظات قطاع غزة. واستهدفت الحملة أكثر من (2000) أسرة فلسطينية فقيرة حيث شملت توزيع أموال الزكاة والصدقات، كما وزع حوالي (600) سلة غذائية رمضانية و (500) كيس دقيق وزيت إضافة إلى توزيع المئات من طرود الرغيف الخيري على الأسر المكفولة والفقيرة في القطاع. وجاءت الحملة للوقوف بجانب الأسر الفقيرة والمحتاجة التي تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة، وتحتاج إلى مد يد العون والمساعدة، خاصة في شهر رمضان المبارك. رئيس جمعية الفلاح رمضان طنبورة أكد أن جمعيته وبجانبها أهل الخير القطريون ستواصل العمل على توفير ما تستطيع من أجل أبناء الشعب الفلسطيني، وستمضي قدماً في رسالة الخير التي تبنتها من أجل رسم البسمة على شفاه المحرومين والتخفيف عن الأرامل واليتامى. وشدد على أن دولة قطر كانت ومازالت تضرب المثل الأعلى في تنفيذ المشاريع الخيرية في فلسطين، منها "إنشاء روضة الفلاح النموذجية، وتوفير ثلاثة باصات للروضة بدعم من فاعلي خير في قطر، والمساهمة بأجهزة طبية، وسيارة إسعاف للمركز الطبي، وبناء وتجهيز مركز الفلاح التعليمي، والذي يشمل مركزا لتدريب الكمبيوتر". وأوضح أن قطر ساهمت في إنشاء مركز تدريب الخياطة والتطريز عبر أهل الخير بقطر، إضافة إلى المساهمة في توفير برامج توزيع أموال الزكاة والصدقات وزكاة الفطر، وكفالات الأيتام، أو الأسر الفقيرة، ووجبات إفطار الصائم والحملات الإغاثية. وتوجه طنبورة بالتحية والعرفان والتقدير لدولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، وللأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني، وللحكومة القطرية والشعب القطري مواطنين ومقيمين، وللمؤسسات الخيرية القطرية، لما يبذلونه من جهد ودور كبير في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني. وخص بالشكر والعرفات المحسنين وأهل الخير في دولة قطر مواطنين ومقيمين على إرسالهم زكاتهم وصدقاتهم للفقراء من الفلسطينيين عبر جمعية الفلاح الخيرية، مثمناً الجهود الطيبة للأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محيي الدين القره داغي الذي يرعى الكثير من برامج الجمعية بفلسطين.

601

| 24 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: واقع الامة يقتضي لمّ الشمل والتعاون على البر والتقوى

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : التاسعة عشر شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب . حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة التاسعة عشر: كل الفرق الإسلامية ادعت الوصل بليلى في أنها الفرقة الناجية، ووضعت بعضها لنفسها آثاراً تدل على ذلك، كما استغلت آثاراً أخرى لوصف فرقة معينة بأنها الفرقة الهالكة، أو من الفرق الهالكة: 1 -فقد وضعت بعض الشيعة بعض الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما روي عن سيدنا علي عن النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بلفظ ".. ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية، والباقون هالكة، والناجية: الذين يتمسكون بولايتكم " الخطاب لسيدنا علي، ومنها: أن النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) قال لعلي:" يا أبا الحسن.. وأن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية، والباقون في النار " فقلت: يا رسول الله ما الناجية؟ قال: المتمسك بما أنت وأصحابك عليه " وكلا الحديثين فيهما الضعف، والانقطاع والنكارة، بحيث لا يقبلان حسب قواعد الجرح والتعديل، وقد ردَّ على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة بثمانية أوجه 2 -والمعتزلة أيضاً وضعت لنفسها حديثاً بلفظ:".. ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أبرُّها وأتقاها الفئة المعتزلة " وهو حديث واه بل موضوع ومنكر باتفاق النقاد. 3 -وبالمقابل فقد أُقحمت أسماء بعض الفرق بأنها هي الهالكة مثل ما رواه ابن أبي عاصم بسنده عن علي (رضي الله عنه) قال:" تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وأنتم على ثلاث وسبعين، وإن من أضلها وأخبثها من يتشيع أو الشيعة " وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو معروف بالضعف، وأنه اختلط، كما أن الوضع ظاهر من صياغته، وذكر الذهبي بأن ليث بن أبي سليم مولى آل أبي سفيان بن حرب الأموي، قال أحمد: ليث مضطرب الحديث، كما أن علماء الجرح متفقون على ضعفه وتخليطه، وقالوا أبو حاتم: لا تقوم به حجة. وكذلك روي أن أهل القياس هم الفرقة الهالكة، حيث روى الحاكم، والطبراني، وابن حزم، والحاكم وغيرهم بسندهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال"، قال الحاكم "صحيح على شرط الشيخين"، قال البيهقي: تفرد به نعيم بن حماد، وسرقه منه جماعة من الضعفاء وهو منكر وقال ابن عدي: قال لنا ابن حماد: هذا وضعه نعيم بن حماد وجاء في تاريخ بغداد أن يحيى بن معين حكم على هذا الحديث بأنه منكر. وورد في بعض روايات الحديث أن الفرقة الهالكة هم "الزنادقة وأهل القدر" وهذه الرواية ليس لها أصل كما قال يحيى بن معين، وهناك روايات أخرى في تحديد الفرقة الهالكة أو الناجية وكلها إما موضوعة ومنكرة أو ضعيفة. تأصيل الفرق الهالكة، والفرقة الناجية بناءً على هذا الحديث: ومع أن حديث الافتراق ثبت لدينا بالمنهج العلمي أنه ضعيف جداً، بل منكر في معظم طرقه، وأنه وقع في متنه اختلاف واضطراب، وما في معناه من إشكاليات، لكنه مع ذلك بنى عليه البعض تقسيم الأمة وتصنيفها على أساس الفرقة الناجية، والفرق الهالكة، ودخلت الأهواء، وادعت كل فرقة أنها الناجية، وغيرها هي الهالكة الداخلة في النار، وأدى ذلك إلى التزكية للفرقة التي ينتمي إليها الشخص، واتهام غير من لا ينتسب إلى جماعته وفرقته بأنهم من الهالكين، فازدادت الأمة تفرقاً وتمزقاً، ودخل سلاح التكفير والتبديع في هذا المجال من أوسع الأبواب، وتفرع من التكفير التفجير كما نراه اليوم. والذي تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة هو الانطلاق من الأمة الإسلامية الواحدة، واعتبارهم من الناجين المقبولين جميعاً، والابتعاد عن التكفير، والتبديع والتضليل داخل الأمة الإسلامية للوصول إلى لمِّ الشمل وتوحيد الكلمة، والتعامل والتعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان والظلم والطغيان، والانطلاق من هذا الإطار لا يمنع التنافس على الخيرات والمسارعة فيها كما لا يمنع الإرشاد والنصح والتوجيه من الجميع للجميع كما قال تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ). تزكية النفس أما قيام كل فرقة أو جماعة (داخل الأمة الإسلامية) بتزكية نفسها وحصر الحق فيها وجعلها الفرقة الناجية، وغيرها من الفرق الهالكة فهذا مخالف لظاهر النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وما كان عليه السلف الصالح، حيث كان الأصل في المجتمع الإسلامي هو حسن الظن بالناس فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ).

