رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

707

العاهل المغربي يوصي بالأفارقة العاملين في بلاده "خيرا"

09 يناير 2014 , 09:56ص
alsharq
الرباط

فُتحت صفحة جديدة في حياة الأفارقة الموجودين في المغرب في وضعية غير قانونية. فقد نزل قرار العاهل المغربي محمد السادس الخاص بالتسوية القانونية بردا وسلاما على هؤلاء المهاجرين الذين يعانون أوضاعا صعبة بسبب تواجدهم غير الشرعي وبدون التوفر على الوثائق الرسمية التي تسمح لهم أن ينعموا بالكرامة والاستقرار.

ففي العاصمة الاقتصادية، وبالتحديد يوم سبتمبر، اختار العاهل المغربي أن يستدعي مجموعة من المسؤولين في الدولة، على رأسهم رئيس الحكومة ووزير الداخلية وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابقين أمحند العنصر وسعد الدين العثماني ووزير العدل والحريات، إلى جانب مستشاريه ومكلفين بالأمن. خصص الاجتماع لموضوع الهجرة ومختلف الإشكاليات المرتبطة بها، خصوصا في ما يتعلق بالمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء ومن باقي الدول الإفريقية، إلى جانب صنف المهاجرين من جنوب القارة الأوربية "إسبانيا وفرنسا" الذين فروا من تداعيات الأزمة الاقتصادية، وفضلوا فتح آفاق جديدة باستقرارهم في المغرب باعتباره مازال يتوفر على فرص استثمارية واعدة.

وتنفيذا لتعليمات العاهل المغربي، جرى تعبئة مختلف القطاعات الحكومية لترجمة قرارات التسوية على أرض الواقع، هذا في الوقت الذي عبر فيه مجموعة من المهاجرين الأفارقة من الذين يوجدون في وضعية غير قانونية عن شعورهم بنوع من الارتياح.

عائشة، إفريقية من السنغال، لم تجد أي حرج ولم تعد تشعر بأي خوف عندما تزاول تجارتها أمام محطة القطار وسط العاصمة الرباط. اختارت هذه السيدة اسم عائشة، والذي تفضل التعامل به، بل هو الاسم الذي اشتهرت به بين زبوناتها، أن تتاجر في الأثواب، المعروفة بماركة "الجيم". تروج سلعتها بين النساء المغربيات اللواتي يشتهرن بحبهن للأناقة وللجلباب التقليدي الأصيل. بعد القرار الملكي القاضي بالتسوية، لم تعد عائشة تتوجس من أي طارئ، بل تعرف أنها ستتوفر يوما على "أوراق الشرعية" للإقامة بكل ارتياح في المغرب.

في السنوات الأخيرة، عرفت المدن المغربية "غزوا" ملحوظا للمهاجرين الأفارقة الذين يستقرون في الأحياء الشعبية أو الهامشية، علما أن العدد الرسمي المعلن عنه من قبل وزارة الداخلية المغربية يتحدث عن وجود ما بين 25 و40 ألف مهاجر سري يتجولون بين المدن المغربية. ففي الرباط مثلا كما في باقي المدن الأخرى، يفضلون العيش وسط المنتمين إلى الطبقة المتوسطة أو دونها، يشتغلون عموما في أوراش البناء، أما النساء، فيمتهن التجارة وبعضهم يطرقن أبواب وكالات الوساطة الخاصة بخادمات البيوت، فلا يجدن أي حرج في التأقلم مع النساء المغربيات ويصبحن في خدمتهن المنزلية.

العدد الرسمي يتحدث عن وجود ما بين 25 و40 ألف مهاجر سري يتجولون بين المدن المغربية

وتفاديا للمشاكل الأمنية التي في الغالب ما تقع مع المهاجرين الأفارقة الذين يفضلون الوجهة المغربية في انتظار الهجرة إلى الضفة الأوربية، اتخذ القرار الرسمي لتقنين هذا الموضوع الذي يعد شائكا ويطرح باستمرار فوق طاولة الأجهزة الأمنية، علما أن العاهل المغربي سبق أن أصدر أوامره لاحترام حقوق المهاجرين والتعامل معهم كمغاربة دون أي تمييز.