1131

| 23 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: الظالم لنفسه يحاسب حساباً يسيراً ثم يدخل الجنة

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : الثامنة عشر شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الوالواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الثامنة عشر: المسلمون جميعاً (أي أمة الاستجابة) الذين تحقق فيهم الإيمان بأركانه الستة، والتزموا بالإسلام بأركانه الخمسة (حسب شروط كل ركن) هم الفرقة الناجية، وإن وقع منهم المعاصي والذنوب معنى الحديث: وأما معنى الحديث على فرض صحته، فقد اختلف في معناه، فمن العلماء من حمل الأمة هنا على أمة الدعوة (أي غير المسلمين)، أي إن الأمة التي دعاها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، قد اختلفت إلى 73 فرقة، وأما أمة الاستجابة فهم الفرقة الناجية، لأنها آمنت ودخلت في دين الله تعالى، وبالتالي فلا تدخل في الفرق الهالكة، لأنها حتى لو دخل بعضها النار فإنهم يخرجون منها؛ للأدلة الدالة على إخراج كل من قال بـ: لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ويدل على هذا المعنى سياق الحديث الذي تحدث عن تفرقة اليهود إلى 71 فرقة، ثم النصارى إلى 72 فرقة، حيث تدل على أن الفرق في عصر اليهود 71، ثم لمَّا جاء المسيح (عليه السلام) برسالته ازدادت الفرق بواحدة، وهي من لم يؤمن بها، ثم لمَّا جاء الرسول صلى الله عليه وسلم برسالته العامة ازدادت فرقة واحدة، وهي من لم يؤمن بها. وقد استحسن الصنعاني هذا المعنى، ولكن قد يـشوش عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "تفترق" للمستقبل، مع أن التفرقة كانت موجودة قبل عصره صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويمكن أن يجاب: أن الاستقبال لزيادة الفرقة الثالثة والسبعين بسبب نزول رسالة الرحمة للعالمين، وليس لأصل التفرق الذي كان موجوداً. وبناءً على هذا التفسير؛ فإن المسلمين جميعاً (أي أمة الاستجابة) الذين تحقق فيهم الإيمان بأركانه الستة، والتزموا بالإسلام بأركانه الخمسة (حسب شروط كل ركن)، هم الفرقة الناجية، وإن وقع منهم المعاصي والذنوب، فهم في المآل مؤمنون ناجون من عذاب جهنم، وإن عذَّب بعضهم تطبيقاً لقوله تعالى: "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ"، قال ابن كثير في تفسير (ظالم لنفسه) "هو المفرط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات، ويدل عليه قوله تعالى "وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"، حيث جاء بعد قوله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". وروى الترمذي والطبراني بسندهما عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: "وكلهم في الجنة" وروى الطبراني بسنده عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: "كلهم من هذه الأمة"، وروى أحمد بسنده عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فمنهم ظالم لنفسه" يعني: الظالم يؤخذ منه في مقامه ذلك، فذلك الهم والحزن، ومنهم مقتصد قال: يحاسب حساباً يسيراً.."، وفي بعض الروايات الصحيحة بلفظ ".. والظالم لنفسه يحاسب حساباً يسيراً ثم يدخل الجنة". نُقولٌ من بعض العلماء حول متن الحديث ومعناه وبناءً على ما سبق فإن ظاهر معنى الحديث لا يستقيم مع هذه الآيات ونحوها، لأن معنى "كلهم في النار" أي مستقرون في النار، وأن معنى "كلها هالكة إلا واحدة" أي إن أكثريتهم هالكون، وإن القلة المستثناة هي الناجية فقط، ومن المعلوم أن تخصيص أمة الإسلام بالاستقرار في النار، أو الهلاك لا يتفق مع الآيات والأحاديث الدالة على خيرية هذه الأمة ـ كما سبق ــ ومن جانب آخر فإن الهلاك والاستقرار في النار من نصيب الكفرة المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال العلامة ابن الوزير: "وإياك الاغترار. بـ "كلها هالكة إلا واحدة" فإنها زيادة فاسدة غير صحيحة القاعدة، ولا يؤمن أن تكون من دسيسة الملاحدة"، وسبق قول الشوكاني في هذه الزيادة. ويقول شيخنا القرضاوي: "وفي متن هذا الحديث إشكال، من حيث إنه جعل هذه الأمة التي بوأها الله تعالى منصب الشهادة على الناس، ووصفها بأنها خير أمة أخرجت للناس، أسوأ من اليهود والنصارى في مجال التفرق والاختلاف، حتى إنهم زادوا في فرقهم على كل من اليهود والنصارى"، ثم قال: "ثم إن هذا الحديث حكم على فرق الأمة كلها إلا واحدةً بأنها في النار، هذا مع ما جاء في فضل هذه الأمة، وأنها مرحومة، وأنها تمثل ثلث أهل الجنة، أو نصف أهل الجنة، على أن الخبر عن اليهود والنصارى بأنهم افترقوا إلى هذه الفرق، التي نيفت على السبعين، غير معروف في تاريخ المِلَّتَين، وخصوصاً عند اليهود، فلا يعرف أن فرقهم بلغت هذا المبلغ من العدد"، وانتهى فضيلة العلامة إلى أن الحديث ضعيف سنداً، وأن متنه لو قُبِل يَحتاج إلى تأويل فقال: "لا يدل على أن هذا الافتراق بهذه الصورة، وهذا العدد أمر مؤبد ودائم إلى أن تقوم الساعة، ويكفي لصدق الحديث أن يوجد هذا في وقت من الأوقات، فقد توجد هذه الفرق ثم يغلب الحق باطلها، فتنقرض ولا تعود أبداً".

870

| 22 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: المؤمنين الموحدين "غير المشركين" غير مخلدين في النار

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : السابعة عشر شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة السابعة عشر: إشكالية معنى الحديث وقد استشكل معنى الحديث في عدة جوانب منها: 1 ـ أن ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم كما في بعض روايات الحديث يشمل جميع الأركان والفرائض والواجبات، والسنن والمستحبات، ففي ضوء ذلك فإن الشخص الذي يكتفي بالفرائض فقط دون السنن والمستحبات هل يدخل في الفرقة الهالكة أو في النار؟ مع أن الأحاديث الصحيحة تدل على أن المطلوب لدخول الجنة هو الالتزام بترك المحرمات، ويفعل الأركان والفرائض منها ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما بعدة طرق: أن أعرابياً جاء إلى رسول الله ثائر الرأس فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض عليَّ.. من الصلاة.. من الزكاة.. فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام، قال: والذي أكرمك، لا أتطوع شيئاً، ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق، أو: "دخل الجنة إن صدق"، حيث يدل هذا الحديث الصحيح المتفق عليه على أن دخول الجنة يتحقق بإذن الله تعالى بالالتزام بالفرائض والأركان، والابتعاد عن الكبائر. 2 ـ إن الأدلة من الكتاب والسنة قطعية في أن المؤمنين الموحدين (غير المشركين) هم غير مخلدين في النار، فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال: "لا إله إلا الله" ثم مات على ذلك إلاَّ دخل الجنة" وقال تعالى: (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلظَّٰلِمُونَ) فهذه الأدلة وغيرها تدل بوضوح على أن الهلاك المؤكد للكافرين الظالمين المشركين فقط، وأن ماعداه يخضع لمشيئته، وعلى هذا إجماع الصحابة الكرام قبل الخوارج الذين كفَّروا المسلمين بارتكاب الكبائر، ولذلك يقول ابن تيمية الذي صحح هذا الحديث: "فمن كفَّر الثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان". 3 ـ إن رواية أنهم "الجماعة" مستشكلة أيضاً، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحددها، فهل المقصود بها أي جماعة، أو جماعة مقصودة؟ فالقضية تتعلق بالهلاك والنار وبالنجاة، ومع ذلك لا يحدد مفهوم الجماعة وقت البيان؟! 4 ـ إن الحديث لو صح لدلَّ على أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أكثر الأمم شقاقاً وفراقاً واختلافاً في حين وصفت بأنها "خير أمة أخرجت للناس" وأنها الأمة الخاتمة القائمة على المنهج الوسط فقال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وأنها الأمة الوحيدة التي حفظ الله تعالى لها كتابها ولذلك قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) كل ذلك يجعل الحديث لو صح معلولاً فيه الشذوذ، والمخالفة للنصوص القاطعة. وأما ألفاظ الحديث ففيها اضطراب واختلافات فبعض روايات الحديث تدل على أن الفرقة الناجية هي "الجماعة" وهذه رواية ابن ماجه، والحاكم في إحدى رواياتهما وفي رواية أخرى هي "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي" وبعضها بدون "على" وهذا لفظ الترمذي، ولكنه قال: غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه " والحاكم في إحدى رواياته، وذكر الحاكم أنه تفرد به الإفريقي وهو ممن لا تقوم به حجة" كما أن في سنده عبدالله بن سفيان الذي تفرد به وهو من الضعفاء، وفي رواية أخرى (الإسلام وجماعتهم) رواها الحاكم، وقال: تفرد به كثير بن عبدالله المزني وهو ممن لا تقوم به حجة وبلفظ" وما الواحدة؟ قال: الفرقة الناجية المتمسكة بالكتاب والرسول" رواه الحافظ العلوي في الجامع الكافي، والمرادي في كتاب المناهي وهي أيضاً ضعيفة جداً، وبلفظ "إلا السواد الأعظم" وهو أيضاً ضعيف جداً. ثم إن بعض رواياته تقول: "ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة" وبعض رواياته عن عوف بن مالك عند ابن ماجه بلفظ "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين.. "، وفي بعض الروايات "افترقت اليهود على إحدى، أو اثنتين وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة" وهذه روايات أبي داود، والحاكم، حيث نجد الاضطراب واضحاً، وأن الشك هنا مؤثر، ثم إن في رواية أخرى عن عمرو بن عوف الفرق كبير، وهي رواية الحاكم الذي ضعفها بلفظ "ألا إن بني إسرائيل افترقت على موسى على إحدى وسبعين فرقة واحدة: الإسلام وجماعتهم، وأنها افترقت على عيسى بن مريم على إحدى وسبعين... "، حيث الفرق واضح ومختلف تماماً من حيث عدد الفرق السابقة. فمثل هذا الاضطراب المخل والألفاظ المختلفة المتباينة لو وجد حتى في حديث مقبول يجعله مضطرباً معلولاً فكيف بحديث ضعيف من حيث طرقه وأسانيده كما سبق.