إلا أن هناك من يعتبر أن المجتمع المغربي مازال ينظر إلى المهاجرين الأفارقة نظرة الدونية والتمييز بسبب اللون، بيد أنه على المستوى الشعبي، ينظر إليهم على أنهم عبء على المجتمع لتواجدهم بكثرة في المدن، وللمنافسة التي يتسببون فيها لباقي العمال خصوصا في مجال البناء وباقي الأعمال التي تحتاج قوة بدنية عالية. ومن الغرائب أن هناك من المغاربة من لا ينادي المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلا بـmon ami أي "صديقي" باللغة العربية.

المهاجرون الأفارقة يفضلون الوجهة المغربية في انتظار الهجرة إلى الضفة الأوربية

ومباشرة بعد القرار الملكي، انطلقت عملية استثنائية، تحت إشراف وزارة الداخلية، تروم تمكين أزيد من 25 ألف مهاجر من جنوب الصحراء من وثائق الإقامة القانونية بالمملكة المغربية. كما أنه بموجب هذه العملية الجديدة ستسوى وضعية ما لا يقل عن 850 لاجئا معترفا بهم من قبل ممثلية المفوضية العليا للاجئين وذلك بمنحهم حق الإقامة القانونية، علما أن الجمعيات الحقوقية المغربية كانت دائما تنادي بمطلب حفظ كرامة المهاجرين من جنوب الصحراء حتى لو كانوا في وضعية غير قانونية.

الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة المغربي، أنيس بيرو، أوضح أخيرا أمام أنظار نواب الشعب المغربي في البرلمان أن المملكة سائرة نحو طريق بلورة سياسة جديدة خاصة بالهجرة، وأنها اتخذت قرارا شجاعا حيال مهجري منطقة ساحل الصحراء الذين يوجدون بطريقة غير شرعية وذلك بتسوية وضعيتهم القانونية باعتماد مقاربة تشمل ما هو حقوقي وقانوني وإنساني.

المملكة المغربية تتخذ قرارا بتسوية وضعية المهارجرين القانونية باعتماد مقاربة تشمل ما هو حقوقي وقانوني وإنساني

وعمليا، حددت السنة المقبلة لإجراء العملية الاستثنائية لتسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية بالمغرب، إذ تمت تعبئة مجموعة من المكاتب لاستقبال هؤلاء خصوصا الأجانب المتزوجين من مواطنين مغاربة والذين يتوفرون على ما يثبت حياتهم المشتركة لمدة لا تقل عن سنتين.

كما تهم العملية الأجانب المتزوجين من أجانب آخرين مقيمين بصفة قانونية بالمغرب والذين يتوفرون على ما يثبت مدة لا تقل عن أربع سنوات من الحياة المشتركة، وكذا الأطفال المزدادين من أجانب متزوجين بمغاربة أو من أجانب آخرين مقيمين في المغرب.

وستفتح عملية التسجيل أيضا في وجه الأجانب الذين يتوفرون على عقود عمل فعلية لمدة لا تقل عن سنتين، وفي وجه الأجانب الذين يتوفرون على ما يثبت إقامتهم بالمغرب لمدة لا تقل عن خمس سنوات متواصلة، وكذا الأجانب المصابين بأمراض خطيرة والموجودين فوق التراب الوطني قبل تاريخ 31 ديسمبر 2013.

وتقرر أن تشمل التسوية القانونية طالبي اللجوء المعترف بهم من قبل ممثلية المفوضية العليا للاجئين بالمغرب ومكتب اللاجئين وعديمي الجنسية التابع لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وهي العملية التي تهم حوالي 850 شخصا.

يذكر أن الأرقام الصادرة عن مفوضية اللاجئين بالرباط تشير إلى أن غالبية اللاجئين الموجودين في المغرب يستقرون في مدينتي الرباط والدار البيضاء، ويتحدرون من ساحل العاج وهم يمثلون نسبة 36%، ومن الكونغو يشكلون نسبة 27%. ويمثل الأطفال نسبة 25% من مجموع اللاجئين، والنساء 18%، بينما يقدر عدد اللاجئين المقيمين بصفة غير قانونية بنحو عشرة آلاف شخص. ويعمل عدد من المهاجرين في قطاع البناء والتجارة، والأشغال المنزلية، كما أن نسبة كبيرة منهم تمارس التسول.

مساحة إعلانية