267

| 21 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: من يبغض آل البيت ليس من أهل السنة ولا من المسلمين الحقيقيين

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : السادسة عشر شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة السادسة عشر: الفرقة الناجية هذا المصطلح استنبطه علماء الحديث من حديث مشهور على الألسنة، روي بعدة روايات مختصرة ومطولة، ولكن الشاهد على مسألة الفرقة الناجية هي الرواية المطولة التي رواها ابن ماجه، والحاكم بأسانيد ضعيفة، أو مختلف فيها، ولفظ ابن ماجه عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: من هم؟ قال:"الجماعة"، قال البويصري: "فيه مقال، وعباد بن يوسف لم يخرج له أحد سوى ابن ماجه، وليس له عنده سوى هذا الحديث، قال ابن عدي: روى أحاديث تفرد بها .."وفي رواية بلفظ " قال: ما أنا عليه وأصحابي" رواها الترمذي والحاكم، وله روايات وطرق وألفاظ كثيرة نشير إلى أهمها في هذا البحث . الحكم على هذا الحديث هذا الحديث قد اختلف في متنه، وألفاظه، وفي الحكم على سنده وفي معناه ومحتواه: وأما متنه فإن معظم الرواة لا يروون الزيادة التي هي الشاهد والاستدلال، حيث رواه أبو داود، والحاكم، وابن ماجه، وابن حبان وغيرهم بلفظ "افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"، وهذا لفظ الحاكم الذي صححه، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وبالتالي فإن هذه الزيادة التي تدل على الفرقة الواحدة الناجية، وهلاك 72 فرقة منهم، أو دخولهم النار لم ترد في الروايات الصحيحة، وهذا ما قاله عدد من المحققين فقال الشوكاني: أما زيادة "كلها في النار إلا واحدة" قد ضعفها جماعة من المحدثين، بل قال ابن حزم "إنها موضوعة" فهذه الزيادة لا تصح مرفوعة ولا موقوفة، بل إن عدداً من المحققين أيضاً قد حكموا بعدم صحة الحديث البتة. وقد كنت مشغولاً بدراسة هذا الحديث، و قطعت شوطاً جيداً، لكنني عثرت على بعض الدراسات الحديثية النقدية لهذا الحديث لبعض الباحثين الذين جمعوا طرقه، ورواياته وأسانيده بشكل علمي، وتوصلوا من خلالها إلى ما يأتي: 1- ثبت أن حديث عوف بن مالك منكر لضعف عباد بن يوسف، ولتفرده بهذا الحديث، ومخالفته الثقات الذين رووا الحديث عن صفوان، فخالفوه في إسناده، وجعلوه من حديث معاوية بن أبي سفيان، ليثبت بذلك أنه لا أصل له عن عوف بن مالك، وأنه خطأ من عباد بن يوسف ولم يتابع عليه . 2- كما ثبت ضعف حديث معاوية، لأن مداره على أزهر بن أبي عبد الله، وهو ناصبي غال..، وقد طعن فيه أبو داود، وذكره ابن الجارود في الضعفاء. 3- وكذلك ثبت ضعف حديث عبد الله بن عمرو، وأنه حديث منكر، ولا أصل له عن عبد الله بن عمرو . 4 - وكذلك ثبت ضعف رواياته عن سعد، وأنس، وأبي أمامة، وأنها من الأحاديث المنكرة، وأما رواية الحديث عن عمرو بن عوف فباطلة، لا أصل لها . 5 - توصل الباحثون إلى أن في جميع طرق هذا الحديث -وبخاصة مع الزيادة- مناكير وغرائب ضعيفة ومنكرة. 6 - أما الحديث بدون الزيادة فأقصى ما يمكن الوصول إليه -مع التساهل- هو درجة "الحسن لغيره". 7 -لا يقال: إن كثرة طرقه ترتقي بالحديث إلى درجة الحسن، وذلك لأن هذا الحكم ليس عاماً، يقول الشيخ أحمد شاكر معقباً على من يصحح أو يحسن الحديث بكثرة الطرق: "وبذلك يتبين خطأ كثير من المتأخرين في إطلاقهم: أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة ضعيفة ارتقى إلى درجة الحسن أو الصحيح، فإنه إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ازداد ضعفاً إلى ضعف، لأن تفرد المتهمين بالكذب، والمجروحين في عدالتهم بحيث لا يرويه غيرهم يرفع الثقة بحديثهم، ويؤيد ضعف روايتهم. فحديث هذا سنده وما فيه من المناكير والغرائب، والضعف والنكارة لا يصلح أن يحتج به حتى في الفضائل، فكيف يحتج به في مثل هذه القضية الخطيرة، وما يتضمنه من إشكاليات نتحدث عنها فيما بعد . وللأمانة العلمية فإن بعض المحدثين صححوه أو حسنوه بسبب كثرة طرقه ورواياته، منهم ابن تيمية، والألباني وغيرهما.

729

| 20 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: لا يجوز تكفير من ينتمي إلى المذاهب الإسلامية

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : الخامسة عشر شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الخامسة عشر: صدرت قرارات من المجامع الفقهية ، ومن عدة مؤتمرات تضم علماء الأمة ، تنص على قبول جميع المذاهب الفقهية الإسلامية ، وأنه لا يجوز تكفير من ينتمي إلى المذاهب الإسلامية إلا إذا صدر منه كفر بواح ، وحينئذ يقتصر تكفيره على صاحبه إذا ثبت الكفر ، ومع ذلك فليس من وظيفة الدعاة الحكم بالكفر ، وإنما رسالتهم هي نشر الرحمة بين العالمين ( فنحن دعاة لا قضاة). وقد تمخضت هذه القرارات في رسالة عمَّان شهر رمضان المبارك 1425 هـ ــ نوفمبر تشرين الثاني 2005 م ، التي تعالج هذه المسألة بشكل إسلامي حضاري ، والتي ننقلها بنصها كوثيقة في آخر البحث لأهميتها مع بعض الملاحق المهمة الأخرى. الطائفية : الطائفية نسبة إلى الطائفة ، وأصلها من : طاف حوله ، وبه ، وعليه ، وفيه طوفاً وطوافاً ، وتطوف بمعنى : دار وحام ، وطوَّف به مبالغة في طاف ، وتطوف ويقال : طاف الخيال وغيره به ، أو عليه أي : ألمَّ ، والطواف شرعاً هو الدوران حول الكعبة ، والطوفان هو ما فاض من المياه و نحوها ويطغى على غيره ، والطائف هو الذي يطوف حول شيء ، ويطلق على العاسّ الذي يدور حول البيوت ونحوها ليحرسها ، وبخاصة في الليل ، وفي القرآن الكريم (إنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) أي إذا ألمَّ بهم لمم من الشيطان من وسوسة ، أو غضب أو غيرهما يصدهم عن واجب حق الله عليهم تذكروا عقاب الله وثوابه ... ، وقرئ " طيف " قال الطبري :" واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين " الطائف "و " الطيف " فقال بعض البصريين : هما سواء ، وهو ما كان كالخيال والشيء يلم بك ، وقال بعض الكوفيين : الطائف ما طاف بك من وسوسة الشيطان ، وأما الطيف فإنما هو من اللمم والمس " . والطائفة هي الجماعة ، والفرقة فقال تعالى (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) أي جماعتان ويطلق لفظ " الطائفية في عصرنا الحاضر على المتعصب لجماعته الدينية ، بحيث لا يرى الحق إلا لهم. فقد عرف معجم أكسفورد : الطائفي بأنه : الشخص الذي يتبع بشكل متعنت طائفة معينة ، أي أنه يرفض الطوائف الأخرى ، أو يغبنها حقوقها ، ويتعصب ضدها ، ولم يكن وجود طائفة دينية ، أو مذهبية مشكلة أو أزمة في ظل الحضارة الإسلامية وسلطتها ، لأنها تنشد العدل للجميع وتمنح الحرية الدينية والمذهبية لكل فرد. وكانت تطلق على الطوائف الدينية مثل اليهود ، والمسيحيين ، أوالهندوس داخل العالم الإسلامي ، ولا سيما إذا انحازت إلى دول أخرى للاستقواء بها . كما أن الطائفية ظهرت أساساً في أوروبا في العصور الوسطى بين الكاثوليك والبروتستانت ، والأرثوذكس حيث استمرت عدة قرون دمرت أوروبا وزادتها تخلفاً وتفرقاً. كما ظهرت بشكل جلي في الصفويين الذين ظهروا في بيئة معظمها من السنة ، ولكنهم اضطهدوهم وقتلوهم وخيَّروهم بين تبني المذهب الشيعي الإمامي ، أو القتل أو النفي ، ثم حدثت معارك بينهم وبين العثمانيين أدت إلى عرقلة تقدم الأخير في أوروبا. ثم ظهرت في العقود الأخيرة ، وبالخاصة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق ، حيث طغت الطائفية بشكل واضح أدت إلى تدمير العراق ، ثم ازدادت ضراوة في سوريا ، وأخيراً اليمن. والطائفية على مر تاريخها الأوروبي والإسلامي شر مستطير ، وفتنة خطيرة تدمر البلاد والعباد ، وتقضي على جميع الوشائج الإسلامية والإنسانية ، وحتى القومية والقبلية والأسرية .. ولذلك يجب على الجميع سنة وشيعة محاربة هذا الفكر الخطير المدمر ، وإلا فسيكون مصيرنا كمصير أوروبا في القرون الوسطى ( والله المستعان) . وقد عقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في عام 2007 م مؤتمراً لمعالجة هذه القضية الخطيرة جمع فيه معظم رموز السنة والشيعة من العلماء وبعض المسؤولين ، فطرحنا فيه وثائق بأن أعداء الإسلام والمسلمين يريدون إشعال نار فتنة كبرى وهي فتنة الطائفية لإشغال الأمة بها عدة قرون ولنأكل الأخضر واليابس لتحقيق عدة أهداف : 1 - تحقيق المشروع الصهيوني اليميني المتطرف 2 - الهيمنة على ثرواتنا وسيادتنا وإرادتنا 3 - تحقيق البعد الاستراتيجي للسيطرة وهي الفوضى الخلاقة يكون المستفيد الوحيد أعداءنا والخاسر الوحيد : المسلمين 4 - إبقاء أمتنا متخلفة بعيدة عن التقدم العلمي والتنمية الشاملة وقد طرحنا ثمانية مبادئ نلتزم بها جميعاً من أهمها: 1- احترام المقدسات التي يؤمن بها الطرف الآخر 2 - عدم إظهار سب أمهات المؤمنين والصحابة ( رضي الله عنهم أجمعين) . علماً بأن أهل السنة يضعون آل البيت الكرام ( صلى الله على النبي وآله وسلم ) فوق الرؤوس ويصلون ويسلمون عليه مع النبي الكريم في صلواتهم والناصبي الذي يبغضهم ليس من أهل السنة ولا من المسلمين الحقيقيين. 3 - عدم قيام أي طرف بتغيير مذهب الآخر من خلال دعوات منظمة وتخطيط كما يحدث اليوم حركة التشييع في إفريقيا والعالم الإسلامي ، وطلبنا منهم أن يوجهوا حركة التشييع إلى خارج العالم الإسلامي ، أو بين غير المسلمين ، كما فعل العثمانيون حيث وسعوا جغرافية العالم الإسلامي ففتحوا البلاد غير الإسلامية ، ولم يتجهوا إلى العالم الإسلامي إلا بعد استفحال خطر الصفويين الذين احتلوا بغداد ، وهددوهم من الظهر 4 - إيقاف حركة الهيمنة في العراق ، وقتل السنة وتشريدهم من مناطقهم ، وتحقيق مصالحة حقيقية .. ولكن مع الأسف الشديد لم نجد لصوت المؤتمر وصرخاته آذاناً صاغية إلى الآن.

1680

| 19 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: المذاهب الفقهية في دائرة الاجتهادات القابلة للخطأ والصواب

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : الرابعة عشر شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الرابعة عشر: المذاهب الفقهية إن المذاهب الفقهية المعتمِدة على الكتاب والسنة، وعلى الأدلة التبعية لهما، مهما اختلفت آراؤها الفقهية فهي في دائرة القبول والاجتهادات القابلة للخطأ والصواب. المذهب هو: الطريقة التي يتخذها صاحبها لفهم شيء وتفسيره وبيان حكمه، أو لحل مشكلة وفق رؤية معينة، وبالتالي يختلف معناه حسب وصفه، أو المضاف إليه، فالمذهب الحنفي، أو مذهب الأحناف مثلاً هو: الطريقة التي سلكها أبو حنيفة وأصحابه للوصول إلى بيان الأحكام الشرعية، وفق أصول ومصادر معينة، وهكذا المذهب المالكي، والشافعي، والحنبلي، والظاهري، والإباضي، ونحوهم، فهذه المذاهب لا تختلف كثيراً من حيث الاعتماد على الأصول، ومن حيث أصول الإيمان وأركانه الستة، في حين أن أصحاب المذهب الشيعي يضيفون إليها الإيمان بولاية الأئمة، فقد روى الكليني (أكبر مشايخهم) بسنده عن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: "قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محمِّداً لله وأثنى عليه، ثم قال: "... والذي نفس محمد بيده لو أن عبداً جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبياً ما قبل الله ذلك منه، حتى يلقى الله بولايتي، وولاية أهل بيتي"، وفي رواية عندهم بلفظ ".. ثم جاء يوم القيامة وهو جاحد لولاية علي إلا أكبه الله على منخريه في نار جهنم"، ومع ذلك فالشيعة الإمامية يقولون بالتوحيد، والعدل، وعدم رؤية الله، بتفسير مطابق لما يقوله المعتزلة، وبالنبوة وولاية أئمتهم الاثني عشر، فقد نسبوا إلى جعفر الصادق رضي الله عنه، قول: "بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية، قال زرارة وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية لأنها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن".. ولكن المؤثر في هذا الجانب المذهبي هو القول بأن الإمامة والولاية أهم أركان الإيمان، ومنهم من يقول: لا يكون مؤمناً من يكتفي بـأن ينطق بالشهادتين، إلا أن يشهد بأن علياً ولي الله، حيث يعتقدون أن الإمامة "كالنبوة لطف من الله تعالى، فلا بد أن يكون في كل عصر إمام هادٍ، يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وإرشادهم.. وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس، لتدبير شؤونهم ومصالحهم وإقامة العدل بينهم". الإمامة بنص وأن هذه الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، أو على لسان الإمام الذي قبله، (مع أن عليا نفسه لم يرو هذا عن رسول الله، ولم يقل بهذا قط)، ولذلك يرون أن الإمامة ليست بالاختيار والانتخاب من الناس، مع أن علياً خالف نظريتهم وطالب باختيار الإمام وانتخابه. ويترتب على ما سبق أنَّ عصمة الأئمة مثل عصمة الأنبياء، فهم معصومون من جميع الذنوب حتى من الخطأ والنسيان والسهو، "لأن الأئمة حفظَة الشرع والقوَّامون عليه حالهم حال النبي"، وبالتالي فالإمام يوحى إليه: "يتلقى المعارف والأحكام الإلهية، وجميع المعلومات من طريق النبي، أو الإمام الذي قبله، وإذا استجد شيء لا بد أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية، التي أودعها الله تعالى فيه، فإن توجه إلى شيء، وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، علمه قطعاً، لا يخطئ فيه ولا يشتبه". فضل آل البيت فأهل السنة والجماعة مجمعون على فضل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة عليهم مع الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم حتى في الصلوات، فالجميع متفقون على وجوب القول في الصلاة: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"، وأن الأئمة الثلاثة الأول: (علي، والحسن والحسين) من الصحابة الكرام، بالإضافة إلى أنهم من آل البيت، وأنهم مجتهدون وأئمة الهدى، كما أن أهل السنة لا يختلفون في إمامة الفقه للأئمة: "علي بن الحسين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر) فهؤلاء أيضاً أئمة الفقه والهدى، وأن بقيتهم أيضاً لهم مكانتهم مكانة آل البيت. أصول المذهب وليست الإشكالية في ذلك، وإنما الإشكالية في أصول المذهب المتعلقة بما يترتب على الولاية، والعصمة والوصاية (حسبما قالوا، من التقديس الذي يساوي مقام الأنبياء، بل يفوق عليهم عند بعضهم)، فقد قال بعضهم: "ومن ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل".. وقال: "فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون"، ويقول: "إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن، يجب تنفيذها واتباعها"، وهذه العصمة والتقديس تتعارض مع مقام النبوة الخاتمة، بل مع قدرة الله تعالى، حيث بالغ بعضهم بإسناد معظم الأمور الخاصة بالله تعالى إلى هؤلاء الأئمة الكرام (تعالى الله تعالى عن ذلك). كما أنه يترتب على جعل الولاية والإمامة من أهم أركان الإيمان، أن من لم يؤمن بها من عامة المسلمين الذين تصل نسبتهم إلى 90 % يكونون غير مؤمنين، وهذا أمر في غاية من الخطورة، ولكنه مع كل ذلك، فلا يجوز إثارة ما يثير الفتنة والحروب بين الأمة الواحدة، بل يجب علينا رفع هذا الشعار الجميل، وتحقيق هذه القاعدة الذهبية الرائعة: "فلنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر (أو يسامح) بعضنا عن بعض فيما اختلفنا فيه). المذاهب الفقهية إن المذاهب الفقهية المعتمدة على الكتاب والسنة، وعلى الأدلة التبعية لهما، مهما اختلفت آراؤها الفقهية فهي في دائرة القبول والاجتهادات القابلة للخطأ والصواب، ولا يجوز تقديسها ولا التقليل من شأنها، ولا التبخيس من شأن أصحابها، فأهل الحق دائماً على المنهج الوسط؛ القائم على الابتعاد عن الإفراط والتفريط، والغلو، وإعطاء كل ذي حق حقه دون تنقيص وتبخيس ولا تقديس، فلا عصمة إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر وهو رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كما قال عدد من علماء السلف.

594

| 18 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: القرآن الكريم جعل الظلم والطغيان من أهم أسباب الهلاك

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : الثالثة عشرة شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الثالثة عشرة: قد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم علاقة المعاصي بزوال النعم، ونزول المصائب فقال:" يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذوا بالسنين وشدة المُؤْنة، وجَوْر السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمْطَروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله عز وجل فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ". وقد بيَّن الله تعالى مجموعة من الأسباب لنزول العذاب والهلاك مثل الظلم، والطغيان، والكفر، والجهر بالمعاصي، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعتو، والكبر والغرور، وقسوة القلب، والغلو في الدين، وكفران النعم، والتنافس في الدنيا والشح فيها. أعظمها الظلم والطغيان إن القرآن الكريم جعل الظلم والطغيان من أهم أسباب الهلاك حتى حصرها فيه، فقال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ )، فهذه الآية واضحة بأن الهلاك لا يكون إلا من نصيب الظالمين، وقال تعالى مبيناً أن هذه من سنن الله تعالى المتكررة (وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا )، وروى البخاري وغيره بسندهم عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، قال: ثم قرأ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) وقال سبحانه (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ )، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة: من البغي وقطيعة الرحم ". المجاهرة بالمعاصي دون رادع وكذلك كثرة المعاصي والمجاهرة بها دون قيام أصحاب السلطة والعلماء والعامة بواجب التغيير كل حسب قدرته، فأصحاب السلطة يكون تغييرهم من خلال العقوبات الرادعة، ومنع المنكرات بالفعل، والعلماء من خلال الدعوة والتأصيل والتفعيل، وعامة الناس من خلال التفاعل مع العلماء والأمراء، وتربية الأهل والأولاد، ومنع انتشار المعاصي في المجتمع، فقال صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لتأمُرنّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عذاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " قال القرطبي:" وهذه سنة الله في عباده إذا فشا المنكر ولم يغير عوقب الجميع " ويدل عليه قوله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً )، وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما بسندهم عن زينب بنت جحش أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فزعاً يقول:" لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها قالت زينب: فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث. وقد يثور تساؤل حول شمول العذاب لمن لم يشارك في تلك المعاصي؟ فالجواب هو من ناحيتين: الاولى: ان الله تعالى لا ينزل عذاباً عاماً إلا بعد أن قصَّر العامة والأكثرية في أداء الواجب، ومنع المعاصي، فقال صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا يعذب العامة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر عليه العامة أن تغيره، ولا تغيره، فذاك حين يأذن الله تعالى في هلاك العامة والخاصة ". والثانية: أن الذي لم يشارك في المعاصي وقام بواجبه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لو هلك بذلك العذاب فله أجره، وأنه يبعث على نيته ويُجزى على عمله ونيته. ــ الغلو في الدين ومن أهم أسباب الهلاك ونزول العذاب الغلو في الدين، فقد نهى الله تعالى في عدد من الآيات عن الغلو في الدين فقال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين "، وروى البخاري ومسلم بسندهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" دعوني ما تركتكم إنما أهلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "، قال الحافظ ابن حجر في بيان ذلك " ما كان على وجه التعنت والتكلف ". التعريف بالمصطلحات المذهبية نسبة إلى المذهب، وهو لغة بمعنى الطريقة، والمعتقد الذي يُذهب إليه، وأصله من " ذهب " بمعنى: مرَّ، ومضى، ومات، وزال، وفي القرآن الكريم (ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ) أي أزال نورهم. والمذهب في الاصطلاح هو: آراء أحد العلماء سواء كان في العقيدة، أم في الفقه، أم غيرهما أو أنه: مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، والفلسفية ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة متناسقة وجمعه مذاهب، فهناك المذاهب الفقهية، والمذاهب العقدية، وغيرها.

550

| 17 يونيو 2016

محليات alsharq
القرة داغي: أمتنا أصيبت بأمراض الأمم السابقة من الفرقة والاختلافات

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحلقة : الثانية عشرة شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب .. حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم، وفيما يلي الحلقة الثانية عشرة: المنهج الوسط معالمه وضوابطه: الله تعالى أنزل رسالته الخاتمة (القرآن الكريم) وأرسل رسوله الخاتم (محمداً المبعوث رحمة للعالمين) لإخراج أمة تكون خير أمة أخرجت من حيث العقيدة والفكر والتشريع والسلوك ، والقوة والوحدة، وخير أمة من حيث تقديم الهداية والعدل والحق للناس أجمعين، ولتحقيق الرحمة الحقيقية للعالمين. فالغاية من إنزال القرآن الكريم واضحة، وهي تحقيق الخير الشامل للدنيا والآخرة لمن يلتزم به، فقال تعالى: (وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا). والغاية من إرسال سيدنا محمد صلى الله عليهوسلم هي تحقيق الرحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وبيان حل ِّالطيبات، وحرمة الخبائث فقط، والأمر بكل ما هو معروف مستحسن شرعاً وعقلاً وطبعاً، والنهي عن كل ما هو منكر وقبيح شرعاً وعقلاً وطبعاً فقال تعالى: (النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ). فقد أكمل الله تعالى دينه، وأتم على هذه الأمة نعمته ورضي لهم الإسلام دينا ليعتصموا بحبل الله جميعاً ولتتكون منهم أمة واحدة، تدعو إلى الخير والإحسان في علاقاتها، وتسير على منهج التوحيد لله تعالى في عقيدتها، ومنهج الوحدة في مسيرتها الإيمانية والحضارية والاجتماعية والإنسانية والسياسية، والاقتصادية حتى تكون قادرة على أداء رسالة الاستخلاف والتعمير الإيجابي للأرض، وتُصبح معتدلة وسطاً لتكون شهيدة على العالم بالقسط، وقادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية فقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ). وقد أفاض القرآن الكريم في بيان سنن الله تعالى، وسنن الذين كانوا قبلنا من أهل الأديان السابقة كيف تفرقوا واختلفوا في دينهم بعد ما جاءهم الحق والبينات، فحرَّفوا، وحلَّلوا ما حرَّم الله، أو حرَّموا ما أحل الله ، وكذلك اختلفوا أيضاً في إدارة شؤونهم فدخلت الأهواء وحظوظ النفس فكانت عاقبتهم الخسران والضعف والهوان، وتوالت عليهم المصائب، لأنهم لم يأخذوا بما أمرهم به دينهم ولم يرجعوا إلى الله تعالى فلم يتقوه، بل رانت على قلوبهم حظوظ النفس وأهواؤها فقست فلم تخشع إلى الله تعالى، ولم تلِن، كما أنها لم تعد إلى العقول المستقيمة والفطر السليمة. إن القرآن الكريم الذي ذكر قصصاً كثيرة جداً وكرر بعضها أكثر حتى تكون عبرة لنا فقال تعالى: ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)، وقال تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ) أي قيسوا الأحوال المتشابهة بعضها على بعض، حتى نستفيد من التاريخ ومن الحاضر، ومن الانتصارات، ومن الهزائم، ومن السلم والصلح، ومن الحروب والفتن، ومن الحضارة والتقدم والعمران، ومن التخلف والتخريب، وخراب البلدان، ندرسها ونستخرج منها السنن، حتى نستفيد من الإيجابيات، ولا نقع في السلبيات والمصائب. ومع الأسف الشديد، فقد أصاب أمتنا معظم أمراض الأمم السابقة من الفرقة والاختلافات المدمرة، ومن البعد عن السير على منهج الحق والصراط المستقيم، فقال تعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً)، قال القرطبي في تفسير: "ألا يعتبرون بمن أهلكنا من الأمم قبلهم .."، وقال ابن تيمية: "وإنما قصَّ الله علينا قصص من قبلنا من الأمم لتكون عبرة لنا، فشبه حالنا بحالهم، ونقيس أواخر الأمم بأوائلها، فيكون للمؤمن من المتأخرين شبه بما كان للمؤمن من المتقدمين". إن أمتنا الإسلامية لن يصيبها ـ بفضل الله تعالى ـ عذاب الاستئصال الكلي مثل ما أصاب الأمم السابقة ، ولكنها تتعرض لغيره من أنواع العذاب والهلاك، فقد روى مسلم وغيره بسندهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يُرد، وإني أعطيتك لأمتك : أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ... حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، ويُسبي بعضهم بعضاً"، وفي رواية لأبي داود في سننه ، وابن حبان في صحيحه زيادة: "وإنما أخاف على أمتي، الأئمة المضِّلين". يقول ابن القيم: "وقد جعل الله سبحانه أعمال البَرِّ والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاءً لا بد منه فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سبباً لمنع الغيث من السماء والقحط والجدب، وجعل ظلم المساكين والبخس في المكاييل والموازين وتعدي القوي على الضعيف سبباً لجور الملوك، والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا ... فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يُظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها، فتارة بقحط وجدب، وتارة بعدو، وتارة بولاة جائرين، وتارة بأمراض عامة، وتارة بهموم وآلام وغموم تُحضرها نفوسهم لا ينفكون عنها، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب العذاب أزَّا، لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له، والعاقل يُسيِّر بصيرته بين الأقطار ... وينظر مواقع عدل الله وحكمته".

550

| 16 يونيو 2016